دويتشه ﭭيله موبايـل : بعد كتاب الإخواني السابق، ثروت الخرباوي "سر المعبد"، والذي يتحدث عن تنظيم الإخوان المسلمين وحقق نجاحا، بدا أن سوق النشر تنفتح بالتدريج أمام كتب عن حركة الإخوان. واللافت أن جميع هذه الكتب ألفها أعضاء سابقون في الإخوان.
نشرت دار التنوير مؤخراً كتاباً بعنوان "جنة الإخوان"، ينتمي لنوعية الكتب المذكورة، وكتبه الكاتب الشاب، سامح فايز، حيث عرض فيه تجربته الشخصية داخل الجماعة ثم انشقاقه عنها. يعتقد فادي عوض، مسئول النشر في الدار، أن المرحلة القادمة في سوق النشر في مصر ستتميز بكثرة الكتب المكتوبة عن الإخوان، ومن المنطقي أن يمتلئ السوق بالغث والسمين في هذا الموضوع، ولكن بعد انتهاء هذه الموجة ستبقى فقط الأعمال الجيدة. يرى فادي عوض أن كتاب الخرباوي كان مظهراً من مظاهر هذه الموجة، ولكنه لم يكن هو السبب. ويقول للـDW عربية إن هذا أمر منطقي تماماً الآن: "هناك أسئلة تدور بخلد المصريين حول ما يحدث داخل تنظيم الإخوان، وهناك احتياج للإجابة عليها. يبقى السؤال حول هل تكون هذه الإجابة قادمة من داخل حركة الإخوان، أم من منشقين عنها مثلا، أم من محللين سياسيين يراقبون وضع الجماعة من الخارج".
ولكن لماذا يلجأ الجمهور لقراءة الأعمال عن الإخوان من جانب المنشقين؟ لماذا لا يقرأ عن هذه التجربة من جانب الإخوان أنفسهم، الذين يمكنهم تقديم هذه التجربة بضوء أكثر إيجابية؟ عن ذلك يقول فادي عوض:
ما لفت نظر فادي في كتاب "جنة الإخوان" وجعله يتحمس لنشره، هو أن الكتاب يتحدث عن تجربة شخصية وإنسانية. فهو ليس كتاباً "فضائحياً"، يسلط الضوء على "أسرار التنظيم"، وإنما هو عن شاب مصري مر على التنظيم وكيفية انفصاله عن أفكاره، وهي تجربة قاسية. الكتاب لا يقدم أسراراً، كما يقول، وإنما معلومات دالة، من عينة تظهر أن الإخوان يقيمون معسكرات رياضية حول العالم: "يمكننا هنا أن نفهم شيئاً ما، أن ما نراه نحن ميليشيات سرية للإخوان، يرونه هم معسكرات رياضية. هم يتدربون حول العالم. المفهومان قد يكونان مرتبطين ببعضهما البعض".
عن شكل الإنسان داخل "الجماعة"
الكاتب نفسه، سامح فايز، والمولود عام 1985، انضم للتنظيم وهو يبلغ حوالي العشرة أعوام، وتركه وهو يبلغ العشرين عاماً. لذا يعتبر نفسه أنه قد تمت تربيته داخل الجماعة. يقول الكاتب للـDW عربية إنه ترك الإخوان عام 2005، وشارك في الثورة بوصفه مواطناً مصرياً، وليس بوصفه إخوانياً، وبعد الثورة صدم من أداء الجماعة. فكتب مدونة على الفيسبوك يحكي فيها عن تجربته داخل الجماعة، ولاقت صدى طيباً، مما جعله يتبعها بأخرى، وثالثة، وذلك حتى اختمرت فكرة الكتاب داخل رأسه. يحكي فايز عن بدايات انفصاله عن الإخوان قائلا: "عندما كنت عضواً داخل الإخوان المسلمين كنت أربط بينهم وبين الإسلام نفسه، وبالتالي فقد نمت مشكلة بداخلي مع الفكرة الإسلامية. لم أستطع التأقلم مع فكرة تكفير المجتمع بأكمله، ولا عن تحريم كل شيء. ولكن هذه الفكرة لم تتم ترجمتها حتى قررت الانفصال عنهم. هناك الكثيرون ممن يلومونني لكوني صغير السن وقتما انضممت للإخوان وبالتالي فلا يمكنني أن أروي عن التجربة بشكل جيد، ولكن ما أعتقد أن هذه الفترة، أي فترة التربية، هي واحدة من أهم الفترات داخل تكوين الشاب الإخواني".
بين "السريين" و"المعتدلين"
لدى الناشر محمد هاشم، صاحب دار ميريت للنشر، مخطوطة كتاب بعنوان "اختطاف ثورة.. آخر العمليات الفاشلة للتنظيم السري 1942-2012"، للدكتور السيد عبد الستار المليجي. الكتاب يستعد لنشره قريباً مع بعض التحفظات عليه. يقول هاشم للـDW عربية: "الكتاب يتمسك بالتفريق بين جماعة "السريين" وجماعة "المعتدلين"، داخل الإخوان المسلمين، وبالتالي فهو لا يدين الدولة الدينية بالأساس. ما لفت نظري في الكتاب هو احتوائه على معلومات جديدة بالنسبة للإخوان، وعن عملياتهم المسلحة ومصادر تمويلهم، ولكن لا يمكن تجاهل التحفظات عليه. ويقول الناشر:" ما سنفعله هو أننا سنكتب مقدمة نوضح فيها أننا لسنا ضد جماعة السريين فحسب، ولا ضد المرشد السابق مصطفى مشهور فحسب، وإنما نحن ضد فكرة الدولة الدينية بالأساس".
رغبة كبيرة لدى القارئ المصري لمعرفة شيئا ما عن حكامه الجدد.
يعترف محمد هاشم في نفس الوقت بأن كتاب ثروت الخرباوي قد أحدث نقلة في هذا الصدد. ويضيف "هو أول كتاب يصدر ضد الإخوان المسلمين ومن شخص منشق عنهم، ولكنه يعاني من نفس مشكلة الكتب الأخرى، وهو كونه لا يفكك الفكرة الإسلامية في جملتها وإنما يميز بين "إسلاميين طيبين"، و"آخرين أشرار". يقول هاشم إن أصدقاء كثيرين له "انخدعوا" بالمرشح للرئاسة المنشق عن الإخوان عبد المنعم أبو الفتوح، ولكنه لم ينخدع ولم يرشحه لرئاسة الجمهورية، ثم أثبتت الأيام عدم قدرته على اتخاذ مواقف صلبة ضد الإخوان المسلمين، ولذا فهو لا يؤمن كثيراً بوجود "الإسلاميين المعتدلين".
بروتوكولات حكماء الإخوان
أما نشوى الحوفي، مديرة عام النشر الثقافي في دار نهضة مصر، وهي الدار التي نشرت كتاب "سر المعبد" لثروت الخرباوي، فتروي للـDW عربية قصة شخصية حدثت معها في عام 2012، حينما كانت محررة بصحيفة المصري اليوم، فقد أجرت حواراً مع الخرباوي، لكن تم رفض نشره في الجريدة، وهو ما أدى إلى استقالتها من الجريدة. انتقلت الحوفي إلى دار نهضة مصر وكان أول كتاب تعاقدت على نشره هناك هو "سر المعبد". كان من ضمن العناوين المقترحة "بروتوكولات حكماء الإخوان"، ولكن كفة "سر المعبد رجحت في نهاية الأمر". تعلل الحوفي سر نجاح الكتاب، الذي طبعت منه حتى الآن 25 طبعة: "الكتاب كان واضحا ومحدداً في نقده للإخوان. قبله كان قد صدرت مذكرات محمد حبيب، القيادي السابق بالإخوان المسلمين، عن دار الشروق، ولكن حبيب كان يحاول أن يمسك بالعصا من المنتصف، لهذا لم ينجح ربما".
لا تعتقد الحوفي أن هناك "موضة" من النشر حول الإخوان المسلمين، وإنما "الوضع السياسي يفرض نفسه. الإخوان هم الجماعة الأكثر تأثيرا وقدرة على السيطرة الآن، ولهذا يريد الناس المزيد من المعلومات عنهم. ونحن في دار النشر نستعد لنشر كتابين آخرين عن الإخوان، واحد للباحث، عمار علي حسن، والآخر للصحفي، حمدي رزق. هم الفصيل الأكثر إثارة للجدل الآن، وهذا طبيعي. في الأربعينيات مثلاً صدرت عدة كتب عن النازية وعن هتلر. لم تكن موضة بقدر ما كانت استجابة لجمهور متعطش للمعرفة".
نشرت دار التنوير مؤخراً كتاباً بعنوان "جنة الإخوان"، ينتمي لنوعية الكتب المذكورة، وكتبه الكاتب الشاب، سامح فايز، حيث عرض فيه تجربته الشخصية داخل الجماعة ثم انشقاقه عنها. يعتقد فادي عوض، مسئول النشر في الدار، أن المرحلة القادمة في سوق النشر في مصر ستتميز بكثرة الكتب المكتوبة عن الإخوان، ومن المنطقي أن يمتلئ السوق بالغث والسمين في هذا الموضوع، ولكن بعد انتهاء هذه الموجة ستبقى فقط الأعمال الجيدة. يرى فادي عوض أن كتاب الخرباوي كان مظهراً من مظاهر هذه الموجة، ولكنه لم يكن هو السبب. ويقول للـDW عربية إن هذا أمر منطقي تماماً الآن: "هناك أسئلة تدور بخلد المصريين حول ما يحدث داخل تنظيم الإخوان، وهناك احتياج للإجابة عليها. يبقى السؤال حول هل تكون هذه الإجابة قادمة من داخل حركة الإخوان، أم من منشقين عنها مثلا، أم من محللين سياسيين يراقبون وضع الجماعة من الخارج".
ولكن لماذا يلجأ الجمهور لقراءة الأعمال عن الإخوان من جانب المنشقين؟ لماذا لا يقرأ عن هذه التجربة من جانب الإخوان أنفسهم، الذين يمكنهم تقديم هذه التجربة بضوء أكثر إيجابية؟ عن ذلك يقول فادي عوض:
"لأن الإخوان المسلمين لم يفرزوا بعد أعمالاً يمكنها أن تُقرأ من خارجهم. هم تربوا كجماعة سرية. وحتى الأعمال التي كتبها إخوان وانتشرت حول العالم فهي لا تتحدث عن الجوانب التنظيمية وإنما عن الأفكار الإسلامية العامة، وهذه يعرفها الجمهور".
ما لفت نظر فادي في كتاب "جنة الإخوان" وجعله يتحمس لنشره، هو أن الكتاب يتحدث عن تجربة شخصية وإنسانية. فهو ليس كتاباً "فضائحياً"، يسلط الضوء على "أسرار التنظيم"، وإنما هو عن شاب مصري مر على التنظيم وكيفية انفصاله عن أفكاره، وهي تجربة قاسية. الكتاب لا يقدم أسراراً، كما يقول، وإنما معلومات دالة، من عينة تظهر أن الإخوان يقيمون معسكرات رياضية حول العالم: "يمكننا هنا أن نفهم شيئاً ما، أن ما نراه نحن ميليشيات سرية للإخوان، يرونه هم معسكرات رياضية. هم يتدربون حول العالم. المفهومان قد يكونان مرتبطين ببعضهما البعض".
عن شكل الإنسان داخل "الجماعة"
الكاتب نفسه، سامح فايز، والمولود عام 1985، انضم للتنظيم وهو يبلغ حوالي العشرة أعوام، وتركه وهو يبلغ العشرين عاماً. لذا يعتبر نفسه أنه قد تمت تربيته داخل الجماعة. يقول الكاتب للـDW عربية إنه ترك الإخوان عام 2005، وشارك في الثورة بوصفه مواطناً مصرياً، وليس بوصفه إخوانياً، وبعد الثورة صدم من أداء الجماعة. فكتب مدونة على الفيسبوك يحكي فيها عن تجربته داخل الجماعة، ولاقت صدى طيباً، مما جعله يتبعها بأخرى، وثالثة، وذلك حتى اختمرت فكرة الكتاب داخل رأسه. يحكي فايز عن بدايات انفصاله عن الإخوان قائلا: "عندما كنت عضواً داخل الإخوان المسلمين كنت أربط بينهم وبين الإسلام نفسه، وبالتالي فقد نمت مشكلة بداخلي مع الفكرة الإسلامية. لم أستطع التأقلم مع فكرة تكفير المجتمع بأكمله، ولا عن تحريم كل شيء. ولكن هذه الفكرة لم تتم ترجمتها حتى قررت الانفصال عنهم. هناك الكثيرون ممن يلومونني لكوني صغير السن وقتما انضممت للإخوان وبالتالي فلا يمكنني أن أروي عن التجربة بشكل جيد، ولكن ما أعتقد أن هذه الفترة، أي فترة التربية، هي واحدة من أهم الفترات داخل تكوين الشاب الإخواني".
بين "السريين" و"المعتدلين"
لدى الناشر محمد هاشم، صاحب دار ميريت للنشر، مخطوطة كتاب بعنوان "اختطاف ثورة.. آخر العمليات الفاشلة للتنظيم السري 1942-2012"، للدكتور السيد عبد الستار المليجي. الكتاب يستعد لنشره قريباً مع بعض التحفظات عليه. يقول هاشم للـDW عربية: "الكتاب يتمسك بالتفريق بين جماعة "السريين" وجماعة "المعتدلين"، داخل الإخوان المسلمين، وبالتالي فهو لا يدين الدولة الدينية بالأساس. ما لفت نظري في الكتاب هو احتوائه على معلومات جديدة بالنسبة للإخوان، وعن عملياتهم المسلحة ومصادر تمويلهم، ولكن لا يمكن تجاهل التحفظات عليه. ويقول الناشر:" ما سنفعله هو أننا سنكتب مقدمة نوضح فيها أننا لسنا ضد جماعة السريين فحسب، ولا ضد المرشد السابق مصطفى مشهور فحسب، وإنما نحن ضد فكرة الدولة الدينية بالأساس".
رغبة كبيرة لدى القارئ المصري لمعرفة شيئا ما عن حكامه الجدد.
يعترف محمد هاشم في نفس الوقت بأن كتاب ثروت الخرباوي قد أحدث نقلة في هذا الصدد. ويضيف "هو أول كتاب يصدر ضد الإخوان المسلمين ومن شخص منشق عنهم، ولكنه يعاني من نفس مشكلة الكتب الأخرى، وهو كونه لا يفكك الفكرة الإسلامية في جملتها وإنما يميز بين "إسلاميين طيبين"، و"آخرين أشرار". يقول هاشم إن أصدقاء كثيرين له "انخدعوا" بالمرشح للرئاسة المنشق عن الإخوان عبد المنعم أبو الفتوح، ولكنه لم ينخدع ولم يرشحه لرئاسة الجمهورية، ثم أثبتت الأيام عدم قدرته على اتخاذ مواقف صلبة ضد الإخوان المسلمين، ولذا فهو لا يؤمن كثيراً بوجود "الإسلاميين المعتدلين".
بروتوكولات حكماء الإخوان
أما نشوى الحوفي، مديرة عام النشر الثقافي في دار نهضة مصر، وهي الدار التي نشرت كتاب "سر المعبد" لثروت الخرباوي، فتروي للـDW عربية قصة شخصية حدثت معها في عام 2012، حينما كانت محررة بصحيفة المصري اليوم، فقد أجرت حواراً مع الخرباوي، لكن تم رفض نشره في الجريدة، وهو ما أدى إلى استقالتها من الجريدة. انتقلت الحوفي إلى دار نهضة مصر وكان أول كتاب تعاقدت على نشره هناك هو "سر المعبد". كان من ضمن العناوين المقترحة "بروتوكولات حكماء الإخوان"، ولكن كفة "سر المعبد رجحت في نهاية الأمر". تعلل الحوفي سر نجاح الكتاب، الذي طبعت منه حتى الآن 25 طبعة: "الكتاب كان واضحا ومحدداً في نقده للإخوان. قبله كان قد صدرت مذكرات محمد حبيب، القيادي السابق بالإخوان المسلمين، عن دار الشروق، ولكن حبيب كان يحاول أن يمسك بالعصا من المنتصف، لهذا لم ينجح ربما".
لا تعتقد الحوفي أن هناك "موضة" من النشر حول الإخوان المسلمين، وإنما "الوضع السياسي يفرض نفسه. الإخوان هم الجماعة الأكثر تأثيرا وقدرة على السيطرة الآن، ولهذا يريد الناس المزيد من المعلومات عنهم. ونحن في دار النشر نستعد لنشر كتابين آخرين عن الإخوان، واحد للباحث، عمار علي حسن، والآخر للصحفي، حمدي رزق. هم الفصيل الأكثر إثارة للجدل الآن، وهذا طبيعي. في الأربعينيات مثلاً صدرت عدة كتب عن النازية وعن هتلر. لم تكن موضة بقدر ما كانت استجابة لجمهور متعطش للمعرفة".
مزيد من المواضيع عن DW.DE