دويتشه فيله - على إمتداد سنوات خلت كان البترول عصب التمنية في العالم العربي، الآن تتجه حقبة البترول نحو النهاية والمجتمعات العربية ليست بعد مستعدة لذلك. أحد التقارير المنشورة مؤخرا للمنتدى العربي للبيئة والتنمية يوضح ذلك. البترول له كلفة عالية جدا: سنة بعد أخرى ترتفع تكاليف الخسائر البيئية في البلدان العربية، إذ وصلت حاليا 95 مليار دولار أمريكي أو خمسة بالمائة من الناتج الخام للبلدان العربية مجتمعة للسنة الماضية. هذه الإحصائيات عرضها مراد أحمد الفقيه، من منظمة حماية البيئة باليمن، الذي ينتقد في المقام الأول الإهتمام الضعيف بحماية البيئة أثناء عمليتي الإنتاج والتوزيع. ويخشى الفقيه أن تتراجع القدرة التنافسية للمواد المنتجة بالعالم العربي، يقول الفقيه إن" الدول العربية لاتملك خيارا آخر ويجب أن تتجه نحو إقتصاد يراعي البيئة". خبراء آخرون في هذا المجال يشاطرون الفقيه فيما ذهب إليه.
عامل نظافة في إحدى الدول الخليجية
يعتبر المنتدى العربي للبيئة والتنمية منظمة غير حكومية تجمع خبراء ومنظمات في المجال البيئي، وممثلين للقطاعات الخاصة والحكومية من مختلف البلدان العربية. هذا المنتدى، الذي يوجد مقره في بيروت، ركز في تقريره لهذا العام بقضية التنمية المستدامة في العالم العربي.
البطالة والفقر
النتائج مخذلة، فإذا لم يتم التفكير بشكل عميق فإن إقتصادات الدول العربية لن يكون بمقدورها التغلب على تحديات السنين المقبلة، فمن جهة فالدول ذات نسبة كثافة سكانية عالية لاسيما من شريحة الأطفال والشباب، بحاجة مستعلجة إلى مشاربع التنمية وفرص العمل، لكن من جهة أخرى لا يجب إغفال الحفاظ على البيئة.
إعتمدت الدول العربية لفترة طويلة على البترول لوحده. حتى في تقرير"برنامج الأمم المتحدة الإنمائي" حول التنمية تمت الإشارة إلى الفقر، والبطالة والإضطرابات البيئية كأبرز المشاكل التي يعاني منها العالم العربي، فنسبة 27،3 بالمائة من الشباب عاطلون عن العمل و يلزم إحداث 51 مليون فرصة عمل حتى سنة 2020.
صحيح أن هناك نماذج متعددة للإقتصادات الذي تراعي البيئة مثل: "مبادرة مصدر" بمدينة أبوظبي لأمن الطاقة والتغير المناخي أو مشاريع إستخدام الحرارة الأرضية في الأردن أو الزراعة البيولوجية العضوية في مصر أو لبنان. لكن هذه المبادرات تبقى خجولة، فالتنمية المستدامة في البلدان العربية لا زالت ضعيفة التداول.
رغم درجات الحرارة المرتفعة في البلدان العربية إلا أن مشاريع الطاقات البديلة كالطاقة الشمسية لاتزال ضعيفة جدا
الطاقة رخيصة جداً
كمثال حول نهج سياسة خاطئة نجد البترول والغاز لايزالان يشكلان أهم مرتكزات الإقتصاد بدول مجلس التعاون الخليجي. إذ يشكل، حسب تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية، 60 بالمائة من الناتج الإجتماعي الخام في قطر وقرابة 55 بالمائة بالعربية السعودية وحوالي 40 بالمائة في دولة الإمارات العربية المتحدة. هذه الدول السالفة الذكر تتوفر أيضا على أعلى درجة إستهلاك الكهرباء للفرد الواحد في العالم بأسره.
أما على مستوى حجم انتاج النفايات للشخص الواحد نجد في المقدمة قطر، الإمارات العربية المتحدة، الكويت، والبحرين، إذ تعتبر هذه الدول "بطلة العالم" في نسبة أوكسيد الكاربون الذي يلقي في الهواء. من بين الأسباب التي تدفع لذلك يشير إبراهيم عبد الجليل، برفسور التسيير البيئي بجامعة المنامة بالبحرين، إلى عدم تحفييز المواطنين إلى إلإقتصاد في إستعمال الطاقة. يقول إبراهيم عبد الجليل "الدولة تدعم أسعار مصاريف الكهرباء بشكل كبير، فالمملكة العربية السعودية مثلا تدعم الكهرباء بنسبة 79بالمائة، هذا يعني أن المستهلك يتكلف فقط 20بدفع بالمائة الباقية". دول التعاون الخليجي تتوفر أيضا على جزء كبير من الصناعة المكونة من قطاعات كالألومنيوم أو منوجات إسمنتية. لكن المسؤولين الخليجيين يتوجسون من وقف الدعم، فقرار من هذا القبيل سيكون قرارا غير مرغوب فيه.
غياب تحفيزات بخصوص الطاقات المتجددة
عبد الجليل الذي شارك في إعداد تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية، ينتقد بشدة أصحاب القرار في الدول المصدرة للبترول لأنها ما تزال تشتغل بنماذج متقادمة ف"الحاجة إلى الطاقة المتجددة في تزايد مستمر، لكنه يتم بناء محطات توليد الطاقة تشتغل بوقود أحفوري عوض إستعمال تقنيات أخرى بديلة لذلك". يضيف عبد الجليل أن المشرع لم يقم بخلق شروط ملائمة لدعم إستخدام الطاقات البديلة.
غياب عمليات إعادة إستعمال النفايات يؤزم الوضعية البيئية
حتي في مجالات أخرى كالماء أو تصريف النفايات توجد نواقص يتحتم تداركها. حسب تقرير المنتدى فإن 80 بالمائة من النفايات في الدول العربية قابلة لإعادة الإستعمال لكن فقط 5 بالمائة يتم تدويرها قصد إستخدامها مرة أخرى، وما تبقى من النفايات يتم إحراقه أو دفنه تحت الأرض. خبير النفايات في جامعة القاهرة رامي شربيني يرى أنه يلزم العودة الى رواسب عقدين من الزمن من النفايات قصد إعادة تدبيرها.
ضريبة البيئة أصبحت ملحة
على حد تعبير رامي شربيني فإن" الخطوة الاولى هي رفع قيمة الضرائب على المنتوجات التي تكلف كثيرا. حتى المواد المغلفة، التي يمكن تدوريرها، يجب سن زيادة في قيمة ضرائبها. من جانبهم يتحتم على المنتجين والمستهلكين أن يتحملوا مسؤولياتهم". موازاة مع ذلك يأمل شربيني أن يتم التوقيع على مذكرة تفاهم من طرف المواطنين و يختم خبير النفايات شربيني تصوره لعمية تدوير النفايات بأثمنة مناسبة بالقول:" حتى الأسمدة في البلدان العربية لا يتم إنتاجها بشكل فعال وشامل".
بالنسبة لمنتدى العربي للبيئة والتنمية فإن أهم خطوة في إطار السعي إلى بناء إقتصاد أخضر (بيئي)، هو رفع الدعم عن الوقود والكهرباء والماء. كل ما سيتم توفيره من الأموال سيستثمر في عملية إحداث فرص عمل ودعم البحث العلمي في مجال الإقتصاد الأخضر.
عامل نظافة في إحدى الدول الخليجية
يعتبر المنتدى العربي للبيئة والتنمية منظمة غير حكومية تجمع خبراء ومنظمات في المجال البيئي، وممثلين للقطاعات الخاصة والحكومية من مختلف البلدان العربية. هذا المنتدى، الذي يوجد مقره في بيروت، ركز في تقريره لهذا العام بقضية التنمية المستدامة في العالم العربي.
البطالة والفقر
النتائج مخذلة، فإذا لم يتم التفكير بشكل عميق فإن إقتصادات الدول العربية لن يكون بمقدورها التغلب على تحديات السنين المقبلة، فمن جهة فالدول ذات نسبة كثافة سكانية عالية لاسيما من شريحة الأطفال والشباب، بحاجة مستعلجة إلى مشاربع التنمية وفرص العمل، لكن من جهة أخرى لا يجب إغفال الحفاظ على البيئة.
إعتمدت الدول العربية لفترة طويلة على البترول لوحده. حتى في تقرير"برنامج الأمم المتحدة الإنمائي" حول التنمية تمت الإشارة إلى الفقر، والبطالة والإضطرابات البيئية كأبرز المشاكل التي يعاني منها العالم العربي، فنسبة 27،3 بالمائة من الشباب عاطلون عن العمل و يلزم إحداث 51 مليون فرصة عمل حتى سنة 2020.
صحيح أن هناك نماذج متعددة للإقتصادات الذي تراعي البيئة مثل: "مبادرة مصدر" بمدينة أبوظبي لأمن الطاقة والتغير المناخي أو مشاريع إستخدام الحرارة الأرضية في الأردن أو الزراعة البيولوجية العضوية في مصر أو لبنان. لكن هذه المبادرات تبقى خجولة، فالتنمية المستدامة في البلدان العربية لا زالت ضعيفة التداول.
رغم درجات الحرارة المرتفعة في البلدان العربية إلا أن مشاريع الطاقات البديلة كالطاقة الشمسية لاتزال ضعيفة جدا
الطاقة رخيصة جداً
كمثال حول نهج سياسة خاطئة نجد البترول والغاز لايزالان يشكلان أهم مرتكزات الإقتصاد بدول مجلس التعاون الخليجي. إذ يشكل، حسب تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية، 60 بالمائة من الناتج الإجتماعي الخام في قطر وقرابة 55 بالمائة بالعربية السعودية وحوالي 40 بالمائة في دولة الإمارات العربية المتحدة. هذه الدول السالفة الذكر تتوفر أيضا على أعلى درجة إستهلاك الكهرباء للفرد الواحد في العالم بأسره.
أما على مستوى حجم انتاج النفايات للشخص الواحد نجد في المقدمة قطر، الإمارات العربية المتحدة، الكويت، والبحرين، إذ تعتبر هذه الدول "بطلة العالم" في نسبة أوكسيد الكاربون الذي يلقي في الهواء. من بين الأسباب التي تدفع لذلك يشير إبراهيم عبد الجليل، برفسور التسيير البيئي بجامعة المنامة بالبحرين، إلى عدم تحفييز المواطنين إلى إلإقتصاد في إستعمال الطاقة. يقول إبراهيم عبد الجليل "الدولة تدعم أسعار مصاريف الكهرباء بشكل كبير، فالمملكة العربية السعودية مثلا تدعم الكهرباء بنسبة 79بالمائة، هذا يعني أن المستهلك يتكلف فقط 20بدفع بالمائة الباقية". دول التعاون الخليجي تتوفر أيضا على جزء كبير من الصناعة المكونة من قطاعات كالألومنيوم أو منوجات إسمنتية. لكن المسؤولين الخليجيين يتوجسون من وقف الدعم، فقرار من هذا القبيل سيكون قرارا غير مرغوب فيه.
غياب تحفيزات بخصوص الطاقات المتجددة
عبد الجليل الذي شارك في إعداد تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية، ينتقد بشدة أصحاب القرار في الدول المصدرة للبترول لأنها ما تزال تشتغل بنماذج متقادمة ف"الحاجة إلى الطاقة المتجددة في تزايد مستمر، لكنه يتم بناء محطات توليد الطاقة تشتغل بوقود أحفوري عوض إستعمال تقنيات أخرى بديلة لذلك". يضيف عبد الجليل أن المشرع لم يقم بخلق شروط ملائمة لدعم إستخدام الطاقات البديلة.
غياب عمليات إعادة إستعمال النفايات يؤزم الوضعية البيئية
حتي في مجالات أخرى كالماء أو تصريف النفايات توجد نواقص يتحتم تداركها. حسب تقرير المنتدى فإن 80 بالمائة من النفايات في الدول العربية قابلة لإعادة الإستعمال لكن فقط 5 بالمائة يتم تدويرها قصد إستخدامها مرة أخرى، وما تبقى من النفايات يتم إحراقه أو دفنه تحت الأرض. خبير النفايات في جامعة القاهرة رامي شربيني يرى أنه يلزم العودة الى رواسب عقدين من الزمن من النفايات قصد إعادة تدبيرها.
ضريبة البيئة أصبحت ملحة
على حد تعبير رامي شربيني فإن" الخطوة الاولى هي رفع قيمة الضرائب على المنتوجات التي تكلف كثيرا. حتى المواد المغلفة، التي يمكن تدوريرها، يجب سن زيادة في قيمة ضرائبها. من جانبهم يتحتم على المنتجين والمستهلكين أن يتحملوا مسؤولياتهم". موازاة مع ذلك يأمل شربيني أن يتم التوقيع على مذكرة تفاهم من طرف المواطنين و يختم خبير النفايات شربيني تصوره لعمية تدوير النفايات بأثمنة مناسبة بالقول:" حتى الأسمدة في البلدان العربية لا يتم إنتاجها بشكل فعال وشامل".
بالنسبة لمنتدى العربي للبيئة والتنمية فإن أهم خطوة في إطار السعي إلى بناء إقتصاد أخضر (بيئي)، هو رفع الدعم عن الوقود والكهرباء والماء. كل ما سيتم توفيره من الأموال سيستثمر في عملية إحداث فرص عمل ودعم البحث العلمي في مجال الإقتصاد الأخضر.