دويتشه ﭭيله : السعودية فاعل أساسي في الصراع السوري، فهي تمارس تأثيرا قويا على المعارضة السياسية، كما أنها تزود مقاتلي المعارضة بالمال والسلاح في سبيل الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد، فما هي دوافع الرياض وأسبابها؟
في الكلمة التي ألقاها عند افتتاح مؤتمر جنيف2 حول مستقبل سوريا المقام في مونترو السويسرية، أكد رئيس وفد المملكة العربية السعودية الأمير سعود الفيصل على موقف بلاده الرامي "للتوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية منذ اليوم الأول لنشوبها في مارس/ آذار 2011".
لكن السعودية أيضا من أهم الداعمين لمقاتلي المعارضة السورية، وطرف غير مباشر في الحرب الدائرة في سوريا عبر تزويد المقاتلين المناهضين لنظام الرئيس بشار الأسد بالسلاح والمال. رسميا، تزود السعودية مقاتلي الجيش الحر بالدبابات والصواريخ المضادة للدبابات إضافة إلى رشاشات هجومية. كما يحصل هؤلاء شهريا على رواتب تدفع بالدولار أو اليورو؛ وهي أعلى بكثير مما يحصل عليه الجندي السوري في الجيش النظامي، وذلك لتحفيز مقاتلي قوات الأسد على الانشقاق.
هل تدعم السعودية الإسلاميين؟
أزيد 120 ألف قتيل في سوريا منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية ضد الرئيس بشار الأسد.
وإلى جانب دعمها للجيش الحر، تحاول الرياض بسط نفوذها في سوريا عبر قنوات "غير معلنة"، كما تقول أنا سونيك، الباحثة السياسية في معهد الدراسات الألمانية والعالمية في هامبورغ (GIGA) والخبيرة بشؤون الأنظمة الملكية في منطقة الخليج. وتضيف "هناك من يخمن ـ وفي العديد من الحالات توجد قرائن وتصريحات رسمية تؤكد هذه التخمينات- أن السعودية تدعم أيضا جماعات معارضة أخرى تعمل تحت واجهات إسلامية، وذلك عبر توفير التدريب والسلاح لها". فضلا عن ذلك، هناك مؤشرات تدل على أن المملكة العربية السعودية "تسمح لمواطنيها بالسفر إلى الخارج بهدف المشاركة في القتال في سوريا. وهو أمر يخالف قرار المملكة بمنع سفر من يريد القتال في الخارج" حسب أنا سونيك التي تشير إلى أن "بين المجاهدين في سوريا عدد كبير من السعوديين".
حرب بالوكالة
وللتدخل السعودي في الحرب السورية أسباب متعددة. فالأمر بالنسبة للرياض لا يتعلق بسوريا بالدرجة الأولى بقدر ما يتعلق بإيران: ففي سوريا تخوض أكبر القوى الإقليمية، السعودية وإيران حربا بالوكالة حول الزعامة الإقليمية. إنه صراع طائفي وسياسي واقتصادي بين البلدين العدوين منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979، تقول سونيك.
النظامان معا يستمدان شرعيتهما من الدين، لكنهما يمثلان مذهبين إسلاميين متنافسين: المذهب الوهابي الذي هو دين الدولة الرسمي في السعودية، وهو مذهب سني متشدد. أما في إيران فيستند النظام الحاكم على المذهب الشيعي. في ما يشعر النظام السعودي بقلق كبير إزاء وجود مذهب يقدم نفسه بديلا عن المذهب الوهابي، وقد يؤدي إلى زعزته، في حال اتخذت جماعات معارضة من المذهب الشيعي نموذجا للإطاحة بآل سعود، كما تقول الباحثة سونيك.
منافسة اقتصادية وجيوستراتيجية
بيد أن سوريا بلد متعدد المذاهب والأديان؛ فغالبية السكان، أي بحدود 75%، سنية المذهب، في ما توجد أقليات مسيحية وشيعية تضم طائفتين: الدروز والعلويين وهي الأقلية التي ينتمي إليها الرئيس بشار الأسد ورموز نظامه. ولهذا السبب، يعتبر النظام السوري شيعيا. وهو سبب كافٍ بالنسبة لإيران للدفاع عنه، وللسعودية لمحاربته.
الرئيس الإيراني حسن روحاني في مؤتمر دافوس.
لكن إيران لا ترى فقط في مذهب النظام سببا لمناصرته، بل هناك أسباب جيوستراتيجية تحثها على ذلك، كما يشير ميشائيل باور الباحث في مركز الأبحاث السياسية التطبيقية بجامعة لودفيغ ماكسيميليان في ميونيخ؛ مضيفا أن سوريا تضمن لطهران منفذا إلى البحر المتوسط وإلى حزب الله في لبنان، وبالتالي فهي "فاعل أساسي لتقوية النفوذ الإيراني في المنطقة".
المصالح الاقتصادية السعودية
ورغم أن الخبير الألماني مقتنع بكون أن الحرب الدائرة في سوريا هي انعكاس لصراع القوتين الإقليميتين على السلطة والنفوذ، إلا أنه يعتقد أيضا بأن الصراع بين الدولتين ذو طابع اقتصادي أيضا. فالسعودية تملك أكبر احتياطي من النفط في العالم، وإيران لها ثالث احتياطي نفطي في العالم. ورغم أن الصناعة النفطية في إيران قد تعرضت إلى أضرار كبيرة في السنوات الأخيرة بسبب العقوبات الاقتصادية، إلا أن الرئيس حسن روحاني أظهر في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس السويسرية وبشكل جلي مدى إصراره على إعادة بناء العلاقات الاقتصادية بين بلاده ودول العالم. في المقابل، ترى السعودية في عودة إيران في ظل ولاية حسن روحاني إلى المسرح الدولي ضربة لمصالحها.
نقطة فوز للسعودية
ويبدو أن السعودية قد حققت نقطة فوز، بعد أن سحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون دعوته لإيران بعد يوم فقط من توجيهها وقبل سويعات من انطلاق جنيف2، وذلك بضغط من المعارضة السورية والقوى الداعمة لها. وقد يصب غياب إيران عن هذا المؤتمر في مصلحة الرياض التي تطالب بإبعاد الأسد عن أي دور سياسي في سوريا المستقبل.
في الكلمة التي ألقاها عند افتتاح مؤتمر جنيف2 حول مستقبل سوريا المقام في مونترو السويسرية، أكد رئيس وفد المملكة العربية السعودية الأمير سعود الفيصل على موقف بلاده الرامي "للتوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية منذ اليوم الأول لنشوبها في مارس/ آذار 2011".
لكن السعودية أيضا من أهم الداعمين لمقاتلي المعارضة السورية، وطرف غير مباشر في الحرب الدائرة في سوريا عبر تزويد المقاتلين المناهضين لنظام الرئيس بشار الأسد بالسلاح والمال. رسميا، تزود السعودية مقاتلي الجيش الحر بالدبابات والصواريخ المضادة للدبابات إضافة إلى رشاشات هجومية. كما يحصل هؤلاء شهريا على رواتب تدفع بالدولار أو اليورو؛ وهي أعلى بكثير مما يحصل عليه الجندي السوري في الجيش النظامي، وذلك لتحفيز مقاتلي قوات الأسد على الانشقاق.
هل تدعم السعودية الإسلاميين؟
أزيد 120 ألف قتيل في سوريا منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية ضد الرئيس بشار الأسد.
وإلى جانب دعمها للجيش الحر، تحاول الرياض بسط نفوذها في سوريا عبر قنوات "غير معلنة"، كما تقول أنا سونيك، الباحثة السياسية في معهد الدراسات الألمانية والعالمية في هامبورغ (GIGA) والخبيرة بشؤون الأنظمة الملكية في منطقة الخليج. وتضيف "هناك من يخمن ـ وفي العديد من الحالات توجد قرائن وتصريحات رسمية تؤكد هذه التخمينات- أن السعودية تدعم أيضا جماعات معارضة أخرى تعمل تحت واجهات إسلامية، وذلك عبر توفير التدريب والسلاح لها". فضلا عن ذلك، هناك مؤشرات تدل على أن المملكة العربية السعودية "تسمح لمواطنيها بالسفر إلى الخارج بهدف المشاركة في القتال في سوريا. وهو أمر يخالف قرار المملكة بمنع سفر من يريد القتال في الخارج" حسب أنا سونيك التي تشير إلى أن "بين المجاهدين في سوريا عدد كبير من السعوديين".
حرب بالوكالة
وللتدخل السعودي في الحرب السورية أسباب متعددة. فالأمر بالنسبة للرياض لا يتعلق بسوريا بالدرجة الأولى بقدر ما يتعلق بإيران: ففي سوريا تخوض أكبر القوى الإقليمية، السعودية وإيران حربا بالوكالة حول الزعامة الإقليمية. إنه صراع طائفي وسياسي واقتصادي بين البلدين العدوين منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979، تقول سونيك.
النظامان معا يستمدان شرعيتهما من الدين، لكنهما يمثلان مذهبين إسلاميين متنافسين: المذهب الوهابي الذي هو دين الدولة الرسمي في السعودية، وهو مذهب سني متشدد. أما في إيران فيستند النظام الحاكم على المذهب الشيعي. في ما يشعر النظام السعودي بقلق كبير إزاء وجود مذهب يقدم نفسه بديلا عن المذهب الوهابي، وقد يؤدي إلى زعزته، في حال اتخذت جماعات معارضة من المذهب الشيعي نموذجا للإطاحة بآل سعود، كما تقول الباحثة سونيك.
منافسة اقتصادية وجيوستراتيجية
بيد أن سوريا بلد متعدد المذاهب والأديان؛ فغالبية السكان، أي بحدود 75%، سنية المذهب، في ما توجد أقليات مسيحية وشيعية تضم طائفتين: الدروز والعلويين وهي الأقلية التي ينتمي إليها الرئيس بشار الأسد ورموز نظامه. ولهذا السبب، يعتبر النظام السوري شيعيا. وهو سبب كافٍ بالنسبة لإيران للدفاع عنه، وللسعودية لمحاربته.
الرئيس الإيراني حسن روحاني في مؤتمر دافوس.
لكن إيران لا ترى فقط في مذهب النظام سببا لمناصرته، بل هناك أسباب جيوستراتيجية تحثها على ذلك، كما يشير ميشائيل باور الباحث في مركز الأبحاث السياسية التطبيقية بجامعة لودفيغ ماكسيميليان في ميونيخ؛ مضيفا أن سوريا تضمن لطهران منفذا إلى البحر المتوسط وإلى حزب الله في لبنان، وبالتالي فهي "فاعل أساسي لتقوية النفوذ الإيراني في المنطقة".
المصالح الاقتصادية السعودية
ورغم أن الخبير الألماني مقتنع بكون أن الحرب الدائرة في سوريا هي انعكاس لصراع القوتين الإقليميتين على السلطة والنفوذ، إلا أنه يعتقد أيضا بأن الصراع بين الدولتين ذو طابع اقتصادي أيضا. فالسعودية تملك أكبر احتياطي من النفط في العالم، وإيران لها ثالث احتياطي نفطي في العالم. ورغم أن الصناعة النفطية في إيران قد تعرضت إلى أضرار كبيرة في السنوات الأخيرة بسبب العقوبات الاقتصادية، إلا أن الرئيس حسن روحاني أظهر في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس السويسرية وبشكل جلي مدى إصراره على إعادة بناء العلاقات الاقتصادية بين بلاده ودول العالم. في المقابل، ترى السعودية في عودة إيران في ظل ولاية حسن روحاني إلى المسرح الدولي ضربة لمصالحها.
نقطة فوز للسعودية
ويبدو أن السعودية قد حققت نقطة فوز، بعد أن سحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون دعوته لإيران بعد يوم فقط من توجيهها وقبل سويعات من انطلاق جنيف2، وذلك بضغط من المعارضة السورية والقوى الداعمة لها. وقد يصب غياب إيران عن هذا المؤتمر في مصلحة الرياض التي تطالب بإبعاد الأسد عن أي دور سياسي في سوريا المستقبل.