السفر مع الإعاقة – حلم سهل التحقيق
صخرة عتيدة، تحتها كنز ثمين، لا يستطيع تحريكها إلا من توفرت فيه عوامل ثلاثة:
الذكاء - الصبر - قوة الإرادة
تلك هي قصة المعاق مع الحياة. وذلك هو التحدي الذي فُرض على المعاق، وليس لديه إلا أحد اختيارين لا ثالث لهما:
الأول: أن يضاعف الجهد، ويتابع السير، ويصر على التفوق والانتصار، وهذا هو طريق العزة والكرامة، ولا يسلك هذا الطريق إلا من عزت عليه نفسه، فأكرمها عن مواقع الدون والاستجداء.
الثاني: أن يمارس حالة من الضعف والاستسلام وانتظار الدور والاحسان، وهذا طريق غير مضمون، بل محفوف بالذل والانكسار.
هذا هو الرهان الصعب الذي يواجهه المعاق، وهو في الواقع منحة ربانية، وهدية إلهية يسوقها الله إليه، ليظهر معدنه، وتتأكد بطولته؛ ولو أن أمره كان على ما يرام، ما بلغ بالناس العجب في أمره، ولم يلتفتوا له إلا عرضا، أما هذا الذي حرك الصخرة، واقتلعها، وحول المحنة إلى محنة، وفهذا هو الذي يقف التاريخ عند شخصيته مليا، يسطر أعماله بأحرف من نور تتلألأ؛ فهو آية من آيات الله الحية التي يثبت الله بها عجائب قدرته، وغرائب صنعه!
وانظر إلى صناع التاريخ، الذين شغلوا العالم بأمجادهم وملؤوا عين الزمان بأعمالهم.. ترى الجم الغفير منهم كانوا أصعاب عقدة في حياتهم، أما يُتم، وإما فقر، وإما إعاقة.. ورغم ذلك كانت هذه العقدة هي نقطة الانطلاق التي دفعتهم إلى تحمل الأعباء الثقيلة، وجعلتهم يستجعون كل ما لديهم من طاقات، ومهارات، ويربؤون بأنفسهم عن سفاسف الأمور، ويضطلعون بمعاليها، يواصلون عمل الليل بالنهار، غاية همهم الاستغناء عن الناس، فما هي إلا غدوة وروحة، حتى انبلج الليل، وأصفر الصبح، وهم على قمة التكريم الإنساني، وفي ذروة التمكن البشري، ذلك لإنهم أخذوا الأمر بعين الجد، ولم يلوموا القدر بل عرفوا سر القدر، وهو مقاومة الحق بالحق للحق، وكما قال الشاعر.
وعاجر الرأي مضياع لفرصته ........... حتى إذا فات أمر عاتب القدر
وليس معنى تحدي الإعاقة أن نخاصم أهل العافية أو أن نتخذهم أعداء، بل علينا أن نكون عناصر وعي وإرشاد لهم حتى لا يقعوا فيما وقعنا فيه من أسباب الإعاقة، وعلينا أن نشعرهم بقيمة النعمة التي يتمتعون بها حتى لا يفاجؤوا بفقدها، فيقعوا في حمأة اليأس، فليست الإعاقة الايجابية نوعاَ من الاستهلاك أو العبء على طاقات الاخرين؛ بل هي صمام أمان، وأجراس خطر، لينتبه الغافل، وينتفع العاقل، بما لديه من كنوز الرحمة الإلهية التي لا تقدر بثمن، ولا يستغلها فيما يغضب الله، ويفسد الحياة فـــ:
ليس المعاق الذي شلّت جوارحـــــه ولا الذي قدراَ هدّته أسقــــــــام
بل المعاق الذي شانت فعائلـــــــــــه فلن يضير إذاّ في الجسم إيــلام
قد ساد قوم وقد شلّت جوارحهــــم وساد بالفكـر والتأليف أقـــــوام
فكم كفيف له في النــاس مفخـــــرة ومبصر له في النــــأس إظلام
فكن لغيرك نوراَ يستضاء بـــــــــه تعطي الضياء ولا تقعــدك آلام
يجب أن تضع في ذهنك - عزيزي - بأن السفر مع الإعاقة، ليس بعائق لرحلتك القادمة، يجب أن تضع في ذهنك أيضا، بأنه ما من أمر يستطيع تقييد فرصتك وتقلليها، بسبب إعاقتك، فأنت تستطيع السفر لكل دول العالم. صحيح أن الأمر،، فيه (القليل) من الصعوبة، ولكن هل الصعوبة فقط تواجه من يستعمل الكرسي المتحرك؟؟؟ لا،، وخذ الكلمة من خبير في السفر،،، الصعوبات تواجه كل من ينوي ويعزم على السفر.
ومن هذا المنطلق أوجه كلماتي للمبدعين، الرائعين، لمن يواجهون الحياة برغم مصاعبها وتحدياتها، للذين يعانون في المقام الأول من الإعاقة الحركية، أوقل لهم لا مستحيل، فالسفر مع الإعاقة أمر ليس بمستحيل، مغامرة محسوبة سهل التنفيذ فما الذي يمنعك من التجربة .
قد يتبادر إلى الذهن هذا السؤال، كيف أسافر، وأنا أعاني من هذه الاعاقة التي لا تجعل تحركاتي صعبة، كيف سأتدبر أموري؟ هل سأستمتع؟ كيف سأتخطى العقبات؟ كيف سأتجاوزها؟
مثال حي أمامي (عبد الله السعد - رحال الإمارات) الذي تعلمت منه (رغم صغر سنه) بأن الإعاقة لا تكون في الأبدان أبدا، بل هي _ إن أتت_ فهي تصيب الأذهان. تعلمت منه الثقة بالله، والرضاء بالقدر، والتمسك والالتزام بالدين، ومقاومة الإعاقة بالالتزام بالواجبات الدينية وعدم تفويت ما فرضه الله علينا. نعم،، تعلمت منه الكثير.
دعني أحدثك عزيزي المعاق عن عبد الله، مسلم، إماراتي، تعرض للإصابة في حادث سيارة أدى لإصابة شديدة في الحبل الشوكي في عام 2006، وأصبحت تنقلاته كلها بالكرسي المتحرك، ولكن بعد عودته من رحلة العلاج، وأثناء رحلة العلاج أيضا، تحدى الاعاقة، سافر، استخدم معظم وسائل النقل، طائرات، قطارات، باصات، سيارات.
نشر رحلاته في شبكة الانترنت في مواقع السياحة والسفر خاصة موقع زاد المسافر، له رحلة رائعة جال فيها معظم دول أوروبا بريطانيا - سويسرا – فرنسا – ألمانيا – النمسا - هولندا – لوكسمبورغ مع مجموعة من الأصدقاء. كما سافر (لوحده) في رحلة سياحية إلى تايلند واكتشف الكثير منها، وسافر أيضا إلى سنغافورة وهونغ كونغ ومصر وسوريا وأثيوبيا وتركيا وجنوب أفريقيا، ناهيك عن السفر إلى دول مجلس التعاون كلها والحمد لله على فضله. فهل تعجز أخي المعاق أن تكون مثل عبد الله؟
______________________________________
نانسي، صاحبة قصة رائعة، على كرسي متحرك منذ أكثر من عشرين عاما، سافرت مع زوجها إلى القارات السبع، وزارت مئات المدن والدول، لم تمنعها الإعاقة من التمتع بحياتها، وكانت أول امرأة تسافر إلى القطب الجنوبي، وتلعب مع البطاريق أيضا
وتستطيع أن تشاهد رحلاتها من خلال هذا الرابط
Disabled Travelers Guide |Disabled Travelers Guide
نموذج آخر لسفر المعاق هو الكاتب المصري حسن قباني صاحب كتاب (حول العالم على كرسي متحرك) حيث وصف الأديب رحلته إلى الكثير من دول العالم.
يقول المؤلف الاديب (المعاق حركيا): وأنا كأي إنسان كانت لي أحلامي في الترحل.. في رؤية العالم.. ولعل محنة المرض المزمن الذي لازمني منذ صباي كانت ادعى إلى إذكاء هذه الأحلام.. وما أكثر اللحظات التي كنت أثوب فيها إلى رشدي وأهز رأسي يأسا وأنا أجد نفسي عاجزا عن الانتقال من مقعد إلى مقعد في نفس الغرفة أو من غرفة إلى غرفة في نفس المنزل ..
ما رأيك عزيزي،،، هل تعجز أن تكون مثل عبد الله السعد، أو حسن قباني، أو مثل نانسي؟؟؟ أبدا، لا ينقصك أي شيء، تعال معي لنتعرف على بعض التعليمات، التي ستيسر لكم الذهاب والسفر، والتمتع بحياتكم،
اسأل،، غامر،،، تسلق،،، تعلق،،، تزلج،،، استمتع فأنت في رحلة، ولا تخجل من شيء، فأنت لا تختلف عن الآخرين
تمتع ببياض الثلج،،، وبزرقة البحر،،، وبحرارة الشمس،،، وببرودة الطقس،،، استمتع فأنت في رحلة، ومن استمتع وسافر قبلك،،، لا يختلف عنك في شيء
زر الأسواق، تبضع، اجعل لك مكان مخصص لتذكارات السفر، وثق رحلاتك، شاركنا في تجربتك،، واستمتع فأنت في رحلة
اسأل في كل مكان عن إمكانية المشاركة في الفعاليات،،، وشارك فيها،، فالسفر ليس كل يوم،،، والتجربة تزيدك خبرة،، استمتع عزيزي،،، فأنت في رحلة
نصيحة أخيرة، إذهب إلى السيد (جوجل – Google) واكتب هذه الكلمات (السفر مع الإعاقة) وستجد ما يعنيك خصوصا مثل دليل السفر مع الأعاقة الذي ستجد فيه بعض النصائح التي ستنفعك بلا شك.
علي يوسف السعد – مدير شبكة ومنتديات زاد المسافر
شبكة ومنتديات زاد المسافر