عمان/بيروت (رويترز) - أبدت روسيا والصين وايران تأييدها للرئيس السوري بشار الأسد يوم الاثنين قبل أيام من اجتماع دولي من المُرجح ان يضع المزيد من الضغط عليه كي يتنحى في مواجهة انتفاضة تزداد دموية. وذكرت وكالات أنباء سورية وروسية ان الأسد التقى بسياسي روسي كبير في دمشق أعاد التأكيد على تأييد بلاده لبرنامجه الاصلاحي وعارض أي تدخل أجنبي في الصراع.
ملف مرفق 4705
واتهمت الصين الدول الغربية باثارة حرب أهلية في سوريا في الوقت الذي وصلت فيه سفينتان حربيتان ايرانيتان الى قاعدة بحرية سورية فيما يسلط الضوء على التوتر الدولي بشأن الازمة السورية الناشبة منذ قرابة عام. وعلى الارض واصلت القوات الحكومية حملتها ضد الانتفاضة المناهضة للاسد وقال ناشطون معارضون ان خمسة اشخاص قتلوا في تجدد القصف لحي تسيطر عليه المعارضة في حمص وحصار القوات وميليشيا الشبيحة لحماة. وكانت المدينتان في طليعة المدن التي ثارت ضد الاسد.
وتدخل الأزمة أسبوعا مُهما في ظل الاجتماع المقرر ان تعقده قوى غربية وعربية في تونس يوم الجمعة للضغط على الاسد للتخلي عن السلطة في حين يمضي الاسد قدما في خططه لاجراء استفتاء على دستور جديد يوم الاحد. يأتي الاستفتاء الذي سيفضي الى انتخابات متعددة الاحزاب خلال 90 يوما في إطار ما يصفه الاسد ببرنامج اصلاحي لتلبية المطالب بمزيد من الديمقراطية.
وقالت الوكالة العربية السورية للانباء (سانا) ان نحو 14 مليونا و 600 ألف يحق لهم المشاركة في الاستفتاء. ووصف الغرب وحركة المعارضة السورية هذه الخطوة بانها تحايل وقالا ان إجراء انتخابات حرة مستحيل وسط استمرار حملة القمع. والتقى اليكسي بوشكوف رئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس النواب (الدوما) بالبرلمان الروسي بالاسد في دمشق يوم الاثنين وأكد على دعم روسيا للخطة. وموسكو هي المزود الرئيسي لسوريا بالاسلحة وحليف يعود الى الحرب الباردة.
ملف مرفق 4706
وقالت الوكالة السورية ان بوشكوف شدد ايضا على ضرورة "مواصلة العمل على حل سياسي للازمة يقوم على الحوار بين جميع الاطراف المعنية دون تدخل خارجي." وابلغ الاسد الذي لا يظهر ميلا للتخلي عن السلطة بوشكوف بأن سوريا مستهدفة من قبل جماعات ارهابية مُسلحة تدعمها عناصر أجنبيه تهدف الى زعزعة استقرارها.
وأيَدت الصين التي أوفدت مبعوثا الى المنطقة هذا الاسبوع أيضا فكرة الاسد الخاصة بحل سياسي وناشدت الحكومة والمعارضة على السواء وقف العنف. ووبخت صحيفة الشعب الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الصيني الغرب في تعليق في صفحتها الاولى في طبعتها الدولية قائلة "اذا واصلت الدول الغربية تأييد المعارضة السورية بشكل كامل فستندلع حينئذ حرب أهلية شاملة ولن تكون هناك وسيلة لتفادي احتمال التدخل الخارجي المسلح."
غير ان الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي قال يوم الاثنين ان ثمة مؤشرات على احتمال ان تغير روسيا والصين من موقفيهما إزاء سوريا بعد ان استخدمت الدولتان حق النقض (الفيتو) ضد خطة سلام عربية يؤيدها الغرب في مجلس الامن الدولي تهدف الى إنهاء العنف هناك.
وقال العربي في مؤتمر صحفي في القاهرة "هناك مؤشرات تأتي بالذات من الصين والى حد ما من روسيا بانه ربما يكون هناك تغيير في الموقف." وأثارت الصين وروسيا غضب دول غربية وعربية هذا الشهر حين استخدمتا حق النقض (الفيتو) ضد قرار من مجلس الامن كان يؤيد خطة عربية تحث الاسد على التنحي وسط قمع عنيف من القوات الحكومية لاحتجاجات المعارضة.
ويستبعد الغرب أي تدخل عسكري على غرار ما حدث في ليبيا لكن جامعة الدول العربية بقيادة السعودية اشارت الى ان بعض الدول الاعضاء مستعدة لتسليح المعارضة التي تضم الجيش السوري الحر المعارض. ومن بواعث القلق الاكثر الحاحا بالنسبة للغرب محنة المدنيين المحاصرين في الهجوم ضد المعارضة وجيش المعارضة الوليد. ويقول ناشطون في مدن مثل حمص ان امدادات الغذاء تنفد وان الاطباء يواجهون نقصا في الادوية لعلاج الجرحى.
وفي جنيف قالت اللجنة الدولية للصليب الاحمر يوم الاثنين انها تجري مفاوضات مع السلطات السورية ومقاتلي المعارضة بشأن "وقف القتال" من اجل توصيل المعونات للمدنيين الاشد تضررا جراء الصراع. وقالت مصادر دبلوماسية لرويترز ان اللجنة تسعى الى وقف الاعمال القتالية لمدة ساعتين في بؤر الصراع لاسيما حمص.
وقال ناشطون معارضون ان خمسة اشخاص قتلوا في قصف الحكومة لحي بابا عمرو في حمص يوم الاثنين مما يزيد عدد القتلى الذي تشير تقارير الى انه بلغ بضع مئات منذ بداية العملية في الثالث من فبراير المقبل. وقال ناشطون في مدينة حماة بغرب سوريا ان قوات الجيش والشرطة والميليشيا أقامت عشرات المتاريس لعزل الاحياء عن بعضها بعضا.
وجاء في بيان للمعارضة ان حماة عُزلت عن العالم الخارجي وقطعت خطوط الهواتف الارضية كما قطعت شبكة المحمول والانترنت وان هناك عمليات اعتقال من بيت لبيت تجري كل يوم بل تتكرر في نفس الاحياء. ودأب مقاتلو الجيش السوري الحر على مهاجمة ميليشيا "الشبيحة" الموالية للحكومة لكنهم تفادوا خوض مواجهات مفتوحة مع القوات المدرعة التي احتشدت حول حماة.
وتقيد الحكومة من وصول وسائل الاعلام الاجنبية الى مواقع الاحداث في سوريا الأمر الذي يجعل من الصعب التحقق على نحو مستقل من تقارير النشطاء. وفي احتجاج جرئ بدمشق رفع شبان معارضون العلم الوطني للبلاد خلال الفترة التي سبقت حكم الاسد على جسر عند اطراف العاصمة. وجاء ذلك بعدما اندلعت في مطلع الاسبوع اكبر مظاهرة تشهدها العاصمة حتى الان في الانتفاضة التي شارفت على اتمام عامها الاول.
وتقول الجماعات المدافعة عن حقوق الانسان ان قوات الامن السورية قتلت ما لا يقل عن خمسة آلاف شخص لقمع الانتفاضة بينما تقول حكومة الاسد ان أكثر من 2000 فرد من قوات الجيش والامن قتلوا. ويحكم الاسد سوريا منذ 11 عاما بعد ان خلف والده الرئيس الراحل حافظ الاسد وهو ينتمي الى الطائفة العلوية وهي أقلية في دولة تسكنها غالبية سنية وهناك مخاوف من ان تتحول الانتفاضة الى صراع طائفي واسع النطاق.
وقال التلفزيون الايراني يوم الاثنين ان سفينتين تابعتين للبحرية الايرانية ترسوان حاليا في ميناء طرطوس السوري. وأضاف أن السفينتين أرسلتا يوم السبت وقيل انهما تقدمان التدريب للقوات البحرية السورية بموجب اتفاق وقعه البلدان قبل عام.
ومع انخراط ايران الشيعية في مواجهة مع الولايات المتحدة وأوروبا واسرائيل بسبب برنامجها النووي من المرجح ان يثير هذا التطور قلق الغرب من تحول الازمة السورية الى صراع اقليمي اذا لم تحسم سريعا. وعندما سُئل نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي دان ميريدور بشأن التحرك الايراني في إفادة صحفية قال ان الاسد يلقى دعما من ايران وحزب الله اللبناني وان روسيا والصين قدمتا له "ترخيصا بالقتل".