إيلي الحاج - ايلاف : تحت عنوان (سوريا مصدر تقرير "دير شبيغل"؟) إيلي الحاج من بيروت: سبقت صحيفة " لوفيغارو " الفرنسية مجلة " دير شبيغل " الألمانية بثلاث سنوات في نشر التقرير المعلوماتي عن تورط حزب الله في اغتيال الرئيس السابق رفيق الحريري، لكن الرواية التي قدمها الصحافي الفرنسي جورج مالبرونو لم تثر أي ضجة ولم يتوقف عندها أحد لأسباب متعددة أبرزها أنها نشرت في " لوفيغارو " بعد أيام قليلة من انتهاء حرب صيف 2006 بين إسرائيل وحزب الله، وتحديدًا في 18 آب / أغسطس، أربعة أيام فقط من سريان قرار وقف الأعمال الحربية. كان اللبنانيون والعرب ومعهم العالم يتطلعون إلى فك الحصار الإسرائيلي الجوي والبحري عن لبنان ويتساءلون عن سبل الحؤول دون تجدد تلك الحرب التي استمرت 33 يومًا مخلفة خسائر هائلة في الأرواح والممتلكات والبنى التحتية. وكان الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله يعلن نصره الإلهي وقضية اغتيال الحريري والمحكمة الدولية في مؤخرة الإهتمامات موقتًا.
ثم إن الفرنسي مالبرونو لم يذكر أسماء لمتورطين في تقريره خلافًا لزميله الألماني إريك فولاث الذي كرر معلومات "لوفيغارو" بحرفيتها، متوسعاً في بعض نقاطها، وذاكراً أسماء أشهرهم القائد العسكري والأمني في "حزب الله" عماد مغنية الذي اغتيل في دمشق يوم 12 شباط / فبراير 2008 ولم تكشف السلطات السورية حتى اليوم خفايا اغتياله. ولعل توقيت نشر هذه المعلومات في "دير شبيغل" هو الذي أثار الضجة التي لم تهدأ بعد ، إذ جاء قبل أيام من موعد الإنتخابات النيابية اللبنانية المحددة في 7 حزيران/ يونيو المقبل ، والتي يعوّل "حزب الله" وحلفاؤه كثيرًا على نيلهم الغالبية في نتيجتها من أجل التحكم في مفاصل الحياة السياسية وقرارات الدولة اللبنانية وتوجهاتها، لا سيما في موضوع الصراع مع إسرائيل وسياسات لبنان العربية.
لكن مقارنة بين تقرير مالبرونو وفولاث تبعث على الشك في أن تكون سورية هي وراء التسريبات المتكررة للرواية التي وصفها وزير الخارجية السورية وليد المعلم بأنها "تافهة". ففي الروايتين المتطابقتين يظهر بوضوح أن الصحافيين الفرنسي والألماني إذا كانا اطلعا فعلاً على وثائق فهي تعود إلى قسم متابعة الإتصالات الهاتفية الذي كان يتولاه الرائد وسام عيد ( اغتيل عيد بسيارة مفخخة يوم الجمعة 25 كانون الثاني/ 2008 أي قبل اغتيال مغنية في دمشق بـ23 يوماً ) وليست من وثائق المحكمة الدولية التي تلقت نسخاً منها بالتأكيد، خصوصاً أن المحكمة لم تكن قد تشكلت عندما كتب مالبرونو تقريره عام 2006.
تسقط هنا نهائياً من الرواية الألمانية الفقرة القائلة إن المدعي العام في المحكمة الدولية القاضي الكندي دانيال بلمار اكتشف مسألة تورط "حزب الله" منذ شهرين فقط. فالرواية تعود إلى ثلاث سنوات، وآل الحريري كانوا مطلعين عليها منذ ذلك الوقت، ويبدو أنهم لم يعيروها أهمية كبيرة.
وثيقة بخط الضابط وسام عيد منشورة على الإنترنت
ولكن واقعة أو إحتمال أن المصدر هو وثائق فرع المعلومات لا يعني إطلاقاً أن هذا الفرع المحسوب على قوى الغالبية ( 14 آذار/ مارس) – والذي أشاد به الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله أخيرا لمساهماته في كشف شبكات التجسس الإسرائيلية- هو الذي سرّب الوثائق، بدليل أن أحد مواقع "البلوغ" يغذيه بعض الأشخاص الذين يدافعون بأسلوبهم وتعابيرهم عن القيادة السورية و"حزب الله" نشر قبل أشهر وثيقة سرية من فرع المعلومات موجهة من الرائد عيد إلى رؤسائه بخط يده وممهورة بتوقيعه ( الوثيقة مرفقة).
كما أن الرواية نفسها عن تورط "حزب الله" نشرت قبل أشهر في موقع يشغله صحافي سوري يعمل في أجواء إستخباراتية. إلا أن أياً من التقارير والمعلومات والتسريبات المنتقاة السابقة لم تصل إلى الإستنتاج الذي خلص إليه الصحافي الألماني إريك فولاث في "دير شبيغل". وهو إن الرئيس السوري بشار الأسد ( يقول فولاث إنه قابله ولم يتحدث معه عن الحريري) قد خرج نهائيا من دائرة الشك وإنه بريء من قضية اغتيال الرئيس الحريري ، أما المرتكبون فهم من "حزب الله" بقيادة مغنية.
أغفل الصحافي الألماني المستعجل إصدار الأحكام ، أن حتى الطفل في السياسة يدرك إستحالة إقدام "حزب الله" على عمل بضخامة اغتيال الحريري وخطورته من تلقائه. هذا إذا افترضنا سوء النية وتورطه فعلاً في هذه الجريمة المهولة التداعيات. أما دافع الحزب الذي يورده فولاث فيبعث على الضحك : الحريري غربي الهوى! هكذا يبدو أن ثمة من يصر على توريط "حزب الله" إعلامياً على الأقل ، ليخلص نفسه ربما. يحضر هنا مثل عامي لبناني والعامية لا تعرّب : "أحبك يا سواري... ليس بقدر يدي". ومن غير أن يكونهذا الكلام ميلاً إلى تبرئة أو إدانة لأي طرف أو نظام، فهذاعمل محاكم وليس صحافيين.
رواية "لوفيغارو"
وفي ما يأتي تعريب حرفي لتقرير مالبرونو الذي نشرته "لوفيغارو" عام 2006 بعنوان: "ظل حزب الله على جريمة إغتيال الحريري":
توصّل المحققون اللبنانيون في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ، خلال الأشهر الماضية إلى حلقة جديدة اقتادتهم إلى حزب الله. ويؤكّد أحد القريبين من سعد رفيق الحريري في حديث إلى مجلّة "لوفيغارو" أنّ " التحقيق الدولي الذي يرأسه القاضي سيرج براميرتز يتحرك أيضًا في هذا الاتّجاه." وقد تمّ اتّهام سورية في جريمة الاغتيال التي أودت بالرئيس الحريري في شباط /فبراير 2005 ، بينما نفت سورية أي ضلوع لها في هذا العمل الإرهابي.
وقد اطلع القاضي الفرنسي جان لوي بروغيير الذي يحقق في اغتيال الصحافي سمير قصير على هذا الخيط الشيعي أثناء زيارته أخيرا للبنان. وجدير بالذكر أن القاضي سيرج براميرتز لم يتعوّد التعليق على تحرياته. نقطة الإنطلاق في اقتفاء الأثر كانت مع كشف قوى الأمن الداخلي أرقام هواتف محمولة لم تستخدم سوى قبل ارتكاب الجريمة وبعدها"، وهي تعود لعشر أشخاص على الأكثر توقفوا عن استعمالها ، بعد تلقّي تعليمات نهائية حول هذا الموضوع " ، وذلك بحسب مصدر قريب من قوى الأمن الداخلي في بيروت. إنّما ارتكب أحدهم خطأ فاتّصل بصديق له ليس من بين المتواطئين في جريمة القتل.
كشفت الشرطة بفضل التسجيلات الهاتفية رقم هاتف هذا الصديق وحقّقت معه، فكشف لها اسم الرجل الذي اتصل به. ويعتقد أن هذا الشخص هرب من لبنان، وأنه قد يكون موجوداً في سورية، باعتبار أن عائلته في لبنان تلقّت إتصالاً من دمشق. وحسب الشخص القريب من سعد الحريري، فإن هذا المشبوه لبناني، على صلة بأوساط حزب الله وبأجهزة إستخبارات الحزب. والتحرّيات حثيثة للعثور عليه، ولم يوجه طلب إلى "الإنتربول" للمساعدة في توقيفه. ويقول مصدر قريب من التحقيق أن "المحققين اللبنانيين يشعرون بالذعر مما اكتشفوه". أما الأعضاء الآخرون في الشبكة، فلم يتم تحديد هوياتهم.
إن حزب الله لا يجهل أياً من تفاصيل هذا العنصر الجديد في ملف التحقيق. فالواقع أن قوى الأمن الداخلي اللبنانية ارتكبت حماقة حينما استجوبت أعضاء عائلة الشخص الجاري البحث عنه، وعلى الأثر أبلغت العائلة حزب الله. والموضوع كله ليس أكثر من خيط للتحقيق حتى الآن. فقوى الأمن الداخلي والقاضي براميرتز لا يملكان على الأرجح أي إثبات على صحة هذه الشكوك. ولكن قوى الأمن والمحقق الدولي يعتبران هذا الخيط "جدّياً". ولا يغيّر هذا الخيط شيئاً في الوجهة العامة للتحقيق: فسورية تظلّ المشبوه الأول. وحسب إختصاصي في الشؤون الأمنية: "قام السوريون بتجزئة عمليتهم، فعهدوا إلى حلفائهم المتعددين في لبنان بإعداد عملية الإغتيال، من غير أن يعرف كل واحد من هؤلاء ما يقوم به الآخر".
حسب هذا المخطّط، كان لحزب الله دور خاص به. ويتساءل الرجل القريب من سعد الحريري: "من كان يملك القدرة على إدخال كمية من المتفجرات تعادل 1200 كيلوغرام من مادة "تي إن تي" إلى لبنان؟ إما سورية، أو جهاز أمن لبناني يعمل لمصلحة سورية، أو حزب الله". وكان 4 جنرالات لبنانيون يديرون أجهزة الأمن أول المعتقلين في آب/أغسطس 2005 بتهمة التواطؤ في إغتيال الحريري.
هل كان الشيخ حسن نصرالله مطّلعاً على تحضيرات الإغتيال؟ أم يعني ذلك، وبالعكس، أن "عرّابه" السوري، الذي كان يتحكم في عمليات مرور الأسلحة الإيرانية الموجّهة إلى حزب الله، قد فرض عليه ذلك بالإكراه؟ و\يقول مصدر قريب من قوى الأمن الداخلي في لبنان أن "السوريين، عبر توريطهم حزب الله في عملية إغتيال الحريري، يملكون ورقة إبتزاز للشيخ نصرالله". وهذا ما يمكن أن يفسّر أنه طوال فترة الحرب الأخيرة مع إسرائيل، أبدى زعيم حزب الله حذراً كبيراً إزاء السوريين، حسب مصدر مطّلع في جهاز الأمن اللبناني. ويعتقد هذا المصدر أن إبتعاد حزب الله عن حليفه السوري يمكن أن يكون خطراً جداً على الحزب بعد الآن".
لكن العلاقات بين الحريري وحزب الله لم تكن متينة في أي وقت، فما هي مصلحة حزب الله في اغتياله؟ يجيب المصدر القريب من سعد الحريري أن " رفيق الحريري، الثري السنّي، كان بحكم مكانته ونفوذه يزعج مخططات حزب الله في لبنان، وكذلك مطامح إيران الساعية إلى تعزيز نفوذ حلفائها الشيعة في لبنان". هل تورّطت إيران في عملية الإغتيال؟ ما هي الصلات التي تربط الشخص الجاري البحث عنه بالباسداران؟ يبحث المحققون عن إجابات على هذه الأسئلة. وفي الظرف الراهن، يمكن أن يكون الكشف عن أي معلومات خطراً جداً. خصوصاً أنها يمكن أن تزيد حدة التوتّر الطائفي بين الشيعة والسنة في لبنان".
ثم إن الفرنسي مالبرونو لم يذكر أسماء لمتورطين في تقريره خلافًا لزميله الألماني إريك فولاث الذي كرر معلومات "لوفيغارو" بحرفيتها، متوسعاً في بعض نقاطها، وذاكراً أسماء أشهرهم القائد العسكري والأمني في "حزب الله" عماد مغنية الذي اغتيل في دمشق يوم 12 شباط / فبراير 2008 ولم تكشف السلطات السورية حتى اليوم خفايا اغتياله. ولعل توقيت نشر هذه المعلومات في "دير شبيغل" هو الذي أثار الضجة التي لم تهدأ بعد ، إذ جاء قبل أيام من موعد الإنتخابات النيابية اللبنانية المحددة في 7 حزيران/ يونيو المقبل ، والتي يعوّل "حزب الله" وحلفاؤه كثيرًا على نيلهم الغالبية في نتيجتها من أجل التحكم في مفاصل الحياة السياسية وقرارات الدولة اللبنانية وتوجهاتها، لا سيما في موضوع الصراع مع إسرائيل وسياسات لبنان العربية.
لكن مقارنة بين تقرير مالبرونو وفولاث تبعث على الشك في أن تكون سورية هي وراء التسريبات المتكررة للرواية التي وصفها وزير الخارجية السورية وليد المعلم بأنها "تافهة". ففي الروايتين المتطابقتين يظهر بوضوح أن الصحافيين الفرنسي والألماني إذا كانا اطلعا فعلاً على وثائق فهي تعود إلى قسم متابعة الإتصالات الهاتفية الذي كان يتولاه الرائد وسام عيد ( اغتيل عيد بسيارة مفخخة يوم الجمعة 25 كانون الثاني/ 2008 أي قبل اغتيال مغنية في دمشق بـ23 يوماً ) وليست من وثائق المحكمة الدولية التي تلقت نسخاً منها بالتأكيد، خصوصاً أن المحكمة لم تكن قد تشكلت عندما كتب مالبرونو تقريره عام 2006.
تسقط هنا نهائياً من الرواية الألمانية الفقرة القائلة إن المدعي العام في المحكمة الدولية القاضي الكندي دانيال بلمار اكتشف مسألة تورط "حزب الله" منذ شهرين فقط. فالرواية تعود إلى ثلاث سنوات، وآل الحريري كانوا مطلعين عليها منذ ذلك الوقت، ويبدو أنهم لم يعيروها أهمية كبيرة.
وثيقة بخط الضابط وسام عيد منشورة على الإنترنت
ولكن واقعة أو إحتمال أن المصدر هو وثائق فرع المعلومات لا يعني إطلاقاً أن هذا الفرع المحسوب على قوى الغالبية ( 14 آذار/ مارس) – والذي أشاد به الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله أخيرا لمساهماته في كشف شبكات التجسس الإسرائيلية- هو الذي سرّب الوثائق، بدليل أن أحد مواقع "البلوغ" يغذيه بعض الأشخاص الذين يدافعون بأسلوبهم وتعابيرهم عن القيادة السورية و"حزب الله" نشر قبل أشهر وثيقة سرية من فرع المعلومات موجهة من الرائد عيد إلى رؤسائه بخط يده وممهورة بتوقيعه ( الوثيقة مرفقة).
كما أن الرواية نفسها عن تورط "حزب الله" نشرت قبل أشهر في موقع يشغله صحافي سوري يعمل في أجواء إستخباراتية. إلا أن أياً من التقارير والمعلومات والتسريبات المنتقاة السابقة لم تصل إلى الإستنتاج الذي خلص إليه الصحافي الألماني إريك فولاث في "دير شبيغل". وهو إن الرئيس السوري بشار الأسد ( يقول فولاث إنه قابله ولم يتحدث معه عن الحريري) قد خرج نهائيا من دائرة الشك وإنه بريء من قضية اغتيال الرئيس الحريري ، أما المرتكبون فهم من "حزب الله" بقيادة مغنية.
أغفل الصحافي الألماني المستعجل إصدار الأحكام ، أن حتى الطفل في السياسة يدرك إستحالة إقدام "حزب الله" على عمل بضخامة اغتيال الحريري وخطورته من تلقائه. هذا إذا افترضنا سوء النية وتورطه فعلاً في هذه الجريمة المهولة التداعيات. أما دافع الحزب الذي يورده فولاث فيبعث على الضحك : الحريري غربي الهوى! هكذا يبدو أن ثمة من يصر على توريط "حزب الله" إعلامياً على الأقل ، ليخلص نفسه ربما. يحضر هنا مثل عامي لبناني والعامية لا تعرّب : "أحبك يا سواري... ليس بقدر يدي". ومن غير أن يكونهذا الكلام ميلاً إلى تبرئة أو إدانة لأي طرف أو نظام، فهذاعمل محاكم وليس صحافيين.
رواية "لوفيغارو"
وفي ما يأتي تعريب حرفي لتقرير مالبرونو الذي نشرته "لوفيغارو" عام 2006 بعنوان: "ظل حزب الله على جريمة إغتيال الحريري":
توصّل المحققون اللبنانيون في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ، خلال الأشهر الماضية إلى حلقة جديدة اقتادتهم إلى حزب الله. ويؤكّد أحد القريبين من سعد رفيق الحريري في حديث إلى مجلّة "لوفيغارو" أنّ " التحقيق الدولي الذي يرأسه القاضي سيرج براميرتز يتحرك أيضًا في هذا الاتّجاه." وقد تمّ اتّهام سورية في جريمة الاغتيال التي أودت بالرئيس الحريري في شباط /فبراير 2005 ، بينما نفت سورية أي ضلوع لها في هذا العمل الإرهابي.
وقد اطلع القاضي الفرنسي جان لوي بروغيير الذي يحقق في اغتيال الصحافي سمير قصير على هذا الخيط الشيعي أثناء زيارته أخيرا للبنان. وجدير بالذكر أن القاضي سيرج براميرتز لم يتعوّد التعليق على تحرياته. نقطة الإنطلاق في اقتفاء الأثر كانت مع كشف قوى الأمن الداخلي أرقام هواتف محمولة لم تستخدم سوى قبل ارتكاب الجريمة وبعدها"، وهي تعود لعشر أشخاص على الأكثر توقفوا عن استعمالها ، بعد تلقّي تعليمات نهائية حول هذا الموضوع " ، وذلك بحسب مصدر قريب من قوى الأمن الداخلي في بيروت. إنّما ارتكب أحدهم خطأ فاتّصل بصديق له ليس من بين المتواطئين في جريمة القتل.
كشفت الشرطة بفضل التسجيلات الهاتفية رقم هاتف هذا الصديق وحقّقت معه، فكشف لها اسم الرجل الذي اتصل به. ويعتقد أن هذا الشخص هرب من لبنان، وأنه قد يكون موجوداً في سورية، باعتبار أن عائلته في لبنان تلقّت إتصالاً من دمشق. وحسب الشخص القريب من سعد الحريري، فإن هذا المشبوه لبناني، على صلة بأوساط حزب الله وبأجهزة إستخبارات الحزب. والتحرّيات حثيثة للعثور عليه، ولم يوجه طلب إلى "الإنتربول" للمساعدة في توقيفه. ويقول مصدر قريب من التحقيق أن "المحققين اللبنانيين يشعرون بالذعر مما اكتشفوه". أما الأعضاء الآخرون في الشبكة، فلم يتم تحديد هوياتهم.
إن حزب الله لا يجهل أياً من تفاصيل هذا العنصر الجديد في ملف التحقيق. فالواقع أن قوى الأمن الداخلي اللبنانية ارتكبت حماقة حينما استجوبت أعضاء عائلة الشخص الجاري البحث عنه، وعلى الأثر أبلغت العائلة حزب الله. والموضوع كله ليس أكثر من خيط للتحقيق حتى الآن. فقوى الأمن الداخلي والقاضي براميرتز لا يملكان على الأرجح أي إثبات على صحة هذه الشكوك. ولكن قوى الأمن والمحقق الدولي يعتبران هذا الخيط "جدّياً". ولا يغيّر هذا الخيط شيئاً في الوجهة العامة للتحقيق: فسورية تظلّ المشبوه الأول. وحسب إختصاصي في الشؤون الأمنية: "قام السوريون بتجزئة عمليتهم، فعهدوا إلى حلفائهم المتعددين في لبنان بإعداد عملية الإغتيال، من غير أن يعرف كل واحد من هؤلاء ما يقوم به الآخر".
حسب هذا المخطّط، كان لحزب الله دور خاص به. ويتساءل الرجل القريب من سعد الحريري: "من كان يملك القدرة على إدخال كمية من المتفجرات تعادل 1200 كيلوغرام من مادة "تي إن تي" إلى لبنان؟ إما سورية، أو جهاز أمن لبناني يعمل لمصلحة سورية، أو حزب الله". وكان 4 جنرالات لبنانيون يديرون أجهزة الأمن أول المعتقلين في آب/أغسطس 2005 بتهمة التواطؤ في إغتيال الحريري.
هل كان الشيخ حسن نصرالله مطّلعاً على تحضيرات الإغتيال؟ أم يعني ذلك، وبالعكس، أن "عرّابه" السوري، الذي كان يتحكم في عمليات مرور الأسلحة الإيرانية الموجّهة إلى حزب الله، قد فرض عليه ذلك بالإكراه؟ و\يقول مصدر قريب من قوى الأمن الداخلي في لبنان أن "السوريين، عبر توريطهم حزب الله في عملية إغتيال الحريري، يملكون ورقة إبتزاز للشيخ نصرالله". وهذا ما يمكن أن يفسّر أنه طوال فترة الحرب الأخيرة مع إسرائيل، أبدى زعيم حزب الله حذراً كبيراً إزاء السوريين، حسب مصدر مطّلع في جهاز الأمن اللبناني. ويعتقد هذا المصدر أن إبتعاد حزب الله عن حليفه السوري يمكن أن يكون خطراً جداً على الحزب بعد الآن".
لكن العلاقات بين الحريري وحزب الله لم تكن متينة في أي وقت، فما هي مصلحة حزب الله في اغتياله؟ يجيب المصدر القريب من سعد الحريري أن " رفيق الحريري، الثري السنّي، كان بحكم مكانته ونفوذه يزعج مخططات حزب الله في لبنان، وكذلك مطامح إيران الساعية إلى تعزيز نفوذ حلفائها الشيعة في لبنان". هل تورّطت إيران في عملية الإغتيال؟ ما هي الصلات التي تربط الشخص الجاري البحث عنه بالباسداران؟ يبحث المحققون عن إجابات على هذه الأسئلة. وفي الظرف الراهن، يمكن أن يكون الكشف عن أي معلومات خطراً جداً. خصوصاً أنها يمكن أن تزيد حدة التوتّر الطائفي بين الشيعة والسنة في لبنان".