المنتقد
May 5th, 2010, 02:26
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,
"بعض مناقب الصحابة رضى الله عنهم اجمعين "
التواضع
ترامى الى سمع أبو عبيدة بن الجراح أحاديث الناس في الشام عنه ، وانبهارهم بأمير الأمراء ، فجمعهم وخطب فيهم قائلا :( يا أيها الناس ، اني مسلم من قريش ، وما منكم من أحد أحمر ولا أسود ، يفضلني بتقوى الا وددت أني في اهابه !!) ,,,وعندما زار أمير المؤمنين عمر الشام سأل عن أخيه ، فقالوا له :( من ؟) ,,قال :( أبوعبيدة بن الجراح ),,وأتى أبوعبيدة وعانقه أمير المؤمنين ثم صحبه الى داره ، فلم يجد فيها من الأثاث شيئا ، الا سيفه وترسه ورحله ، فسأله عمر وهو يبتسم :( ألا اتخذت لنفسك مثلما يصنع الناس ؟) ,,فأجاب أبوعبيدة :( يا أمير المؤمنين ، هذا يبلغني المقيل )
الزهد
وعن جُندب بن عبد الله البجلي قال : أتيت المدينة ابتغاء العلم ، فدخلت مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذا الناس فيه حَلَقٌ يتحدّثون ، فجعلت أمضي الحَلَقَ حتى أتيتُ حلقةً فيها رجل شاحبٌ عليه ثوبان كأنّما قـدم من سفر ,,فسمعته يقول :( هلك أصحاب العُقدة ورب الكعبة ، ولا آسى عليهم ) ,,أحسبه قال مراراً ,,فجلست إليه فتحدّث بما قُضيَ له ثم قام ، فسألت عنه بعدما قام قلت :( من هذا ؟) ,,قالوا :( هذا سيد المسلمين أبي بن كعب ) ,فتبعته حتى أتى منزله ، فإذا هو رثُّ المنزل رثُّ الهيئة ، فإذا هو رجل زاهد منقطعٌ يشبه أمره بعضه بعضاً,,,
لقد كان سعيد بن عامر صاحب عطاء وراتب كبير بحكم عمله و وظيفته ، ولكنه كان يأخذ ما يكفيه وزوجه ويوزع الباقي على البيوت الفقيرة ، وقد قيل له :( توسع بهذا الفائض على أهلك وأصهارك ) فأجاب :( ولماذا أهلي وأصهاري ؟ ,,لا والله ما أنا ببائع رضا الله بقرابة ) ما كان يجيب سائله :( ما أنا بالمتخلف عن الرعيل الأول ، بعد أن سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول :( يجمع الله عز وجل الناس للحساب ,,فيجيء فقراء المؤمنين يزفون كما تزف الحمام ,,فيقال لهم : قفوا للحساب ,,فيقولون : ما كان لنا شيء نحاسب عليه ,,فيقول الله : صدق عبادي ,,فيدخلون الجنة قبل الناس )...
هم سلمان الفارسي -رضي الله عنه- ببناء بيتا فسأل البناء :( كيف ستبنيه ؟) ,,وكان البناء ذكيا يعرف زهد سلمان وورعه فأجاب قائلا :( لا تخف ، إنها بناية تستظل بها من الحر ، وتسكن فيها من البرد ، إذا وقفت فيها أصابت رأسك ، وإذا اضطجعت فيها أصابت رجلك ) ,,فقال سلمان رضى الله عنه :( نعم ، هكذا فاصنع )...
جاءت هدية لعبدالله بن عمر من أحد إخوانه القادمين من خُراسان حُلة ناعمة أنيقة وقال له :( لقد جئتك بهذا الثوب من خراسان ، وإنه لتقر عيناي إذ أراك تنزع عنك ثيابك الخشنة هذه ، وترتدي هذا الثـوب الجميل ) ,,,قال له ابـن عمر :( أرِنيـه إذن ) ,,,ثم لمسه وقال :( أحرير هذا ؟) ,,,قال صاحبه :( لا ، إنه قطن ) ,,,وتملاه عبد الله قليـلا ، ثم دفعه بيمينه وهو يقول :( لا إني أخاف على نفسي ، أخاف أن يجعلني مختالا فخورا ، والله لا يحب كل مختال فخور )...
وأهداه يوما صديق وعا مملوءاً ، وسأله ابن عمر :( ما هذا ؟) ,,,قال :( هذا دواء عظيم جئتك به من العراق ),,,,قال ابن عمر :( وماذا يُطَبِّب هذا الدواء ؟) ,,,قال :( يهضم الطعام ) ,,,فابتسم ابن عمر وقال لصاحبه :( يهضم الطعام ؟,,إني لم أشبع من طعام قط منذ أربعين عاما ) ,,,لقد كان عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما- خائفا من أن يقال له يوم القيامة :( أَذْهَبتم طيّباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها ),,,,كما كان يقول عن نفسه :( ما وضعت لَبِنَة على لَبِنَة ولا غرست نخلة منذ توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) ,,ويقول ميمون بن مهران :( دخلت على ابن عمر ، فقوّمت كل شيء في بيتـه من فراش ولحاف وبساط ، ومن كل شـيء فيه ، فما وجدتـه يساوي مائة درهم )...
الدعوة المجابة
عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال : قال عمر بن الخطاب :( اخرجوا بنا إلى أرض قومنا ) ,,,قال : فخرجنا فكنت أنا وأبي بن كعب في مؤخَّر الناس ، فهاجت سحابة ، فقال أبيُّ :( اللهم اصرف عنّا أذاها ) ,,فلحقناهم وقد ابتلّت رحالهم ، فقال عمر :( أمَا أصابكم الذي أصابنا ؟) ,,,قلت :( إن أبا المنذر دعا الله عزّ وجلّ أن يصرف عنّا أذاها ) ,,,فقال عمر :( ألا دعوتُمْ لنا معكم ؟!)...
كان سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-إذا رمى عدوا أصابه وإذا دعا الله دعاء أجابه ، وكان الصحابة يردون ذلك لدعوة الرسول -صلى الله عليه وسلم- له :( اللهم سدد رميته ، وأجب دعوته ) ,,,ويروى أنه رأى رجلا يسب طلحة وعليا والزبير فنهاه فلم ينته فقال له :( إذن أدعو عليك ) ,,,فقال الرجل :( أراك تتهددني كأنك نبي !) ,,,فانصرف سعد وتوضأ وصلى ركعتين ثم رفع يديه قائلا :( اللهم إن كنت تعلم أن هذا الرجل قد سب أقواما سبقت لهم منك الحسنى ، وأنه قد أسخطك سبه إياهم ، فاجعله آية وعبرة ),,فلم يمض غير وقت قصير حتى خرجت من إحدى الدور ناقة نادّة لا يردها شيء ، حتى دخلت في زحام الناس ثم اقتحمت الرجل فأخذته بين قوائمها ، ومازالت تتخبطه حتى مات...
كان سعيد بن زيد-رضي الله عنه- مُجاب الدعوة ، وقصته مشهورة مع أروى بنت أوس ، فقد شكته الى مروان بن الحكم ، وادَّعت عليه أنّه غصب شيئاً من دارها ، فقال :( اللهم إن كانت كاذبة فاعْمِ بصرها ، واقتلها في دارها ) ,,فعميت ثم تردّت في بئر دارها ، فكانت منيّتُها..
كان عُقبة بن نافع مُجاب الدعوة فلمّا وجّه إلى افريقية عام ( 50 هـ ) ، غازياً في عشرة آلاف من المسلمين ، فافتتحها واختطّ قيروانها ، وقد كان موضعه بستاناً واسعاً ، لا ترام من السباع والحيات وغير ذلك من الدّواب ، فدعا الله عليها ، فلم يبقَ فيها شيء مما كان فيها إلا خرج هارباً بإذن الله ، فقد وقف و قال :( يا أهل الوادي ، إنّا حالون -إن شاء الله- فاظعنوا ) ,,ثلاث مرات ، قيل :( فما رأينا حجراً ولا شجراً ، إلا يخرج من تحته دابّة حتى هبطن بطنَ الوادي ) ,,,ثم قال للناس :( انزلوا باسم الله ) ,,,فأسلم خلق كبير من البربر ,,,
السخاء والجود
لقد سميت أم المؤمنين زينب بنت جحش -رضي الله عنها- بأم المساكين ومفزع اليتامى وملجأ الأرامل ، وقد اكتسبت تلك المكانة بكثرة سخائها وعظيم جودها ، وقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لنسائه :( أسْرعكُنّ لحاقاً بي أطوَلَكُنّ يداً ) تقول السيدة عائشة :( كنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نمدُّ أيدينا في الجدار نتطاول ، فلم نَزَل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش ، ولم تكن بأطولنا ، فعرفنا حينئذٍ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما أراد طولَ اليدِ بالصدقة ، وكانت زينب امرأةً صناعَ اليد ، فكانت تَدْبَغُ وتخرزُ وتتصدق به في سبيل الله تعالى )وبعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان عطاؤها اثني عشر ألفاً ، لم تأخذه إلا عاماً واحداً ، فجعلت تقول :( اللهم لا يدركني هذا المالُ من قابل ، فإنه فتنة ) ,,ثم قسّمته في أهل رَحِمِها وفي أهل الحاجة ، فبلغ عمر فقال :( هذه امرأة يُرادُ بها خيراً ) ,,,فوقف عليها وأرسل بالسلام ، وقال :( بلغني ما فرّقت ، فأرسل بألف درهم تستبقيها) فسلكت به ذلك المسلك,,,
كان سعد بن عبادة مشهوراً بالجود والكرم هو وأبوه وجدّه وولدُهُ ، وكان لهم أطُمٌ -بيت مربع مسطح- يُنادَى عليه كل يوم :( من أحبَّ الشّحْمَ واللحْمَ فليأتِ أطمَ دُليم بن حارثة )
كان سلمة بن الأكوع -رضي اللـه عنه-على جـوده المفيض أكثر ما يكون جـوداً إذا سئل بوجه الله ، ولقد عرف الناس منه ذلك ، فإذا أرادوا أن يظفـروا منه بشيء قالوا :( نسألك بوجه الله ) ,,,وكان يقول :( من لم يعط بوجه الله فبم يعط ؟)
لقد كان سلمان الفارسي-رضي الله عنه- في كبره شيخا مهيبا ، يضفر الخوص ويجدله ، ويصنع منه أوعية ومكاتل ، ولقد كان عطاؤه وفيرا ,,,بين أربعة آلاف و ستة آلاف في العام ، بيد أنه كان يوزعه كله ويرفض أن ينال منه درهما ، ويقول :( أشتري خوصا بدرهم ، فأعمله ثم أبيعه بثلاثة دراهم ، فأعيد درهما فيه ، و أنفق درهما على عيالي ، وأتصدق بالثالث ، ولو أن عمر بن الخطاب نهاني عن ذلك ما انتهيت )..
كان صفوان بن أمية-رضي الله عنه- أحد المطعمين ، وكان يُقال له :( سِداد البطحاء )
وكان طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه- من أثرى المسلمين ، وثروته كانت في خدمة الدين ، فكلما أخرج منها الكثير ، أعاده الله اليه مضاعفا ، تقول زوجته سعدى بنت عوف :( دخلت على طلحة يوما فرأيته مهموما ، فسألته : ما شأنك ؟,,,فقال : المال الذي عندي ، قد كثر حتى أهمني وأكربني ,,و قلت له : ما عليك ، اقسمه ,,,فقام ودعا الناس ، وأخذ يقسمه عليهم حتى ما بقي منه درهما ) ,,,وفي احدى الأيام باع أرضا له بثمن عال ، فلما رأى المال أمامه فاضت عيناه من الدمع وقال :( ان رجلا تبيـت هذه الأموال في بيته لا يـدري مايطرق من أمر ، لمغـرور بالله ) ,,,فدعا بعض أصحابه وحملوا المال معه ومضى في الشوارع يوزعها حتى أسحر وما عنده منها درهما ,,وكان -رضي الله عنه- من أكثر الناس برا بأهله وأقاربه ، وكان يعولهم جميعا ، لقد قيل :( كان لا يدع أحدا من بني تيم عائلا الا كفاه مئونته ، ومئونة عياله ),,( وكان يزوج أياماهم ، ويخدم عائلهم ، ويقضي دين غارمهم ) ,,,ويقول السائب بن زيد :( صحبت طلحة بن عبيد الله في السفر و الحضر فما وجدت أحدا ، أعم سخاء على الدرهم ، والثوب ، والطعام من طلحة )...
كان عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- من ذوي الدخول الرغيدة الحسنة ، إذ كان تاجراً أميناً ناجحاً ، وكان راتبه من بيت مال المسلمين وفيرا ، ولكنه لم يدخر هذا العطاء لنفسه قط ، إنما كان يرسله على الفقراء والمساكين والسائلين ، فقد رآه ( أيوب بن وائل الراسبي ) وقد جاءه أربعة آلاف درهم وقطيفة ، وفي اليوم التالي رآه في السوق يشتري لراحلته علفاً ديناً ، فذهب أيوب بن وائل الى أهل بيت عبد الله وسألهم ، فأخبروه :( إنه لم يبت بالأمس حتى فرقها جميعا ، ثم أخذ القطيفة وألقاها على ظهره و خرج ، ثم عاد وليست معه ، فسألناه عنها فقال إنه وهبها لفقير ) ,,,فخرج ابن وائل يضرب كفا بكف ، حتى أتـى السوق وصاح بالناس :( يا معشر التجار ، ما تصنعون بالدنيا ، وهذا ابن عمر تأتيه آلاف الدراهم فيوزعها ، ثم يصبح فيستـدين علفاً لراحلته ! ما كان عبـد الله بن عمـر يلوم أبناءه حين يولمـون للأغنياء ولا يأتون معهم بالفقـراء ويقول لهم :( تَدْعون الشِّباع وتَدَعون الجياع )
هذه بعض مناقبهم رضى الله عنهم اجمعين ...والسلام عليكــم ورحمـة الله وبركاته ،،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,
"بعض مناقب الصحابة رضى الله عنهم اجمعين "
التواضع
ترامى الى سمع أبو عبيدة بن الجراح أحاديث الناس في الشام عنه ، وانبهارهم بأمير الأمراء ، فجمعهم وخطب فيهم قائلا :( يا أيها الناس ، اني مسلم من قريش ، وما منكم من أحد أحمر ولا أسود ، يفضلني بتقوى الا وددت أني في اهابه !!) ,,,وعندما زار أمير المؤمنين عمر الشام سأل عن أخيه ، فقالوا له :( من ؟) ,,قال :( أبوعبيدة بن الجراح ),,وأتى أبوعبيدة وعانقه أمير المؤمنين ثم صحبه الى داره ، فلم يجد فيها من الأثاث شيئا ، الا سيفه وترسه ورحله ، فسأله عمر وهو يبتسم :( ألا اتخذت لنفسك مثلما يصنع الناس ؟) ,,فأجاب أبوعبيدة :( يا أمير المؤمنين ، هذا يبلغني المقيل )
الزهد
وعن جُندب بن عبد الله البجلي قال : أتيت المدينة ابتغاء العلم ، فدخلت مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذا الناس فيه حَلَقٌ يتحدّثون ، فجعلت أمضي الحَلَقَ حتى أتيتُ حلقةً فيها رجل شاحبٌ عليه ثوبان كأنّما قـدم من سفر ,,فسمعته يقول :( هلك أصحاب العُقدة ورب الكعبة ، ولا آسى عليهم ) ,,أحسبه قال مراراً ,,فجلست إليه فتحدّث بما قُضيَ له ثم قام ، فسألت عنه بعدما قام قلت :( من هذا ؟) ,,قالوا :( هذا سيد المسلمين أبي بن كعب ) ,فتبعته حتى أتى منزله ، فإذا هو رثُّ المنزل رثُّ الهيئة ، فإذا هو رجل زاهد منقطعٌ يشبه أمره بعضه بعضاً,,,
لقد كان سعيد بن عامر صاحب عطاء وراتب كبير بحكم عمله و وظيفته ، ولكنه كان يأخذ ما يكفيه وزوجه ويوزع الباقي على البيوت الفقيرة ، وقد قيل له :( توسع بهذا الفائض على أهلك وأصهارك ) فأجاب :( ولماذا أهلي وأصهاري ؟ ,,لا والله ما أنا ببائع رضا الله بقرابة ) ما كان يجيب سائله :( ما أنا بالمتخلف عن الرعيل الأول ، بعد أن سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول :( يجمع الله عز وجل الناس للحساب ,,فيجيء فقراء المؤمنين يزفون كما تزف الحمام ,,فيقال لهم : قفوا للحساب ,,فيقولون : ما كان لنا شيء نحاسب عليه ,,فيقول الله : صدق عبادي ,,فيدخلون الجنة قبل الناس )...
هم سلمان الفارسي -رضي الله عنه- ببناء بيتا فسأل البناء :( كيف ستبنيه ؟) ,,وكان البناء ذكيا يعرف زهد سلمان وورعه فأجاب قائلا :( لا تخف ، إنها بناية تستظل بها من الحر ، وتسكن فيها من البرد ، إذا وقفت فيها أصابت رأسك ، وإذا اضطجعت فيها أصابت رجلك ) ,,فقال سلمان رضى الله عنه :( نعم ، هكذا فاصنع )...
جاءت هدية لعبدالله بن عمر من أحد إخوانه القادمين من خُراسان حُلة ناعمة أنيقة وقال له :( لقد جئتك بهذا الثوب من خراسان ، وإنه لتقر عيناي إذ أراك تنزع عنك ثيابك الخشنة هذه ، وترتدي هذا الثـوب الجميل ) ,,,قال له ابـن عمر :( أرِنيـه إذن ) ,,,ثم لمسه وقال :( أحرير هذا ؟) ,,,قال صاحبه :( لا ، إنه قطن ) ,,,وتملاه عبد الله قليـلا ، ثم دفعه بيمينه وهو يقول :( لا إني أخاف على نفسي ، أخاف أن يجعلني مختالا فخورا ، والله لا يحب كل مختال فخور )...
وأهداه يوما صديق وعا مملوءاً ، وسأله ابن عمر :( ما هذا ؟) ,,,قال :( هذا دواء عظيم جئتك به من العراق ),,,,قال ابن عمر :( وماذا يُطَبِّب هذا الدواء ؟) ,,,قال :( يهضم الطعام ) ,,,فابتسم ابن عمر وقال لصاحبه :( يهضم الطعام ؟,,إني لم أشبع من طعام قط منذ أربعين عاما ) ,,,لقد كان عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما- خائفا من أن يقال له يوم القيامة :( أَذْهَبتم طيّباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها ),,,,كما كان يقول عن نفسه :( ما وضعت لَبِنَة على لَبِنَة ولا غرست نخلة منذ توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) ,,ويقول ميمون بن مهران :( دخلت على ابن عمر ، فقوّمت كل شيء في بيتـه من فراش ولحاف وبساط ، ومن كل شـيء فيه ، فما وجدتـه يساوي مائة درهم )...
الدعوة المجابة
عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال : قال عمر بن الخطاب :( اخرجوا بنا إلى أرض قومنا ) ,,,قال : فخرجنا فكنت أنا وأبي بن كعب في مؤخَّر الناس ، فهاجت سحابة ، فقال أبيُّ :( اللهم اصرف عنّا أذاها ) ,,فلحقناهم وقد ابتلّت رحالهم ، فقال عمر :( أمَا أصابكم الذي أصابنا ؟) ,,,قلت :( إن أبا المنذر دعا الله عزّ وجلّ أن يصرف عنّا أذاها ) ,,,فقال عمر :( ألا دعوتُمْ لنا معكم ؟!)...
كان سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-إذا رمى عدوا أصابه وإذا دعا الله دعاء أجابه ، وكان الصحابة يردون ذلك لدعوة الرسول -صلى الله عليه وسلم- له :( اللهم سدد رميته ، وأجب دعوته ) ,,,ويروى أنه رأى رجلا يسب طلحة وعليا والزبير فنهاه فلم ينته فقال له :( إذن أدعو عليك ) ,,,فقال الرجل :( أراك تتهددني كأنك نبي !) ,,,فانصرف سعد وتوضأ وصلى ركعتين ثم رفع يديه قائلا :( اللهم إن كنت تعلم أن هذا الرجل قد سب أقواما سبقت لهم منك الحسنى ، وأنه قد أسخطك سبه إياهم ، فاجعله آية وعبرة ),,فلم يمض غير وقت قصير حتى خرجت من إحدى الدور ناقة نادّة لا يردها شيء ، حتى دخلت في زحام الناس ثم اقتحمت الرجل فأخذته بين قوائمها ، ومازالت تتخبطه حتى مات...
كان سعيد بن زيد-رضي الله عنه- مُجاب الدعوة ، وقصته مشهورة مع أروى بنت أوس ، فقد شكته الى مروان بن الحكم ، وادَّعت عليه أنّه غصب شيئاً من دارها ، فقال :( اللهم إن كانت كاذبة فاعْمِ بصرها ، واقتلها في دارها ) ,,فعميت ثم تردّت في بئر دارها ، فكانت منيّتُها..
كان عُقبة بن نافع مُجاب الدعوة فلمّا وجّه إلى افريقية عام ( 50 هـ ) ، غازياً في عشرة آلاف من المسلمين ، فافتتحها واختطّ قيروانها ، وقد كان موضعه بستاناً واسعاً ، لا ترام من السباع والحيات وغير ذلك من الدّواب ، فدعا الله عليها ، فلم يبقَ فيها شيء مما كان فيها إلا خرج هارباً بإذن الله ، فقد وقف و قال :( يا أهل الوادي ، إنّا حالون -إن شاء الله- فاظعنوا ) ,,ثلاث مرات ، قيل :( فما رأينا حجراً ولا شجراً ، إلا يخرج من تحته دابّة حتى هبطن بطنَ الوادي ) ,,,ثم قال للناس :( انزلوا باسم الله ) ,,,فأسلم خلق كبير من البربر ,,,
السخاء والجود
لقد سميت أم المؤمنين زينب بنت جحش -رضي الله عنها- بأم المساكين ومفزع اليتامى وملجأ الأرامل ، وقد اكتسبت تلك المكانة بكثرة سخائها وعظيم جودها ، وقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لنسائه :( أسْرعكُنّ لحاقاً بي أطوَلَكُنّ يداً ) تقول السيدة عائشة :( كنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نمدُّ أيدينا في الجدار نتطاول ، فلم نَزَل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش ، ولم تكن بأطولنا ، فعرفنا حينئذٍ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما أراد طولَ اليدِ بالصدقة ، وكانت زينب امرأةً صناعَ اليد ، فكانت تَدْبَغُ وتخرزُ وتتصدق به في سبيل الله تعالى )وبعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان عطاؤها اثني عشر ألفاً ، لم تأخذه إلا عاماً واحداً ، فجعلت تقول :( اللهم لا يدركني هذا المالُ من قابل ، فإنه فتنة ) ,,ثم قسّمته في أهل رَحِمِها وفي أهل الحاجة ، فبلغ عمر فقال :( هذه امرأة يُرادُ بها خيراً ) ,,,فوقف عليها وأرسل بالسلام ، وقال :( بلغني ما فرّقت ، فأرسل بألف درهم تستبقيها) فسلكت به ذلك المسلك,,,
كان سعد بن عبادة مشهوراً بالجود والكرم هو وأبوه وجدّه وولدُهُ ، وكان لهم أطُمٌ -بيت مربع مسطح- يُنادَى عليه كل يوم :( من أحبَّ الشّحْمَ واللحْمَ فليأتِ أطمَ دُليم بن حارثة )
كان سلمة بن الأكوع -رضي اللـه عنه-على جـوده المفيض أكثر ما يكون جـوداً إذا سئل بوجه الله ، ولقد عرف الناس منه ذلك ، فإذا أرادوا أن يظفـروا منه بشيء قالوا :( نسألك بوجه الله ) ,,,وكان يقول :( من لم يعط بوجه الله فبم يعط ؟)
لقد كان سلمان الفارسي-رضي الله عنه- في كبره شيخا مهيبا ، يضفر الخوص ويجدله ، ويصنع منه أوعية ومكاتل ، ولقد كان عطاؤه وفيرا ,,,بين أربعة آلاف و ستة آلاف في العام ، بيد أنه كان يوزعه كله ويرفض أن ينال منه درهما ، ويقول :( أشتري خوصا بدرهم ، فأعمله ثم أبيعه بثلاثة دراهم ، فأعيد درهما فيه ، و أنفق درهما على عيالي ، وأتصدق بالثالث ، ولو أن عمر بن الخطاب نهاني عن ذلك ما انتهيت )..
كان صفوان بن أمية-رضي الله عنه- أحد المطعمين ، وكان يُقال له :( سِداد البطحاء )
وكان طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه- من أثرى المسلمين ، وثروته كانت في خدمة الدين ، فكلما أخرج منها الكثير ، أعاده الله اليه مضاعفا ، تقول زوجته سعدى بنت عوف :( دخلت على طلحة يوما فرأيته مهموما ، فسألته : ما شأنك ؟,,,فقال : المال الذي عندي ، قد كثر حتى أهمني وأكربني ,,و قلت له : ما عليك ، اقسمه ,,,فقام ودعا الناس ، وأخذ يقسمه عليهم حتى ما بقي منه درهما ) ,,,وفي احدى الأيام باع أرضا له بثمن عال ، فلما رأى المال أمامه فاضت عيناه من الدمع وقال :( ان رجلا تبيـت هذه الأموال في بيته لا يـدري مايطرق من أمر ، لمغـرور بالله ) ,,,فدعا بعض أصحابه وحملوا المال معه ومضى في الشوارع يوزعها حتى أسحر وما عنده منها درهما ,,وكان -رضي الله عنه- من أكثر الناس برا بأهله وأقاربه ، وكان يعولهم جميعا ، لقد قيل :( كان لا يدع أحدا من بني تيم عائلا الا كفاه مئونته ، ومئونة عياله ),,( وكان يزوج أياماهم ، ويخدم عائلهم ، ويقضي دين غارمهم ) ,,,ويقول السائب بن زيد :( صحبت طلحة بن عبيد الله في السفر و الحضر فما وجدت أحدا ، أعم سخاء على الدرهم ، والثوب ، والطعام من طلحة )...
كان عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- من ذوي الدخول الرغيدة الحسنة ، إذ كان تاجراً أميناً ناجحاً ، وكان راتبه من بيت مال المسلمين وفيرا ، ولكنه لم يدخر هذا العطاء لنفسه قط ، إنما كان يرسله على الفقراء والمساكين والسائلين ، فقد رآه ( أيوب بن وائل الراسبي ) وقد جاءه أربعة آلاف درهم وقطيفة ، وفي اليوم التالي رآه في السوق يشتري لراحلته علفاً ديناً ، فذهب أيوب بن وائل الى أهل بيت عبد الله وسألهم ، فأخبروه :( إنه لم يبت بالأمس حتى فرقها جميعا ، ثم أخذ القطيفة وألقاها على ظهره و خرج ، ثم عاد وليست معه ، فسألناه عنها فقال إنه وهبها لفقير ) ,,,فخرج ابن وائل يضرب كفا بكف ، حتى أتـى السوق وصاح بالناس :( يا معشر التجار ، ما تصنعون بالدنيا ، وهذا ابن عمر تأتيه آلاف الدراهم فيوزعها ، ثم يصبح فيستـدين علفاً لراحلته ! ما كان عبـد الله بن عمـر يلوم أبناءه حين يولمـون للأغنياء ولا يأتون معهم بالفقـراء ويقول لهم :( تَدْعون الشِّباع وتَدَعون الجياع )
هذه بعض مناقبهم رضى الله عنهم اجمعين ...والسلام عليكــم ورحمـة الله وبركاته ،،