المنتقد
April 13th, 2010, 04:16
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,
هل تتم مقايضة المستوطنات بضـربــة عسكـريــة لإيــــران ؟
ماذا تنتظر الولايات المتحدة وإسرائيل لضرب إيران، فالوضع أصبح خارج السيطرة؟ ولكن الواضح فى التحليل الأميركى أن إدارة أوباما مشغولة بملفاتها الداخلية، مثل الرعاية الصحية، وأن أوباما وفريقه ينتظران ملفات اقتصادية حساسة مثل إصلاح قطاع البنوك، مما لا يترك لهم الوقت للالتزام بقضايا الشرق الأوسط، فى الوقت الذى لا يولى الأميركى العادى اهتماماً مماثلاً لقضايا خارجية .
ومن ناحية ثانية، يقول مصدر غربى إنه بالمقارنة مع السنة الماضية، التى كانت إيران خلالها تعزز قوتها وتحقق إنجازات كبيرة وتقوم بعمليات سرية ناجحة فى كل الساحات، فإن الولايات المتحدة تعتبر أن القاعدة الإيرانية صارت الآن ضعيفة، وانهارت النماذج الأخلاقية التى كانت تعتمد عليها لتصدير ثورتها، ولم تعد طهران قادرة على الادعاء بأنها ديمقراطية وسط جوار عربى ديكتاتورى. ولكن هذا التحليل ربما لا يكفى لتكوين قناعة فى الإدارة الأميركية وإسرائيل والدول العربية، بأن إيران لم تعد تمثل تهديداً للاستقرار فى المنطقة خلال السنوات المقبلة .
ولكن شبكة المقاومة أى إيران وسورية و(حزب الله) و(حماس) فى المنطقة، التى صنفتها الولايات المتحدة، وفى غياب استراتيجية أميركية واضحة فى هذه المرحلة، لم تتأثر استراتيجيتها بالضعف الإيرانى، وحققت تقدماً رغم الصعوبات. ويعتبر كثير من المراقبين، أنه عندما أطلق نتنياهو تصريحاته حول الاستيطان، وأطلق مشروعاً للاستيطان فى القدس المحتلة، بالتزامن مع زيارة بايدن لإسرائيل، بل أعلن أمام المؤتمر السنوى لـ (إيباك) وقبيل اجتماعه مع أوباما فى البيت الأبيض أن (القدس ليست مستوطنة بل عاصمة إسرائيل) ، فى تحدٍ سافر لموقف واشنطن من الاستيطان، فإن أوباما كان قد وصل إلى مستوى خطير من الضعف فى سياسته الشرق أوسطية .
ومع ذلك، فإن تصريحات نتنياهو، منحت من جديد صوتاً للولايات المتحدة، وأصبح ديفيد بترايوس مرة ثانية، هو الذى يذكر الإسرائيليين بأن أميركا هى التى تقف معهم، وعلى إسرائيل ألا تنسى ذلك. وبطريقة مباشرة أوصل بترايوس للإسرائيليين رسالة بأن عليهم ألا يورطوا أميركا فى جبهة ثالثة بعد العراق وأفغانستان، هى الجبهة الإيرانية .
ويقول مصدر غربى إنه إذا أرادت إسرائيل أن تقدم على أى عمل عسكرى، فيجب أن تكون قادرة على إنهائه، وألا تتورط فى أى عمل من غير تخطيط. ويضيف المصدر أن البنتاغون شعر بالقلق بعد توتر العلاقات الأميركية - الإسرائيلية، رغم التطمينات المتبادلة بمتانتها وبأنها فوق أى خلاف، ولذلك فقد ذكرت أوساط البنتاغون إسرائيل، بأن الولايات المتحدة هى القادرة على (تنفيذ) التهديدات الإيرانية، وأنها هى التى أطاحت بصدام حسين، بعدما قصف إسرائيل بصواريخ -سكود- وهدد أمنها، كما تقول أوساط البنتاعون إن إسرائيل كانت ولا تزال تحصل على 3 مليارات دولار سنوياً من أميركا كمساعدات عسكرية للدفاع عن نفسها، كما أن واشنطن هى التى منعت استكمال تقرير جولدستون، ولذلك فإن على تل أبيب أن تقدّر هذه النقاط، ونقاطاً كثيرة أخرى، وكان عليها أن تجمد قضية المستوطنات ولا تتحدى الولايات المتحدة فيها، وألا تنسى أن أميركا هى الراعى لعملية السلام فى المنطقة. ويقول المصدر الغربى إنه ليس صدفة أن أوساط بترايوس هى التى أوصلت الرسالة إلى الإسرائيليين، فجزء من خطة السلام تقتضى بإرسال قوات فصل من (الناتو) إلى الضفة الغربية ستشارك أميركا فيها، وتحت قيادة أميركية. بل إنه فى عهد الرئيس السابق جورج بوش، وضعت خطة لنشر قوات أميركية حول المدن الفلسطينية الرئيسية كجزء من الحل النهائى ولمساعدة السلطة الفلسطينية على فرض الأمن .
ولكن أصبح واضحاً الآن أن كل هذا الجذب والتحدى الإسرائيلى فى قضية المستوطنات، وفى الوقت الذى يترقب الكل فيه صفقات محتملة، يتلخص فى أن تطلب إسرائيل حلاً جذرياً للخطر الإيرانى، مقابل التقدم فى عملية السلام، وبما فى ذلك تجميد موقف للاستيطان. غير أن هناك مراقبين يطرحون عكس هذه النظرية، ويقولون إنه عندما نرى عودة عملية السلام إلى الساحة، فعلينا أن ننتظر حرباً كبرى فى منطقة الشرق الأوسط .
فإسرائيل ترى أن الوضع الأميركى الراهن فى المنطقة يجعلها قادرة على تحقيق مكاسب دون أن يمنعها أحد، فبالنتيجة السياسة الأميركية فى المنطقة مبنية على توازنات، منها التوازن العربى - الإسرائيلى والعراقى - الإيرانى، والهندى - الباكستانى. وبما أن التوازن العراقى - الإيرانى لم يعد موجوداً بينما يعانى التوازن الهندى - الباكستانى من صعوبات، فإن إسرائيل ترى أن أميركا بحاجة إليها، ولذلك فهى بالتالى قادرة على اقتناص مكاسب أكثر من الدور المسموح لها به، وفى الوقت نفسه فإن إسرائيل تعرف أن أى خطر عليها أو أى إضعاف لها سيؤدى إلى خسارة كبيرة للوزن الغربى فى الشرق الأوسط، الأمر الذى لا يمكن أن تقبل الولايات المتحدة به، وبذلك، وبشكل عام، فإن واشنطن صارت ترى مخاطر كبرى فى الشرق الأوسط، وأن التغييرات والفوضى الحقيقية، يمكن أن تقود المنطقة فى أى اتجاه .
والسؤال الحقيقى الذى كان محور الحوار بين نتنياهو وأوباما: هل تريد إسرائيل مساندة أميركية فى ضرب إيران، لأنها غير قادرة على تحمل ردود الفعل الإيرانية، وحتى إذا كانت الأنظمة المضادة للصواريخ فعالة حتى نسبة 99%، فإنه إذا وجهت إيران 500 صاروخ إلى أهداف إسرائيلية، فإن خمسة صواريخ على الأقل ستسقط على إسرائيل، وهى غير قادرة على تحمل ذلك بدون ضمان بمشاركة أميركية. فهل هى تريد فعلاً هذه المساندة وتستخدم المستوطنات فى القدس الشرقية لجر الولايات المتحدة إلى هذا المخطط، أم أنها لا تريد هذه المواجهة وترى أنها قادرة على الحفاظ على التوازن معها، بينما ترغب فى الحقيقة بتوسعة المستوطنات وتستخدم الورقة الإيرانية للابتزاز، وتقوم لاستكمال هذه الخطة بتوريط أميركا وإشغالها وتوريط العالم العربى وإيران فى هموم أخرى. فحتى اليوم، فإن إيران التى تحتفل بيوم القدس، لم تقم بأى تحرك ضد الاستيطان الراهن فى القدس .
والملفت للانتباه أنه فى صراع الحلفاء، فإن إسرائيل هى التى تخرج منتصرة دائماً، ولكن مع تمرير قانون الرعاية الصحية الذى يؤمنها لـ 30 مليون مواطن أميركى، قد يضعف تأثير اللوبى الإسرائيلى فى الولايات المتحدة ويغير من المعادلة، وحسب مصدر غربى فإن الولايات المتحدة قادرة على تبديل جزء من الدور الإسرائيلى بدعم حليف إقليمى كبير فى المنطقة، وهنا يتركز الخيار بين دولتين كبيرتين فى المنطقة .
وبينما لم تعلن حتى الآن استراتيجية أميركية واضحة إزاء الملف الإيرانى، بل إن الولايات المتحدة تنازلت لسورية وغضت الطرف عن بعض التجاوزات لتحقيق تقدم فى العلاقات معها، ووجه أوباما رسالة سلام وتعاون إلى إيران رفضها خامنئى علناً، فإن الدور الأميركى تتآكل قوته وهيبته، سواء فى إيران أو إسرائيل، مما يشجع إيران وسورية ومن يقف فى خلفيتهما على التقدم وإعادة ترتيب التحالفات المسماة حالياً بـ -شبكة المقاومة- فى المنطقة، مما يثبت أنه على الولايات المتحدة أن توازن نفوذها مع هذا الخط الجديد الذى يمسك بكل المبادرات ويحرّك كل الملفات، من إيران إلى سورية إلى العراق إلى -حماس- إلى -حزب الله- .
وفى هذا الإطار تحدث مصدر غربى عن لقاءات تمت على الحدود الباكستانية - الإيرانية بين ممثلين لخامنئى قد يكون بينهم ابن خامنئى نفسه ومبعوثين من أوباما مباشرة، حيث دار الحديث حول وضع معين جديد. ولكن، حسب مصادر غربية، فإن الصفقة الكبرى والتفاهم مع إيران شبه مستحيل، لأنه يعنى تسليم المنطقة بالكامل لإيران. كما أنه فى هذه الظروف لا يتوقع أن يكون للعقوبات أى تأثير .
وفى الوقت نفسه، فالمعلومات صارت تشير إلى أن العملية العسكرية تحتاج إلى ما بين 14 و21 يوماً، وستؤخر المشروع الإيرانى 5 سنوات، فى الوقت الذى صار واضحاً فيه أن إيران حصلت على مخطط تفصيلى لقنبلة نووية صينية مبسطة. ولذلك يقول المصدر الغربى إن الخطة التى قد تختارها أميركا الآن بدلاً من الحرب، هى فى اتجاه عمليات سرية واسعة لتعطيل وتأخير التقدم فى المشروع النووى الإيرانى. وتشير بعض التقارير الأوروبية إلى أن قطع الطريق أمام المشروع النووى الإيرانى صار أمراً واقعاً. فصحيح أن أجهزة الطرد المركزى الإيرانية قد ازدادت عدداً، إلا أن إنتاج اليورانيوم المخصب ظل على نفس المستوى رغم زيادة عدد الأجهزة، وهذا يعنى أن المشروع يعانى من مشاكل تقنية، خاصة أن أحد المصادر كشف عن أنه فى الوضع الحالى السائد فى إيران، فإنه صار من السهل شراء ولاء الناس من بين العاملين فى الوسط النووى الإيرانى، كما صار سهلاً الوصول إلى المعلومات. ولا يستبعد المصدر الغربى أن تقع عملية كوماندوس كبرى لتخريب الأجزاء الأساسية فى المشروع النووى الإيرانى، من غير الإعلان عن مسؤولية ذلك، وبدون أن تعترف إيران بحدوث عملية، ليجرى تصوير الأمر على أنه حادث طبيعى، مما يؤدى إلى تخريب المشروع وفى الوقت نفسه، الحفاظ على ماء وجه النظام الإيرانى .
فالتجاذبات تضاعف من مخاطر الانفجار، رغم محاولات عدم الدخول فى حرب ثالثة فى هذه المنطقة، ولكن يرى كثير من الناس أن هذا المصير هو لإحداث حسم أوسع فى التوازن بين القوى، لمعرفة أين تقع القوى فعلاً، هل ما زالت فى الغرب، أم انتقلت إلى الشرق ؟
وعندما سأل مصدرا غربيا مقربا من البنتاغون، قال: إنه بعيدًا عن مطالب إسرائيل وبعيدًا عن المخاوف الموجودة، فإن أوساط البنتاغون مقتنعة بأن أية ضربة لإيران لن تكون حربًا جديدة، بل معركة فى سياق حروب متواصلة، من حرب إيران على العراق وحرب إيران على إسرائيل، إضافة إلى تدخلات فى مناطق أخرى. وتضيف المصادر أن أميركا بدأت بالفعل تستعد لاستعادة التفوق الأميركى على مستوى الشرق الأوسط وعلى مستوى آسيا الوسطى . فحشدت قوات ومعدات وتجهيزات عسكرية قرب المنطقة، وخاصة فى جزيرة دييغوغارسيا بالمحيط الهندى.
وهدف هذا التحرك استراتيجى وليس مرتبطًا بظروف طارئة، وهو أن تظل أميركا هى (الحصان الأقوى) .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,
هل تتم مقايضة المستوطنات بضـربــة عسكـريــة لإيــــران ؟
ماذا تنتظر الولايات المتحدة وإسرائيل لضرب إيران، فالوضع أصبح خارج السيطرة؟ ولكن الواضح فى التحليل الأميركى أن إدارة أوباما مشغولة بملفاتها الداخلية، مثل الرعاية الصحية، وأن أوباما وفريقه ينتظران ملفات اقتصادية حساسة مثل إصلاح قطاع البنوك، مما لا يترك لهم الوقت للالتزام بقضايا الشرق الأوسط، فى الوقت الذى لا يولى الأميركى العادى اهتماماً مماثلاً لقضايا خارجية .
ومن ناحية ثانية، يقول مصدر غربى إنه بالمقارنة مع السنة الماضية، التى كانت إيران خلالها تعزز قوتها وتحقق إنجازات كبيرة وتقوم بعمليات سرية ناجحة فى كل الساحات، فإن الولايات المتحدة تعتبر أن القاعدة الإيرانية صارت الآن ضعيفة، وانهارت النماذج الأخلاقية التى كانت تعتمد عليها لتصدير ثورتها، ولم تعد طهران قادرة على الادعاء بأنها ديمقراطية وسط جوار عربى ديكتاتورى. ولكن هذا التحليل ربما لا يكفى لتكوين قناعة فى الإدارة الأميركية وإسرائيل والدول العربية، بأن إيران لم تعد تمثل تهديداً للاستقرار فى المنطقة خلال السنوات المقبلة .
ولكن شبكة المقاومة أى إيران وسورية و(حزب الله) و(حماس) فى المنطقة، التى صنفتها الولايات المتحدة، وفى غياب استراتيجية أميركية واضحة فى هذه المرحلة، لم تتأثر استراتيجيتها بالضعف الإيرانى، وحققت تقدماً رغم الصعوبات. ويعتبر كثير من المراقبين، أنه عندما أطلق نتنياهو تصريحاته حول الاستيطان، وأطلق مشروعاً للاستيطان فى القدس المحتلة، بالتزامن مع زيارة بايدن لإسرائيل، بل أعلن أمام المؤتمر السنوى لـ (إيباك) وقبيل اجتماعه مع أوباما فى البيت الأبيض أن (القدس ليست مستوطنة بل عاصمة إسرائيل) ، فى تحدٍ سافر لموقف واشنطن من الاستيطان، فإن أوباما كان قد وصل إلى مستوى خطير من الضعف فى سياسته الشرق أوسطية .
ومع ذلك، فإن تصريحات نتنياهو، منحت من جديد صوتاً للولايات المتحدة، وأصبح ديفيد بترايوس مرة ثانية، هو الذى يذكر الإسرائيليين بأن أميركا هى التى تقف معهم، وعلى إسرائيل ألا تنسى ذلك. وبطريقة مباشرة أوصل بترايوس للإسرائيليين رسالة بأن عليهم ألا يورطوا أميركا فى جبهة ثالثة بعد العراق وأفغانستان، هى الجبهة الإيرانية .
ويقول مصدر غربى إنه إذا أرادت إسرائيل أن تقدم على أى عمل عسكرى، فيجب أن تكون قادرة على إنهائه، وألا تتورط فى أى عمل من غير تخطيط. ويضيف المصدر أن البنتاغون شعر بالقلق بعد توتر العلاقات الأميركية - الإسرائيلية، رغم التطمينات المتبادلة بمتانتها وبأنها فوق أى خلاف، ولذلك فقد ذكرت أوساط البنتاغون إسرائيل، بأن الولايات المتحدة هى القادرة على (تنفيذ) التهديدات الإيرانية، وأنها هى التى أطاحت بصدام حسين، بعدما قصف إسرائيل بصواريخ -سكود- وهدد أمنها، كما تقول أوساط البنتاعون إن إسرائيل كانت ولا تزال تحصل على 3 مليارات دولار سنوياً من أميركا كمساعدات عسكرية للدفاع عن نفسها، كما أن واشنطن هى التى منعت استكمال تقرير جولدستون، ولذلك فإن على تل أبيب أن تقدّر هذه النقاط، ونقاطاً كثيرة أخرى، وكان عليها أن تجمد قضية المستوطنات ولا تتحدى الولايات المتحدة فيها، وألا تنسى أن أميركا هى الراعى لعملية السلام فى المنطقة. ويقول المصدر الغربى إنه ليس صدفة أن أوساط بترايوس هى التى أوصلت الرسالة إلى الإسرائيليين، فجزء من خطة السلام تقتضى بإرسال قوات فصل من (الناتو) إلى الضفة الغربية ستشارك أميركا فيها، وتحت قيادة أميركية. بل إنه فى عهد الرئيس السابق جورج بوش، وضعت خطة لنشر قوات أميركية حول المدن الفلسطينية الرئيسية كجزء من الحل النهائى ولمساعدة السلطة الفلسطينية على فرض الأمن .
ولكن أصبح واضحاً الآن أن كل هذا الجذب والتحدى الإسرائيلى فى قضية المستوطنات، وفى الوقت الذى يترقب الكل فيه صفقات محتملة، يتلخص فى أن تطلب إسرائيل حلاً جذرياً للخطر الإيرانى، مقابل التقدم فى عملية السلام، وبما فى ذلك تجميد موقف للاستيطان. غير أن هناك مراقبين يطرحون عكس هذه النظرية، ويقولون إنه عندما نرى عودة عملية السلام إلى الساحة، فعلينا أن ننتظر حرباً كبرى فى منطقة الشرق الأوسط .
فإسرائيل ترى أن الوضع الأميركى الراهن فى المنطقة يجعلها قادرة على تحقيق مكاسب دون أن يمنعها أحد، فبالنتيجة السياسة الأميركية فى المنطقة مبنية على توازنات، منها التوازن العربى - الإسرائيلى والعراقى - الإيرانى، والهندى - الباكستانى. وبما أن التوازن العراقى - الإيرانى لم يعد موجوداً بينما يعانى التوازن الهندى - الباكستانى من صعوبات، فإن إسرائيل ترى أن أميركا بحاجة إليها، ولذلك فهى بالتالى قادرة على اقتناص مكاسب أكثر من الدور المسموح لها به، وفى الوقت نفسه فإن إسرائيل تعرف أن أى خطر عليها أو أى إضعاف لها سيؤدى إلى خسارة كبيرة للوزن الغربى فى الشرق الأوسط، الأمر الذى لا يمكن أن تقبل الولايات المتحدة به، وبذلك، وبشكل عام، فإن واشنطن صارت ترى مخاطر كبرى فى الشرق الأوسط، وأن التغييرات والفوضى الحقيقية، يمكن أن تقود المنطقة فى أى اتجاه .
والسؤال الحقيقى الذى كان محور الحوار بين نتنياهو وأوباما: هل تريد إسرائيل مساندة أميركية فى ضرب إيران، لأنها غير قادرة على تحمل ردود الفعل الإيرانية، وحتى إذا كانت الأنظمة المضادة للصواريخ فعالة حتى نسبة 99%، فإنه إذا وجهت إيران 500 صاروخ إلى أهداف إسرائيلية، فإن خمسة صواريخ على الأقل ستسقط على إسرائيل، وهى غير قادرة على تحمل ذلك بدون ضمان بمشاركة أميركية. فهل هى تريد فعلاً هذه المساندة وتستخدم المستوطنات فى القدس الشرقية لجر الولايات المتحدة إلى هذا المخطط، أم أنها لا تريد هذه المواجهة وترى أنها قادرة على الحفاظ على التوازن معها، بينما ترغب فى الحقيقة بتوسعة المستوطنات وتستخدم الورقة الإيرانية للابتزاز، وتقوم لاستكمال هذه الخطة بتوريط أميركا وإشغالها وتوريط العالم العربى وإيران فى هموم أخرى. فحتى اليوم، فإن إيران التى تحتفل بيوم القدس، لم تقم بأى تحرك ضد الاستيطان الراهن فى القدس .
والملفت للانتباه أنه فى صراع الحلفاء، فإن إسرائيل هى التى تخرج منتصرة دائماً، ولكن مع تمرير قانون الرعاية الصحية الذى يؤمنها لـ 30 مليون مواطن أميركى، قد يضعف تأثير اللوبى الإسرائيلى فى الولايات المتحدة ويغير من المعادلة، وحسب مصدر غربى فإن الولايات المتحدة قادرة على تبديل جزء من الدور الإسرائيلى بدعم حليف إقليمى كبير فى المنطقة، وهنا يتركز الخيار بين دولتين كبيرتين فى المنطقة .
وبينما لم تعلن حتى الآن استراتيجية أميركية واضحة إزاء الملف الإيرانى، بل إن الولايات المتحدة تنازلت لسورية وغضت الطرف عن بعض التجاوزات لتحقيق تقدم فى العلاقات معها، ووجه أوباما رسالة سلام وتعاون إلى إيران رفضها خامنئى علناً، فإن الدور الأميركى تتآكل قوته وهيبته، سواء فى إيران أو إسرائيل، مما يشجع إيران وسورية ومن يقف فى خلفيتهما على التقدم وإعادة ترتيب التحالفات المسماة حالياً بـ -شبكة المقاومة- فى المنطقة، مما يثبت أنه على الولايات المتحدة أن توازن نفوذها مع هذا الخط الجديد الذى يمسك بكل المبادرات ويحرّك كل الملفات، من إيران إلى سورية إلى العراق إلى -حماس- إلى -حزب الله- .
وفى هذا الإطار تحدث مصدر غربى عن لقاءات تمت على الحدود الباكستانية - الإيرانية بين ممثلين لخامنئى قد يكون بينهم ابن خامنئى نفسه ومبعوثين من أوباما مباشرة، حيث دار الحديث حول وضع معين جديد. ولكن، حسب مصادر غربية، فإن الصفقة الكبرى والتفاهم مع إيران شبه مستحيل، لأنه يعنى تسليم المنطقة بالكامل لإيران. كما أنه فى هذه الظروف لا يتوقع أن يكون للعقوبات أى تأثير .
وفى الوقت نفسه، فالمعلومات صارت تشير إلى أن العملية العسكرية تحتاج إلى ما بين 14 و21 يوماً، وستؤخر المشروع الإيرانى 5 سنوات، فى الوقت الذى صار واضحاً فيه أن إيران حصلت على مخطط تفصيلى لقنبلة نووية صينية مبسطة. ولذلك يقول المصدر الغربى إن الخطة التى قد تختارها أميركا الآن بدلاً من الحرب، هى فى اتجاه عمليات سرية واسعة لتعطيل وتأخير التقدم فى المشروع النووى الإيرانى. وتشير بعض التقارير الأوروبية إلى أن قطع الطريق أمام المشروع النووى الإيرانى صار أمراً واقعاً. فصحيح أن أجهزة الطرد المركزى الإيرانية قد ازدادت عدداً، إلا أن إنتاج اليورانيوم المخصب ظل على نفس المستوى رغم زيادة عدد الأجهزة، وهذا يعنى أن المشروع يعانى من مشاكل تقنية، خاصة أن أحد المصادر كشف عن أنه فى الوضع الحالى السائد فى إيران، فإنه صار من السهل شراء ولاء الناس من بين العاملين فى الوسط النووى الإيرانى، كما صار سهلاً الوصول إلى المعلومات. ولا يستبعد المصدر الغربى أن تقع عملية كوماندوس كبرى لتخريب الأجزاء الأساسية فى المشروع النووى الإيرانى، من غير الإعلان عن مسؤولية ذلك، وبدون أن تعترف إيران بحدوث عملية، ليجرى تصوير الأمر على أنه حادث طبيعى، مما يؤدى إلى تخريب المشروع وفى الوقت نفسه، الحفاظ على ماء وجه النظام الإيرانى .
فالتجاذبات تضاعف من مخاطر الانفجار، رغم محاولات عدم الدخول فى حرب ثالثة فى هذه المنطقة، ولكن يرى كثير من الناس أن هذا المصير هو لإحداث حسم أوسع فى التوازن بين القوى، لمعرفة أين تقع القوى فعلاً، هل ما زالت فى الغرب، أم انتقلت إلى الشرق ؟
وعندما سأل مصدرا غربيا مقربا من البنتاغون، قال: إنه بعيدًا عن مطالب إسرائيل وبعيدًا عن المخاوف الموجودة، فإن أوساط البنتاغون مقتنعة بأن أية ضربة لإيران لن تكون حربًا جديدة، بل معركة فى سياق حروب متواصلة، من حرب إيران على العراق وحرب إيران على إسرائيل، إضافة إلى تدخلات فى مناطق أخرى. وتضيف المصادر أن أميركا بدأت بالفعل تستعد لاستعادة التفوق الأميركى على مستوى الشرق الأوسط وعلى مستوى آسيا الوسطى . فحشدت قوات ومعدات وتجهيزات عسكرية قرب المنطقة، وخاصة فى جزيرة دييغوغارسيا بالمحيط الهندى.
وهدف هذا التحرك استراتيجى وليس مرتبطًا بظروف طارئة، وهو أن تظل أميركا هى (الحصان الأقوى) .