عصوومه الاموره
December 1st, 2009, 14:41
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
هي رملـة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف وُلِدَت قبل البعثة بسبعـة عشر عاماً ، أسلمت قديماً وهاجرت الى الحبشة مع عبيد الله بن جحش ، تُكنّى أم حبيبة ، تزوّجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي في الحبشة ، وقدمت عليه سنة سبع...
الهجرة والمحنة
لمّا اشتد الأذى من المشركين على الصحابة في مكة، وأذن الرسول -صلى الله عليه وسلم- للمستضعفين بالهجرة بدينهم الى الحبشة، هاجرت أم حبيبة مع زوجها عُبيد الله بن جحش معَ من هاجر من الصحابة إلى الحبشة، لقد تحمّلت أم حبيبة أذى قومها، وهجر أهلها، والغربة عن وطنها وديارها من أجل دينها وإسلامها...
وبعد أن استقرت في الحبشة جاءتها محنة أشد وأقوى، فقد ارتـد زوجها عن الإسـلام وتنصّر، تقول أم حبيبـة -رضي الله عنها-: (رأيت في المنام كأن زوجي عُبيد الله بن جحش بأسود صورة ففزعت، فأصبحت فإذا به قد تنصّر، فأخبرته بالمنام فلم يحفل به، وأكبّ على الخمر حتى مات...
الزواج المبارك
فأتاني آت في نومي فقال: (يا أم المؤمنين)... ففزعت، فما هو إلا أن انقضتْ عدّتي، فما شعرت إلا برسول النجاشي يستأذن، فإذا هي جارية يُقال لها أبرهة، فقالت: (إن الملك يقولُ لك: وكّلي مَنْ يُزوِّجك)... فأرسلت إلى خالـد بن سعيـد بن العـاص بن أمية فوكّلته، فأعطيتُ أبرهة سِوارين من فضّة...
فلمّا كان العشيّ أمرَ النجاشي جعفـر بن أبي طالـب ومَنْ هناك من المسلميـن فحضروا، فخطب النجاشي فحمد اللـه تعالى وأثنى عليه وتشهـد ثم قال: (أما بعد، فإن رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- كتب إليّ أن أزوّجه أم حبيبة، فأجبت وقد أصدقتُها عنه أربعمائة دينار)... ثم سكب الدنانير.
ثم خطب خالـد بن سعيـد فقال: (قد أجبتُ إلى ما دعا إليه رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- وزوّجته أم حبيبة)... وقبض الدنانير، وعمل لهم النجاشي طعاماً فأكلوا...
تقول أم حبيبة -رضي الله عنها-: (فلمّا وصل إليّ المال، أعطيتُ أبرهة منه خمسين ديناراً، فردتّها عليّ وقالت: (إن الملك عزم عليّ بذلك)... وردّت عليّ ما كنتُ أعطيتُها أوّلاً... ثم جاءتني من الغَد بعودٍ ووَرْسٍ وعنبر، وزبادٍ كثير -أي طيب كثير-، فقدمتُ به معي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-...
ولمّا بلغ أبا سفيان أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نكح ابنته قال: (هو الفحلُ لا يُجْدَعُ أنفُهُ)... أي إنه الكُفء الكريم الذي لا يُعاب ولا يُردّ...
عودة المهاجرة
لقد كانت عـودة المهاجـرة (أم حبيبة) عقب فتح النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- خيبر، عادت مع جعفر بن أبي طالب ومن معه من المهاجرين الى الحبشة، وقد سُرَّ الرسـول -صلى الله عليه وسلـم- أيّما سرور لمجـيء هؤلاء الصحابـة بعد غياب طويل، ومعهم الزوجة الصابرة الطاهرة... وقد قال الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم-: (والله ما أدري بأيّهما أفرحُ؟ بفتح خيبر؟ أم بقدوم جعفر)...
الزفاف المبارك
وما أن وصلت أم حبيبة -رضي الله عنها- الى المدينة، حتى استقبلها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالسرور والبهجة، وأنزلها إحدى حجراته بجوار زوجاته الأخريات، واحتفلت نساء المدينة بدخول أم حبيبة بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهن يحملن لها إليها التحيات والتبريكات، وقد أولم خالها عثمان بن عفان وليمة حافلة، نحر فيها الذبائح وأطعم الناس اللحم...
واستقبلت أمهات المؤمنين هذه الشريكة الكريمة بالإكرام والترحاب، ومن بينهن العروس الجديدة (صفية) التي لم يمض على عرسها سوى أيام معدودات، وقد أبدت السيدة عائشة استعدادا لقبول الزوجة الجديدة التي لم تُثر فيها حفيظة الغيرة حين رأتها وقد قاربت سن الأربعين، وعاشت أم حبيبة بجوار صواحبها الضرائر مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- بكل أمان وسعادة...
أبو سفيان في بيت أم حبيبة
لقد حضر أبو سفيان (والد أم حبيبة) المدينة يطلب من الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يمد في أجل الهدنة التي تمّ المصالحة عليها في الحديبية، فيأبى عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا الطلب، فأراد أبو سفيان أن يستعين على تحقيق مراده بابنته (زوجة الرسول -صلى الله عليه وسلم-) فدخل دار أم حبيبة، وفوجئت به يدخل بيتها، ولم تكن قد رأته منذ هاجرت الى الحبشة، فلاقته بالحيرة لا تدري أتردُّه لكونه مشركاً؟ أم تستقبله لكونه أباهـا؟...
وأدرك أبو سفيان ما تعانيـه ابنته، فأعفاها من أن تأذن له بالجلـوس، وتقدّم من تلقاء نفسه ليجلس على فراش الرسـول -صلى الله عليه وسلم-، فما راعه إلا وابنته تجذب الفراش لئلا يجلس عليه، فسألها بدهشة فقال: (يا بُنيّة ! أرغبتِ بهذا الفراش عني؟ أم بي عنه؟)... فقالت أم حبيبة: (بلْ هو فراشُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنت امرءٌ نجسٌ مشركٌ)... فقال: (يا بُنيّة، لقد أصابك بعدي شرٌّ)... ويخرج من بيتها خائب الرجاء...
إسلام أبو سفيان
وبعد فتح مكة أسلم أبو سفيان، وأكرمه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال: (من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، من أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن)... ووصل هذا الحدث المبارك الى أم المؤمنين (أم حبيبة) ففرحت بذلك فرحاً شديداً، وشكرت الله تعالى أن حقَّق لها أمنيتها ورجاءَها في إسلام أبيها وقومها...
وفاتها
وقبل وفاتها -رضي الله عنها- أرسلت في طلب السيدة عائشة وقالت: (قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر، فتحلَّليني من ذلك)... فحلّلتها واستغفرت لها، فقالت: (سررتني سرّك الله)... وأرسلت بمثل ذلك إلى باقي الضرائر... وتوفيت أم حبيبة -رضي الله عنها- سنة أربع وأربعين من الهجرة، ودفنت بالبقيع...
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
هي رملـة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف وُلِدَت قبل البعثة بسبعـة عشر عاماً ، أسلمت قديماً وهاجرت الى الحبشة مع عبيد الله بن جحش ، تُكنّى أم حبيبة ، تزوّجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي في الحبشة ، وقدمت عليه سنة سبع...
الهجرة والمحنة
لمّا اشتد الأذى من المشركين على الصحابة في مكة، وأذن الرسول -صلى الله عليه وسلم- للمستضعفين بالهجرة بدينهم الى الحبشة، هاجرت أم حبيبة مع زوجها عُبيد الله بن جحش معَ من هاجر من الصحابة إلى الحبشة، لقد تحمّلت أم حبيبة أذى قومها، وهجر أهلها، والغربة عن وطنها وديارها من أجل دينها وإسلامها...
وبعد أن استقرت في الحبشة جاءتها محنة أشد وأقوى، فقد ارتـد زوجها عن الإسـلام وتنصّر، تقول أم حبيبـة -رضي الله عنها-: (رأيت في المنام كأن زوجي عُبيد الله بن جحش بأسود صورة ففزعت، فأصبحت فإذا به قد تنصّر، فأخبرته بالمنام فلم يحفل به، وأكبّ على الخمر حتى مات...
الزواج المبارك
فأتاني آت في نومي فقال: (يا أم المؤمنين)... ففزعت، فما هو إلا أن انقضتْ عدّتي، فما شعرت إلا برسول النجاشي يستأذن، فإذا هي جارية يُقال لها أبرهة، فقالت: (إن الملك يقولُ لك: وكّلي مَنْ يُزوِّجك)... فأرسلت إلى خالـد بن سعيـد بن العـاص بن أمية فوكّلته، فأعطيتُ أبرهة سِوارين من فضّة...
فلمّا كان العشيّ أمرَ النجاشي جعفـر بن أبي طالـب ومَنْ هناك من المسلميـن فحضروا، فخطب النجاشي فحمد اللـه تعالى وأثنى عليه وتشهـد ثم قال: (أما بعد، فإن رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- كتب إليّ أن أزوّجه أم حبيبة، فأجبت وقد أصدقتُها عنه أربعمائة دينار)... ثم سكب الدنانير.
ثم خطب خالـد بن سعيـد فقال: (قد أجبتُ إلى ما دعا إليه رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- وزوّجته أم حبيبة)... وقبض الدنانير، وعمل لهم النجاشي طعاماً فأكلوا...
تقول أم حبيبة -رضي الله عنها-: (فلمّا وصل إليّ المال، أعطيتُ أبرهة منه خمسين ديناراً، فردتّها عليّ وقالت: (إن الملك عزم عليّ بذلك)... وردّت عليّ ما كنتُ أعطيتُها أوّلاً... ثم جاءتني من الغَد بعودٍ ووَرْسٍ وعنبر، وزبادٍ كثير -أي طيب كثير-، فقدمتُ به معي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-...
ولمّا بلغ أبا سفيان أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نكح ابنته قال: (هو الفحلُ لا يُجْدَعُ أنفُهُ)... أي إنه الكُفء الكريم الذي لا يُعاب ولا يُردّ...
عودة المهاجرة
لقد كانت عـودة المهاجـرة (أم حبيبة) عقب فتح النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- خيبر، عادت مع جعفر بن أبي طالب ومن معه من المهاجرين الى الحبشة، وقد سُرَّ الرسـول -صلى الله عليه وسلـم- أيّما سرور لمجـيء هؤلاء الصحابـة بعد غياب طويل، ومعهم الزوجة الصابرة الطاهرة... وقد قال الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم-: (والله ما أدري بأيّهما أفرحُ؟ بفتح خيبر؟ أم بقدوم جعفر)...
الزفاف المبارك
وما أن وصلت أم حبيبة -رضي الله عنها- الى المدينة، حتى استقبلها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالسرور والبهجة، وأنزلها إحدى حجراته بجوار زوجاته الأخريات، واحتفلت نساء المدينة بدخول أم حبيبة بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهن يحملن لها إليها التحيات والتبريكات، وقد أولم خالها عثمان بن عفان وليمة حافلة، نحر فيها الذبائح وأطعم الناس اللحم...
واستقبلت أمهات المؤمنين هذه الشريكة الكريمة بالإكرام والترحاب، ومن بينهن العروس الجديدة (صفية) التي لم يمض على عرسها سوى أيام معدودات، وقد أبدت السيدة عائشة استعدادا لقبول الزوجة الجديدة التي لم تُثر فيها حفيظة الغيرة حين رأتها وقد قاربت سن الأربعين، وعاشت أم حبيبة بجوار صواحبها الضرائر مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- بكل أمان وسعادة...
أبو سفيان في بيت أم حبيبة
لقد حضر أبو سفيان (والد أم حبيبة) المدينة يطلب من الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يمد في أجل الهدنة التي تمّ المصالحة عليها في الحديبية، فيأبى عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا الطلب، فأراد أبو سفيان أن يستعين على تحقيق مراده بابنته (زوجة الرسول -صلى الله عليه وسلم-) فدخل دار أم حبيبة، وفوجئت به يدخل بيتها، ولم تكن قد رأته منذ هاجرت الى الحبشة، فلاقته بالحيرة لا تدري أتردُّه لكونه مشركاً؟ أم تستقبله لكونه أباهـا؟...
وأدرك أبو سفيان ما تعانيـه ابنته، فأعفاها من أن تأذن له بالجلـوس، وتقدّم من تلقاء نفسه ليجلس على فراش الرسـول -صلى الله عليه وسلم-، فما راعه إلا وابنته تجذب الفراش لئلا يجلس عليه، فسألها بدهشة فقال: (يا بُنيّة ! أرغبتِ بهذا الفراش عني؟ أم بي عنه؟)... فقالت أم حبيبة: (بلْ هو فراشُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنت امرءٌ نجسٌ مشركٌ)... فقال: (يا بُنيّة، لقد أصابك بعدي شرٌّ)... ويخرج من بيتها خائب الرجاء...
إسلام أبو سفيان
وبعد فتح مكة أسلم أبو سفيان، وأكرمه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال: (من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، من أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن)... ووصل هذا الحدث المبارك الى أم المؤمنين (أم حبيبة) ففرحت بذلك فرحاً شديداً، وشكرت الله تعالى أن حقَّق لها أمنيتها ورجاءَها في إسلام أبيها وقومها...
وفاتها
وقبل وفاتها -رضي الله عنها- أرسلت في طلب السيدة عائشة وقالت: (قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر، فتحلَّليني من ذلك)... فحلّلتها واستغفرت لها، فقالت: (سررتني سرّك الله)... وأرسلت بمثل ذلك إلى باقي الضرائر... وتوفيت أم حبيبة -رضي الله عنها- سنة أربع وأربعين من الهجرة، ودفنت بالبقيع...