ضمير هبة الرحمن
June 9th, 2016, 23:46
تونس - عبد المجيد الشرفي (الشروق) : قليلا ما يتحدّث الدكتور عبد المجيد الشُرفي لكنُ احاديثه القليلة تكون عادة مجالا لإثارة عدد من القضايا الهامًة المتُصلة بقضايا الاسلام والحداثة ومرجعيات الاسلام السياسي.
http://medias.radioculturelle.tn/wp-content/uploads/2014/10/Beit_al_Hikma_Tunis11.jpg
في هذا الحوار يتحدث الشُرفي عن تحديث الفكر الاسلامي وإشكالية تحول الاحزاب ذات المرجعيات الدينية إلى احزاب مدنية وهي القضية التي تشغل الشارع العربي اليوم.
الحركات الاسلامية لم تنتج مفكّرا واحدا بعد سيد قطب
إصلاح التعليم يبدا بالتكوين المتين للمربين
الجامعة التونسية خسرت كفاءاتها ونصف اساتذتها خارج التصنيف الاكاديمي
الدعوة مفهوم شيعي اسماعيلي يتناقض مع المبادئ الاسلامية
لست معنيا بتجديد الفكر الاسلامي بل بتحديثه
آفاق مجمع بيت الحكمة وتحديث الاسلام وإصلاح التعليم ومدنية حركات الاسلام السياسي ابرز النقاط والمحاور التي تطرق إليها الدكتور عبد المجيد الشرفي في هذا الحوار.
ان يكون باحث عاش دائما بعيدا عن المناصب الرسمية متفرغا للبحث والكتابة مثلك على رأس مؤسسة بيت الحكمة لابد ان تكون هناك معطيات دفعتك للقبول بهذا المنصب. لماذا وافقت على رئاسة بيت الحكمة؟
صحيح انني لم اتحمل مسؤوليات إدارية منذ ثمانينات القرن الماضي، ولم اكن اتوقع ان اعود إلى هذه المسؤوليات، ولكني قبلت هذا المنصب اولا لان عديد الزملاء في المجمع دفعوني الى الترشح للانتخابات، وقبلت كذلك رئاسة المجمع نظرا إلى ان اي مثقف لا يمكن له ان ينزوي وان يبتعد عن المسؤوليات إذا كان يقدر انه يمكن ان يفيد في تلك المسؤولية. هذا ما دفعني إلى قبول هذه المهمة.
http://www.alchourouk.com/images/images_articles_2015/668_334_1465349812.jpg
دكتور عبدالمجيد ، المجمع مر بعديد المراحل خلال الثلاثين عاما من تأسيسه، اليوم اكيد انكم تتطلعون لدور اكبر لمؤسسة بيت الحكمة ما هو تصوركم لتطوير عمل المجمع؟
التصور موجود بالخصوص منذ صدور الامر التنظيمي للمجمع بعد الثورة، وقد اشتغل المجمع في نطاق اقسامه الخمسة. وما اقترحته على المجلس العلمي في دورته الاخيرة وقبله هو العمل على ان يكون اعضاء المجمع في مختلف اختصاصاتهم مساهمين في مشروع مشترك من شانه ان يهم المجمعيين وغير المجمعيين، وهو إصدار موسوعة تونسية مفتوحة. ولن تكون هذه الموسوعة ورقية بل ستكون على الأنترانت وسيشارك فيها المجمعيون. لكن اية كفاءة في أي مجال من المجالات يمكن ان يساهم في تأثيث هذه الموسوعة، ودور اعضاء المجمع ليس الرقابة على ما ينشر ولكن ضمان المستوى العلمي لما يعرض على النشر فيها. وهذا المشروع يتطلب إعدادا ماديا ليس هينا لان قواعد نشر الموسوعات في الإنترانت تقتضي تمكين القارئ من روابط داخلية تسمح له بان يدخل إلى فصول اخرى. فلابد من ان يتوفر عند الإنجاز محرك بحث خاص، ونحن بصدد الإعداد المادي لهذه الموسوعة، ونأمل ان ينطلق هذا المشروع هذه السنة، وسيتواصل بقطع النظر عن من سيكون مسؤولا عن المجمع او اعضاء المجلس العلمي.
انت من ابرز الذين اهتموا بالتحديث في علاقة بالإسلام والتراث والنص الديني، بماذا تفسر تراجع مشروع الحداثة العربية وربما سقوطه ؟
هناك عدة عوامل لما يبدو تراجعا، وينبغي ان نتفق على مفهوم او ظاهرة " السقوط "، فربما يكون هذا السقوط ظاهريا اكثر مما هو واقعي، لان ما يطفو على السطح ليس بالضرورة دالاّ على ما يعتمل في اعماق المجتمع. وإذا ما كان للمال السياسي الفاسد ولمال النفط تأثير كبير في الوقت الراهن فلا يعني ذلك انه ممثل لما يوجد في ذهنية الشباب وفي ذهنية المثقفين والفاعلين الاجتماعيين. وما نلاحظه ان الكثير من الكفاءات سواء في تونس او في غير تونس الآن لا تجد حظها في نطاق وسائل الاتّصال الحديثة رغم انها موجودة. عندما اسافر والتقي زملاء في المشرق العربي و في المغرب او التقي بهم هنا في تونس فإنني ألاحظ ان هناك طاقات موجودة لكنها لم تجد السبيل الى انتشار افكارها على نطاق واسع، فبقيت محصورة في إطار الجامعات والمؤسسات الاكاديمية. وانا اضرب دائما مثال الثورة التونسية، فقد عيب على المثقفين بانهم كانوا في ابراجهم العاجية (وانا اعتبر بالمناسبة انه لابد من الاكثار من الابراج العاجية لاننا في حاجة إليها، إذ ان البرج بطبيعته مرتفع، وبالتالي فإن من يجلس فيه سيكون بالضرورة مطلعا على تفاصيل المشهد وتعقيداته ولن يكون معنيا بالضرورة بالصراعات اليومية) وانا اقول العكس. فما حصل في الثورة التونسية هو ان الشعارات التي رفعت والقيم التي دافع عنها الذين خرجوا إلى الشوارع وطالبوا بالعدل الاجتماعي والحرية هي نتاج ثقافة ساهمت فيها الجامعة التونسية وساهم في بلورتها المثقفون التونسيون. فلا ننسى ان هذه القيم جديدة على مجتمعاتنا، وكان معظم الناس - وانا عشت هذه الفترة - يؤمنون بالقضاء والقدر ومتواكلين، ولذلك فإنهم لا يطالبون بحقوقهم المشروعة.
دور من هذا في تغيير العقليات إن لم يكن دور المثقفين؟
وطبعا في نطاق الدولة الوطنية. ولهذا فإن اعتبرنا ان هناك سقوطا لهذه التوجهات التقدمية بصفة عامة فلان الفكر المحافظ، ولان القوى التي ليس من مصلحتها التغيير نحو الأفضل هي التي لها إمكانيات لإسماع صوتها اكثر، لا لان التطلع إلى الحرية والمساواة والعدل والكرامة وما إليها من القيم الحديثة قد زال.
إعداد الشبان التونسيين في الجماعات المتطرفة في تزايد، كيف يمكن تفسير هذه الظاهرة هل تعود لتراجع برامج التعليم والثقافة؟
لا شك ان للتعليم مسؤولية گبرى، لكنها ليست مسؤولية التعليم فقط. وعندما نتحدث عن إصلاح التعليم يجب ان نعرف ان الإصلاح لا يمسّ مستوى البرامج فحسب، بل ينبغي ان يشمل التكوين المتين للمعلمين والاساتذة في كل المستويات، من الروضة إلى الجامعة. وإذا ما كان المعلم والاستاذ واعيا بوظيفته وقائما بواجبه كما ينبغي مهما كانت البرامج فإنه سيكون شبابا معتدا بشخصيته وباستقلالية هذه الشخصية. في نهاية الامر، هؤلاء الذين يقعون ضحية التيارات المتطرفة والإرهابية هم مغرَّر بهم في حقيقة الامر، لان شخصيتهم لم تتكون على اساس متين.
مَن يكون الشخصية ليس البرنامج وليست الكتب، على اهميتها، بل الإطار التربوي. النماذج التعليمية والتربوية الناجحة هي التي يكون فيها للمعلم دور اساسي ومحوري. في فنلندا مثلا التي كانت في المرتبة الاولى لمدة دورات متتالية في الترتيب العالمي (PISA) يقبل مترشح على عشرة في مناظرة الدخول إلى وظيفة "المعلم"، ثم المعلم في فنلندا له تكوين بخمس سنوات بعد الباكالوريا، وهو مكون علميا ونفسيا وفلسفيا وتاريخيا، بقطع النظر عن الاختصاص. وإذا ما كنا نريد ان نصلح تعليمنا فينبغي ان نبدأ من الاهتمام بتكوين المعلمين والاساتذة وتوفير الظروف المادية والمعنوية لقيامهم بوظيفتهم التكوينية على احسن وجه. نحن اليوم في الجامعة التونسية محتاجون إلى جيل جديد من الجامعيين الذين هم في مستوى زملائهم في الجامعات الاجنبية الراقية، لكننا من سوء الحظ فرطنا في الكثير من الكفاءات التونسية حين احلناها على التقاعد في سن الستين والخامسة والستين، وهذا محل استغراب من الاجانب، يقولون لنا: كيف يمكن لكم ان تستغنوا عن كفاءاتكم وانتم شعب مازال محتاجا إليها؟ في الولايات المتحدة الامريكية مثلا، الجامعي لا يتقاعد إلا برغبة منه او إذا ما اصبح عاجزا عن القيام بمهمته، بينما نحن نحيل هؤلاء القادرين على تأطير الشباب على التقاعد في سن الستين والخامسة والستين. واكثر من ذلك، نسمح لكفاءاتنا بدون اية اعتبارات اخرى سوى مادية بان يهاجروا الى الجامعات الاجنبية في إطار سياسة الإلحاق والتعاون الفني، وقد احدث لنا هذا الامر فجوة كبيرة في تكوين الاساتذة الجامعيين، بالإضافة الى ان نصف الذين يدرسون في الجامعة اليوم لا ينتمون إلى اي صنف من اصناف رجال التعليم العالي، بل هم متعاقدون وملحقون وعرَضيون واساتذة ثانوي، الخ.
عندما قلت إنِه ينبغي الاهتمام بالإطار التربوي من الروضة إلى الجامعة فلاننا فعلا في حاجة الى هذا التكوين الذي لا يمكن ان يتم بين سنة واخرى، إذ هو عمل طويل النفس ليس اقل من عشر سنوات او خمسة عشرة سنة لتكوين الجيل الجديد. وهذا النمط الجديد من المعلمين والاساتذة الاكفِاء هو القادر على ان يحمي الشباب من التطرُف و من ان يكونوا ضحايا وضع او خيارات لم تكن صائبة – وربما كانت مقصودة - لكنها مرتبطة بفترة الاستبداد والانفراد بالراي.
اهتممت بجماعات الإسلام السياسي وعوائق تحولها إلى احزاب مدنية ، ماهي شروط تحول هذه الجماعات الى احزاب مدنية منخرطة في العمل السياسي السلمي؟
إنني لا اريد ان انتصب وصيّا على هذه الاحزاب ولا على غيرها، لكنني احلٍل المرحلة التي تعيشها بلادنا والمنطقة العربية والإسلامية عموما. اول شيء لابد من مراجعته، وهو ليس سهلا ولا بديهيا هو مسالة الدعويّ. ما معنى الدعوة؟ هذا مفهوم لم يستعمل في التاريخ الاسلامي إلا عند الإسماعيلية، وهي فرقة من الشيعة كانت موجودة في بلادنا وهي التي انشات الدولة الفاطمية في القيروان ثم المهدية ثم في مصر. هذه الفرقة كان لها دعاة، اما عند الشيعية الاثني عشرية او الأمامية وعند الزيدية وعند اهل السنة فمفهوم الدعوة غير موجود، لان الدعوة تعني انك انت الداعي لك معرفة بحقائق ومعارف واسرار ليست موجودة عند عامة المسلمين. ويوجد عند اهل السنة شيء قريب من الدعوة ولكنه مختلف عنه جوهريا ولا يجرؤ الناس اليوم على إعلانه، وهو التفاوت في التكليف، بمعنى ان عامة المؤمنين مكلفون في انفسهم، ينبغي عليهم ان يقوموا بواجباتهم الدينية وان تكون حياتهم مستجيبة لما يقرره الفقهاء، لكن إلى جانب هؤلاء هناك صنف آخر هم المكلفون في انفسهم وفي غيرهم، اي المسؤولون عن العامة، وهم علماء الدين والمؤهلون للإفتاء للآخرين. وهذا يعكس التراتبية التي كانت موجودة في المجتمعات القديمة.
هذا الامر يبدو وكانه قاعدة دينية بديهية لكنُه في الحقيقة يعكس ظرفا اجتماعيا وتاريخيا معيّنا. والآن لا يجرؤ احد - بما ان قيم المساواة والمواطنة والديمقراطية اصبحت تفرض نفسها على ضمائر الناس – على القول بتفاوت التكليف، فيلتجئون إلى الدعوة ويعتبرونها من مهمات الجمعيات والمجتمع المدني. لكن الدعوة هذه معناها العودة بصفة غير واعية إلى ذلك التفاوت في التكليف الذي ترفضه المبادئ الإسلامية الاساسية، هذه المبادئ التي قامت على المساواة المطلقة بين المؤمنين والتي ليس فيها ان هناك من هو مكلف في نفسه وفي غيره ومن هو مكلف في نفسه وحسب، وليس فيها من هو داع ومن هو مدعوّ في نطاق امة المسلمين، وبعبارة اخرى من هو وصيّ على غيره باعتبار ذلك الغير قاصرا.
إذا تمت هذه المراجعة وقتها يمكن التفرغ للعمل السياسي على اسس دقيقة ومصرح بها.
http://www.tunisien.tn/wp-content/uploads/2016/06/cs-300x168.png
من جهة ثانية، هـذه الاحزاب او حركات الإسلام السياسي على اختلاف مشاربها نشأت على اساس ايديولوجيا معيّنة، وهذه الايديولوجيا من القرن العشرين اصبحت اليوم عتيقة، أي ان آخر المنظّرين للأيديولوجيا الإسلامية هو سيد قطب، وانا اتابع ما ينشر ولم ار منظّرين بالمعنى الحقيقي للكلمة برزوا على الساحة الإسلامية بعد سيد قطب، لكنّ سيد قطب عاش في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، وكتب ما كتب في فترة تختلف اختلافا كبيرا جدا عن الاوضاع الراهنة. لهذا السبب فهناك نوع من الفراغ النظري، والفراغ النظري لا تعوضه الشعارات. ما نلاحظه اليوم في كتابات الإسلاميين هو الشعارات، والشعارات ربما تكون صالحة في فترة معيّنة مثل التنافس الانتخابي، لكنها لا تعوض الفكر، والفكر النظري المطلوب لا مناص له من الاعتراف بمسؤولية المسلم والإنسان عموما في تشريع ما يصلح في ظرف معيّن بينما كانت مسؤولية التشريع في الماضي ملقاة على عاتق الفقهاء، وهم يشرعون باسم اللُه ويعتبرون انهم مجرد مستنبطين لأحكام إلهية. حركات الإسلام السياسي تريد اليوم ان ترث دور الفقهاء، والمطروح عليها بكل بوضوح هو التالي: هل تقبل بمسؤولية الانسان في التشريع بحسب ما تقتضيه مصلحته وما يقتضيه الواقع، ام مازالت تعتبر ان هناك احكاما لا تاريخية؟
إذا ما كانت تعتبر ان هناك قوانين ازلية تنظّم المجتمع ولا صلة لها بالتاريخ، في الاسرة (الزواج بأكثر من واحدة، الطلاق بيد الرجل وحده، عدم المساواة في الإرث، الخ) وفي الاقتصاد (المصارف التي تحتال في التعامل بالفائدة، الزكاة بمقاديرها ونظمها التقليدية، الاوقاف، الخ) وفي كل ميدان من ميادين الحياة العامة، فإن ذلك هو الذي يمكننا من ان نقول إنها لم تتطور، بعيدا عن الخطابات الشعبوية، لان هذا هو الاصل.
اشرفت واطُرت عددا كبيرا من الطلبة في الدراسات العليا من الذين اصبحت لهم اسهامات وحضور اليوم في العالم العربي هل نحن اليوم بصدد الاعتزاز بمدرسة تونسية في قراءة التاريخ العربي الاسلامي ومراكمة جهود المصلحين؟
انا احترز من استعمال مصطلح "الإصلاح" لأنني اعتبر ان الوظيفة الاولى للباحث في هذا الميدان هي وظيفة معرفية، أي ان تكون المعرفة التي له بالتاريخ الإسلامي وبالعقائد الإسلامية وبالفقه وبالحديث، الخ . معرفة علمية بمعايير عصرنا، لا ان تكون معرفة قروسطية. هذه هي وظيفة الباحث، ثم على مَن ينتمون إلى المؤسسة الدينية، مِن ائمة ومفتين ووعاظ، ان يكونوا على اطلاع على ما تصل إليه المعرفة الحديثة في هذا المجال.
http://up.harajgulf.com/do.php?img=479965
اما خلط الوظائف فانا شخصيا لا اقبله. ليست وظيفتي إصلاحية، ولا إفسادية طبعا ولا تصحيحية ولا تقويمية. انا اسعى الى ان القي الاضواء على ما هو مغيّب، وعلى ما هو في كثير من الاحيان محرف، والقي الاضواء على ما يقتضيه الضمير الديني الحديث، وهذا هو جوهر التمشي النقدي البناء. وإذ ذاك فالناس احرار في ان يفكروا بأنفسهم. فلست وسيطا ولا وصيّا على احد. والذين اشرفت على رسائلهم وعاشرتهم لمدّة سنوات يعرفون ان هذا هو الهدف الذي ارمي إليه. لهذا فعندما يقال مثلا تجديد الفكر الإسلامي انا اقول إن هذا المصطلح لا معنى له، لان الجديد ليس دائما اصلح من القديم، فهناك في القديم ما هو صالح وسيبقى. انا لا ابحث عن "التجديد" بل عن "التحديث" بمعنى ان يكون التديّن المعاصر مستجيبا لمقتضيات الحضارة الحديثة، الحضارة بجميع مقوّماتها المادية والمعنوية. إذا ما كان المسلم المعاصر لا يعيش في زمنين مختلفين، يعيش من ناحية في زمن اسطوري او زمن قديم ويعيش من ناحية ثانية في زمن يفرض عليه العقلانية والنجاعة ويفرض عليه الإبداع، إذا ما تجاوز هذه الثنائية واستطاع ان يوفق بإرادته هو الخاصة وبمعرفته هو الخاصة بين مقتضيات الإيمان الحر الصادق ومقتضيات العصر وإكراهاته، فنكون نحن الباحثين قد ادينا وظيفتنا على النحو الامثل. ولا ارى شخصيا ان تزيد وظيفة الباحث على ذلك.
http://medias.radioculturelle.tn/wp-content/uploads/2014/10/Beit_al_Hikma_Tunis11.jpg
في هذا الحوار يتحدث الشُرفي عن تحديث الفكر الاسلامي وإشكالية تحول الاحزاب ذات المرجعيات الدينية إلى احزاب مدنية وهي القضية التي تشغل الشارع العربي اليوم.
الحركات الاسلامية لم تنتج مفكّرا واحدا بعد سيد قطب
إصلاح التعليم يبدا بالتكوين المتين للمربين
الجامعة التونسية خسرت كفاءاتها ونصف اساتذتها خارج التصنيف الاكاديمي
الدعوة مفهوم شيعي اسماعيلي يتناقض مع المبادئ الاسلامية
لست معنيا بتجديد الفكر الاسلامي بل بتحديثه
آفاق مجمع بيت الحكمة وتحديث الاسلام وإصلاح التعليم ومدنية حركات الاسلام السياسي ابرز النقاط والمحاور التي تطرق إليها الدكتور عبد المجيد الشرفي في هذا الحوار.
ان يكون باحث عاش دائما بعيدا عن المناصب الرسمية متفرغا للبحث والكتابة مثلك على رأس مؤسسة بيت الحكمة لابد ان تكون هناك معطيات دفعتك للقبول بهذا المنصب. لماذا وافقت على رئاسة بيت الحكمة؟
صحيح انني لم اتحمل مسؤوليات إدارية منذ ثمانينات القرن الماضي، ولم اكن اتوقع ان اعود إلى هذه المسؤوليات، ولكني قبلت هذا المنصب اولا لان عديد الزملاء في المجمع دفعوني الى الترشح للانتخابات، وقبلت كذلك رئاسة المجمع نظرا إلى ان اي مثقف لا يمكن له ان ينزوي وان يبتعد عن المسؤوليات إذا كان يقدر انه يمكن ان يفيد في تلك المسؤولية. هذا ما دفعني إلى قبول هذه المهمة.
http://www.alchourouk.com/images/images_articles_2015/668_334_1465349812.jpg
دكتور عبدالمجيد ، المجمع مر بعديد المراحل خلال الثلاثين عاما من تأسيسه، اليوم اكيد انكم تتطلعون لدور اكبر لمؤسسة بيت الحكمة ما هو تصوركم لتطوير عمل المجمع؟
التصور موجود بالخصوص منذ صدور الامر التنظيمي للمجمع بعد الثورة، وقد اشتغل المجمع في نطاق اقسامه الخمسة. وما اقترحته على المجلس العلمي في دورته الاخيرة وقبله هو العمل على ان يكون اعضاء المجمع في مختلف اختصاصاتهم مساهمين في مشروع مشترك من شانه ان يهم المجمعيين وغير المجمعيين، وهو إصدار موسوعة تونسية مفتوحة. ولن تكون هذه الموسوعة ورقية بل ستكون على الأنترانت وسيشارك فيها المجمعيون. لكن اية كفاءة في أي مجال من المجالات يمكن ان يساهم في تأثيث هذه الموسوعة، ودور اعضاء المجمع ليس الرقابة على ما ينشر ولكن ضمان المستوى العلمي لما يعرض على النشر فيها. وهذا المشروع يتطلب إعدادا ماديا ليس هينا لان قواعد نشر الموسوعات في الإنترانت تقتضي تمكين القارئ من روابط داخلية تسمح له بان يدخل إلى فصول اخرى. فلابد من ان يتوفر عند الإنجاز محرك بحث خاص، ونحن بصدد الإعداد المادي لهذه الموسوعة، ونأمل ان ينطلق هذا المشروع هذه السنة، وسيتواصل بقطع النظر عن من سيكون مسؤولا عن المجمع او اعضاء المجلس العلمي.
انت من ابرز الذين اهتموا بالتحديث في علاقة بالإسلام والتراث والنص الديني، بماذا تفسر تراجع مشروع الحداثة العربية وربما سقوطه ؟
هناك عدة عوامل لما يبدو تراجعا، وينبغي ان نتفق على مفهوم او ظاهرة " السقوط "، فربما يكون هذا السقوط ظاهريا اكثر مما هو واقعي، لان ما يطفو على السطح ليس بالضرورة دالاّ على ما يعتمل في اعماق المجتمع. وإذا ما كان للمال السياسي الفاسد ولمال النفط تأثير كبير في الوقت الراهن فلا يعني ذلك انه ممثل لما يوجد في ذهنية الشباب وفي ذهنية المثقفين والفاعلين الاجتماعيين. وما نلاحظه ان الكثير من الكفاءات سواء في تونس او في غير تونس الآن لا تجد حظها في نطاق وسائل الاتّصال الحديثة رغم انها موجودة. عندما اسافر والتقي زملاء في المشرق العربي و في المغرب او التقي بهم هنا في تونس فإنني ألاحظ ان هناك طاقات موجودة لكنها لم تجد السبيل الى انتشار افكارها على نطاق واسع، فبقيت محصورة في إطار الجامعات والمؤسسات الاكاديمية. وانا اضرب دائما مثال الثورة التونسية، فقد عيب على المثقفين بانهم كانوا في ابراجهم العاجية (وانا اعتبر بالمناسبة انه لابد من الاكثار من الابراج العاجية لاننا في حاجة إليها، إذ ان البرج بطبيعته مرتفع، وبالتالي فإن من يجلس فيه سيكون بالضرورة مطلعا على تفاصيل المشهد وتعقيداته ولن يكون معنيا بالضرورة بالصراعات اليومية) وانا اقول العكس. فما حصل في الثورة التونسية هو ان الشعارات التي رفعت والقيم التي دافع عنها الذين خرجوا إلى الشوارع وطالبوا بالعدل الاجتماعي والحرية هي نتاج ثقافة ساهمت فيها الجامعة التونسية وساهم في بلورتها المثقفون التونسيون. فلا ننسى ان هذه القيم جديدة على مجتمعاتنا، وكان معظم الناس - وانا عشت هذه الفترة - يؤمنون بالقضاء والقدر ومتواكلين، ولذلك فإنهم لا يطالبون بحقوقهم المشروعة.
دور من هذا في تغيير العقليات إن لم يكن دور المثقفين؟
وطبعا في نطاق الدولة الوطنية. ولهذا فإن اعتبرنا ان هناك سقوطا لهذه التوجهات التقدمية بصفة عامة فلان الفكر المحافظ، ولان القوى التي ليس من مصلحتها التغيير نحو الأفضل هي التي لها إمكانيات لإسماع صوتها اكثر، لا لان التطلع إلى الحرية والمساواة والعدل والكرامة وما إليها من القيم الحديثة قد زال.
إعداد الشبان التونسيين في الجماعات المتطرفة في تزايد، كيف يمكن تفسير هذه الظاهرة هل تعود لتراجع برامج التعليم والثقافة؟
لا شك ان للتعليم مسؤولية گبرى، لكنها ليست مسؤولية التعليم فقط. وعندما نتحدث عن إصلاح التعليم يجب ان نعرف ان الإصلاح لا يمسّ مستوى البرامج فحسب، بل ينبغي ان يشمل التكوين المتين للمعلمين والاساتذة في كل المستويات، من الروضة إلى الجامعة. وإذا ما كان المعلم والاستاذ واعيا بوظيفته وقائما بواجبه كما ينبغي مهما كانت البرامج فإنه سيكون شبابا معتدا بشخصيته وباستقلالية هذه الشخصية. في نهاية الامر، هؤلاء الذين يقعون ضحية التيارات المتطرفة والإرهابية هم مغرَّر بهم في حقيقة الامر، لان شخصيتهم لم تتكون على اساس متين.
مَن يكون الشخصية ليس البرنامج وليست الكتب، على اهميتها، بل الإطار التربوي. النماذج التعليمية والتربوية الناجحة هي التي يكون فيها للمعلم دور اساسي ومحوري. في فنلندا مثلا التي كانت في المرتبة الاولى لمدة دورات متتالية في الترتيب العالمي (PISA) يقبل مترشح على عشرة في مناظرة الدخول إلى وظيفة "المعلم"، ثم المعلم في فنلندا له تكوين بخمس سنوات بعد الباكالوريا، وهو مكون علميا ونفسيا وفلسفيا وتاريخيا، بقطع النظر عن الاختصاص. وإذا ما كنا نريد ان نصلح تعليمنا فينبغي ان نبدأ من الاهتمام بتكوين المعلمين والاساتذة وتوفير الظروف المادية والمعنوية لقيامهم بوظيفتهم التكوينية على احسن وجه. نحن اليوم في الجامعة التونسية محتاجون إلى جيل جديد من الجامعيين الذين هم في مستوى زملائهم في الجامعات الاجنبية الراقية، لكننا من سوء الحظ فرطنا في الكثير من الكفاءات التونسية حين احلناها على التقاعد في سن الستين والخامسة والستين، وهذا محل استغراب من الاجانب، يقولون لنا: كيف يمكن لكم ان تستغنوا عن كفاءاتكم وانتم شعب مازال محتاجا إليها؟ في الولايات المتحدة الامريكية مثلا، الجامعي لا يتقاعد إلا برغبة منه او إذا ما اصبح عاجزا عن القيام بمهمته، بينما نحن نحيل هؤلاء القادرين على تأطير الشباب على التقاعد في سن الستين والخامسة والستين. واكثر من ذلك، نسمح لكفاءاتنا بدون اية اعتبارات اخرى سوى مادية بان يهاجروا الى الجامعات الاجنبية في إطار سياسة الإلحاق والتعاون الفني، وقد احدث لنا هذا الامر فجوة كبيرة في تكوين الاساتذة الجامعيين، بالإضافة الى ان نصف الذين يدرسون في الجامعة اليوم لا ينتمون إلى اي صنف من اصناف رجال التعليم العالي، بل هم متعاقدون وملحقون وعرَضيون واساتذة ثانوي، الخ.
عندما قلت إنِه ينبغي الاهتمام بالإطار التربوي من الروضة إلى الجامعة فلاننا فعلا في حاجة الى هذا التكوين الذي لا يمكن ان يتم بين سنة واخرى، إذ هو عمل طويل النفس ليس اقل من عشر سنوات او خمسة عشرة سنة لتكوين الجيل الجديد. وهذا النمط الجديد من المعلمين والاساتذة الاكفِاء هو القادر على ان يحمي الشباب من التطرُف و من ان يكونوا ضحايا وضع او خيارات لم تكن صائبة – وربما كانت مقصودة - لكنها مرتبطة بفترة الاستبداد والانفراد بالراي.
اهتممت بجماعات الإسلام السياسي وعوائق تحولها إلى احزاب مدنية ، ماهي شروط تحول هذه الجماعات الى احزاب مدنية منخرطة في العمل السياسي السلمي؟
إنني لا اريد ان انتصب وصيّا على هذه الاحزاب ولا على غيرها، لكنني احلٍل المرحلة التي تعيشها بلادنا والمنطقة العربية والإسلامية عموما. اول شيء لابد من مراجعته، وهو ليس سهلا ولا بديهيا هو مسالة الدعويّ. ما معنى الدعوة؟ هذا مفهوم لم يستعمل في التاريخ الاسلامي إلا عند الإسماعيلية، وهي فرقة من الشيعة كانت موجودة في بلادنا وهي التي انشات الدولة الفاطمية في القيروان ثم المهدية ثم في مصر. هذه الفرقة كان لها دعاة، اما عند الشيعية الاثني عشرية او الأمامية وعند الزيدية وعند اهل السنة فمفهوم الدعوة غير موجود، لان الدعوة تعني انك انت الداعي لك معرفة بحقائق ومعارف واسرار ليست موجودة عند عامة المسلمين. ويوجد عند اهل السنة شيء قريب من الدعوة ولكنه مختلف عنه جوهريا ولا يجرؤ الناس اليوم على إعلانه، وهو التفاوت في التكليف، بمعنى ان عامة المؤمنين مكلفون في انفسهم، ينبغي عليهم ان يقوموا بواجباتهم الدينية وان تكون حياتهم مستجيبة لما يقرره الفقهاء، لكن إلى جانب هؤلاء هناك صنف آخر هم المكلفون في انفسهم وفي غيرهم، اي المسؤولون عن العامة، وهم علماء الدين والمؤهلون للإفتاء للآخرين. وهذا يعكس التراتبية التي كانت موجودة في المجتمعات القديمة.
هذا الامر يبدو وكانه قاعدة دينية بديهية لكنُه في الحقيقة يعكس ظرفا اجتماعيا وتاريخيا معيّنا. والآن لا يجرؤ احد - بما ان قيم المساواة والمواطنة والديمقراطية اصبحت تفرض نفسها على ضمائر الناس – على القول بتفاوت التكليف، فيلتجئون إلى الدعوة ويعتبرونها من مهمات الجمعيات والمجتمع المدني. لكن الدعوة هذه معناها العودة بصفة غير واعية إلى ذلك التفاوت في التكليف الذي ترفضه المبادئ الإسلامية الاساسية، هذه المبادئ التي قامت على المساواة المطلقة بين المؤمنين والتي ليس فيها ان هناك من هو مكلف في نفسه وفي غيره ومن هو مكلف في نفسه وحسب، وليس فيها من هو داع ومن هو مدعوّ في نطاق امة المسلمين، وبعبارة اخرى من هو وصيّ على غيره باعتبار ذلك الغير قاصرا.
إذا تمت هذه المراجعة وقتها يمكن التفرغ للعمل السياسي على اسس دقيقة ومصرح بها.
http://www.tunisien.tn/wp-content/uploads/2016/06/cs-300x168.png
من جهة ثانية، هـذه الاحزاب او حركات الإسلام السياسي على اختلاف مشاربها نشأت على اساس ايديولوجيا معيّنة، وهذه الايديولوجيا من القرن العشرين اصبحت اليوم عتيقة، أي ان آخر المنظّرين للأيديولوجيا الإسلامية هو سيد قطب، وانا اتابع ما ينشر ولم ار منظّرين بالمعنى الحقيقي للكلمة برزوا على الساحة الإسلامية بعد سيد قطب، لكنّ سيد قطب عاش في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، وكتب ما كتب في فترة تختلف اختلافا كبيرا جدا عن الاوضاع الراهنة. لهذا السبب فهناك نوع من الفراغ النظري، والفراغ النظري لا تعوضه الشعارات. ما نلاحظه اليوم في كتابات الإسلاميين هو الشعارات، والشعارات ربما تكون صالحة في فترة معيّنة مثل التنافس الانتخابي، لكنها لا تعوض الفكر، والفكر النظري المطلوب لا مناص له من الاعتراف بمسؤولية المسلم والإنسان عموما في تشريع ما يصلح في ظرف معيّن بينما كانت مسؤولية التشريع في الماضي ملقاة على عاتق الفقهاء، وهم يشرعون باسم اللُه ويعتبرون انهم مجرد مستنبطين لأحكام إلهية. حركات الإسلام السياسي تريد اليوم ان ترث دور الفقهاء، والمطروح عليها بكل بوضوح هو التالي: هل تقبل بمسؤولية الانسان في التشريع بحسب ما تقتضيه مصلحته وما يقتضيه الواقع، ام مازالت تعتبر ان هناك احكاما لا تاريخية؟
إذا ما كانت تعتبر ان هناك قوانين ازلية تنظّم المجتمع ولا صلة لها بالتاريخ، في الاسرة (الزواج بأكثر من واحدة، الطلاق بيد الرجل وحده، عدم المساواة في الإرث، الخ) وفي الاقتصاد (المصارف التي تحتال في التعامل بالفائدة، الزكاة بمقاديرها ونظمها التقليدية، الاوقاف، الخ) وفي كل ميدان من ميادين الحياة العامة، فإن ذلك هو الذي يمكننا من ان نقول إنها لم تتطور، بعيدا عن الخطابات الشعبوية، لان هذا هو الاصل.
اشرفت واطُرت عددا كبيرا من الطلبة في الدراسات العليا من الذين اصبحت لهم اسهامات وحضور اليوم في العالم العربي هل نحن اليوم بصدد الاعتزاز بمدرسة تونسية في قراءة التاريخ العربي الاسلامي ومراكمة جهود المصلحين؟
انا احترز من استعمال مصطلح "الإصلاح" لأنني اعتبر ان الوظيفة الاولى للباحث في هذا الميدان هي وظيفة معرفية، أي ان تكون المعرفة التي له بالتاريخ الإسلامي وبالعقائد الإسلامية وبالفقه وبالحديث، الخ . معرفة علمية بمعايير عصرنا، لا ان تكون معرفة قروسطية. هذه هي وظيفة الباحث، ثم على مَن ينتمون إلى المؤسسة الدينية، مِن ائمة ومفتين ووعاظ، ان يكونوا على اطلاع على ما تصل إليه المعرفة الحديثة في هذا المجال.
http://up.harajgulf.com/do.php?img=479965
اما خلط الوظائف فانا شخصيا لا اقبله. ليست وظيفتي إصلاحية، ولا إفسادية طبعا ولا تصحيحية ولا تقويمية. انا اسعى الى ان القي الاضواء على ما هو مغيّب، وعلى ما هو في كثير من الاحيان محرف، والقي الاضواء على ما يقتضيه الضمير الديني الحديث، وهذا هو جوهر التمشي النقدي البناء. وإذ ذاك فالناس احرار في ان يفكروا بأنفسهم. فلست وسيطا ولا وصيّا على احد. والذين اشرفت على رسائلهم وعاشرتهم لمدّة سنوات يعرفون ان هذا هو الهدف الذي ارمي إليه. لهذا فعندما يقال مثلا تجديد الفكر الإسلامي انا اقول إن هذا المصطلح لا معنى له، لان الجديد ليس دائما اصلح من القديم، فهناك في القديم ما هو صالح وسيبقى. انا لا ابحث عن "التجديد" بل عن "التحديث" بمعنى ان يكون التديّن المعاصر مستجيبا لمقتضيات الحضارة الحديثة، الحضارة بجميع مقوّماتها المادية والمعنوية. إذا ما كان المسلم المعاصر لا يعيش في زمنين مختلفين، يعيش من ناحية في زمن اسطوري او زمن قديم ويعيش من ناحية ثانية في زمن يفرض عليه العقلانية والنجاعة ويفرض عليه الإبداع، إذا ما تجاوز هذه الثنائية واستطاع ان يوفق بإرادته هو الخاصة وبمعرفته هو الخاصة بين مقتضيات الإيمان الحر الصادق ومقتضيات العصر وإكراهاته، فنكون نحن الباحثين قد ادينا وظيفتنا على النحو الامثل. ولا ارى شخصيا ان تزيد وظيفة الباحث على ذلك.