مشاهدة النسخة كاملة : قصص من التاريخ .. الحجاج وهند بنت النعمان
غيوووض
September 16th, 2009, 23:18
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا أول موضــوع لي في هذا المجلس للتاريخ والتراث .. وهو موضوع متجدد
أمنياتي للجميــع بالمتعــة والفائدة .. :)
::
وصف للحجاج حُسن هند بنت النعمان فبعث إليها يخطبها وأجزل لها مالا كثيرا وتزوج بها
وشرط لها عليه بعد الصداق مائتي ألف درهم ..
ثم دخل عليها في بعض الأيام وهي تنظر في المرآة وتقول :
وما هند إلا مهـــرة عربية سليــلــة أفراس تحلــلها بغــل
فإن ولدت فحلا فلله درها وإن ولدت بغلا فقد جاء به البغل
فانصرف الحجاج راجعا ولم يدخل عليها ولم تكن علمت به فأراد الحجاج طلاقها
وأنفذ إليها عبد الله بن طاهر وأنفذ لها معه مائتي ألف درهم وهي التي كانت عليه
وقال : يا ابن طاهر طلقها بكلمتين ولا تزد عليهما . فدخل عبد الله بن طاهر عليها
فقال يقول لك أبو محمد الحجاج : (كنت فبنت )وهذه المائتا ألف درهم التي كانت لك قبله
فقالت اعلم يا ابن طاهر إنا والله كنا فما حمدنا وبنا فما ندمنا وهذه المائتا ألف درهم التي جئت بها بشارة لك بخلاصي من كلب ثقيف .
فبلغ بعد ذلك عبد الملك بن مروان خبرها ووصف له جمالها فأرسل إليها يطلبها فأرسلت إليه كتابا تقول فيه بعد الثناء
اعلم يا أمير المؤمنين أن الإناء ولغ فيه الكلب فلما قرأ عبد الملك الكتاب ضحك من قولها وكتب إليها يقول:
(( إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا إحداهن بالتراب فاغسلي الإناء يحل الا ستعمال ))
فلما قرأت كتاب عبد الملك لم يمكنها المخالفة فكتبت إليه بعد الثناء عليه : يا أمير المؤمنين والله لا أحل العقد إلا بشرط
فإن قلت ما هو الشرط قلت أن يقود الحجاج محملي من المعرة إلى بلدك التي أنت فيها ويكون ماشيا حافيا بحليته
التي كان فيها أولا . فلما قرا عبد الملك الكتاب ضحك ضحكا شديدا و أنفذ إلى الحجاج يأمره بذلك .
فلما قرأ الحجاج رسالة عبد الملك أجاب وامتثل الأمر ولم يخالف وأرسل إلى هند يأمرها بالاستعداد والتجهز فتجهزت وسار الحجاج في موكبه حتى وصل إلى المعرة بلد هند فركبت هند في محمل الزفاف وركب حولها جواريها وخدمها وأخذ الحجاج زمام البعير يقوده ويسير بها .
فجعلت هند تتواغد عليه وتضحك مع الهيفاء دايتها ( خادمتها ) ثم قالت للهيفاء : يا داية
اكشفي ستر المحمل فكشفته فوقع وجهها في وجه الحجاج فضحكت عليه فأنشد يقول :
فإن تضحكي مني فيا طول ليلة تركتك فيها كالقباء المفرج
فأجابته هند تقول :
ومانبالي إذا أرواحنا سـلمت بما فقدناه من مـال ومن نشـب
فالمال مكتسب والعز مرتجع إذا النفوس وقاها الله من عطب
ولم تزل كذلك تضحك وتلعب إلى أن إقتربت من بلد عبد الملك بن مروان فرمت بدينار على الأرض ونادت ياجمال إنه قد سقط منا درهم فارفعه إلينا فنظر الحجاج إلى الأرض فلم يجد إلا دينارا فقال إنما هو دينار فقالت بل هو درهم
قال بل دينار فقالت الحمد لله سقط منا درهم فعوضنا الله دينارا . فخجل الحجاج ولم يرد جوابا .
ثم دخل بها على عبد الملك بن مروان فتزوج بها .
يتبــع ..
أم مالك الأزدية
September 16th, 2009, 23:30
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ,,
وعد بالجلوس والمتابعة
وأي شيء أفضل من هكذا تأريخ نتابعه
أمضي يا غيوووض فمواضيعك تطربني
شيخ النظر
September 17th, 2009, 04:05
تسجيل حضور ومتابعه
نجم سهيل
September 17th, 2009, 05:36
وعد بالجلوس والمتابعة
تسجيل حضور ومتابعه
وشرحكما سرى
غيوووض
September 17th, 2009, 16:41
قال الملك عمرو بن هند ذات يوم لجلسائه :
هل تعلمون أن أحدا من أهل مملكتي يأنف أن تخدم أمه أمي.؟
فقالوا:
لا ما خلا عمرو بن كلثوم فإن امه ليلى بنت المهلهل أخي كليب، وعمها كليب ، وهو وائل بن ربيعه ملك العرب وزوجها كلثوم. فسكت عمرو على ما في نفسه .
ثم بعث عمرو بن هند الى عمرو بن كلثوم يستزيره وان تزور ليلى هنداً.
فقدم عمرو في فرسان تغلب ، ومعه أمه ليلى ، فنزل شاطيء الفرات وبلغ عمرو بن هند قدومه.
فأمر بخيمه فضربت بين الحيره والفرات وأرسل الى وجوه مملكته فصنع لهم طعاما ثم دعا الناس إليه فقرب إليهم الطعام على باب السرادق
وهو وعمرو بن كلثوم وخواص من الناس في السرادق ، ولأمه هند في جانب السرادق قبة وأم عمرو بن كلثوم معها في القبة.
وقد قال عمرو بن هند لأمه:
إذا فرغ الناس من الطعام فلم يبق الا الطُرَف فنحّي خدمك عنك، فإذا دعوت بالطرف ، فاستخدمي ليلى ومريها فلتناولك الشيء بعد الشيء.
يريد طرف الفواكه وغير ذلك من الطعام.
ففعلت هند ما أمرها ابنها حتى إذا دعا بالطرف قالت هند لليلى:
- ناوليني ذلك الطبق.
قالت:
- لتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها.
فقالت:
- ناوليني.
وألحت عليها . فقالت ليلى :
- واذلاه .... يا لتغلب.
فسمعها إبنها عمرو بن كلثوم فثار الدم في وجهه والقوم يشربون. ونظر عمرو بن هند الى عمرو بن كلثوم ، فعرف الشر في وجهه ، وقد سمع قول أمه : واذلاه يا لتغلب ، ونظر إلى سيف عمرو بن هند ، وهو معلق بالسُّرادق ولم يكن بالسرادق سيفٍ غيره فثار الى السيف مصلتا فضرب به رأس عمرو بن هند فقتله ثم خرج فنادى :
- يا لتغلب.
فانتهبوا ماله وخيله وسبوا النساء ولحقوا بالجزيره.
وقد كان المهلهل بن ربيعة وكلثوم بن عتاب ابو عمرو بن كلثوم أجتمعوا في بيت كلثوم على شراب ، قال وعمرو يومئذ غلام وليلى أم عمرو تسقيهم فبدأت بأبيها مهلهل ثم سقت زوجها كلثوم بن عتاب ثم ردت الكأس على أبيها وابنها عمرو عن يمينها فغضب عمرو من صنيعها وقال:
صنبت الكأس عنا أم عمرو ... و كان الكأسُ مجراها اليمينا
و ما شرُ الثلاثة أم عمروٍ ...... بصاحبك الذي لا تصبحينا
فلطمه أبوه وقال:
يا لكع ( اي يا احمق ) ، بلى والله شر الثلاثة . أتجتري أن تتكلم بهذا الكلام بين يديّ. فلما قتل عمرو بن هند قالت له أمه :
( بأبي أنت وأمي ، أنت والله خيرُ الثلاثة اليوم ) .
فقال عمرو بن كلثوم معلقته الذي يصف فيها مقتل الملك اللخمي ملك الحيرة والعرب عمرو بن هند:
ومنها :
ألا لا يجهلن أحدٌ علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا
بأي مشيئةٍ عمر بن هندٍ ...... نكونُ لقيلكم فيها قطينا
بأي مشيئةٍ عمر بن هندٍ .... تُطيعُ بنا الوُشاة و تزدرينا
تهددُنا و أوعدنا رُويداً ......... متى كُنا لأمك مُقتوينا
فإن قناتنا يا عمرُو أعيت ... على الأعداء قبلك أن تلينا
إذا عض الثقاف بها اشمأزت ... وولتهُ عشوزنةً زبُونا
عشوزنةً إذا انقلبت أرنت ... تشجُ قفا المُثقف و الجبينا
يتبــع ..
أم مالك الأزدية
September 17th, 2009, 19:27
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ,,
لا شل الله يمينك يا غيوووض الدرة
هذي هي المواضيع الجامدة متابعين بورك المداد وسكبه
نجم سهيل
September 18th, 2009, 01:07
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لك ياغيووض على هذا الموضوزع الذي آمل استمراره بنفس القوة
واسمحي لي بهذه الإضافة
فكما يقال الدنيا صغيرة وسكانها تحتويهم قرية أصغر
في زمن الطاغية عمر بن هند كان يعيش الشاعر طرفة بن العبد وخاله المتلمس وهو شاعر أيضا
وكان طرفة شاعر جريء ويفاخر بأصوله وكان قد هجا عمرو بن هند
وكان أحد شعراء البلاط الغير منتظمين ومن جلساء الملك وندمائه ويقال أنه لمح ذات يوم في مجلس الملك الخاص أخت عمر بن هند فعرض بها دون أن يعلم أنها أخت الملك فأسرها عمر بن هند في نفسه وفيما بعد دعا طرفة وخاله إلى مجلسه وقال أنه سيهديهما هدية فكتب لكل واحد منهما كتابا مختوما إلى عامله في البحرين
وفي طريقهما للبحرين توجس المتلمس من مضمون الرسالة شرا فالتقى بغلام ليقراء له مافي الرسالة فقال الغلام ثكلتك أمك يامتلمس فإن فيها قتلك ففر من فوره إلى دمشق بعد أن نصح طرفة بفتح رسالته والفرار معه غير أن طرفة رفض ذلك
وفي رواية أخرى عن خبر المتلمس أنه لمح شيخا من أهل البصرة يقضي حاجته ويقصع القمل في رأسه ويأكل قطعة من الخبز في وقت واحد
فقال له المتلمس مارأيت رجلا أحمق منك قط
فقال الشيخ وماذا رأيت من حمقي ؟؟
قال تقضي حاجتك وتأكل خبزا وتقصع قملا
فقال الشيخ
أخرج خبيثا وآكل طيبا وأقتل عدوا
ولكني والله لم أرى رجلا أحمق منك يحمل حتفه بين يديه
أما طرفة فذهب إلى عامل الملك في البحرين بكتابه فقال له ياطرفة اهرب فإني مأمور بقتلك فرفض
فطلب منه أن يأتيه بخمر فيقتله عندما يفقد وعيه
وكان عمره حينها 25سنة أو ستا وعشرون
مختزن في الذاكرة مما قرأت
غيوووض
September 18th, 2009, 04:04
يحكى انه في القرن الاول الهجري كان هناك شابا تقيا يطلب العلم ومتفرغ له ولكنه كان فقيرا وفي يوم من الايام خرج من بيته من شدة الجوع ولانه لم يجد ما يأكله فانتهى به الطريق الى احد البساتين والتي كانت مملؤة باشجار التفاح وكان احد اغصان شجرة منها متدليا في الطريق ...
فحدثته نفسه ان ياكل هذه التفاحة ويسد بها رمقه ولا احد يراه ولن ينقص هذا البستان بسبب تفاحة واحده ...
فقطف تفاحة واحدة وجلس ياكلها حتى ذهب جوعه ولما رجع الى بيته بدات نفسه تلومه وهذا هو حال المؤمن دائما جلس يفكر ويقول كيف اكلت هذه التفاحة وهي مال لمسلم ولم استأذن منه ولم استسمحه فذهب يبحث عن صاحب البستان حتى وجده فقال له الشاب يا عم بالامس بلغ بي الجوع مبلغا عظيما وأكلت تفاحة من بستانك من دون علمك وهئنذا اليوم أستأذنك فيها..،
فقال له صاحب البستان .. والله لا أسامحك بل انا خصيمك يوم القيامة عند الله
بدأ الشاب المؤمن يبكي ويتوسل اليه ان يسامحه وقال له انا مستعد ان أعمل أي شئ بشرط أن تسامحني وتحللني وبدا يتوسل الى صاحب البستا ن وصاحب البستان لا يزداد الا إصرارا وذهب وتركه والشاب يلحقه ويتوسل إليه حتى دخل بيته وبقي الشاب عند البيت ينتظر خروجه الى صلاة العصر...
فلما خرج صاحب البستان وجد الشاب لا زال واقفا ودموعه التي تحدرت على لحيته فزادت وجهه نورا غير نور الطاعة والعلم فقال الشاب لصاحب البستان يا عم انني مستعد للعمل فلاحا في هذا البستان من دون اجر باقي عمري او اي امر تريد ولكن بشرط ان تسامحني..،
عندها... اطرق صاحب البستان يفكر ثم قال يا بني انني مستعد ان اسامحك الان لكن بشرط
فرح الشاب وتهلل وجهه بالفرح وقال اشترط ما بدى لك ياعم
فقال صاحب البستان شرطي هو ان تتزوج ابنتي !ا
صدم الشاب من هذا الجواب وذهل ولم يستوعب بعد هذا الشرط ثم اكمل صاحب البستان قوله ...
ولكن يا بني اعلم اني إبنتي عمياء وصماء وبكماء وايضا مقعدة لا تمشي ومنذ زمن وانا ابحث لها عن زوج استأمنه عليها ويقبل بها بجميع مواصفاتها التي ذكرتها فان وافقت عليها سامحتك
صدم الشاب مرة اخرى بهذه المصيبة الثانية
وبدأيفكر كيف يعيش مع هذه العلة خصوصا انه لازال في مقتبل العمر؟
وكيف تقوم بشؤنه وترعى بيته وتهتم به وهي بهذه العاهات ؟
بدأ يحسبها ويقول اصبر عليها في الدنيا ولكن انجو من ورطة التفاحة !!ا
ثم توجه الى صاحب البستان وقال له يا عم لقد قبلت ابنتك واسال الله ان يجازيني على نيتي وان يعوضني خيرا مما اصابني
فقال صاحب البستان .... حسناا يا بني موعدك الخميس القادم عندي في البيت لوليمة زواجك وانا اتكفل لك بمهرها
فلما كان يوم الخميس جاء هذا الشاب متثاقل الخطى... حزين الفؤاد... منكسر الخاطر... ليس كأي زوج ذاهب الى يوم عرسه فلما طرق الباب فتح له ابوها وادخله البيت وبعد ان تجاذبا اطراف الحديث قال له يا بني...
تفضل يالدخول على زوجتك وبارك الله لكما وعليكما وجمع بينكما على خير واخذه بيده وذهب به الى الغرفة التي تجلس فيها ابنته فلما فتح الباب ورآها ....
فاذا فتاة بيضاء اجمل من القمر قد انسدل شعركالحرير على كتفيها فقامت ومشت اليه فاذا هي ممشوقة القوام وسلمت عليه وقالت السلام عليك يا زوجي ....
اما صاحبنا فهو قد وقف في مكانه يتأملها وكأنه امام حورية من حوريات الجنة نزلت الى الارض وهو لا يصدق ما يرى ولا يعلم مالذي حدث ولماذا قال ابوها ذلك الكلام ...
ففهمت ما يدور في باله فذهبت اليه وصافحته وقبلت يده وقالت انني عمياء من النظر الى الحرام وبكماء من النظر الى الحرام وصماء من الاستماع الى الحرام ولا تخطو رجلاي خطوة الى الحرام ....
وانني وحيدة ابي ومنذعدة سنوات وابي يبحث لي عن زوج صالح فلما اتيته تستاذنه في تفاحة وتبكي من اجلها قال ابي ان من يخاف من اكل تفاحة لا تحل له حري به ان يخاف الله في ابنتي فهنيئا لي بك زوجا وهنيئا لابي بنسبك
وبعد عام انجبت هذا الفتاة من هذا الشاب غلاما كان من القلائل الذين مروا على هذه الأمة.
أتدرون من ذلك الغلام ؟؟؟
انه الامام ابو حنيفة صاحب المذهب الفقهي المشهور..
҈ ۩҈ زرقـاء الـيمامــة ۩҈
September 23rd, 2009, 10:49
بلقيس هي ملكة سبأ بإقليم اليمن،
وكانت هي وقومها يعبدون الشمس من دون الله،
وعلم سليمان عليه السلام من الهدهد المؤمن الموحد بقصتها،
وكتب إليها كتابًا يدعوها للتوحيد والإسلام وأمر الهدهد
بقوله:
(اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ)[النمل:28]،
وحمل الهدهد الكتاب وألقاه في مخدع الملكة فقرأته..
وهنا تبرز صفات الرجاحة والحكمة والحنكة لدى تلك المرأة العاقلة الملكة الكافرة وقتئذ،
وكيف هداها عقلها الراجح للإيمان، وأن تدع عبادة الشمس لتعبد رب الشمس،
وتستغفره وتهدي شعبها كذلك للتوحيد. ويثبت لنا من قصتها بعد التأمل بعض الحقائق كما يلي:
1- **حسن التقدير والاحترام والفهم ***لفحوى الرسالة التي ألقاها الهدهد حيث قالت: (قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ)[النمل:29-31].
2- **الشورى ***لذوي الاختصاص والأمر، ورفض مبدأ الديكتاتورية في الحكم، حيث عرضت قضية كتاب سليمان التي يترتب عليها تغيير في العقيدة والعبادة وسيادة المملكة، قالت: (قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ)[النمل:32]، فأجابوا عليها بحسن ظنهم وتقديرهم لفكرها واعتزازهم بمملكتهم وثقتهم في قوتهم المادية: (قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ)[النمل:33].
3- العلم بتاريخ الأمم والملوك والغزاة: حيث قالت: (قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ)[النمل:34].
4- تقيم الموقف السياسي والعسكري: بأن ترسل هدية إلى سليمان، فإن كان ملكًا من ملوك الدنيا فرح بها وقبلها ويخفف التوتر بين المملكتين، وإن كان نبيًا مرسلاً رفض ولم يرضَ إلاَّ بتغيير العقيدة وإعلان الإسلام.. كذلك سيتعرف الرسل الذين سيحملون الهدايا عن كثب عن أخبار سليمان وملكه وجنوده، ووافق الشعب على رأي ملكته وأعد الهدايا، وأسرف فيها لتليق ولتحظى بالقبول عند سليمان.
ولما ذهب الرسل إلى سليمان رفض هديتهم وأدهشهم ملكه وجنوده من الإنس والطير والحيوانات، وأعلن رفضه بقوله: (فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ * ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ)[النمل:36، 37]، حينذاك قررت الملكة أن تذهب مع كبار قومها إلى سليمان لتصل إلى حل سلمي ودِّي يستقر عليه التفاوض فيما بينهما سواء في العقيدة أو الملك.
5- الذكاء والفطنة: كانت الرحلة بين سبأ واليمن إلى القدس حيث يقيم سليمان، تستغرق ثلاثة اشهر، وأراد سليمان أن يختبر ذكاء بلقيس بأن يظهر لها فضل الله عليه وملكه الذي لا ينبغي لأحد أن يملك مثله، بأن يحضر لها كرسي عرشها من مملكتها إلى مملكته ويجلسها فوقه، فقال لجنوده: (قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ)[النمل:38]، فأجاب عفريت من الجن: (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ)[النمل:39]، أي سيحضره في غضون ساعات، فقال الذي عنده علم من الكتاب لسليمان: (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ)[النمل:40]، أي في غضون ثواني قليلة ، فلما رأى سليمان العرش مستقرًا عنده لم يفرح بقدرته أو قدرة أعوانه وجنوده، ولكنه قال: (هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ * قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ * فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ)[النمل:40، 41،42]، وهذا سؤال عصيب استخدمه سليمان لقياس معدل ذكاء ملكة سبأ، فالعرش عرشها به أمارات قد ألفتها وعرفتها ولا تستطيع أن تنكرها رغم تغيير بعض العلامات، ولكن كيف يجيء العرش من اليمن إلى بلاد الشام وقد تركته هناك في حماية جنودها وشعبها؟ فإن أجابت نعم هذا هو عرشي كانت الإجابة غير صحيحة. لأن عرشها في اليمن وليس في القدس عند سليمان. وإن قالت لا كان ذكاؤها ضعيفًا أو محدودًا لأنها تفكر استنادًا لأفكار في رأسها دون أن تطرح هذه الأفكار للمناقشة مع هذا الواقع الجديد. فأجابت إجابة تنم عن فطنة وحكمة واسعة لا تثبت ولا تنفي، فقالت: (كَأَنَّهُ هُوَ).
ورغم رجاحة عقلها، إلا أنها كانت تحيا في بيئة فاسدة كافرة مظلمة، وهذا يدل على أن ذوي الألباب حين يأتيهم ضوء الهدى والإيمان فإنهم سرعان ما يهتدون به في حياتهم وسلوكهم، والعقل في حاجة إلى هداية ربه وإرشاده حتى يعقل ويحسن التصرف.
وجاء السياق القرآني الكريم يوضح علة كفر بلقيس وهي نشأتها في بيئة كافرة في عقيدتها وتصورها (وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ)[النمل:43]، وأعد سليمان عليه السلام مفاجأة أخرى، حيث أعدَّ قصرًا من البلور أقيمت أرضيته فوق الماء وظهر كأنه لجة، فلما قيل لها ادخلي الصرح حسبت أنها ستخوض تلك اللجة، فكشفت عن ساقيها، فلما تمت المفاجأة كشف لها سليمان عن سرها، قال: (إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ)[النمل:44]، وأمام تلك العجائب الإلهية التي سخرت لخدمة سليمان وقفت الملكة في دهشة ، ورجعت إلى ربها واعترفت بظلمها لنفسها فيما سلف من عبادة غير الله، معلنة إسلامها مع سليمان لا لسليمان، ولكن (لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
لقد اهتدى قلبها وعرف عقلها أن الإسلام لله ليس استسلامًا لأحد من خلقه، ولو كان هو سليمان النبي الملك صاحب المعجزات، أما الإسلام فهو إسلام لله رب العالمين، ومصاحبة المؤمنين والداعين إلى طريقه (وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[النمل:44].
بهذا التصرف الحكيم أسدلت بلقيس ملكة سبأ الستار على قصة مثيرة بين دولتين، وتبعها شعبها فأسلم مثلها، فأكرم بها من امرأة وملكة كانت تحكم شعبها بأسلوب الشورى، وجنبت شعبها ويلات الحرب، وبسياستها الحكيمة وعقلها الرزين، وكذلك ويلات الهلاك في الآخرة إذا ظلوا على كفرهم ولم يسلموا لله رب العالمين مع نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام.
من " كتاب الزوجات الأعداء و الزوجات الأسوياء "
:orangeflower:
أم مالك الأزدية
September 23rd, 2009, 17:44
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ,,
يبدو أن هذا الملف سيكون ذو شأن عظيم فقد حوى نفائس السير والقصص
فلله دركما واصلوا ما بدأتموه وتعاونوا على مثل هذا بورك المسرى والمسعى
غيوووض
September 23rd, 2009, 19:05
أزمع عمر بن أبي ربيعة أن يطوف بالبيت وكان قد حلف ألاّ يقول بيت شعر إلا أعتق رقبة ، فبينما هو كذلك ، إذا بشابّ قد دنا من شابه ظاهرة الجمال فألقى إليها كلاما ، فقال له عمر : يا عدو الله ؛ في بلد الله الحرام وعند بيته تصنع هذا ! فقال : يا عمّاه ؛ إنها ابنة عمي ، وأحب الناس إليّ ؛ وإني عندها لكذلك ، وما كان بيني وبينها من سوء قط أكثر مما رأيت ، قال : ومن أنت ؟ قال أنا فلان ابن فلان ، قال أفلا تتزوجها ؟ قال : أبى عليّ أبوها . قال : ولم ؟ قال يقول : ليس لك مال ؛ فقال : انصرف والْقَني .
فَلَقيه بعد ذلك ، فدعا ببغله فركبها ؛ ثم أتى عم الفتى في منزله فخرج إليه وفرح بمجيئه ،ورحب وقرّب ، ثم قال : ما حاجتك يا أبا الخطاب ؟ قال : لم أرك منذ أيام فاشتقت إليك ! قال : فانزل . فأنزله وألطفه ، فقال له عمر في بعض حديثه : إني رأيت ابن أخيك ، فأعجبني ما رأيت من جماله وشبابه ، قال له : أجل ! ما يغيب عنك أفضل مما رأيت ؛ قال : فهل لك من ولد ؟ قال : لا ، إلا فلانة . قال : فما يمنعك أن تزوجه إياها ؟ قال : إنه لا مال له ، قال : فإن لم يكن له مال فلك مال ، قال : فإني أضنّ به عنه . قال : لكني لا أضنّ به عنه فزوّجه واحتكم ، قال : مائة دينار ، قال نعم ! فدفعها عنه ، وتزوجها الفتى .
وانصرف عمر إلى منزله ، فقامت إليه جارية من جواريه ، فأخذت رداءه وألقى بنفسه على الفراش وجعل يتقلّب ، فأتته بطعام فلم يتعرض له ؛ فقالت له : إن لك لأمرا ، وأراك تريد أن تقول شعرا ، فقال : هاتي الدواة فكتب :
تقـول ولـيـدتـي لـمّا رأتني ==== طربتُ وكنت قد أقصرتُ حينا
أراك اليوم قد أحدثت شوقا ==== وهـــاج لـــك الــهـوى داءً دفــــينا
وكنتَ زعمت أنّك ذو عزاءٍ ==== إذا مــا شـــئت فــارقــت القرينــــــا
بربّكَ هل أتاكَ لها رسولٌ ==== فشاقك أم لقيت لها خدينــــــــا ؟
فقلتُ : شكا إليّ أخٌ محبٌّ ==== كبعــضِ زمانا إذ تعلـــــــمينا
فقصَّ عليّما يلقى بهند ==== فذكّـــر بعضَ ما كنّــــا نسينــــــا
وذو الشوق القديم وإن تعزّى === مشوق حين يلقى العاشقينا
وكم من خلّة أعرضتُ عنها === لغير قلىً وكنتُ بها ضنينا
أردتُ بعادها فصددتُ عنها ==== ولو جُنَّ الفؤادُ بها جنونا
ثم دعا تسعة من رقيقه فأعتقهم لكل بيت واحد !
҈ ۩҈ زرقـاء الـيمامــة ۩҈
September 23rd, 2009, 19:46
عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الخليفة الزاهد العادل، الراشد الخامس ، مجدد القرن الثاني ، كان مضرب المثل في الزهد والصلاح والعدل والورع .
بويع عمر بالخلافة بعهد من سليمان بن عبد الملك وهو ابن عمه ، فتسلم الخلافة سنة 99 هـ ، ومكث فيها سنتين وخمسة أشهر ، ملأ الأرض فيها عدلاً ورد المظالم إلى أصحابها ، وسلك فيها مسلك الخلفاء الراشدين، وأحيا الله به السنن التي تركت ، وقمع به البدع التي انتشرت .
زهده
ــ لما تلقى عمر بن عبد العزيز خبر توليته، انصدع قلبه من البكاء، وهو في الصف الأول، فأقامه العلماء على المنبر وهو يرتجف، ويرتعد، وأوقفوه أمام الناس، فأتى ليتحدث فما استطاع أن يتكلم من البكاء، قال لهم: بيعتكم بأعناقكم، لا أريد خلافتكم، فبكى الناس وقالوا: لا نريد إلا أنت، فاندفع يتحدث، فذكر الموت، وذكر لقاء الله، وذكر مصارع الغابرين، حتى بكى من بالمسجد.
يقول رجاء بن حيوة: والله لقد كنت أنظر إلى جدران مسجد بني أمية ونحن نبكي، هل تبكي معنا !! ثم نزل، فقربوا له المَراكب والموكب كما كان يفعل بسلفه، قال: لا، إنما أنا رجل من المسلمين، غير أني أكثر المسلمين حِملاً وعبئاً ومسئولية أمام الله، قربوا لي بغلتي فحسب، فركب بغلته، وانطلق إلى البيت، فنزل من قصره، وتصدق بأثاثه ومتاعه على فقراء المسلمين.
ــ ثم نزل في غرفة في دمشق أمام الناس؛ ليكون قريبًا من المساكين والفقراء والأرامل، ثم استدعى زوجته فاطمة، بنت الخلفاء، أخت الخلفاء ، زوجة الخليفة، فقال لها: يا فاطمة، إني قد وليت أمر أمة محمد عليه الصلاة والسلام - وتعلمون أن الخارطة التي كان يحكمها عمر، تمتد من السند شرقًا إلى الرباط غربًا، ومن تركستان شمالاً، إلى جنوب أفريقيا جنوبًا - قال: فإن كنت تريدين الله والدار الآخرة، فسلّمي حُليّك وذهبك إلى بيت المال، وإن كنت تريدين الدنيا، فتعالي أمتعك متاعاً حسنًا، واذهبي إلى بيت أبيك، قالت: لا والله، الحياة حياتُك، والموت موتُك، وسلّمت متاعها وحليّها وذهبها، فرفَعَه إلى ميزانية المسلمين.
خوفه من التقصير في خدمة المسلمين
ــ وكان يستشعر عظم المهمة التي حملها فكان بعد رجوعه من جنازة سليمان مغتمًا فسأله مولاه : مالي أراك مغتمًا ؟ قال : لمثل ما أنا فيه فليغتم ، ليس أحد من الأمة إلا وأنا أريد أن أوصل إليه حقه غير كاتب إلى فيه ولا طالبه مني .
ــ وذات يوم دخلت عليه امرأته وهو في مصلاه تسيل دموعه على لحيته فقالت يا أمير المؤمنين ألشيء حدث ؟ قال : يا فاطمة إني تقلدت من أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم أسودها وأحمرها فتفكرت في الفقير الجائع والمريض الضائع والعاري والمجهود والمظلوم والمقهور والغريب والأسير والشيخ الكبير وذي العيال الكثير والمال القليل وأشباههم في أقطار الأرض وأطراف البلاد فعلمت أن ربي سائلي عنهم يوم القيامة فخشيت ألا تثبت لي حجة فبكيت .
بالعدل لا بالقهر يصلح الناس
ــ كان أول مرسوم اتخذه، عزل الوزراء الخونة الظلمة الغشمة، الذين كانوا في عهد سليمان، استدعاهم أمامه وقال لشريك بن عرضاء: اغرُب عني يا ظالم رأيتك تُجلس الناس في الشمس، وتجلد أبشارهم بالسياط ، وتُجوّعهم وأنت في الخيام والإستبرق .
ــ وفي أحد المواقف كتب إليه واليه على خراسان واسمه الجراح بن عبد الله يقول : إن أهل خراسان قوم ساءت رعيتهم وإنه لا يصلحهم إلا السيف والسوط فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لي في ذلك فكتب إليه عمر : أما بعد فقد بلغني كتابك تذكر أن أهل خراسان قد ساءت رعيتهم وإنه لا يصلحهم إلا السيف والسوط فقد كذبت بل يصلحهم العدل والحق فابسط ذلك فيهم والسلام.
صورة رائعة من عدل عمر بن عبد العزيز
بينما عمر بن عبد العزيز يطوف ذات يوم في أسواق " حمص " ليتفقد الباعة ويتعرَّف على الأسعار، إذ قام إليه رجلٌ عليه بُرْدان أحمران قطريان وقال:
يا أمير المؤمنين..
لقد سمعت أنك أمرت من كان مظلومًا أن يأتيك .
فقال: نعم .
فقال: وها قد أتاك رجلٌ مظلومٌ بعيدُ الدَّار .
فقال عمر: وأين أهلك ؟
فقال الرجل: في "عدن "
فقال عُمر: والله، إن مكانك من مكان عمر لبعيد .
ثم نزل عن دابّته، ووقف أمامه وقال : ما ظلامتُك ؟
فقال: ضيعةٌ لي وثب عليها رجلٌ ممن يلوذون بك وانتزعها مني .
فكتب عمر كتابًا إلى "عروة بن محمد " واليه على "عدن" يقول فيه: أمَّا بعد: فإذا جاءك كتابي هذا فاسمع بيَّنة حامله، فإن ثبت له حقٌّ، فادفع إليه حقَّهُ .
ثم ختم الكتاب وناوله للرجل .
فلما هم الرجل بالانصراف قال له عمر: على رسلك.. إنك قد أتيتنا من بلدٍ بعيدٍ .. ولا ريب في أنك استنفدت في رحلتك هذه زادًا كثيرًا ..
وأخلقت ثيابًا جديدة .
ولعلَّه نفقت لك دابةٌ.
ثم حسب ذلك كله، فبلغ أحد عشر دينارًا، فدفعها إليه وقال: أشع ذلك في الناس حتى لا يتثاقل مظلومٌ عن رفع ظُلامتِهِ بعد اليوم مهما كان بعيد الدَّار.
وفاته
توفي عمر بن عبد العزيز من أثر السم بدير سمعان ( بحمص ) سنة 101هـ في 24رجب ، وله من العمر 39سنة .
غيوووض
September 24th, 2009, 06:13
حدّث محمد بن قيس قال : وجّهني عامل المدينة إلى يزيد بن عبد الملك _وهو إذا ذاك خليفة _ فلما خرجتُ عن المدينة إذا أنا بامرأة جالسة على الطريق ، وشاب نائم ، وهو يتلوى ، ورأسه يسقط في حجرها ، وكلما سقط أعادته مكانه
فسلّمتُ ، فردت السلام _ والشاب مشغول ٌ بنفسه _ فسألتها عنه ، فقالت : يا عبيد الله ؛ هل لك في الأجر والمثوبة ؟ فقلت : لا أبغي سواهما .
قالت : هذا ولدي ، وكانت له ابنة عم تربيا معا ، وشُغفت به ، وشُغف بها ، وعلم بذلك أبوها ، وعلم بها أهل المدينة ؛ فحجبها عنه ، وكان يأتي الموضع والخباء فيبكي ، ثم خطبها من أبيها ، فأبى أن يزوجه ؛ لأنّا نرى ذلك عيبا ، أن تزوّج المرأة لرجل كلن يحبها .
ثم خطبها رجل غيره ؛ فزوّجهاأبوها منه منذ خمسة أيام ، وهو على ما ترى ؛ لا يأكل ولا يشرب ولا يعقل ، فلو نزلت إليه ، وتحدثت معها ووعظته وسليته ، فلعله يسكن إلى حديثك ، ويتقّوت بشيء من الطعام !
قال محمد : فنزلت ودنوت منه ، وتلطفت به ؛ فرجّع إلىّ طرفه وقال بصوت حزين :
ألا مــــا للــمليحة ِ لا تعودُ ! === أبخلٌ بـالـمليحة أم صدودُ ؟
مرضتُ فعادني أهلي جميعا === فما لكِ لا نرى فيمن يعود !
فـقـدتـُكِ بينهـم فبكـيت شوقاً،=== وفـقـدُ الإلف يا سلمى شديد ُ
وما استبطأتُ غيرك فاعلميه ===وحولي من ذوي رحمي عديدُ
فلو كنتِ المريضة كنت أسعى === إليك ولم يُنَهْتِهنِي الوعيد ُ!
ثم سكن ، فنظرت المرأة إلى وجهه وصرخت وقالت : والله فاضت نفسه ! قالتها والله ثلاث مرات .
فغشيني من ذلك همّ وغم ّ . ولما رأت العجوز ما حل بي عليه من الحزن قالت : يا ولدي ؛ هوّن عليك ، والله لقد استراح مما كان فيه ، عاش بأجل ، ومات بقدر ، وقدم على رب كريم ، واستراح من تباريحه وغصصه ، فهل لك في استكمال الأجر ؟ قلت : قولي ما أحببت ، قالت : هذا الحي منك قريب ، فإن رأيت أن تمضي إليهم تنعيه لهم ، وتسألهم الحضور ليعينوني على مواراته فافعل .
قال محمد : فركبت وأتيت الحي ، فنعيته لهم ، وأخبرتهم بصورة أمره ، فبينا أنا أدور في الحي إذا أنا بامرأة خرجت من خبائها تجر خمارها ، ناشرة شعرها ، فقالت لي : أيها الناعي ؛ من تنعي ؟ فقلت فلان ، فقالت : بالله عليك ، مات! فقلت : نعم ، قالت : هل سمعت منه شيئا قبل موته ؟ قلت نعم ، وأنشدتها الشعر ، فاستعرت باكية ، وأنشأت تقول:
عداني أن أزورك يا حبيبي === معاشر كلّهم واش حسود ُ
أشاعوا ما علمت من الرزايا === وعابونا ، وما فيهم رشيد
فأمـا إذ ثـويت الـيـوم لــــحدا === فـدور الـناس كلـهم لحود
فلا طــابت لي الدنــيا حــياة === ولا سحّت على الأرض الرعود
ثم خرجت مع القوم وهي تولول حتى انتهينا إلى الغلام ، فغسلناه وصلينا عليه ودفناه ، فلما تفرقنا عن قبره جعلت تصرخ وتلطم .
ثم ركبت ُ ومضيت ، وهي على تلك الحال . فأتيت يزيد بن عبد الملك وناولته الكتاب ، فسألني عن أمور الناس وما رأيته في طريقي ، فأخبرته الخبر ، فقال لي : يا محمد ؛ امض الساعة قبل أن تشتغل في غير هذا حتى تمرّ بأهل الفتى وبنى عمه وتمضي بهم إلى عامل المدينة ، فتأمره أن يُثْبِتَهُم في شرف العطاء ، وإن كان أصاب الجارية ما اصابه فافعل بأهلها كما فعلت بأهله ؛ وارجع حتى تخبرني بالخير ، وتأخذ جواب الكتاب .
قال محمد : فخرجت حتى انتهيت إلى قبر الغلام ، فوجدت بجانبه قبرا آخر ، فسألت عنه ، فقالوا : هذا قبر الجارية ، لم تزل تصرخ وتلطم حتى فاضت نفسها ، ودفنت بجانبه ، فدفعت أهلهما ومضيت بهم إلى عامل المدينة ، فأثْبَتَهُم في شرف وعطاء ، وعدت فأخبرته ، فأجازني على ذلك جائزة حسنة .
أما بعد
September 24th, 2009, 07:57
بارك الله فيك ياغيوض
وكل من خط هنا
يعطيك الف عافيه
دمتم بعطائك ودامت اقلامكم دون توقف
كنت هنا
غيوووض
September 27th, 2009, 03:13
يُحكى أن نُصيب لما أصاب من المال ما أصاب وكان عنده أم مِحجن
وكانت سوداء ، اشتاق إلى البياض فتزوج امرأة سِرية بيضاء
فغضبت أم مِحجن وغارت عليه ، فقال لها : والله يا أم مِحجن ما مثلي يُغار
عليه إني شيخٌ كبير وما مثلك يغار وإنكِ لعجوزٌ كبيرة وما أحدٍ أكرمَ عليَّ
منكِ ولا أوجبَ حقاً فلا تهتمي لهذا الأمر ولا تكدريه عليَّ فرضيت وقرت ثم قال
لها بعد ذلك : هل لكِ أن أجمع إليكِ زوجتي الجديدة فهو أصلح لذات البين
وألمُ للشعث وأبعدُ للشماتة ؟ فقالت : نعم افعل واعطاها ديناراً وقال لها :
إني أكره أن ترى بكِ خصاصة وأن تَفَضَّل عليكِ فاعملي لها إذا اصبحت عندكِ
غداءاً بهذا الدينار ثم أتى زوجته الجديدة فقال لها : إني أردتُ أن أجمعك إلى
أم مِحجن غداَ ، وهي مُكرمتك ، وأكره أن تفضل عليك أم مِحجن ، فخذي
هذا الدينار ، فأهدي لها به إذا أصبحتِ عندها غداَ ، لئلا ترى بكِ خصاصة
ولاتذكري لها الدينار ثم أتى صاحباً له يستنصحه ، فقال: إني أريد أن أجمع
زوجتي الجديدة إلى أم مِحجن غداَ ، فاتني مُسلِّماَ فإني سأستجلسك للغداء ،
فإذا تغديت فسلني عن أحبهما إليَّ ، فإني سأنفُرُ وأعظم ذلك ، فإن أبيت عليك
ألا أخبرك فاحلف عليَّ ، فلمَّا كان الغد ، زارت زوجته الجديد ، وأهدت لأم مِحجن ،
ومر صديقه فاستجلسه ، فلمَّا تغديا ، أقبل الرجل عليه : يا أبا مِحجن ، أُحبُ أن
تُخبرني عن أحبَّ زوجتيك إليك فقال : سبحان الله أتسألني عن هذا ، وهما
يسمعان ؟ ماسئل عن مثل هذا أحد ، قال : فإني أقسم عليك لتخبرني ،
فوالله لاعذرتك ، ولاأقبل ذلك ، قال : أما إذا فعلت فأحبهما إليَّ صاحبة الدينار
والله لاأزيدك على هذا شيئا ، فأعرضت كلَّ واحدة منهما تضحك ،
ونفسها مسرورة ، وهي تظن أنه عناها بذلك القول
الرائد7
September 27th, 2009, 13:32
السلام عليكم
تلميذ مستمع ومستفيد من هذه المدرسة التاريخية المميزة
غيوووض وزرقاء اليمامة بورك فيكما..
واصلا فلكما متابعين
أعجبتني قصة صاحبة الدينار
غيوووض
September 28th, 2009, 03:04
تزوج رجل بامرأتين.. إحداهما اسمها "حانة" والثانية اسمها "مانة"..
وحانة كانت صغيرة السن عمرها لا يتجاوز العشرين..
بخلاف مانه التي كان عمرها يزيد عن الخمسين والشيب لعب برأسها..
فكان كلما دخل إلى حجرة حانة تنظر إلى لحيته
وتنزع منها كل شعرة بيضاء
وتقول : يصعب علي عندما أرى الشعر الشائب يلعب بهذه اللحية الجميلة وأنت ما زلت شاباً..
ويذهب عند مانة
فتمسك هي الاخرى لحيته وتنزع منها الشعر الأسود
وتقول: يكدرني أن أرى شعراً أسود بلحيتك وأنت رجل كبير السن جليل القدر..
ودام حال الرجل على هذا المنوال حتى نظر بالمرآة يوماً
فرأى بها - لحيته - نقصاً عظيماً.. فمسكها بعنف وقال :
"بين حانة ومانة ضاعت لحانا"
فذهبت مثلاً عند العرب
سلسبيل
September 28th, 2009, 14:01
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
تسلمين ياغيوض على الطرح .. ويسلم جميع من شارك ..
ودي بقصة " سندريلا" امزح ..
متابع
خالد محمد
September 28th, 2009, 15:15
قصص جميلة
يعطيكم العافية
غيوووض
October 4th, 2009, 19:03
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
تسلمين ياغيوض على الطرح .. ويسلم جميع من شارك ..
ودي بقصة " سندريلا" امزح ..
متابع
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أبشر بقصة السندريللا وعلي بابا وتوم وجيري :s67:
المواضيع الجادة ماهي مودي.. :49:
تصدق عاد
أني أدف عمري بالكتابة
شكل فيني عين ما صلت على النبي
أبي شيخ يقرأ علي .. :h43:
وأشكر الأخ خالد على المرور
تحياتي
سلسبيل
October 4th, 2009, 20:00
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
بالعكس موضوع جميل وهادف نتمنى الا يتوقف .. وعندي حل للجميع حتى لا يحصل ركود او ملل من استمرار الطرح وهو ان لايكون الطرح فقط متعلق بصاحب الموضوع بل علينا جميعاً ان نشارك في اي موضوع كهذا مثلاً في هذا الموضوع يجب ان نساهم في الطرح فكل واحد منا مطالب بان يضع قصه من قصص التاريخ .. بحيث نكون قارئين وفي نفس الوقت مشاركين وهذا سيبعد الملل عن الجميع ويجعل الموضوع يستمر على نشاطه الأول ..!!!
انتظروني بقصة من التاريخ ... مع الشكر للأخت غيوض على هذه الفكره والطرح
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir