نجلاء كتبي
September 29th, 2014, 01:47
دويتشه ﭭيله : أثناء الحرب العالمية الثانية خاطر العديد من المسلمين بحياتهم من أجل إنقاذ العديد من اليهود من الموت في معسكرات الاعتقال النازية. لكن بطولاتهم الإنسانية، التي قاموا بها دون مقابل، باتت منذ أعوام طويلة نسياً منسياً.
http://www.dw.de/image/0,,17957495_303,00.jpg
الجزائري سي قدور بنغبريت
غالبًا ما يتم تصوير الصراع في الشرق الأوسط من جانب واحد بصورة "حرب دينية"، وهذا أمر غير صحيح، وذلك لأنَّ اليهود والمسلمين كانوا دائمًا يعيشون سوية بسلام لفترة طولة من الزمن - سواء في الشرق أو في الغرب. ولكن مع ذلك فإنَّ الأمثلة على هذا التعايش السلمي بين اليهود والمسلمين أو حتى الأمثلة التي تظهر تبادلهم المساعدة، ليست معروفة كثيرًا مثل تلك الأمثلة التي من المفترض أنَّها تثبت الصراع الأزلي بين الحضارات.
في فترة تفاقم الجنون العنصري النازي، خاطر بعض المسلمين بحياتهم من أجل إنقاذ حياة غيرهم من اليهود. غير أنَّ عملهم الشجاع هذا بات منذ فترة طويلة نسيًا منسيًا. لقد شهد على سبيل المثال مسجد باريس الكبير واحدة من مثل حالات إنقاذ اليهود هذه. تم افتتاح مسجد باريس الكبير في عام 1926، كما أنَّه يُعدّ من دون ريب من أجمل بيوت الله الإسلامية في أوروبا. وهو يعتبر كذلك دليل شكر وامتنان لأولئك المسلمين، الذين قاتلوا في الحرب العالمية الأولى ضدّ ألمانيا إلى جانب فرنسا ضمن وحدات جنود المشاة المناوشين "Tirailleurs" - أي ضمن القوَّات المساعدة الاستعمارية. وفي تلك الحقبة سقط سبعون ألف محارب مسلم كانوا يحاربون تحت الراية الفرنسية.
http://www.dw.de/image/0,,17856681_401,00.jpg
يتم في "قاعة الأسماء" عرض صور ليهود قتلوا أثناء حقبة الإرهاب النازي. وفي القاعة الرئيسية
ذات الشكل الدائري تم حفظ مجموعات كبيرة من "أوراق المذكرات"، التي تحتوي على ملاحظات
موجزة من سير ذاتية لضحايا قتلوا في المحرقة النازية. وحاليًا يوجد على الرفوف مليونان من هذه
الأوراق؛ في حين تتّسع القاعة لستة ملايين ورقة.
وبعد الاجتياح الألماني لفرنسا في عام 1940، بات اليهود هناك مهدّدين بخطر الموت. وفي تلك الأيَّام، كان سي قدور بنغبريت، وهو من أصل جزائري، مدير مسجد باريس الكبير وإمامه الرئيسي. ولذلك فقد كان العديد من اليهود الشرقيين (المزراحيين) الباحثين عن المساعدة يتوجّهون إليه من أجل حمايتهم. ومن بين هؤلاء اليهود كان أيضًا الشاب سالم الهلالي، الذي أصبح في وقت لاحق مطربًا وممثّلاً شعبيًا وقد توفي في عام 2005. لقد استقبل سي قدور بنغبريت العديد من هؤلاء اليهود وأخفاهم في داخل المسجد ونجح في إنقاذهم، وذلك من خلال تزويدهم بهوية إسلامية.
وبما أنَّ اليهود الشرقيين لا يختلفون كثيرًا في مظهرهم الخارجي عن إخوانهم وأخواتهم المسلمين، ويتحدّثون اللغة نفسها ويحملون أسماء مشابه، فلم يكن من الصعب كثيرًا على سي قدور بنغبريت التضليل بالمحتلين الألمان. حيث حصل لكلّ فرد منهم على وثائق مزيفة تثبت أصولهم الإسلامية المفترضة، وقد أنقذهم من خلال ذلك من الترحيل إلى معسكرات الاعتقال النازية. لا يزال من غير المعروف تمامًا كم كان يبلغ عدد اليهود الذين نجح سي قدور بنغبريت في إخفائهم، ولكن من الممكن أن يكون عددهم كان يصل إلى ألفي شخص، ومن المفترض كذلك أنَّ من بينهم كان يوجد الكثيرون من مقاتلي المقاومة الفرنسية والكثير من النساء والأطفال.
اعتبار اليهود الإيرانيين من الآريين
كان يوجد رجل آخر خاطر بحياته كثيرًا أثناء الحرب العالمية الثانية في باريس أيضًا، وهو عبد الحسين سرداري، الذي كان يدير في تلك الفترة القنصلية الإيرانية هناك. تمكَّن هو الآخر من إنقاذ نحو ألفي يهودي من اليهود الإيرانيين، الذين كانوا يعيشون في فرنسا، وذلك من خلال خداعه النازيين باستخدامه دعايتهم الخاصة. فبما أنَّ النازيين يعتبرون الإيرانيين من ضمن الآريين، فقد ادَّعى سرداري أنَّ اليهود الإيرانيين هم أيضًا من حيث المبدأ آريون.
ولكن ما يدعو للأسف أنَّ عمل سرداري البطولي هذا أصبح الآن نسيًا منسيًا ليس فقط في أوروبا، بل كذلك في جمهورية إيران الإسلامية. تُذكّرنا قصة سي قدور بنغبريت وكذلك قصة عبد الحسين سرداري بالألماني أوسكار شندلر، الذي أنقذ من خلال عمله البطولي أكثر من ألف يهودي. وحول عمله هذا تم تصوير فيلم رائع حاز على عدة جوائز، وبعد الحرب تم تكريم الألماني أسكار شندلر عن عمله البطولي هذا، وكذلك تم منحه وسام صليب الاستحقاق الألماني الاتّحادي.
وبالإضافة إلى ذلك أُقيمت له ذكرى في داخل نصب "ياد فاشيم" (النصب التذكاري الخاص بشهداء وأبطال دولة إسرائيل إبَّان المحرقة) داخل مدينة القدس. ولكن في المقابل فإنَّ اسمي سي قدور بنغبريت وعبد الحسين سرداري غير معروفين لأي شخص تقريبًا. حيث لا يتم في نصب "ياد فاشيم" التذكاري تكريم هذين الرجلين اللذين أنقذا العديد من الناس مثلما فعل أوسكار شندلر وربما أكثر ممن أنقذهم شندلر، وقد راهنا من خلال ذلك بحياتهما.
بحث "ياد فاشيم" عن شهود عيان معاصرين
في شارع "المنصفين بين الأمم"، حيث يقع النصب التذكاري الذي يُذكّر بالأعمال البطولية في زمن المحرقة، تم تسجيل نحو 24 ألف اسم لأشخاص ساعدوا اليهود. ولكن لا يوجد من بينهم سوى أسماء عدد قليل جدًا من المسلمين. وفي العام الماضي 2013 أضافت مؤسسة "ياد فاشيم" اسم أوّل شخص عربي إلى هذه القائمة. وهذا العربي هو الطبيب المصري محمد حلمي، الذي كان يعيش في الأربعينيات في برلين. وفي هذه الفترة أخفى أصدقاءه اليهود في بيته. وبسبب أصوله "غير الآرية" فقد واجه محمد حلمي العديد من الصعوبات والمشكلات. وجميع اليهود الذين أخفاهم تمكّنوا بفضل جهوده من النجاة والبقاء على قيد الحياة.
ولكن الذاكرة التاريخية لا تزال في الواقع تعكس أيضًا الاعتبارات السياسية الراهنة. وهكذا أصبح مع تفاقم الصراع وبعد الثورة الإسلامية في إيران مثل هؤلاء المسلمين منقذي اليهود منسيين تمامًا. ولكن مع ذلك فإنَّ مؤسسة "ياد فاشيم" تنفي حدوث ذلك عن قصد وتشير مرارًا وتكرارًا إلى وجود أسماء نحو ستين مسلمًا ضمن قائمة منقذي اليهود من المحرقة النازية.
http://www.dw.de/image/0,,17278203_401,00.jpg
مديرة مؤسسة ياد فاشيم، السيدة إيرينا شتاينفيلد تعرض ميدالية وشهادة تكريم منحتها
للدكتور محمد حلمى بعد وفاته. ومحمد حلمى طبيب مصري كان يعيش إبَّان الحرب
العالمية الثانية في ألمانيا وقد ساعد في إخفاء العديد من اليهود وأنقذهم من الترحيل
إلى معسكرات الاعتقال النازية.
وعلى الرغم من ذلك فإنَّ اسم سي قدور بنغبريت لا يزال غير مدرج هناك. بعدما انتهت الحرب، تحدّث بعض الأشخاص الذين وجدوا في تلك الحقبة الحماية في مسجد باريس عن عمليات إنقاذه لهم. أراد هؤلاء الأشخاص جعل الأجيال القادمة تعرف أنَّ العرب أيضًا حافظوا على حياة العديد من اليهود وأنقذوهم من الموت. ومن جانبها حاولت في الماضي مؤسسة ياد فاشيم العثور على ناجين من المحرقة وتتبُّع آثار أبنائهم وأحفادهم؛ وكذلك تم البحث عن وثائق لها صلة وتعود إلى تلك الفترة.
ولكن من المؤسف أنَّ هذا البحث عن شهود أو وثائق لا يزال حتى يومنا هذا من دون نجاح. "وفي حال العثور على مثل هذه الأدلة، سيتم بالتأكيد أخذها بعين الاعتبار، وسيتم إدراج اسم سي قدور بنغبريت في شارع المنصفين بين الأمم"، بحسب ما ذكرته مؤسسة ياد فاشيم. ينطبق الشيء نفسه أيضًا على الدبلوماسي الإيراني عبد الحسين سرداري.
ولكن مع ذلك يُظهر عمل هذين الرجلين أنَّ المسلمين واليهود من الممكن أن يتشاركوا فيما هو أكثر من مجرّد التفاهم المتبادل. وفي يومنا هذا خاصة، وفي ضوء الصراع المتصاعد باستمرار في الشرق الأوسط، من المهم الحفاظ على مثل هذه الذكريات وإعادة إحيائها.
عمران فيروز
ترجمة: رائد الباش
حقوق النشر: قنطرة (http://ar.qantara.de/)2014
http://www.dw.de/image/0,,17957495_303,00.jpg
الجزائري سي قدور بنغبريت
غالبًا ما يتم تصوير الصراع في الشرق الأوسط من جانب واحد بصورة "حرب دينية"، وهذا أمر غير صحيح، وذلك لأنَّ اليهود والمسلمين كانوا دائمًا يعيشون سوية بسلام لفترة طولة من الزمن - سواء في الشرق أو في الغرب. ولكن مع ذلك فإنَّ الأمثلة على هذا التعايش السلمي بين اليهود والمسلمين أو حتى الأمثلة التي تظهر تبادلهم المساعدة، ليست معروفة كثيرًا مثل تلك الأمثلة التي من المفترض أنَّها تثبت الصراع الأزلي بين الحضارات.
في فترة تفاقم الجنون العنصري النازي، خاطر بعض المسلمين بحياتهم من أجل إنقاذ حياة غيرهم من اليهود. غير أنَّ عملهم الشجاع هذا بات منذ فترة طويلة نسيًا منسيًا. لقد شهد على سبيل المثال مسجد باريس الكبير واحدة من مثل حالات إنقاذ اليهود هذه. تم افتتاح مسجد باريس الكبير في عام 1926، كما أنَّه يُعدّ من دون ريب من أجمل بيوت الله الإسلامية في أوروبا. وهو يعتبر كذلك دليل شكر وامتنان لأولئك المسلمين، الذين قاتلوا في الحرب العالمية الأولى ضدّ ألمانيا إلى جانب فرنسا ضمن وحدات جنود المشاة المناوشين "Tirailleurs" - أي ضمن القوَّات المساعدة الاستعمارية. وفي تلك الحقبة سقط سبعون ألف محارب مسلم كانوا يحاربون تحت الراية الفرنسية.
http://www.dw.de/image/0,,17856681_401,00.jpg
يتم في "قاعة الأسماء" عرض صور ليهود قتلوا أثناء حقبة الإرهاب النازي. وفي القاعة الرئيسية
ذات الشكل الدائري تم حفظ مجموعات كبيرة من "أوراق المذكرات"، التي تحتوي على ملاحظات
موجزة من سير ذاتية لضحايا قتلوا في المحرقة النازية. وحاليًا يوجد على الرفوف مليونان من هذه
الأوراق؛ في حين تتّسع القاعة لستة ملايين ورقة.
وبعد الاجتياح الألماني لفرنسا في عام 1940، بات اليهود هناك مهدّدين بخطر الموت. وفي تلك الأيَّام، كان سي قدور بنغبريت، وهو من أصل جزائري، مدير مسجد باريس الكبير وإمامه الرئيسي. ولذلك فقد كان العديد من اليهود الشرقيين (المزراحيين) الباحثين عن المساعدة يتوجّهون إليه من أجل حمايتهم. ومن بين هؤلاء اليهود كان أيضًا الشاب سالم الهلالي، الذي أصبح في وقت لاحق مطربًا وممثّلاً شعبيًا وقد توفي في عام 2005. لقد استقبل سي قدور بنغبريت العديد من هؤلاء اليهود وأخفاهم في داخل المسجد ونجح في إنقاذهم، وذلك من خلال تزويدهم بهوية إسلامية.
وبما أنَّ اليهود الشرقيين لا يختلفون كثيرًا في مظهرهم الخارجي عن إخوانهم وأخواتهم المسلمين، ويتحدّثون اللغة نفسها ويحملون أسماء مشابه، فلم يكن من الصعب كثيرًا على سي قدور بنغبريت التضليل بالمحتلين الألمان. حيث حصل لكلّ فرد منهم على وثائق مزيفة تثبت أصولهم الإسلامية المفترضة، وقد أنقذهم من خلال ذلك من الترحيل إلى معسكرات الاعتقال النازية. لا يزال من غير المعروف تمامًا كم كان يبلغ عدد اليهود الذين نجح سي قدور بنغبريت في إخفائهم، ولكن من الممكن أن يكون عددهم كان يصل إلى ألفي شخص، ومن المفترض كذلك أنَّ من بينهم كان يوجد الكثيرون من مقاتلي المقاومة الفرنسية والكثير من النساء والأطفال.
اعتبار اليهود الإيرانيين من الآريين
كان يوجد رجل آخر خاطر بحياته كثيرًا أثناء الحرب العالمية الثانية في باريس أيضًا، وهو عبد الحسين سرداري، الذي كان يدير في تلك الفترة القنصلية الإيرانية هناك. تمكَّن هو الآخر من إنقاذ نحو ألفي يهودي من اليهود الإيرانيين، الذين كانوا يعيشون في فرنسا، وذلك من خلال خداعه النازيين باستخدامه دعايتهم الخاصة. فبما أنَّ النازيين يعتبرون الإيرانيين من ضمن الآريين، فقد ادَّعى سرداري أنَّ اليهود الإيرانيين هم أيضًا من حيث المبدأ آريون.
ولكن ما يدعو للأسف أنَّ عمل سرداري البطولي هذا أصبح الآن نسيًا منسيًا ليس فقط في أوروبا، بل كذلك في جمهورية إيران الإسلامية. تُذكّرنا قصة سي قدور بنغبريت وكذلك قصة عبد الحسين سرداري بالألماني أوسكار شندلر، الذي أنقذ من خلال عمله البطولي أكثر من ألف يهودي. وحول عمله هذا تم تصوير فيلم رائع حاز على عدة جوائز، وبعد الحرب تم تكريم الألماني أسكار شندلر عن عمله البطولي هذا، وكذلك تم منحه وسام صليب الاستحقاق الألماني الاتّحادي.
وبالإضافة إلى ذلك أُقيمت له ذكرى في داخل نصب "ياد فاشيم" (النصب التذكاري الخاص بشهداء وأبطال دولة إسرائيل إبَّان المحرقة) داخل مدينة القدس. ولكن في المقابل فإنَّ اسمي سي قدور بنغبريت وعبد الحسين سرداري غير معروفين لأي شخص تقريبًا. حيث لا يتم في نصب "ياد فاشيم" التذكاري تكريم هذين الرجلين اللذين أنقذا العديد من الناس مثلما فعل أوسكار شندلر وربما أكثر ممن أنقذهم شندلر، وقد راهنا من خلال ذلك بحياتهما.
بحث "ياد فاشيم" عن شهود عيان معاصرين
في شارع "المنصفين بين الأمم"، حيث يقع النصب التذكاري الذي يُذكّر بالأعمال البطولية في زمن المحرقة، تم تسجيل نحو 24 ألف اسم لأشخاص ساعدوا اليهود. ولكن لا يوجد من بينهم سوى أسماء عدد قليل جدًا من المسلمين. وفي العام الماضي 2013 أضافت مؤسسة "ياد فاشيم" اسم أوّل شخص عربي إلى هذه القائمة. وهذا العربي هو الطبيب المصري محمد حلمي، الذي كان يعيش في الأربعينيات في برلين. وفي هذه الفترة أخفى أصدقاءه اليهود في بيته. وبسبب أصوله "غير الآرية" فقد واجه محمد حلمي العديد من الصعوبات والمشكلات. وجميع اليهود الذين أخفاهم تمكّنوا بفضل جهوده من النجاة والبقاء على قيد الحياة.
ولكن الذاكرة التاريخية لا تزال في الواقع تعكس أيضًا الاعتبارات السياسية الراهنة. وهكذا أصبح مع تفاقم الصراع وبعد الثورة الإسلامية في إيران مثل هؤلاء المسلمين منقذي اليهود منسيين تمامًا. ولكن مع ذلك فإنَّ مؤسسة "ياد فاشيم" تنفي حدوث ذلك عن قصد وتشير مرارًا وتكرارًا إلى وجود أسماء نحو ستين مسلمًا ضمن قائمة منقذي اليهود من المحرقة النازية.
http://www.dw.de/image/0,,17278203_401,00.jpg
مديرة مؤسسة ياد فاشيم، السيدة إيرينا شتاينفيلد تعرض ميدالية وشهادة تكريم منحتها
للدكتور محمد حلمى بعد وفاته. ومحمد حلمى طبيب مصري كان يعيش إبَّان الحرب
العالمية الثانية في ألمانيا وقد ساعد في إخفاء العديد من اليهود وأنقذهم من الترحيل
إلى معسكرات الاعتقال النازية.
وعلى الرغم من ذلك فإنَّ اسم سي قدور بنغبريت لا يزال غير مدرج هناك. بعدما انتهت الحرب، تحدّث بعض الأشخاص الذين وجدوا في تلك الحقبة الحماية في مسجد باريس عن عمليات إنقاذه لهم. أراد هؤلاء الأشخاص جعل الأجيال القادمة تعرف أنَّ العرب أيضًا حافظوا على حياة العديد من اليهود وأنقذوهم من الموت. ومن جانبها حاولت في الماضي مؤسسة ياد فاشيم العثور على ناجين من المحرقة وتتبُّع آثار أبنائهم وأحفادهم؛ وكذلك تم البحث عن وثائق لها صلة وتعود إلى تلك الفترة.
ولكن من المؤسف أنَّ هذا البحث عن شهود أو وثائق لا يزال حتى يومنا هذا من دون نجاح. "وفي حال العثور على مثل هذه الأدلة، سيتم بالتأكيد أخذها بعين الاعتبار، وسيتم إدراج اسم سي قدور بنغبريت في شارع المنصفين بين الأمم"، بحسب ما ذكرته مؤسسة ياد فاشيم. ينطبق الشيء نفسه أيضًا على الدبلوماسي الإيراني عبد الحسين سرداري.
ولكن مع ذلك يُظهر عمل هذين الرجلين أنَّ المسلمين واليهود من الممكن أن يتشاركوا فيما هو أكثر من مجرّد التفاهم المتبادل. وفي يومنا هذا خاصة، وفي ضوء الصراع المتصاعد باستمرار في الشرق الأوسط، من المهم الحفاظ على مثل هذه الذكريات وإعادة إحيائها.
عمران فيروز
ترجمة: رائد الباش
حقوق النشر: قنطرة (http://ar.qantara.de/)2014