ورود الشوق
August 21st, 2014, 08:29
لندن - جون كمب (رويترز) - لدي نبأ غير سار لكل المتخصصين في القانون والعلوم الاجتماعية والفنون: ربما تكون أفضل أيامكم قد ولت لأن المستقبل سيكون للعلماء والمهندسين والمتخصصين في الرياضيات.
http://doraksa.com/mlffat/files/2300.jpg
تشهد قاعات الدراسة في المدارس الثانوية والجامعات في مختلف أنحاء الولايات المتحدة ثورة هادئة مع تكيف الطلاب مع سوق عمل صعبة عن طريق اختيار تخصصات كمية قابلة للقياس بدرجة أكبر.
والوظائف الأعلى راتبا في الولايات المتحدة تتطلب كلها تقريبا دراسة تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
وأظهرت بيانات رواتب جمعها المكتب الأمريكي لاحصاءات العمل في إطار دراسته السنوية للتوظيف المهني والأجور أنه من بين الوظائف الخمسين الأعلى راتبا في الولايات المتحدة تحتاج أكثر من 30 وظيفة خريجين حصلوا على درجة جامعية أو دراسات عليا في تلك التخصصات ومنها علوم الطب.
وتقول وزارة التعليم الأمريكية إن العدد السنوي للطلاب المسجلين في البرامج الجامعية في تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات ارتفع بنحو 700 ألف (23 في المئة) بين عامي 2003 و2011 وهو أحدث عام تتوفر عنه مثل هذه البيانات.
وأفادت نسخة عام 2013 من "مختصر الاحصاءات التعليمية" الصادر عن الوزارة بأن أكثر من 3.7 مليون طالب سجلوا في مقررات جامعية يمكن تصنيفها بشكل عام على أنها برامج للعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في 2011 ارتفاعا من ثلاثة ملايين عام 2003 .
وزاد عدد المسجلين في فروع العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات بسرعة أكبر كثيرا مقارنة بالبرامج الجامعية بشكل عام والذي زاد بنسبة خمسة في المئة فقط خلال نفس الفترة.
وفي الواقع تمثل الزيادة في عدد المسجلين في تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات أكثر من نصف الزيادة الاجمالية في المسجلين بالجامعة على مدى السنوات الثماني بين 2003 و2011.
وبسبب حوافز الرواتب إلى جانب المكانة المهنية المرموقة المرتبطة بها يتجه الطلاب نحو الدراسة التي تتطلب موهبة حسابية عالية وهو ما يلزم للنجاح ماليا في اقتصاد يهيمن عليه الكمبيوتر وتحليل البيانات والهندسة والتكنولوجيا المعقدة.
http://s4.reutersmedia.net/resources/r/?m=02&d=20140820&t=2&i=965623887&w=450&fh=&fw=&ll=&pl=&r=LYNXMPEA7J0XV
طلبة مدرسة في ماساتشوستس اثناء حفل 11 يونيو حزيران 2014 - رويترز
كلمة السر الرياضيات
إن ازدهار النفط والغاز في أمريكا الشمالية أحد الأمثلة التي توضح كيف ترسم الحوافز المالية ملامح الخيارات التعليمية لجيل جديد.
فقد قفز متوسط دخل مهندسي البترول الأكفاء من 87 ألف دولار في 2003 إلى 149 ألف دولار في 2011 وهي زيادة بنسبة 70 في المئة في حين كانت الدخول في الاقتصاد برمته تكافح لتتماشى مع معدل الزيادة في التضخم.
وزاد عدد المسجلين في برامج الدراسات العليا لهندسة البترول من 561 في 1997 و849 في 2003 إلى 1301 في 2011.
لكن التحول لا يقتصر على النفط والغاز. فعدد المسجلين في علوم الهندسة اجمالا بلغ 146 ألفا في 2011 ارتفاعا من 120 ألفا في 2003 ومئة ألف في 1997.
وزادت الدخول في عدد كبير من المهن المرتبطة بمجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات خلال العقد الماضي.
وارتفع متوسط دخل المتخصصين في الرياضيات 34 في المئة بين عامي 2003 و2013. وزاد دخل محللي بحوث العمليات 32 في المئة. كما ارتفع متوسط دخول خبراء الاحصاء 34 في المئة. وكانت الزيادات أعلى من المتوسط بالنسبة لمهندسي المواد (39 في المئة) ومهندسي الطيران (39 في المئة) والمهندسين البحريين (31 في المئة).
وعلى النقيض ارتفع متوسط دخول جميع الوظائف 25 في المئة فقط. ومن اجل مواكبة التضخم احتاج العاملون لكسب نحو 27 في المئة أكثر في 2013 مقارنة بعام 2003. لذلك فمن الناحية الفعلية انخفض متوسط الرواتب. وأي مهنة ارتفع فيها متوسط الراتب بأقل من 27 في المئة تكون القوة الحقيقية لدخلها تراجعت فعليا.
وشهدت دخول المحامين -وهو تخصص أدبي- زيادة أقل من المتوسط وأقل من التضخم وبلغت 22 في المئة في حين زاد متوسط دخل خبراء الاقتصاد -وهو مجال مرموق آخر لكنه يميل بدرجة أكبر إلى الطابع الكمي- أكثر قليلا من 30 في المئة.
وحققت الفئة الواسعة لمهن الفنون والتصميم والترفيه والرياضة والاعلام -والتي تشمل الصحفيين- متوسط زيادة بنحو 26 في المئة. لكن المراسلين حققوا زيادة أقل من المتوسط إذ ارتفع دخلهم 21 في المئة فقط أي أقل من معدل التضخم بينما حقق اخصائيو العلاقات العامة نتيجة افضل وزاد دخلهم 31 في المئة.
منافسة متجددة
وعلى مدى سنوات ظل السياسيون وخبراء التعليم في الولايات المتحدة يشعرون بالقلق ازاء تراجع قدرة الاقتصاد الأمريكي على المنافسة وصعود منافسين خاصة في آسيا.
واستند جانب كبير من هذا القلق إلى العدد المتزايد للمهندسين والعلماء الذين يتخرجون من الجامعات في الصين ودول العالم النامي (وجرى التعبير عن المخاوف نفسها إزاء اليابان في السبعينيات والثمانينيات).
وفي 2007 نشر المجلس القومي للأبحاث والذي يضم الأكاديمية القومية الأمريكية للعلوم والأكاديمية القومية للهندسة ومعهد الطب تقريرا يبعث على القلق بعنوان "تخطي العاصفة القادمة: تحفيز وتشغيل أمريكا من أجل مستقبل اقتصادي أكثر إشراقا."
وقال المجلس في تقريره "نحن قلقون بشدة من تآكل لبنات البناء العلمية والتكنولوجية المهمة لريادتنا الاقتصادية في وقت تكتسب فيه دول أخرى كثيرة القوة."
وأضاف التقرير بنبرة متشائمة "نحن قلقون بشأن ازدهار الولايات المتحدة في المستقبل. ورغم افتراض كثيرين أن الولايات المتحدة ستكون دائما زعيمة للعالم في العلوم والتكنولوجيا فقد لا يستمر هذا الوضع كثيرا مع ظهور عقول وأفكار عظيمة في مختلف أنحاء العالم."
وقدم التقرير توصيات من بينها توفير المزيد من مدرسي الرياضيات والعلوم في المدارس الثانوية وزيادة عدد الطلاب المستعدين لدراسة موضوعات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في الجامعة وزيادة عدد ونسبة المواطنين الأمريكيين الحاصلين على درجة البكالوريوس في العلوم الفيزيائية والعلوم الحيوية والهندسة والرياضيات."
وناشد المجلس القومي للأبحاث الحكومة الاتحادية القيام بدور مهم في توظيف المزيد من المدرسين وتوفير المزيد من المنح الدراسية وتخصيص المزيد من الأموال للبحوث والتنمية.
لكن السوق تبلي بلاء حسنا لحل المشكلة بنفسها. فتخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات تعد برواتب أعلى وفرص أفضل وأمان وظيفي أكبر. ويتجاوب الطلاب مع هذا بتغيير خياراتهم التعليمية والمهنية.
وخلال السنوات العشرة المقبلة ستظل الدخول المرتفعة نسبيا والمكانة المرموقة للعلماء والمهندسين والمتخصصين في الرياضيات تجذب الطلاب إلى دراسة هذه التخصصات وتعزيز "القاعدة المعرفية" التي يقلق السياسيون والمعلمون والمعلقون كثيرا بشأنها.
وزيادة عدد طلاب العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات نبأ سار لصناعة النفط والغاز وأعمال أخرى تحتاج إلى توظيف عدد كبير من الخريجيين الذي يتمتعون بالمهارات الكمية. لكن المنظور المستقبلي للطلاب الحاصلين على درجات في التخصصات الأخرى أقل تفاؤلا بكثير.
وخلال العقد المقبل لن يكون الفارق بين الولايات المتحدة ومنافسيها في الخارج وانما بين دارسي العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات ومن لم يدرسوها.
http://doraksa.com/mlffat/files/2300.jpg
تشهد قاعات الدراسة في المدارس الثانوية والجامعات في مختلف أنحاء الولايات المتحدة ثورة هادئة مع تكيف الطلاب مع سوق عمل صعبة عن طريق اختيار تخصصات كمية قابلة للقياس بدرجة أكبر.
والوظائف الأعلى راتبا في الولايات المتحدة تتطلب كلها تقريبا دراسة تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
وأظهرت بيانات رواتب جمعها المكتب الأمريكي لاحصاءات العمل في إطار دراسته السنوية للتوظيف المهني والأجور أنه من بين الوظائف الخمسين الأعلى راتبا في الولايات المتحدة تحتاج أكثر من 30 وظيفة خريجين حصلوا على درجة جامعية أو دراسات عليا في تلك التخصصات ومنها علوم الطب.
وتقول وزارة التعليم الأمريكية إن العدد السنوي للطلاب المسجلين في البرامج الجامعية في تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات ارتفع بنحو 700 ألف (23 في المئة) بين عامي 2003 و2011 وهو أحدث عام تتوفر عنه مثل هذه البيانات.
وأفادت نسخة عام 2013 من "مختصر الاحصاءات التعليمية" الصادر عن الوزارة بأن أكثر من 3.7 مليون طالب سجلوا في مقررات جامعية يمكن تصنيفها بشكل عام على أنها برامج للعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في 2011 ارتفاعا من ثلاثة ملايين عام 2003 .
وزاد عدد المسجلين في فروع العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات بسرعة أكبر كثيرا مقارنة بالبرامج الجامعية بشكل عام والذي زاد بنسبة خمسة في المئة فقط خلال نفس الفترة.
وفي الواقع تمثل الزيادة في عدد المسجلين في تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات أكثر من نصف الزيادة الاجمالية في المسجلين بالجامعة على مدى السنوات الثماني بين 2003 و2011.
وبسبب حوافز الرواتب إلى جانب المكانة المهنية المرموقة المرتبطة بها يتجه الطلاب نحو الدراسة التي تتطلب موهبة حسابية عالية وهو ما يلزم للنجاح ماليا في اقتصاد يهيمن عليه الكمبيوتر وتحليل البيانات والهندسة والتكنولوجيا المعقدة.
http://s4.reutersmedia.net/resources/r/?m=02&d=20140820&t=2&i=965623887&w=450&fh=&fw=&ll=&pl=&r=LYNXMPEA7J0XV
طلبة مدرسة في ماساتشوستس اثناء حفل 11 يونيو حزيران 2014 - رويترز
كلمة السر الرياضيات
إن ازدهار النفط والغاز في أمريكا الشمالية أحد الأمثلة التي توضح كيف ترسم الحوافز المالية ملامح الخيارات التعليمية لجيل جديد.
فقد قفز متوسط دخل مهندسي البترول الأكفاء من 87 ألف دولار في 2003 إلى 149 ألف دولار في 2011 وهي زيادة بنسبة 70 في المئة في حين كانت الدخول في الاقتصاد برمته تكافح لتتماشى مع معدل الزيادة في التضخم.
وزاد عدد المسجلين في برامج الدراسات العليا لهندسة البترول من 561 في 1997 و849 في 2003 إلى 1301 في 2011.
لكن التحول لا يقتصر على النفط والغاز. فعدد المسجلين في علوم الهندسة اجمالا بلغ 146 ألفا في 2011 ارتفاعا من 120 ألفا في 2003 ومئة ألف في 1997.
وزادت الدخول في عدد كبير من المهن المرتبطة بمجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات خلال العقد الماضي.
وارتفع متوسط دخل المتخصصين في الرياضيات 34 في المئة بين عامي 2003 و2013. وزاد دخل محللي بحوث العمليات 32 في المئة. كما ارتفع متوسط دخول خبراء الاحصاء 34 في المئة. وكانت الزيادات أعلى من المتوسط بالنسبة لمهندسي المواد (39 في المئة) ومهندسي الطيران (39 في المئة) والمهندسين البحريين (31 في المئة).
وعلى النقيض ارتفع متوسط دخول جميع الوظائف 25 في المئة فقط. ومن اجل مواكبة التضخم احتاج العاملون لكسب نحو 27 في المئة أكثر في 2013 مقارنة بعام 2003. لذلك فمن الناحية الفعلية انخفض متوسط الرواتب. وأي مهنة ارتفع فيها متوسط الراتب بأقل من 27 في المئة تكون القوة الحقيقية لدخلها تراجعت فعليا.
وشهدت دخول المحامين -وهو تخصص أدبي- زيادة أقل من المتوسط وأقل من التضخم وبلغت 22 في المئة في حين زاد متوسط دخل خبراء الاقتصاد -وهو مجال مرموق آخر لكنه يميل بدرجة أكبر إلى الطابع الكمي- أكثر قليلا من 30 في المئة.
وحققت الفئة الواسعة لمهن الفنون والتصميم والترفيه والرياضة والاعلام -والتي تشمل الصحفيين- متوسط زيادة بنحو 26 في المئة. لكن المراسلين حققوا زيادة أقل من المتوسط إذ ارتفع دخلهم 21 في المئة فقط أي أقل من معدل التضخم بينما حقق اخصائيو العلاقات العامة نتيجة افضل وزاد دخلهم 31 في المئة.
منافسة متجددة
وعلى مدى سنوات ظل السياسيون وخبراء التعليم في الولايات المتحدة يشعرون بالقلق ازاء تراجع قدرة الاقتصاد الأمريكي على المنافسة وصعود منافسين خاصة في آسيا.
واستند جانب كبير من هذا القلق إلى العدد المتزايد للمهندسين والعلماء الذين يتخرجون من الجامعات في الصين ودول العالم النامي (وجرى التعبير عن المخاوف نفسها إزاء اليابان في السبعينيات والثمانينيات).
وفي 2007 نشر المجلس القومي للأبحاث والذي يضم الأكاديمية القومية الأمريكية للعلوم والأكاديمية القومية للهندسة ومعهد الطب تقريرا يبعث على القلق بعنوان "تخطي العاصفة القادمة: تحفيز وتشغيل أمريكا من أجل مستقبل اقتصادي أكثر إشراقا."
وقال المجلس في تقريره "نحن قلقون بشدة من تآكل لبنات البناء العلمية والتكنولوجية المهمة لريادتنا الاقتصادية في وقت تكتسب فيه دول أخرى كثيرة القوة."
وأضاف التقرير بنبرة متشائمة "نحن قلقون بشأن ازدهار الولايات المتحدة في المستقبل. ورغم افتراض كثيرين أن الولايات المتحدة ستكون دائما زعيمة للعالم في العلوم والتكنولوجيا فقد لا يستمر هذا الوضع كثيرا مع ظهور عقول وأفكار عظيمة في مختلف أنحاء العالم."
وقدم التقرير توصيات من بينها توفير المزيد من مدرسي الرياضيات والعلوم في المدارس الثانوية وزيادة عدد الطلاب المستعدين لدراسة موضوعات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في الجامعة وزيادة عدد ونسبة المواطنين الأمريكيين الحاصلين على درجة البكالوريوس في العلوم الفيزيائية والعلوم الحيوية والهندسة والرياضيات."
وناشد المجلس القومي للأبحاث الحكومة الاتحادية القيام بدور مهم في توظيف المزيد من المدرسين وتوفير المزيد من المنح الدراسية وتخصيص المزيد من الأموال للبحوث والتنمية.
لكن السوق تبلي بلاء حسنا لحل المشكلة بنفسها. فتخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات تعد برواتب أعلى وفرص أفضل وأمان وظيفي أكبر. ويتجاوب الطلاب مع هذا بتغيير خياراتهم التعليمية والمهنية.
وخلال السنوات العشرة المقبلة ستظل الدخول المرتفعة نسبيا والمكانة المرموقة للعلماء والمهندسين والمتخصصين في الرياضيات تجذب الطلاب إلى دراسة هذه التخصصات وتعزيز "القاعدة المعرفية" التي يقلق السياسيون والمعلمون والمعلقون كثيرا بشأنها.
وزيادة عدد طلاب العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات نبأ سار لصناعة النفط والغاز وأعمال أخرى تحتاج إلى توظيف عدد كبير من الخريجيين الذي يتمتعون بالمهارات الكمية. لكن المنظور المستقبلي للطلاب الحاصلين على درجات في التخصصات الأخرى أقل تفاؤلا بكثير.
وخلال العقد المقبل لن يكون الفارق بين الولايات المتحدة ومنافسيها في الخارج وانما بين دارسي العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات ومن لم يدرسوها.