فاطمة العبد الكريم
July 19th, 2014, 01:03
كايرو أوبزيرفير – القاهرة (بقلم بـــنــاة) : المنزلان رقم 5 و7 فى درب الصُياغ كانا فى الأصل منزلا واحدا تم بناؤه على الطراز العثمانى ما بين الأعوام 1830 و1850 فى الدرب الأحمر بالقاهرة. وقبل أن يتوفى المالك بفترة قصيرة، قام بتحويل العقار إلى وقف. الكثير من غرف المنزل تحمل دلائل على أصالته، بالذات الأسقف الخشبية المزدانة بالنقوش العثمانية. وقد تم تقسيم المنزل إلى منزلين فى الفترة 1870-1880 وفتحت به بوابة أخرى على الشارع.
http://www.bonah.org/wp-content/uploads/2014/05/Darb-el-Soyagh-1-500x400.jpg
وفى أوائل القرن العشرين، تمت إضافة طابقين آخرين وأعيد تقسيم المنزل لسكنى عدد أكبر من الأسر. وقد استخدم المنزل كعقار سكنى حتى سبعينات القرن الماضى، وبعد ذلك تمت إزالة الطابق العلوى وظل الطابقين السفليين يستخدمان كورش وأماكن تخزين للمنتجات الجلدية. والآن فإن عناصر المبنى الأصلية قد عانت من التدهور بسبب نقص الصيانة. فقد اختفت الأسقف الخشبية مثلا وراء مساحات التخزين، كما أن النوافذ الخشبية تم استبدالها بشيش من النوع الردىء. أما الحلى التى تحيط بالأبواب ققد ساءت حالتها بشدة، وظهرت فى الجدران شقوق إنشائية عديدة.
http://www.bonah.org/wp-content/uploads/2014/05/Darb-el-Soyagh-2.jpg
والآن فإن المبنى يعانى من التدهور من جوانب عدة ولا يتطابق استخدامه مع قيمته او النواحى الجمالية به. وبسبب موقعه المركزى فى حى الدرب الأحمر، فإن “مؤسسة الأغاخان للثقافة” قررت ضمه إلى خططها التنموية فى الحى بأكمله.
http://www.bonah.org/wp-content/uploads/2014/05/Darb-el-Soyagh-3.jpg
وصف المشروع
تقوم خطط “الأغاخان” لتنمية الدرب الأحمر على الحفاظ على المبانى التراثية من خلال تعديلها لاستخدامات بديلة. ويعتبر الاستخدام المعدل للبمانى التاريخية أحد الطرق الرامية للحفاظ على التراث، حيث لا يتضمن فقط تغيير وظيفة المبنى من أجل توليد عائد كاف لصيانته، بل إنه أيضا يساعد على تحسين الحالة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية للمجتمع المحلى المحيط. وكانت الخطوة الأولى التى قامت بها “الأغاخان” هى تعويض المقيمين فى المنزل مقابل مغادرتهم له. تلت ذلك إزالة الإنشاءات الدخيلة والإضافات غير الأصلية من أجل الكشف عن النسيج الأصلى له. وقد توقف المشروع عند هذه المرحلة انتظارا لخطط التجديد.
http://www.bonah.org/wp-content/uploads/2014/05/Darb-el-Soyagh-4.jpg
وقد شرعت “الأغاخان” فى الاتصال بالمساهمين المحتملين فى المشروع من المجتمع المحلى والأكاديميين والمسؤولين الحكوميين من أجل العمل بشكل فعال على المشروع. وفى لمسة من التعاون المشترك ما بين “الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى” و”مؤسسة الأغاخان للثقافة” فى مصر، تم تقديم مقترحات لإعادة الاستخدام من قبل طلاب الماجستير فى التصميم فى قسم الهندسة المعمارية والتصميم البيئى. وكانت الأسئلة الرئيسية التى تم طرحها هى: كيف يمكنك أن تجعل السكان المحليين يدخلون المبنى ويتعرفون على تراثهم؟ كيف تقوم بتحقيق أكبر المزايا الاقتصادية والثقافية بشكل مباشر وفى خلال قيامك مساعدة المجتمع المحلى؟ وكيف تحقق كل من الأهداف السابقة مع دعوة الناس من خارج الدرب الأحمر للمساهمة فى عملية تطوير المبنى؟.
http://www.bonah.org/wp-content/uploads/2014/05/Darb-el-Soyagh-5.jpg
خلال فترة البحث، قام فريق التصميم بدراسة ما يحدث فى منطقة المبنى، حيث لاحظ أن هناك أكثر من 60 منظمة غير حكومية فى الدرب الأحمر. أكثر من 15 منظمة غير حكومية كانت تنشط فى المجالات الاجتماعية، وبعض تلك المنظمات كانت تستهدف تقديم خدمات بسعر رخيص – مثل الإسكان والصحة – لأهالى الحى، بينما كان البعض الآخر عبارة عن منظمات انتاجية (تصنع منتجات مثل الجلود والمنسوجات والهدايا التذكارية) أو تعمل فى المجالين فى الوقت ذاته. بعد مقابلة الكثير من مجالس المنظمات غير الحكومية، لوحظ أن معظم تلك المنظمات تشكو من نقص الأماكن التى يمكنهم العمل بها، حيث كانت تلك المنظمات تبحث عن مساحات تقيم فيها ورشها وتعقد بها اجتماعاتها وحلقاتها الدراسية والتدريبية وأيضا معارض تبيع فيها منتجاتها. بالإضافة إلى هذا، أتضح أن تلك المنظمات ليس لديها القدرة على ترويج أنشطتها ومنتجاتها خارج المدينة القديمة. لذا تم التخطيط لنشاط جديد هو “المركز الاجتماعى”، يتضمن تحويل المبنى إلى وحدات متعددة للإيجار للمنظمات غير الحكومية. وسوف يتم تأجير أماكن مجهزة يمكن استخدامها فى مختلف الأنشطة. بالإضافة إلى هذا، فإن “الفناء الغربى” سوف يتم تحويله إلى “مقهى” محلى بغرض التأجير.
http://www.bonah.org/wp-content/uploads/2014/05/Darb-el-Soyagh-6.jpg
الفكرة هنا هى أن المجتمع المحلى سوف يتمكن من استخدام مساحات المبنى فى الاجتماعات والتعلم والتفكير والانتاج. فى مثل هذا المشروع، هناك ثلاثة جوانب يمكنها أن تضمن استدامته، وهى الجانب البيئى والجانب الاجتماعى-الثقافى والجانب الاقتصادى.
الفوائد البيئية التى يتضمنها تعديل مبنى تراثى لإعادة الاستخدام تتلخص فى توفير الطاقة من خلال “إعادة تدوير” المبنى. من خلال تعديل المبنى بشكل يسمح بإعادة الاستخدام، يتم توفير الطاقة والمواد والقوى العاملة اللازمة لإنشاء مبنى جديد، وبهذا فإن تعديل هذا المبنى وإعادة استخدامه يفيد الجوانب البيئية فى مدينة القاهرة. وفى وسع مشروعات التعديل وإعادة الاستخدام لمبان تراثية أن تؤدى إلى تحسين ظروف البيئة فى الأحياء التاريخية. أما زيادة القيمة الإيجارية والنواحى الجمالية التى يتضمنها تطوير هيكل قديم فهى عادة ما تشجع أعضاء المجتمع المحلى المحيط بالقيام بنفس الشىء وبتجديد مبانيهم المتدهورة من أجل تحسين أوضاعهم بشكل عام.
http://www.bonah.org/wp-content/uploads/2014/05/Darb-el-Soyagh-7.jpg
يمكن للمبانى التراثية أن تلعب دورا معينا فى الحى أو المدينة كلها، من جهة أن الأهالى قد يحسون بالتعلق بها بشكل أو بآخر. البعض يسمى تلك العلاقة فخرا أو هوية … وهى كلها أمور تدعم “الإحساس بالمكان”. فالقيمة الكبرى التى يحملها الطوب والمونة القديمة هى فى تلك العلاقات مع البشر. يهدف مشروع تطوير المبنى 5 و7 فى درب الصياغ إلى إبراز تلك العلاقات من أجل تحقيق نتائج مستدامة على المستوى الاجتماعى والاقتصادى. وأكبر المكاسب الاجتماعية والاقتصادية فى إعادة استخدام المبنى كمركز اجتماعى هى من خلال تفاعل الناس معه وبداخله. بما أن المبانى هى مرآة للناس الذين يعيشون فيها، فإن التفاعل مع المبانى الكلاسيكية يعطى الناس فرصة للتعرف على الطريقة التى عاش بها أجدادهم ونوعية الحياة التى جعلتهم يبنون مبانيهم على هذا النحو.
بالإضافة إلى هذا، فإنه من خلال تأجير تلك المساحات للتدريب الحرفى والمحاضرات، فإن المبنى سوف يساعد على ربط الناس بالنماذج الثقافية والاقتصادية الموجودة فى هذا الحى التراثى بالقاهرة. فى الماضى كان الدرب الأحمر مركزا لصناعة المنتجات الجلدية فى القاهرة. هذا الأمر لا يعنى هذا ضرورة إحياء تلك الصناعة من جديد، وإنما يعنى ضرورة إحياء ذكرى تلك الصناعة من خلال التأكيد على أهميتها فى حياة الأجيال السابقة التى عاشت وعملت فى هذا الحى. تلك العلاقة بين الناس والمبنى قد تؤدى إلى زيادة الوعى بالقيم الاجتماعية والثقافية وتساعد على الحفاظ على الهوية للأجيال القادمة.
http://www.bonah.org/wp-content/uploads/2014/05/Darb-el-Soyagh-8.jpg
أما عن الاستدامة الاقتصادية، فإن البرنامج قد تم تطويره على أساس إقامة شركة خاصة لإدارة المشروع تتولى ترتيبات التأجير وتقديم المعدات والعمالة المساعدة والخدمات الأمن والنشر والتجارة والصيانة، بالإضافة إلى الإدارة العامة، مع العلم بأن إدارة هذا المكان ليست بالأمر الهين. وسوف تقوم الشركة الخاصة بتحديث بيانات المنظمات غير الحكومية العاملة بالمكان على نحو منتظم، وذلك من أجل أن تتخذ قرارات صائبة حول التأجير لمنظمات معينة تقوم بالفعل بسد حاجات المجتمع وتتمتع بالسمعة الحسنة. ويعد التنافس بين المنظمات غير الحكومية أمرا ضروريا من أجل زيادة قيمة الأماكن المؤجرة وأيضا ضمان استمرار الطلب على تلك الأماكن. كما أن “المقهى” يمكنه أن يساعد على جذب السكان المحليين إلى المبنى. ولكن لابد من بذل مجهود أكبر فى النشر، لذا فإن تلك الشركة سوف تعمل على تسويق نفسها بصفتها مساحة عرض للمنتجات الحرفية لمن يعيشون خارج محيط الأحياء التاريخية. والربح الذى تولده الشركة سوف يعتمد أساسا على مصدرين: الإيجارات وجزء من عائد بيع المنتجات المعروضة.
تنقسم المساحات التى يتم تأجيرها إلى نوعين رئيسيين: مساحات تخصص للمعارض والورش، ومساحة “المقهى”. وسوف يستخدم العائد الاقتصادى فى تمويل أعمال الصيانة وسد تكاليف إدارة المشروع، بالإضافة إلى تحقيق هامش ربح للشركة التى تدير المكان. وبهذا فإن على الشركة أن تتأكد من أن المبنى بأكمله يتبع معايير تمكنه من تحقيق هدفين متزامنين، هما جذب الزبائن وتبرير القيمة الإيجارية المطلوبة.
http://www.bonah.org/wp-content/uploads/2014/05/Darb-el-Soyagh-9.jpg
خلاصة مقتضبة
للأسف الشديد، فإنه بعد أن قامت “الأغاخان” بإنهاء مشاريعها فى مصر بسبب المشاكل الأمنية التى أعقبت الثورة المصرية فى الفترة 2011-2012، تم الاستيلاء على المبنى حيث يستخدم فناؤه حاليا كاسطبل للخيول بينما تحولت مساحاته الداخلية إلى ورش وأماكن تخزين.
والحقيقة هى أنه إلى جانب هذا المبنى، هناك الكثير من المبانى التراثية فى القاهرة التاريخية ليست مستغلة تماما أو بالمرة، أو يساء استخدامها، وهى تعانى من التعديات غير الرسمية والإهمال. وليس هناك حتى أى توثيق شامل متاح لتلك الأبنية التراثية التى لا تعتبر أبنية تاريخية فى مصر. وأوضحت الأحداث الأخيرة فى مصر أن محاولات التدخل التراثية غير الشاملة قد فشلت فى ظروف عدم الاستقرار الحالية. تلك المبانى لها قيمة بالغة فى التنمية العمرانية ويجب إدماجها فى خطط عمرانية مفصلة للتخطيط العمرانى وخرائط استخدام المساحات. والأهم من هذا أنها يجب أن تحظى بدعم المجتمع المحيط بها. والاستمرار فى اهمال المبانى التراثية هو أمر يهدد بفقدان فرصة عظيمة للإرتقاء بالبيئة العمرانية المتدهورة وتنمية المجتمعات المهمشة والمحرومة والتى يعيش فيها الكثير من السكان.
فريق العمل من الاكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري: محمد مبارك، كريم سمير، معتز عزيز، إيمان اللواء، وليد شحاتة
http://www.bonah.org/wp-content/uploads/2014/04/bonah_logo-blue.png (http://http://www.bonah.org/)
http://www.bonah.org/wp-content/uploads/2014/05/Darb-el-Soyagh-1-500x400.jpg
وفى أوائل القرن العشرين، تمت إضافة طابقين آخرين وأعيد تقسيم المنزل لسكنى عدد أكبر من الأسر. وقد استخدم المنزل كعقار سكنى حتى سبعينات القرن الماضى، وبعد ذلك تمت إزالة الطابق العلوى وظل الطابقين السفليين يستخدمان كورش وأماكن تخزين للمنتجات الجلدية. والآن فإن عناصر المبنى الأصلية قد عانت من التدهور بسبب نقص الصيانة. فقد اختفت الأسقف الخشبية مثلا وراء مساحات التخزين، كما أن النوافذ الخشبية تم استبدالها بشيش من النوع الردىء. أما الحلى التى تحيط بالأبواب ققد ساءت حالتها بشدة، وظهرت فى الجدران شقوق إنشائية عديدة.
http://www.bonah.org/wp-content/uploads/2014/05/Darb-el-Soyagh-2.jpg
والآن فإن المبنى يعانى من التدهور من جوانب عدة ولا يتطابق استخدامه مع قيمته او النواحى الجمالية به. وبسبب موقعه المركزى فى حى الدرب الأحمر، فإن “مؤسسة الأغاخان للثقافة” قررت ضمه إلى خططها التنموية فى الحى بأكمله.
http://www.bonah.org/wp-content/uploads/2014/05/Darb-el-Soyagh-3.jpg
وصف المشروع
تقوم خطط “الأغاخان” لتنمية الدرب الأحمر على الحفاظ على المبانى التراثية من خلال تعديلها لاستخدامات بديلة. ويعتبر الاستخدام المعدل للبمانى التاريخية أحد الطرق الرامية للحفاظ على التراث، حيث لا يتضمن فقط تغيير وظيفة المبنى من أجل توليد عائد كاف لصيانته، بل إنه أيضا يساعد على تحسين الحالة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية للمجتمع المحلى المحيط. وكانت الخطوة الأولى التى قامت بها “الأغاخان” هى تعويض المقيمين فى المنزل مقابل مغادرتهم له. تلت ذلك إزالة الإنشاءات الدخيلة والإضافات غير الأصلية من أجل الكشف عن النسيج الأصلى له. وقد توقف المشروع عند هذه المرحلة انتظارا لخطط التجديد.
http://www.bonah.org/wp-content/uploads/2014/05/Darb-el-Soyagh-4.jpg
وقد شرعت “الأغاخان” فى الاتصال بالمساهمين المحتملين فى المشروع من المجتمع المحلى والأكاديميين والمسؤولين الحكوميين من أجل العمل بشكل فعال على المشروع. وفى لمسة من التعاون المشترك ما بين “الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى” و”مؤسسة الأغاخان للثقافة” فى مصر، تم تقديم مقترحات لإعادة الاستخدام من قبل طلاب الماجستير فى التصميم فى قسم الهندسة المعمارية والتصميم البيئى. وكانت الأسئلة الرئيسية التى تم طرحها هى: كيف يمكنك أن تجعل السكان المحليين يدخلون المبنى ويتعرفون على تراثهم؟ كيف تقوم بتحقيق أكبر المزايا الاقتصادية والثقافية بشكل مباشر وفى خلال قيامك مساعدة المجتمع المحلى؟ وكيف تحقق كل من الأهداف السابقة مع دعوة الناس من خارج الدرب الأحمر للمساهمة فى عملية تطوير المبنى؟.
http://www.bonah.org/wp-content/uploads/2014/05/Darb-el-Soyagh-5.jpg
خلال فترة البحث، قام فريق التصميم بدراسة ما يحدث فى منطقة المبنى، حيث لاحظ أن هناك أكثر من 60 منظمة غير حكومية فى الدرب الأحمر. أكثر من 15 منظمة غير حكومية كانت تنشط فى المجالات الاجتماعية، وبعض تلك المنظمات كانت تستهدف تقديم خدمات بسعر رخيص – مثل الإسكان والصحة – لأهالى الحى، بينما كان البعض الآخر عبارة عن منظمات انتاجية (تصنع منتجات مثل الجلود والمنسوجات والهدايا التذكارية) أو تعمل فى المجالين فى الوقت ذاته. بعد مقابلة الكثير من مجالس المنظمات غير الحكومية، لوحظ أن معظم تلك المنظمات تشكو من نقص الأماكن التى يمكنهم العمل بها، حيث كانت تلك المنظمات تبحث عن مساحات تقيم فيها ورشها وتعقد بها اجتماعاتها وحلقاتها الدراسية والتدريبية وأيضا معارض تبيع فيها منتجاتها. بالإضافة إلى هذا، أتضح أن تلك المنظمات ليس لديها القدرة على ترويج أنشطتها ومنتجاتها خارج المدينة القديمة. لذا تم التخطيط لنشاط جديد هو “المركز الاجتماعى”، يتضمن تحويل المبنى إلى وحدات متعددة للإيجار للمنظمات غير الحكومية. وسوف يتم تأجير أماكن مجهزة يمكن استخدامها فى مختلف الأنشطة. بالإضافة إلى هذا، فإن “الفناء الغربى” سوف يتم تحويله إلى “مقهى” محلى بغرض التأجير.
http://www.bonah.org/wp-content/uploads/2014/05/Darb-el-Soyagh-6.jpg
الفكرة هنا هى أن المجتمع المحلى سوف يتمكن من استخدام مساحات المبنى فى الاجتماعات والتعلم والتفكير والانتاج. فى مثل هذا المشروع، هناك ثلاثة جوانب يمكنها أن تضمن استدامته، وهى الجانب البيئى والجانب الاجتماعى-الثقافى والجانب الاقتصادى.
الفوائد البيئية التى يتضمنها تعديل مبنى تراثى لإعادة الاستخدام تتلخص فى توفير الطاقة من خلال “إعادة تدوير” المبنى. من خلال تعديل المبنى بشكل يسمح بإعادة الاستخدام، يتم توفير الطاقة والمواد والقوى العاملة اللازمة لإنشاء مبنى جديد، وبهذا فإن تعديل هذا المبنى وإعادة استخدامه يفيد الجوانب البيئية فى مدينة القاهرة. وفى وسع مشروعات التعديل وإعادة الاستخدام لمبان تراثية أن تؤدى إلى تحسين ظروف البيئة فى الأحياء التاريخية. أما زيادة القيمة الإيجارية والنواحى الجمالية التى يتضمنها تطوير هيكل قديم فهى عادة ما تشجع أعضاء المجتمع المحلى المحيط بالقيام بنفس الشىء وبتجديد مبانيهم المتدهورة من أجل تحسين أوضاعهم بشكل عام.
http://www.bonah.org/wp-content/uploads/2014/05/Darb-el-Soyagh-7.jpg
يمكن للمبانى التراثية أن تلعب دورا معينا فى الحى أو المدينة كلها، من جهة أن الأهالى قد يحسون بالتعلق بها بشكل أو بآخر. البعض يسمى تلك العلاقة فخرا أو هوية … وهى كلها أمور تدعم “الإحساس بالمكان”. فالقيمة الكبرى التى يحملها الطوب والمونة القديمة هى فى تلك العلاقات مع البشر. يهدف مشروع تطوير المبنى 5 و7 فى درب الصياغ إلى إبراز تلك العلاقات من أجل تحقيق نتائج مستدامة على المستوى الاجتماعى والاقتصادى. وأكبر المكاسب الاجتماعية والاقتصادية فى إعادة استخدام المبنى كمركز اجتماعى هى من خلال تفاعل الناس معه وبداخله. بما أن المبانى هى مرآة للناس الذين يعيشون فيها، فإن التفاعل مع المبانى الكلاسيكية يعطى الناس فرصة للتعرف على الطريقة التى عاش بها أجدادهم ونوعية الحياة التى جعلتهم يبنون مبانيهم على هذا النحو.
بالإضافة إلى هذا، فإنه من خلال تأجير تلك المساحات للتدريب الحرفى والمحاضرات، فإن المبنى سوف يساعد على ربط الناس بالنماذج الثقافية والاقتصادية الموجودة فى هذا الحى التراثى بالقاهرة. فى الماضى كان الدرب الأحمر مركزا لصناعة المنتجات الجلدية فى القاهرة. هذا الأمر لا يعنى هذا ضرورة إحياء تلك الصناعة من جديد، وإنما يعنى ضرورة إحياء ذكرى تلك الصناعة من خلال التأكيد على أهميتها فى حياة الأجيال السابقة التى عاشت وعملت فى هذا الحى. تلك العلاقة بين الناس والمبنى قد تؤدى إلى زيادة الوعى بالقيم الاجتماعية والثقافية وتساعد على الحفاظ على الهوية للأجيال القادمة.
http://www.bonah.org/wp-content/uploads/2014/05/Darb-el-Soyagh-8.jpg
أما عن الاستدامة الاقتصادية، فإن البرنامج قد تم تطويره على أساس إقامة شركة خاصة لإدارة المشروع تتولى ترتيبات التأجير وتقديم المعدات والعمالة المساعدة والخدمات الأمن والنشر والتجارة والصيانة، بالإضافة إلى الإدارة العامة، مع العلم بأن إدارة هذا المكان ليست بالأمر الهين. وسوف تقوم الشركة الخاصة بتحديث بيانات المنظمات غير الحكومية العاملة بالمكان على نحو منتظم، وذلك من أجل أن تتخذ قرارات صائبة حول التأجير لمنظمات معينة تقوم بالفعل بسد حاجات المجتمع وتتمتع بالسمعة الحسنة. ويعد التنافس بين المنظمات غير الحكومية أمرا ضروريا من أجل زيادة قيمة الأماكن المؤجرة وأيضا ضمان استمرار الطلب على تلك الأماكن. كما أن “المقهى” يمكنه أن يساعد على جذب السكان المحليين إلى المبنى. ولكن لابد من بذل مجهود أكبر فى النشر، لذا فإن تلك الشركة سوف تعمل على تسويق نفسها بصفتها مساحة عرض للمنتجات الحرفية لمن يعيشون خارج محيط الأحياء التاريخية. والربح الذى تولده الشركة سوف يعتمد أساسا على مصدرين: الإيجارات وجزء من عائد بيع المنتجات المعروضة.
تنقسم المساحات التى يتم تأجيرها إلى نوعين رئيسيين: مساحات تخصص للمعارض والورش، ومساحة “المقهى”. وسوف يستخدم العائد الاقتصادى فى تمويل أعمال الصيانة وسد تكاليف إدارة المشروع، بالإضافة إلى تحقيق هامش ربح للشركة التى تدير المكان. وبهذا فإن على الشركة أن تتأكد من أن المبنى بأكمله يتبع معايير تمكنه من تحقيق هدفين متزامنين، هما جذب الزبائن وتبرير القيمة الإيجارية المطلوبة.
http://www.bonah.org/wp-content/uploads/2014/05/Darb-el-Soyagh-9.jpg
خلاصة مقتضبة
للأسف الشديد، فإنه بعد أن قامت “الأغاخان” بإنهاء مشاريعها فى مصر بسبب المشاكل الأمنية التى أعقبت الثورة المصرية فى الفترة 2011-2012، تم الاستيلاء على المبنى حيث يستخدم فناؤه حاليا كاسطبل للخيول بينما تحولت مساحاته الداخلية إلى ورش وأماكن تخزين.
والحقيقة هى أنه إلى جانب هذا المبنى، هناك الكثير من المبانى التراثية فى القاهرة التاريخية ليست مستغلة تماما أو بالمرة، أو يساء استخدامها، وهى تعانى من التعديات غير الرسمية والإهمال. وليس هناك حتى أى توثيق شامل متاح لتلك الأبنية التراثية التى لا تعتبر أبنية تاريخية فى مصر. وأوضحت الأحداث الأخيرة فى مصر أن محاولات التدخل التراثية غير الشاملة قد فشلت فى ظروف عدم الاستقرار الحالية. تلك المبانى لها قيمة بالغة فى التنمية العمرانية ويجب إدماجها فى خطط عمرانية مفصلة للتخطيط العمرانى وخرائط استخدام المساحات. والأهم من هذا أنها يجب أن تحظى بدعم المجتمع المحيط بها. والاستمرار فى اهمال المبانى التراثية هو أمر يهدد بفقدان فرصة عظيمة للإرتقاء بالبيئة العمرانية المتدهورة وتنمية المجتمعات المهمشة والمحرومة والتى يعيش فيها الكثير من السكان.
فريق العمل من الاكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري: محمد مبارك، كريم سمير، معتز عزيز، إيمان اللواء، وليد شحاتة
http://www.bonah.org/wp-content/uploads/2014/04/bonah_logo-blue.png (http://http://www.bonah.org/)