الساهر
February 27th, 2014, 11:30
د. حامد محمد شعبان - (الأهرام) : رحمة الله وبركاته على عائشة بنت أبى بكر الصديق، أم المؤمنين، أحب الناس إلى قلب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وآية الطهر الخالص،،، والعفاف الشامخ، والتقى المجيد، منارة العلم النفيس الذى عطر الدنيا، وأسعد الحياة.
http://www.saaid.net/mohamed/aisha.gif
لقد كانت (عائشة) بحق فقيهة ربانية صوامة قوامة، طاهرة مطهرة، أنزل الله براءتها من فوق سبع سماوات، ورفعها، وأعلى قدرها، وشهد أهل العلم أنها موسوعة نادرة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، تعلم الجاهل، وتهدى الحائر وتبغض المعاصي، وتحمى حدود الله، وتحفظ شريعة الإسلام، وترشد الناس إلى الفضائل ومكارم الأخلاق.
إن النساء والبنات والأمهات والأخوات فى أشد الاحتياج إلى دروسها الرشيدة التى ازدانت بماء الوحي، واهتدت بخلق الرسول، وعائشة خير من يقدم هذه الدروس، كان زواجها بوحى من السماء، فلقد رآها المصطفى فى منامه ثلاث ليال، وكان جبريل عليه السلام يأتيه بصورتها، ويقول له: «هذه زوجتك فى الدنيا والآخرة»، وتحدث رسول الله بهذا الأمر لعائشة فقال: «أريتك فى المنام ثلاث ليال، جاء بك الملك فى سرقة من حرير، فيقول: هذه امرأتك فأكشف عن وجهك فإذا أنت فيه فأقول: إن يك هذا من عند الله يمضه» والسرقة القطعة أو الخرقة.
ومن العجيب أن صورتها التى قدمت إليه فى المنام، هى صورة طفلة صغيرة، لا يزيد عمرها على ست سنوات، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى بها، وهى بنت تسع سنين، وفى حياتها مع رسول الله كانت راضية النفس، راضية القلب، ترفرف السعادة على سمائها، وتسعد بمودة سيد المرسلين ورحمته ومعاملته الكريمة التى كانت كلها سموا وبذلا وتضحية، انه خير الأزواج، لطيف المعشر، وسابغ العطف، يتدفق نبله وحلمه، وتسطع مروءته، وتبتهج عشرته بمكارم الأخلاق، مما جعلها تهييء له كل أسباب الراحة، وكل سبل النعيم، إذا أشار لبيت إشارته، متهللة النفس، قريرة العين، كريمة اليد، سخية العواطف والمشاعر.
وهذا درس لكل زوج وزوجة، فالزواج السعيد لابد أن يقوم على المودة والرحمة والرضا والبهجة والسرور، والاحترام والفرح الفياض، مع الصبر والاعتصام بالتقوى والطهر، لتفيض البركات والخيرات ويكون البيت وأهله صورة طيبة للايثار والألفة والسكينة والمحبة، وأم المؤمنين لا نظير لها فى الكرم والزهد والعطاء والوفاء، لم يتعلق قلبها لحظة بحطام الدنيا الزائل، وليت نساء اليوم يقتدين بها فى ذلك، ليسود الفضل والخير والبركة والطهر يقول عطاء: «بعث معاوية إلى عائشة بطوق من ذهب فيه جوهر قوم مائة ألف فقسمته بين أزواج النبى صلى الله عليه وسلم» وعن أم ذرة قالت: «بعث إليها ابن الزبير بمال فى غرارتين (وعاءين) قالت اراه ثمانين ومائة ألف، فدعت بطبق، وهى يومئذ صائمة، فجلست تقسمه بين الناس، فأمست وما عندها من ذلك درهم، فلما أمست قالت: يا جارية هلمى فطرى، فجاءتها بخبز وزيت فقالت لها أم ذرة: أما استطعت مما قسمت اليوم أن تشترى لنا بدرهم لحما نفطر عليه فقالت لها لا تعنفيني، لو كنت ذكرتنى لفعلت. وعن عروة قال: «لقد رأيت عائشة تقسم سبعين ألفا وهى ترقع درعها»
أما الاجتهاد فى العبادة والتسبيح وتتابع الصوم وتواليه، فيحظى بحرص كبير من زوجة الحبيب صلى الله عليه وسلم، حيث تؤمن زهرة التقى النقية أن فى ذلك خيرا كثيرا وثوابا عظيما، فعن عروة عن أبيه »أن عائشة كانت تسرد الصوم» أى تواليه وتتابعه، وعن القاسم «ان عائشة كانت تصوم الدهر ولا تفطر إلا يوم أضحى أو يوم فطر» ويشاهدها الكثيرون وهى تقرأ القرآن وتقوم الليل مسبحة ذاكرة الله، وجلة تصلى وتبكي، تعيش فى أفق نوراني، يحمل جلال الصفاء، وفيض الرحمة والاشتياق إلى رضوان الله وإلى جنته التى أعدها الله لعباده الصالحين. ومن خير دروس أم المؤمنين الدعوة إلى الاستقامة والتقوى والصلاة والنهى عن المعاصى والآثام، فعنها رضى الله عنها أنها قالت: «انكم لن تلقوا الله بشيء خير لكم من قلة الذنوب، من سره أن يسبق الدائب المجتهد، فليكف عن كثرة الذنوب»، ومن أفضل دروسها الحث على العلم وجذب النساء إلى مجالات الفضل والخير، مدركة أن المرأة هى المدرسة الأولى فى بناء المجتمع الصالح، وبهدى القرآن والسنة تنجو وتبعد عن الضلال والانحراف، ان الالتزام بالفرائض والفضائل والاعتصام بالاتقان يعظم الشأن ويوصل إلى المكانة الرفيعة، والحق أن عائشة ملأت ارجاء الأرض علما ودينا ومعرفة وروعا، وكانت فى الحديث نسيجا وحدها، فلم يكن بين أصحاب الرسول من كان أروى منها ومن أبى هريرة على أنها كانت أدق منه وأوضح قال الزهري: «لو جمع علم عائشة إلى علم جميع النساء لكن علم عائشة أفضل» لقد برزت فى تبيين ما أشكل على أصحاب الرسول، ولم تغب عن تنزلات الوحي، متميزة بنفاذ الرأى فى أصول الدين ودقائق الكتاب المبين، معتصمة بالاتقان وحسن القراءة، وتوضيح استدراكاتها وملاحظاتها على الصحابة، فإذا علموا بذلك، رجعوا إلى قولها، وكانت تزورها النساء فى بيتها فتعلمهن وتبهرهن ببراعتها وبما تعلمته من سيد المرسلين من حكمة وسداد، وحيث غمر روحها، وسما بها فوق وجودها، فهنيئا لها بتلك المنزلة العالية، وحسبها أنها زوجة المصطفى فى الدنيا وفى الآخرة، وحسبها أنها فضلت بعشر: قالت عائشة: «فضلت بعشر، فذكرت مجيء جبريل بصورتها، قالت: ولم ينكح بكرا غيري، ولا امرأة أبواها مهاجران غيري، وأنزل الله براءتى من السماء، وكان ينزل عليه الوحى وهى معي، وكنت اغتسل أنا وهو من اناء واحد، وكان يصلى وأنا معترضة بين يديه، وقبض وهو بين سحرى ونحري، فى بيتى وفى ليلتي، ودفن فى بيتي» رحم الله عائشة زهرة التقى النقية، وأعظم قدوة لنساء الدنيا وبناتها.
لمزيد من مقالات د. حامد محمد شعبان (http://www.ahram.org.eg/WriterArticles/1806/2014/0.aspx)
http://www.ahram.org.eg/Media/Writer/2013-635029513784008794-400.jpg
http://www.saaid.net/mohamed/aisha.gif
لقد كانت (عائشة) بحق فقيهة ربانية صوامة قوامة، طاهرة مطهرة، أنزل الله براءتها من فوق سبع سماوات، ورفعها، وأعلى قدرها، وشهد أهل العلم أنها موسوعة نادرة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، تعلم الجاهل، وتهدى الحائر وتبغض المعاصي، وتحمى حدود الله، وتحفظ شريعة الإسلام، وترشد الناس إلى الفضائل ومكارم الأخلاق.
إن النساء والبنات والأمهات والأخوات فى أشد الاحتياج إلى دروسها الرشيدة التى ازدانت بماء الوحي، واهتدت بخلق الرسول، وعائشة خير من يقدم هذه الدروس، كان زواجها بوحى من السماء، فلقد رآها المصطفى فى منامه ثلاث ليال، وكان جبريل عليه السلام يأتيه بصورتها، ويقول له: «هذه زوجتك فى الدنيا والآخرة»، وتحدث رسول الله بهذا الأمر لعائشة فقال: «أريتك فى المنام ثلاث ليال، جاء بك الملك فى سرقة من حرير، فيقول: هذه امرأتك فأكشف عن وجهك فإذا أنت فيه فأقول: إن يك هذا من عند الله يمضه» والسرقة القطعة أو الخرقة.
ومن العجيب أن صورتها التى قدمت إليه فى المنام، هى صورة طفلة صغيرة، لا يزيد عمرها على ست سنوات، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى بها، وهى بنت تسع سنين، وفى حياتها مع رسول الله كانت راضية النفس، راضية القلب، ترفرف السعادة على سمائها، وتسعد بمودة سيد المرسلين ورحمته ومعاملته الكريمة التى كانت كلها سموا وبذلا وتضحية، انه خير الأزواج، لطيف المعشر، وسابغ العطف، يتدفق نبله وحلمه، وتسطع مروءته، وتبتهج عشرته بمكارم الأخلاق، مما جعلها تهييء له كل أسباب الراحة، وكل سبل النعيم، إذا أشار لبيت إشارته، متهللة النفس، قريرة العين، كريمة اليد، سخية العواطف والمشاعر.
وهذا درس لكل زوج وزوجة، فالزواج السعيد لابد أن يقوم على المودة والرحمة والرضا والبهجة والسرور، والاحترام والفرح الفياض، مع الصبر والاعتصام بالتقوى والطهر، لتفيض البركات والخيرات ويكون البيت وأهله صورة طيبة للايثار والألفة والسكينة والمحبة، وأم المؤمنين لا نظير لها فى الكرم والزهد والعطاء والوفاء، لم يتعلق قلبها لحظة بحطام الدنيا الزائل، وليت نساء اليوم يقتدين بها فى ذلك، ليسود الفضل والخير والبركة والطهر يقول عطاء: «بعث معاوية إلى عائشة بطوق من ذهب فيه جوهر قوم مائة ألف فقسمته بين أزواج النبى صلى الله عليه وسلم» وعن أم ذرة قالت: «بعث إليها ابن الزبير بمال فى غرارتين (وعاءين) قالت اراه ثمانين ومائة ألف، فدعت بطبق، وهى يومئذ صائمة، فجلست تقسمه بين الناس، فأمست وما عندها من ذلك درهم، فلما أمست قالت: يا جارية هلمى فطرى، فجاءتها بخبز وزيت فقالت لها أم ذرة: أما استطعت مما قسمت اليوم أن تشترى لنا بدرهم لحما نفطر عليه فقالت لها لا تعنفيني، لو كنت ذكرتنى لفعلت. وعن عروة قال: «لقد رأيت عائشة تقسم سبعين ألفا وهى ترقع درعها»
أما الاجتهاد فى العبادة والتسبيح وتتابع الصوم وتواليه، فيحظى بحرص كبير من زوجة الحبيب صلى الله عليه وسلم، حيث تؤمن زهرة التقى النقية أن فى ذلك خيرا كثيرا وثوابا عظيما، فعن عروة عن أبيه »أن عائشة كانت تسرد الصوم» أى تواليه وتتابعه، وعن القاسم «ان عائشة كانت تصوم الدهر ولا تفطر إلا يوم أضحى أو يوم فطر» ويشاهدها الكثيرون وهى تقرأ القرآن وتقوم الليل مسبحة ذاكرة الله، وجلة تصلى وتبكي، تعيش فى أفق نوراني، يحمل جلال الصفاء، وفيض الرحمة والاشتياق إلى رضوان الله وإلى جنته التى أعدها الله لعباده الصالحين. ومن خير دروس أم المؤمنين الدعوة إلى الاستقامة والتقوى والصلاة والنهى عن المعاصى والآثام، فعنها رضى الله عنها أنها قالت: «انكم لن تلقوا الله بشيء خير لكم من قلة الذنوب، من سره أن يسبق الدائب المجتهد، فليكف عن كثرة الذنوب»، ومن أفضل دروسها الحث على العلم وجذب النساء إلى مجالات الفضل والخير، مدركة أن المرأة هى المدرسة الأولى فى بناء المجتمع الصالح، وبهدى القرآن والسنة تنجو وتبعد عن الضلال والانحراف، ان الالتزام بالفرائض والفضائل والاعتصام بالاتقان يعظم الشأن ويوصل إلى المكانة الرفيعة، والحق أن عائشة ملأت ارجاء الأرض علما ودينا ومعرفة وروعا، وكانت فى الحديث نسيجا وحدها، فلم يكن بين أصحاب الرسول من كان أروى منها ومن أبى هريرة على أنها كانت أدق منه وأوضح قال الزهري: «لو جمع علم عائشة إلى علم جميع النساء لكن علم عائشة أفضل» لقد برزت فى تبيين ما أشكل على أصحاب الرسول، ولم تغب عن تنزلات الوحي، متميزة بنفاذ الرأى فى أصول الدين ودقائق الكتاب المبين، معتصمة بالاتقان وحسن القراءة، وتوضيح استدراكاتها وملاحظاتها على الصحابة، فإذا علموا بذلك، رجعوا إلى قولها، وكانت تزورها النساء فى بيتها فتعلمهن وتبهرهن ببراعتها وبما تعلمته من سيد المرسلين من حكمة وسداد، وحيث غمر روحها، وسما بها فوق وجودها، فهنيئا لها بتلك المنزلة العالية، وحسبها أنها زوجة المصطفى فى الدنيا وفى الآخرة، وحسبها أنها فضلت بعشر: قالت عائشة: «فضلت بعشر، فذكرت مجيء جبريل بصورتها، قالت: ولم ينكح بكرا غيري، ولا امرأة أبواها مهاجران غيري، وأنزل الله براءتى من السماء، وكان ينزل عليه الوحى وهى معي، وكنت اغتسل أنا وهو من اناء واحد، وكان يصلى وأنا معترضة بين يديه، وقبض وهو بين سحرى ونحري، فى بيتى وفى ليلتي، ودفن فى بيتي» رحم الله عائشة زهرة التقى النقية، وأعظم قدوة لنساء الدنيا وبناتها.
لمزيد من مقالات د. حامد محمد شعبان (http://www.ahram.org.eg/WriterArticles/1806/2014/0.aspx)
http://www.ahram.org.eg/Media/Writer/2013-635029513784008794-400.jpg