فاطمة العبد الكريم
November 16th, 2013, 01:10
رانيا الباز - (الأخبار العقارية) : قـرر عالم السلوك الحيواني «جون كالاون» بناء المدينة الفاضلة لفئران النرويج البيضاء بعد دراسة ما يقارب أربـع عشرة سنة كي يستنتج ملاحظة سلوك الفئران ودينامكية الإسكان، فبنى قرية من ألف متر مربـع، وخلص إلى أن الكثافة السكانية أو الازدحام يؤدي إلى اضطرابات معينة في السلوك بحيث يزيد عدد الوفيات من صغار الفئران، والضيق النفسي للفئران وهو ما يؤدي إلى عدد من الكوارث الجسمانية بسبب ما يسمى بـ «القاذورات السلوكية» بمعنى أن الفئران تضج من التصاقها ببعضها البعض و «ما حد طايق حالو».
https://www.falak.me//HLIC/b6fae74e8780a9fd6534d77ed49b59ec.jpg
واستنتج العالم كالاون أن الفأر لا يتحمـل الفوضى ويقوم بها ويحتاج إلى أن يختلي بنفسه «وستات البيوت الفارات» يتأثـرن بشكل كبير بأي متغير داخل الجـحر وهو ما يسبـب لها إسقاط أجنة وعدم اهتمام بالصغار، فالفأرة لا تدع بالعادة دخول صغار الغير إلى جحرها، وتنـقلهـم بطريقة مرتبة خوفا عليهم لكن عند ازدحام الإسكان تصبح «ست بيت فاشلة» مـن يدخل عليها يدخل، ومـن يخرج يخرج، وتواصل حملها بصعوبة.
وينتج عن هذا الازدحام أنواع ثلاثـة من الذكور: الفأر الجبان السلبي الذي يفضل الانزواء دون الاختلاط، والفأر «المجـرم» العدواني الذي لا يختار حتى شريكة حياته بل يكون عشوائيا وغير منظـم ولا يستطيع التفرقة بين الزوجة إن كانت أنثى أو ذكرا، والفأر «المحـترم» الطبيعي الذي تجتمـع حوله أربـع إناث مختارات من قِبله، مع إغواء ونشاط جنسي سليم.
هذه الدراسة تنسحب على عالم الإنسان، وليست بنفس الوقت من الدراسات الجديدة، فكل مـن درس هندسة أو بيئة أو أي علم يرتبط بالإسكان تعلـم أكبر عدد من الفرضيات والنظريات لترتيب المساحة وتنظيمها لمتطلبات الإنسان، فعدم تنظيم الإسكان لتوفير احتياجات البشر ينتج بشرا «ملخبطة ــ مخنوقة» ورغم طفرة الإعمار في المملكة، وطفرة المهندسين والأكاديميين في علم الإعمار والإسكان والبيئة والمجتمع، إلا أننا ما زلنا «مخنوقين»، فأسال أحد الأشخاص عند انتهائه من إعمار منزله: «هل لبيت احتياجاتك النفسية والجسدية؟» .. يجيب: «للأسف المجتمع صمم وأنا بنيت».. وعلى الرغم من احتياجنا إلى مساحات خضراء لفوائد كثيرة منها صد الغبار، إلا أننا لا نزرع ما يتناسب مع بيئتنا. وآخر يشتكي من الإسمنت والشبابيك الصغيرة، لدينا جمعيات كثيرة مهمتها الإسكان والبيئة إلا أنها منفصلة عن الواقع رغم مهمتها الاتصال بالهيئات ذات العلاقة، ألا يوجد مفكر معماري أو مفكر اجتماعي يؤثـر في سلوكنا للصالح العام والخاص، وكيف بالشؤون البلدية لا تضع شروط بناء تعتمد عليها مميزات أقلها للتاريخ، كيف ستدرس القرون اللاحقة معمار جدة على سبيل المثال، إذ سيشتمنا الشتامون، ونحن تحت التراب بعدما ذابت عظامنا، وما أن ترى صورة لشارع من شوارع باريس أو منزل إلا وتتعرف عليها بأنها تنتمي إلى باريس بحضارتها الكاملة دون اختزال أي جزء من تاريخها، فأين هويتنا وعاداتنا وإسلامنا..
http://38.121.76.242/memoadmin/media//%D9%81%D8%A6%D8%B1%D8%A7%D9%86.jpg
ومن هنا، إذا رصدنا المشكلة والحل نجد الكثير من التأفف والتنظير في قنوات التواصل الاجتماعي ونلاحظ الكم الهائل من الأحاديث بطريقة «جلد الذات» والنقد المجتمعي، فنشاهد نبض الشارع من خلال صفحات «الفايسبوك» في الحكم المأثورة من الحكماء السابقين ومقولات المفكرين، وأيضا في الغرف المغلقة تجد نفس الشيء، الحديث بالفضائـل ودواخل المدينة الفاضلة بلسان أصغـر الشرائح العمريـة إلى أكبرها.
وباعتقادي هذه الموجة ما هي إلا طلب لمستقبل أفضل لتحسين صورة سلوكنا وحياتنا «النية طيبة»، لكن اختصرنا سلوكياتنا بكميات من النقد العام ولم ننجز، ولا تستطيع معرفة شارع أو حي بالمملكة لماذا بنِي على هذه الشاكلة، رغم وجود معطيات بيئية واضحة لتسهيل رسم بصمة لنا، فأين القدوة وأين مهندسو البلديات ؟!.
http://www.aqarnews.com/wp-content/uploads/image_gallery726.jpg
بقلم : رانيا الباز
https://www.falak.me//HLIC/b6fae74e8780a9fd6534d77ed49b59ec.jpg
واستنتج العالم كالاون أن الفأر لا يتحمـل الفوضى ويقوم بها ويحتاج إلى أن يختلي بنفسه «وستات البيوت الفارات» يتأثـرن بشكل كبير بأي متغير داخل الجـحر وهو ما يسبـب لها إسقاط أجنة وعدم اهتمام بالصغار، فالفأرة لا تدع بالعادة دخول صغار الغير إلى جحرها، وتنـقلهـم بطريقة مرتبة خوفا عليهم لكن عند ازدحام الإسكان تصبح «ست بيت فاشلة» مـن يدخل عليها يدخل، ومـن يخرج يخرج، وتواصل حملها بصعوبة.
وينتج عن هذا الازدحام أنواع ثلاثـة من الذكور: الفأر الجبان السلبي الذي يفضل الانزواء دون الاختلاط، والفأر «المجـرم» العدواني الذي لا يختار حتى شريكة حياته بل يكون عشوائيا وغير منظـم ولا يستطيع التفرقة بين الزوجة إن كانت أنثى أو ذكرا، والفأر «المحـترم» الطبيعي الذي تجتمـع حوله أربـع إناث مختارات من قِبله، مع إغواء ونشاط جنسي سليم.
هذه الدراسة تنسحب على عالم الإنسان، وليست بنفس الوقت من الدراسات الجديدة، فكل مـن درس هندسة أو بيئة أو أي علم يرتبط بالإسكان تعلـم أكبر عدد من الفرضيات والنظريات لترتيب المساحة وتنظيمها لمتطلبات الإنسان، فعدم تنظيم الإسكان لتوفير احتياجات البشر ينتج بشرا «ملخبطة ــ مخنوقة» ورغم طفرة الإعمار في المملكة، وطفرة المهندسين والأكاديميين في علم الإعمار والإسكان والبيئة والمجتمع، إلا أننا ما زلنا «مخنوقين»، فأسال أحد الأشخاص عند انتهائه من إعمار منزله: «هل لبيت احتياجاتك النفسية والجسدية؟» .. يجيب: «للأسف المجتمع صمم وأنا بنيت».. وعلى الرغم من احتياجنا إلى مساحات خضراء لفوائد كثيرة منها صد الغبار، إلا أننا لا نزرع ما يتناسب مع بيئتنا. وآخر يشتكي من الإسمنت والشبابيك الصغيرة، لدينا جمعيات كثيرة مهمتها الإسكان والبيئة إلا أنها منفصلة عن الواقع رغم مهمتها الاتصال بالهيئات ذات العلاقة، ألا يوجد مفكر معماري أو مفكر اجتماعي يؤثـر في سلوكنا للصالح العام والخاص، وكيف بالشؤون البلدية لا تضع شروط بناء تعتمد عليها مميزات أقلها للتاريخ، كيف ستدرس القرون اللاحقة معمار جدة على سبيل المثال، إذ سيشتمنا الشتامون، ونحن تحت التراب بعدما ذابت عظامنا، وما أن ترى صورة لشارع من شوارع باريس أو منزل إلا وتتعرف عليها بأنها تنتمي إلى باريس بحضارتها الكاملة دون اختزال أي جزء من تاريخها، فأين هويتنا وعاداتنا وإسلامنا..
http://38.121.76.242/memoadmin/media//%D9%81%D8%A6%D8%B1%D8%A7%D9%86.jpg
ومن هنا، إذا رصدنا المشكلة والحل نجد الكثير من التأفف والتنظير في قنوات التواصل الاجتماعي ونلاحظ الكم الهائل من الأحاديث بطريقة «جلد الذات» والنقد المجتمعي، فنشاهد نبض الشارع من خلال صفحات «الفايسبوك» في الحكم المأثورة من الحكماء السابقين ومقولات المفكرين، وأيضا في الغرف المغلقة تجد نفس الشيء، الحديث بالفضائـل ودواخل المدينة الفاضلة بلسان أصغـر الشرائح العمريـة إلى أكبرها.
وباعتقادي هذه الموجة ما هي إلا طلب لمستقبل أفضل لتحسين صورة سلوكنا وحياتنا «النية طيبة»، لكن اختصرنا سلوكياتنا بكميات من النقد العام ولم ننجز، ولا تستطيع معرفة شارع أو حي بالمملكة لماذا بنِي على هذه الشاكلة، رغم وجود معطيات بيئية واضحة لتسهيل رسم بصمة لنا، فأين القدوة وأين مهندسو البلديات ؟!.
http://www.aqarnews.com/wp-content/uploads/image_gallery726.jpg
بقلم : رانيا الباز