الأمبراطور
February 14th, 2013, 18:14
دويتشه ﭭيله : منزل الشاعر العراقي بدر شاكر السياب سيتحول قريبا إلى متحف مفتوح لمعجبيه بقرية جيكور في البصرة، وتأتي هذه الخطوة بعد عقود من قلة الاهتمام بالثقافة والمثقفين من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة.
http://www.dw.de/image/0,,15862799_303,00.jpg
شرع مجلس محافظة البصرة بتحويل منزل الشاعر العراقي بدر شاكر السياب في قرية جيكور إلى متحف، حيث سيتمكن معجبوه من الاقتراب أكثر من إبداعاته وبعض تفاصيل حياته الخاصة. وهي خطوة أثارت إعجاب الكثير من المبدعين العراقيين الذين طالبوا السلطات بالمزيد من الاهتمام برموز البلد.
ويعتبر السياب -المولود عام 1926- أحد مؤسسي مدرسة الشعر الحر التي أدخلت الحداثة على الشعر العربي، وتغنى كثيرا بالقرية التي عاش فيها فقيرا ومحروما، مما انعكس على شعره الذي اتخذ طابعا ثوريا.
وبهذه المناسبة، قال الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب ألفريد سمعان إن تحويل منزل السياب الذي كرس حياته للإبداع وتطوير الشعر العربي إلى متحف يزار من قبل الآخرين هو شيء عظيم جدا، ويعبر عن اعتزاز العراقيين بالأدب والفكر، خصوصا أن البصرة التي نمت شاعريته فيها سبق أن احتضنت تمثالا له.
وأوضح سمعان في حديثه للجزيرة نت أن الحكومات العراقية المتعاقبة منذ العهد الملكي إلى اليوم لم تكن مهتمة كثيرا بالثقافة والمثقفين، وهذا يزيد من ضرورة تحويل منازل الرموز من شعراء وعلماء وكتاب في كل محافظة إلى متاحف لكي يطلع الناس على آثارهم وإبداعهم. داعيا إلى الاهتمام بمتحف السياب بعد افتتاحه كي لا يتعرض للإهمال كما حدث مع تمثال الشاعر معروف الرصافي.
وطالب سمعان بأن تسمى الشوارع والساحات العامة والقاعات بأسماء المبدعين كي يستذكر العالم رموز العراق ويتشجع النشء على الاهتمام بالثقافة والفكر، كما أبدى سمعان استغرابه من عدم قيام جامعة بغداد بإنشاء تماثيل أو متاحف داخل كليات الآداب لرموز الأدب العراقيين.
http://www.dw.de/image/0,,15958227_401,00.jpg
شط العرب حيث تقع مدينة البصرة التي ترعرع السياب في قرية جيكور القريبة منها
احتفاء بمبدعينا
ومن جانبه، قال الشاعر محمد حسين آل ياسين للجزيرة نت إن إحياء وتأهيل بيت السياب الواقع على نهر بويب في قرية جيكور وتحويله إلى متحف هو إنجاز رائع، "لأننا نحتفي بآثار مبدعينا الكبار كما تفعل أمم الدنيا التي تعتز برموزها وعمالقتها وبناة حضارتها".
ولفت آل ياسين إلى أن مشروع "بغداد عاصمة للثقافة العربية" هو الذي دفع الحكومة العراقية للانتباه إلى الرموز الأدبية والفنية وتحويل بيت السياب إلى متحف، وقال إنه من المفترض أن يفتتح هذا المتحف بدوافع احترام الرموز وإعلاء شأنهم وإعطائهم القدر الذي يستحقونه مقابل مواقفهم وتضحياتهم، كما هو الحال مع ما بذله السياب طوال حياته، بدلا من انتظار المناسبات لتذكر فضلهم.
وطالب آل ياسين وزارة الثقافة بتحويل منازل رموز العراق إلى متاحف، مذكراً بمنزل الشاعر الجواهري الذي عرض للبيع والهدم دون أن تتحرك الوزارة لحمايته، كما أبدى تفاؤله من أن تكون هذه الخطوة بداية لإعادة تقدير الرموز.
إشاعة الثقافة
وفي السياق نفسه، قال الشاعر مقداد رحيم للجزيرة نت إن تحويل منزل السياب إلى متحف هو خطوة مهمة لضم أدبه وإنتاجه وأدواته التي كان يستخدمها في مكان واحد، مشيرا إلى أهمية السياب في تاريخ العراق ودوره في إحداث نقلة نوعية في الشعر العربي.
وأضاف رحيم أن تحويل منازل المبدعين إلى متاحف هو تقليد معروف في دول العالم، حيث حولت دول الغرب بيوت رموزها إلى متاحف تزار من قبل المهتمين والمؤرخين والنقاد وحتى الساسة، وتعرض فيها أقلامهم التي كانوا يكتبون بها استذكارا لإبداعهم.
ورأى أن عدم الاحتفاء بأدواتهم ومساكنهم يدل على عدم اهتمام المجتمع بالثقافة، مشيرا إلى الحاجة الماسة اليوم لإشاعة الثقافة والاهتمام بأصحابها.
____________
نبذة عن الشاعر
ولد الشاعر بدر شاكر السياب في 25/12/1925 في قرية جيكور التي اغرم بها وهام أحدهما الآخر... وهي من قري قضاء (أبي الخصيب) في محافظة البصرة.
الموســـوعة إضغط هنا
http://www.adab.com/photos/2.jpg
http://www.adab.com/photos/adab.jpg (http://www.adab.com/modules.php?name=Sh3er&doWhat=lsq&shid=2&start=0)
والده: شاكر بن عبدالجبار بن مرزوق السياب، ولد في قرية (بكيع) واكمل دراسته في المدرسة الرشيدية في أبي الخصيب وفي البصرة أثناء العهد العثماني، زاول التجارة والأعمال الحرة وخسر في الجميع ثم توظف في دائرة (تموين أبي الخصيب) توفي في 7/5/1963. وأولاده (د. عبدالله وبدر ومصطفي).
والدته : هي كريمة بنت سياب بن مرزوق السياب، توفيت قبله بمدة طويلة، وتركت معه اخوان اصغر منه، فتزوج ابوه امرأة أخري.
قريته : هي قرية جيكور... قرية صغيرة لا يزيد عدد سكانها آنذاك علي (500) نسمة، اسمها مأخوذ في الأصل من الفارسية من لفظة (جوي كور) أي (الجدول الأعلي)، تحدثنا كتب التاريخ علي أنها كانت موقعاً من مواقع الزنج الحصينة، دورها بسيطة مبنية من طابوق اللبن، الطابوق غير المفخور بالنار وجذوع أشجار النخيل المتواجدة بكثرة في بساتين جيكور التي يملك (آل السياب) فيها أراضٍ مزروعة بالنخيل تنتشر فيها انهار صغيرة تأخذ مياهها من شط العرب...، وحين يرتفع المد تملئ الجداول بمائه، وكانت جيكور وارفة الظلال تنتشر فيها الفاكهة بأنواعها ـ مرتعاً وملعباً ـ وكان جوّها الشاعري الخلاب أحد ممهدات طاقة السياب الشعرية وذكرياته المبكرة فيه ظلت حتي أخريات حياته تمد شعره بالحياة والحيوية والتفجر (كانت الطفولة فيها بكل غناها وتوهجها تلمع أمام باصرته كالحلم... ويسجل بعض اجزائها وقصائده ملأي بهذه الصور الطفولية...) كما يقول صديقه الحميم، صديق الطفولة : الشاعر محمد علي إسماعيل. هذه القرية تابعة لقضاء أبي الخصيب الذي اسسه (القائد مرزوق أبي الخصيب) حاجب الخليفة المنصور عام 140 هـ والذي شهد وقائع تاريخية هامة سجّلها التاريخ العربي، ابرزها معركة الزنج ما تبعها من أحداث. هذا القضاء الذي برز فيه شعراء كثيرون منهم (محمد محمود) من مشاهير المجددين في عالم الشعر والنقد الحديث و(محمد علي إسماعيل) صاحب الشعر الكثير في المحافظة و(خليل إسماعيل) الذي ينظم المسرحيات الشعرية ويخرجها بنفسه ويصور ديكورها بريشته و(مصطفي كامل الياسين) شاعر و(مؤيد العبد الواحد) الشاعر الوجداني الرقيق وهو من رواة شعر السياب و(سعدي يوسف) الشاعر العراقي المعروف و(عبد اللطيف الدليشي) الاديب البصري و(عبد الستار عبد الرزاق الجمعة) وآخرين...
نهر بويب : تنتشر في أبي الخصيب انهار صغيرة تأخذ مياهها من شط العرب وتتفرع إلي انهار صغيرة... منها (نهر بويب) ، النهر الذي ذكره الشاعر كثيراً في قصائده... هذا النهر الذي كان في الأصل وسيلة اروائية بساتين النخيل، يبعد عن شط العرب اكثر من كيلومتر واحد، والذي لا ينبع منه بل يأخذ مياهه من نهر آخر اسمه (بكيع) بتصغير كلمة (بقعه )، يتفرع إلي فرعين احدهما نهر بويب، أما الآن فهو مجري عادي صغير جفّت مياهه وغطّي النهر نباتات (الحلفاء) وبعض الحشائش. وفي السابق كان علي جانبيه أشجار الخوخ والمشمش والعنب، وكان بدر يحب ان يلعب في ماء بويب ويحلو له ان يلتقط المحار منه ويجلس علي نخلة ينظر الماء المنساب..
وفي لقاء مع (عبدالمجيد السياب) عم الشاعر قال...: (كنت أعرف مكان السياب علي النهر (نهر بويب) من الأوراق... إذ كان عندما يكتب يمزق كثيراً من الأوراق ويرميها في النهر فأهتدي بها إليه...). وعن سر اهتمام السياب بـ (بويب) قال السيد عبد المجيد..Lفي نهاية الأربعينيات قرأت قصيدة لبابلو نيرودا يتحدث عن نهر لا اذكر اسمه وكان السياب قريب مني، فقرأ القصيدة واعتقد انه تأثر بها فكتب قصيدته (بويب)..).
منزل الأقنان : قال أحمد عبدالعزيز السياب..: (ان دار السياب قد قسمت إلي قسمين... دار جدي... ومنزل الأقتان الذي خلّده كثيراً في شعره، يبعد هذا المنزل عشرين متراً عن الدار الحقيقية وهو بيت فلاحي جد بدر الذين استغلتهم عائلة السياب، وهو بيت واسع قديم مهجور كان يدعي (كوت المراجيح) وكان هذا البيت في العهد العثماني مأوي عبيد (أسرة السياب) وكان الشعر بدر قد جعل من منزل الأقتان في أيام طفولته مقر الجريدة كان يخطّها ويصدرها الشاعر بإسم (جيكور) يتناقلها صبيان القرية ثم تعود في ختام قراءتها من قبل أصدقاء بدر ليلصقها الشاعر علي حائط منزل الأقتان.
بعض من ارتبط بهن وأحبهنّ: ,لآق. ولابد من ذكر من ارتبط بهن وأحبهن... : ـ كانت الراعية (هويله) هي أول امرأة خفق لها قلبه وأحبها، حيث كانت اكبر منه سنا ترعي أغنام لها، يقابلها خارج قريته، وفجأة تحول إلي حب فتاة جميلة عمرها آنذاك (15) سنة، كانت تأتي إلي قريته والسياب في عنفوان شبابه وهو الباحث عن الحنين فالتجأ يتشبث بحب (وفيقه) التي كانت تسكن علي مقربة من بيت الشاعر. كان البيت فيه شباكاً مصبوغاً باللون الأزرق يعلو عن الأرض مترا أو يطل علي درب قرب من بيت قديم، شباك وفيقة التي لم يسعده حظه في الزواج منها، في شباكها قال شعرا جميلا، ولم يعرف لحد الآن هل ان وفيقة كانت تبادله الحب أم لا. ولم يكن في جيكور مدرسة في ذلك الوقت، لذا كان علي السياب ان يسير مشيا إلي قرية (آل إبراهيم) الواقعة بالقرب من جيكور بعد ان انهي الصف الرابع بنجاح وانتقل إلي مدرسة المحمودية والتي كانت إدارة المدرسة مطلة علي الشارع، شناشيل ملونة، وكان بيت الجلبي يقع خلف المدرسة، كان الشاعر يجول في هذه الطرقات المؤدية إليه سيما وان له زملاء وهو بعيد عن جيكور، وكانت (ابنة الجلبي) فتاة جميلة كان يراها السياب وهو ماراً بزقاق يؤدي لمسكنها، فان يتغزل بها ويحبها من طرف واحد فقط.
ـ وفي دار المعلمين العالية في بغداد وقع في حب جديد، فتاة بغدادية اخذت حظها من العلم والمعرفة ولها فوق ثقافتها جمال يأخذ بالالباب وهي التي يصفها بأن لها في وجهها غمّازة، تلبس العباءة وكانت عندما تمر به تضع العباءة علي وجهها كي لا تراه وكانت (نازك الملائكة) صديقة (لباب) التي احبها الشاعر من جانب واحد وكانت ذكية وجميلة جدا وكان أهلها يوصونها ان تعبس عندما تسير لكي لا يطمع الآخرون بملاحقتها وقد اعرضت عن كل الذين خطبوها.
وأحب زميلة له حبا من طرف واحد أيضا وكان حبا افلاطونيا ارتفع حب الخيال حتي جاوز الحد وتضاءلت فيه رغبة الجسم فما كان منها إلا ان تتزوج رجلا ثريا وتترك السياب بآلامه.
وتعرّف علي الشاعرة (لميعة عباس عمارة) في دار المعلمين العالية، وكانت علاقة...
كانت بادئ ذي بدء ذات طابع سياسي ولكن ـ كعادته ـ وقع في حبها لأنها كانت من اخلص صديقاته، وقال فيها قصائد كثيرة ودعاها السياب لزيارته في جيكور وبقيت في ضيافته ثلاثة أيام كانا يخرجان سوية إلي بساتين قريته ويقرأ لها من شعره وهما في زورق صغير. ويتعرف الشاعر علي صديقة بلجيكية، اسمها (لوك لوران) وقد وعدته ان تزور قريته جيكور فكتب قصيدة تعتبر من أروع قصائده الغزلية... وشاء حظه ان يلتقي بمومس عمياء اسمها (سليمه) فاكتشف من خلالها عالم الليل والبغاء واكتشف اسرارا غريبة واعطانا صورة صادقة لما كانت تعانيه هذه الطبقة من الناس، فكانت قصيدته الرائعة (المومس العمياء) التي صوّر فيها الواقع الاجتماعي آنذاك وواقع المرأة بصورة خاصة.
زواجه : ويتزوج السياب إحدي قريباته، وأحب زوجته فكان لها الزوج المثالي الوفي، وكانت هي كذلك، فقد انجبت منه غيداء وغيلان والاء، ولمّا اصابه المرض كانت مثال المرأة الحنونة، المحتملة كل متاعب والأم الحياة، حيث كانت الأيام معه اياما قاسية. تقول عنها زوجته السيدة اقبال...: (عندما تغدو قسوة الأيام ذكريات، تصبح جزءا لا يتجزأ من شعور الإنسان، تترسب في أعماقه طبقة صلبة يكاد يشعر بثقلها إذ ما تزال تشدني ذكرياتي معه كلما قرأت مأساة وسمعت بفاجعة).
تقول عن كيفية زواجها منه...: لم أتعرف عليه بمعني الكلمة (التعارف والحب واللقاء) إنما كانت بيننا علاقة مصاهرة حيث ان اختي الكبري كانت زوجة لعم الشاعر (السيد عبدالقادر السياب) في أوائل الثلاثينات، وكان أخي قد تزوج من أسرة السياب، وبعد نيل الموافقة الرسمية تم عقد الزواج في 19 حزيران (يونيو) 1955 في البصرة ثم انتقلنا إلي بغداد
كانت السنوات الثلاث الأخيرة من حياته فترة رهيبة عرف فيها صراع الحياة مع الموت. لقد زجّ بجسمه النحيل وعظامه الرقاق إلي حلبة هذا الصراع الذي جمع معاني الدنيا في سرير ضيق حيث راح الوهن وهو يتفجرعزيمة ورؤي وحبا، يقارع الجسم المتهافت المتداعي، وجه الموت يحملق به كل يوم فيصدّه الشاعر عنه بسيف من الكلمة... بالكلمة عاش بدر صراعه، كما يجب ان يعيش الشاعر، ولعل ذلك لبدر، كان الرمز الأخير والأمضّ، للصراع بين الحياة والموت الذي عاشه طوال عمره القصير علي مستوي شخصه ومستوي دنياه معاً. فهو قبل ذلك إذ كان جسده الضامر منتصبا، خفيفا، منطلقا يكاد لا يلقي علي الأرض ظلا لشدة شفافيته.
للسياب اثار مطبوعة هي : ازهار ذابلة (شعر)، اساطير (شعر)، المومس العمياء (ملحمة شعرية)، حفار القبور (قصيدة طويلة)، الاسلحة والاطفال (قصيدة طويلة)، مختارات من الشعر العالمي الحديث (قصائد مترجمة)، انشودة المطر (شعر)، المعبد الغريق (شعر)، منزل الاقنان (شعر)، شناشيل ابنة الجلبي (شعر)، ديوان بجزئين (اصدار دار العودة).
أما اثاره المخطوطة فهي : زئير العاصفة (شعر)، قلب اسيا (ملحمة شعرية)، القيامة الصغري (ملحمة شعرية)، من شعر ناظم حكمت (تراجم)، قصص قصيدة ونماذج بشرية، مقالات وبحوث مترجمة عن الانكليزية منها السياسية والادبية.. مقالات وردود نشرها في مجلة الاداب... شعره الاخير بعد سفره إلي الكويت ولم يطبع في ديوانه الاخير (شناشيل ابنة الجلبي) قصائد من ايديث ستويل.
http://www.dw.de/image/0,,15862799_303,00.jpg
شرع مجلس محافظة البصرة بتحويل منزل الشاعر العراقي بدر شاكر السياب في قرية جيكور إلى متحف، حيث سيتمكن معجبوه من الاقتراب أكثر من إبداعاته وبعض تفاصيل حياته الخاصة. وهي خطوة أثارت إعجاب الكثير من المبدعين العراقيين الذين طالبوا السلطات بالمزيد من الاهتمام برموز البلد.
ويعتبر السياب -المولود عام 1926- أحد مؤسسي مدرسة الشعر الحر التي أدخلت الحداثة على الشعر العربي، وتغنى كثيرا بالقرية التي عاش فيها فقيرا ومحروما، مما انعكس على شعره الذي اتخذ طابعا ثوريا.
وبهذه المناسبة، قال الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب ألفريد سمعان إن تحويل منزل السياب الذي كرس حياته للإبداع وتطوير الشعر العربي إلى متحف يزار من قبل الآخرين هو شيء عظيم جدا، ويعبر عن اعتزاز العراقيين بالأدب والفكر، خصوصا أن البصرة التي نمت شاعريته فيها سبق أن احتضنت تمثالا له.
وأوضح سمعان في حديثه للجزيرة نت أن الحكومات العراقية المتعاقبة منذ العهد الملكي إلى اليوم لم تكن مهتمة كثيرا بالثقافة والمثقفين، وهذا يزيد من ضرورة تحويل منازل الرموز من شعراء وعلماء وكتاب في كل محافظة إلى متاحف لكي يطلع الناس على آثارهم وإبداعهم. داعيا إلى الاهتمام بمتحف السياب بعد افتتاحه كي لا يتعرض للإهمال كما حدث مع تمثال الشاعر معروف الرصافي.
وطالب سمعان بأن تسمى الشوارع والساحات العامة والقاعات بأسماء المبدعين كي يستذكر العالم رموز العراق ويتشجع النشء على الاهتمام بالثقافة والفكر، كما أبدى سمعان استغرابه من عدم قيام جامعة بغداد بإنشاء تماثيل أو متاحف داخل كليات الآداب لرموز الأدب العراقيين.
http://www.dw.de/image/0,,15958227_401,00.jpg
شط العرب حيث تقع مدينة البصرة التي ترعرع السياب في قرية جيكور القريبة منها
احتفاء بمبدعينا
ومن جانبه، قال الشاعر محمد حسين آل ياسين للجزيرة نت إن إحياء وتأهيل بيت السياب الواقع على نهر بويب في قرية جيكور وتحويله إلى متحف هو إنجاز رائع، "لأننا نحتفي بآثار مبدعينا الكبار كما تفعل أمم الدنيا التي تعتز برموزها وعمالقتها وبناة حضارتها".
ولفت آل ياسين إلى أن مشروع "بغداد عاصمة للثقافة العربية" هو الذي دفع الحكومة العراقية للانتباه إلى الرموز الأدبية والفنية وتحويل بيت السياب إلى متحف، وقال إنه من المفترض أن يفتتح هذا المتحف بدوافع احترام الرموز وإعلاء شأنهم وإعطائهم القدر الذي يستحقونه مقابل مواقفهم وتضحياتهم، كما هو الحال مع ما بذله السياب طوال حياته، بدلا من انتظار المناسبات لتذكر فضلهم.
وطالب آل ياسين وزارة الثقافة بتحويل منازل رموز العراق إلى متاحف، مذكراً بمنزل الشاعر الجواهري الذي عرض للبيع والهدم دون أن تتحرك الوزارة لحمايته، كما أبدى تفاؤله من أن تكون هذه الخطوة بداية لإعادة تقدير الرموز.
إشاعة الثقافة
وفي السياق نفسه، قال الشاعر مقداد رحيم للجزيرة نت إن تحويل منزل السياب إلى متحف هو خطوة مهمة لضم أدبه وإنتاجه وأدواته التي كان يستخدمها في مكان واحد، مشيرا إلى أهمية السياب في تاريخ العراق ودوره في إحداث نقلة نوعية في الشعر العربي.
وأضاف رحيم أن تحويل منازل المبدعين إلى متاحف هو تقليد معروف في دول العالم، حيث حولت دول الغرب بيوت رموزها إلى متاحف تزار من قبل المهتمين والمؤرخين والنقاد وحتى الساسة، وتعرض فيها أقلامهم التي كانوا يكتبون بها استذكارا لإبداعهم.
ورأى أن عدم الاحتفاء بأدواتهم ومساكنهم يدل على عدم اهتمام المجتمع بالثقافة، مشيرا إلى الحاجة الماسة اليوم لإشاعة الثقافة والاهتمام بأصحابها.
____________
نبذة عن الشاعر
ولد الشاعر بدر شاكر السياب في 25/12/1925 في قرية جيكور التي اغرم بها وهام أحدهما الآخر... وهي من قري قضاء (أبي الخصيب) في محافظة البصرة.
الموســـوعة إضغط هنا
http://www.adab.com/photos/2.jpg
http://www.adab.com/photos/adab.jpg (http://www.adab.com/modules.php?name=Sh3er&doWhat=lsq&shid=2&start=0)
والده: شاكر بن عبدالجبار بن مرزوق السياب، ولد في قرية (بكيع) واكمل دراسته في المدرسة الرشيدية في أبي الخصيب وفي البصرة أثناء العهد العثماني، زاول التجارة والأعمال الحرة وخسر في الجميع ثم توظف في دائرة (تموين أبي الخصيب) توفي في 7/5/1963. وأولاده (د. عبدالله وبدر ومصطفي).
والدته : هي كريمة بنت سياب بن مرزوق السياب، توفيت قبله بمدة طويلة، وتركت معه اخوان اصغر منه، فتزوج ابوه امرأة أخري.
قريته : هي قرية جيكور... قرية صغيرة لا يزيد عدد سكانها آنذاك علي (500) نسمة، اسمها مأخوذ في الأصل من الفارسية من لفظة (جوي كور) أي (الجدول الأعلي)، تحدثنا كتب التاريخ علي أنها كانت موقعاً من مواقع الزنج الحصينة، دورها بسيطة مبنية من طابوق اللبن، الطابوق غير المفخور بالنار وجذوع أشجار النخيل المتواجدة بكثرة في بساتين جيكور التي يملك (آل السياب) فيها أراضٍ مزروعة بالنخيل تنتشر فيها انهار صغيرة تأخذ مياهها من شط العرب...، وحين يرتفع المد تملئ الجداول بمائه، وكانت جيكور وارفة الظلال تنتشر فيها الفاكهة بأنواعها ـ مرتعاً وملعباً ـ وكان جوّها الشاعري الخلاب أحد ممهدات طاقة السياب الشعرية وذكرياته المبكرة فيه ظلت حتي أخريات حياته تمد شعره بالحياة والحيوية والتفجر (كانت الطفولة فيها بكل غناها وتوهجها تلمع أمام باصرته كالحلم... ويسجل بعض اجزائها وقصائده ملأي بهذه الصور الطفولية...) كما يقول صديقه الحميم، صديق الطفولة : الشاعر محمد علي إسماعيل. هذه القرية تابعة لقضاء أبي الخصيب الذي اسسه (القائد مرزوق أبي الخصيب) حاجب الخليفة المنصور عام 140 هـ والذي شهد وقائع تاريخية هامة سجّلها التاريخ العربي، ابرزها معركة الزنج ما تبعها من أحداث. هذا القضاء الذي برز فيه شعراء كثيرون منهم (محمد محمود) من مشاهير المجددين في عالم الشعر والنقد الحديث و(محمد علي إسماعيل) صاحب الشعر الكثير في المحافظة و(خليل إسماعيل) الذي ينظم المسرحيات الشعرية ويخرجها بنفسه ويصور ديكورها بريشته و(مصطفي كامل الياسين) شاعر و(مؤيد العبد الواحد) الشاعر الوجداني الرقيق وهو من رواة شعر السياب و(سعدي يوسف) الشاعر العراقي المعروف و(عبد اللطيف الدليشي) الاديب البصري و(عبد الستار عبد الرزاق الجمعة) وآخرين...
نهر بويب : تنتشر في أبي الخصيب انهار صغيرة تأخذ مياهها من شط العرب وتتفرع إلي انهار صغيرة... منها (نهر بويب) ، النهر الذي ذكره الشاعر كثيراً في قصائده... هذا النهر الذي كان في الأصل وسيلة اروائية بساتين النخيل، يبعد عن شط العرب اكثر من كيلومتر واحد، والذي لا ينبع منه بل يأخذ مياهه من نهر آخر اسمه (بكيع) بتصغير كلمة (بقعه )، يتفرع إلي فرعين احدهما نهر بويب، أما الآن فهو مجري عادي صغير جفّت مياهه وغطّي النهر نباتات (الحلفاء) وبعض الحشائش. وفي السابق كان علي جانبيه أشجار الخوخ والمشمش والعنب، وكان بدر يحب ان يلعب في ماء بويب ويحلو له ان يلتقط المحار منه ويجلس علي نخلة ينظر الماء المنساب..
وفي لقاء مع (عبدالمجيد السياب) عم الشاعر قال...: (كنت أعرف مكان السياب علي النهر (نهر بويب) من الأوراق... إذ كان عندما يكتب يمزق كثيراً من الأوراق ويرميها في النهر فأهتدي بها إليه...). وعن سر اهتمام السياب بـ (بويب) قال السيد عبد المجيد..Lفي نهاية الأربعينيات قرأت قصيدة لبابلو نيرودا يتحدث عن نهر لا اذكر اسمه وكان السياب قريب مني، فقرأ القصيدة واعتقد انه تأثر بها فكتب قصيدته (بويب)..).
منزل الأقنان : قال أحمد عبدالعزيز السياب..: (ان دار السياب قد قسمت إلي قسمين... دار جدي... ومنزل الأقتان الذي خلّده كثيراً في شعره، يبعد هذا المنزل عشرين متراً عن الدار الحقيقية وهو بيت فلاحي جد بدر الذين استغلتهم عائلة السياب، وهو بيت واسع قديم مهجور كان يدعي (كوت المراجيح) وكان هذا البيت في العهد العثماني مأوي عبيد (أسرة السياب) وكان الشعر بدر قد جعل من منزل الأقتان في أيام طفولته مقر الجريدة كان يخطّها ويصدرها الشاعر بإسم (جيكور) يتناقلها صبيان القرية ثم تعود في ختام قراءتها من قبل أصدقاء بدر ليلصقها الشاعر علي حائط منزل الأقتان.
بعض من ارتبط بهن وأحبهنّ: ,لآق. ولابد من ذكر من ارتبط بهن وأحبهن... : ـ كانت الراعية (هويله) هي أول امرأة خفق لها قلبه وأحبها، حيث كانت اكبر منه سنا ترعي أغنام لها، يقابلها خارج قريته، وفجأة تحول إلي حب فتاة جميلة عمرها آنذاك (15) سنة، كانت تأتي إلي قريته والسياب في عنفوان شبابه وهو الباحث عن الحنين فالتجأ يتشبث بحب (وفيقه) التي كانت تسكن علي مقربة من بيت الشاعر. كان البيت فيه شباكاً مصبوغاً باللون الأزرق يعلو عن الأرض مترا أو يطل علي درب قرب من بيت قديم، شباك وفيقة التي لم يسعده حظه في الزواج منها، في شباكها قال شعرا جميلا، ولم يعرف لحد الآن هل ان وفيقة كانت تبادله الحب أم لا. ولم يكن في جيكور مدرسة في ذلك الوقت، لذا كان علي السياب ان يسير مشيا إلي قرية (آل إبراهيم) الواقعة بالقرب من جيكور بعد ان انهي الصف الرابع بنجاح وانتقل إلي مدرسة المحمودية والتي كانت إدارة المدرسة مطلة علي الشارع، شناشيل ملونة، وكان بيت الجلبي يقع خلف المدرسة، كان الشاعر يجول في هذه الطرقات المؤدية إليه سيما وان له زملاء وهو بعيد عن جيكور، وكانت (ابنة الجلبي) فتاة جميلة كان يراها السياب وهو ماراً بزقاق يؤدي لمسكنها، فان يتغزل بها ويحبها من طرف واحد فقط.
ـ وفي دار المعلمين العالية في بغداد وقع في حب جديد، فتاة بغدادية اخذت حظها من العلم والمعرفة ولها فوق ثقافتها جمال يأخذ بالالباب وهي التي يصفها بأن لها في وجهها غمّازة، تلبس العباءة وكانت عندما تمر به تضع العباءة علي وجهها كي لا تراه وكانت (نازك الملائكة) صديقة (لباب) التي احبها الشاعر من جانب واحد وكانت ذكية وجميلة جدا وكان أهلها يوصونها ان تعبس عندما تسير لكي لا يطمع الآخرون بملاحقتها وقد اعرضت عن كل الذين خطبوها.
وأحب زميلة له حبا من طرف واحد أيضا وكان حبا افلاطونيا ارتفع حب الخيال حتي جاوز الحد وتضاءلت فيه رغبة الجسم فما كان منها إلا ان تتزوج رجلا ثريا وتترك السياب بآلامه.
وتعرّف علي الشاعرة (لميعة عباس عمارة) في دار المعلمين العالية، وكانت علاقة...
كانت بادئ ذي بدء ذات طابع سياسي ولكن ـ كعادته ـ وقع في حبها لأنها كانت من اخلص صديقاته، وقال فيها قصائد كثيرة ودعاها السياب لزيارته في جيكور وبقيت في ضيافته ثلاثة أيام كانا يخرجان سوية إلي بساتين قريته ويقرأ لها من شعره وهما في زورق صغير. ويتعرف الشاعر علي صديقة بلجيكية، اسمها (لوك لوران) وقد وعدته ان تزور قريته جيكور فكتب قصيدة تعتبر من أروع قصائده الغزلية... وشاء حظه ان يلتقي بمومس عمياء اسمها (سليمه) فاكتشف من خلالها عالم الليل والبغاء واكتشف اسرارا غريبة واعطانا صورة صادقة لما كانت تعانيه هذه الطبقة من الناس، فكانت قصيدته الرائعة (المومس العمياء) التي صوّر فيها الواقع الاجتماعي آنذاك وواقع المرأة بصورة خاصة.
زواجه : ويتزوج السياب إحدي قريباته، وأحب زوجته فكان لها الزوج المثالي الوفي، وكانت هي كذلك، فقد انجبت منه غيداء وغيلان والاء، ولمّا اصابه المرض كانت مثال المرأة الحنونة، المحتملة كل متاعب والأم الحياة، حيث كانت الأيام معه اياما قاسية. تقول عنها زوجته السيدة اقبال...: (عندما تغدو قسوة الأيام ذكريات، تصبح جزءا لا يتجزأ من شعور الإنسان، تترسب في أعماقه طبقة صلبة يكاد يشعر بثقلها إذ ما تزال تشدني ذكرياتي معه كلما قرأت مأساة وسمعت بفاجعة).
تقول عن كيفية زواجها منه...: لم أتعرف عليه بمعني الكلمة (التعارف والحب واللقاء) إنما كانت بيننا علاقة مصاهرة حيث ان اختي الكبري كانت زوجة لعم الشاعر (السيد عبدالقادر السياب) في أوائل الثلاثينات، وكان أخي قد تزوج من أسرة السياب، وبعد نيل الموافقة الرسمية تم عقد الزواج في 19 حزيران (يونيو) 1955 في البصرة ثم انتقلنا إلي بغداد
كانت السنوات الثلاث الأخيرة من حياته فترة رهيبة عرف فيها صراع الحياة مع الموت. لقد زجّ بجسمه النحيل وعظامه الرقاق إلي حلبة هذا الصراع الذي جمع معاني الدنيا في سرير ضيق حيث راح الوهن وهو يتفجرعزيمة ورؤي وحبا، يقارع الجسم المتهافت المتداعي، وجه الموت يحملق به كل يوم فيصدّه الشاعر عنه بسيف من الكلمة... بالكلمة عاش بدر صراعه، كما يجب ان يعيش الشاعر، ولعل ذلك لبدر، كان الرمز الأخير والأمضّ، للصراع بين الحياة والموت الذي عاشه طوال عمره القصير علي مستوي شخصه ومستوي دنياه معاً. فهو قبل ذلك إذ كان جسده الضامر منتصبا، خفيفا، منطلقا يكاد لا يلقي علي الأرض ظلا لشدة شفافيته.
للسياب اثار مطبوعة هي : ازهار ذابلة (شعر)، اساطير (شعر)، المومس العمياء (ملحمة شعرية)، حفار القبور (قصيدة طويلة)، الاسلحة والاطفال (قصيدة طويلة)، مختارات من الشعر العالمي الحديث (قصائد مترجمة)، انشودة المطر (شعر)، المعبد الغريق (شعر)، منزل الاقنان (شعر)، شناشيل ابنة الجلبي (شعر)، ديوان بجزئين (اصدار دار العودة).
أما اثاره المخطوطة فهي : زئير العاصفة (شعر)، قلب اسيا (ملحمة شعرية)، القيامة الصغري (ملحمة شعرية)، من شعر ناظم حكمت (تراجم)، قصص قصيدة ونماذج بشرية، مقالات وبحوث مترجمة عن الانكليزية منها السياسية والادبية.. مقالات وردود نشرها في مجلة الاداب... شعره الاخير بعد سفره إلي الكويت ولم يطبع في ديوانه الاخير (شناشيل ابنة الجلبي) قصائد من ايديث ستويل.