محمد بن سعد
January 4th, 2009, 19:12
حتى تضع أوزارها .. بقعة الزيت والرصاص المصبوب.. حكايات حرب في غزة
http://www.sabq.org/maqpic/thumb200/1231050907574.jpgينتشر جملة من الشباب المدججين بالعتاد العسكري على تخوم قطاع غزة الشرقية والشمالية تحديدا، يفصل بينهم وبين مناطق التماس مئات الأمتار، تحدد مواقعهم خطة عسكرية دفاعية كان للتو اعتمدها قائدهم "أمير المجموعة" بعد أن تابع توزيعهم بسرية تامة في جو أربعيني ملبد بالموت.
يتجنب كل منهم الحديث مع من حوله، وينصب تركيزه على سلاحه الروسي، وعندما يبدأ الطيران الإسرائيلي بالإغارة على مناطق متفرقة من القطاع، يبدون أكثر انتباها واستعدادا للمواجهة.
تحسبا لأي طارئ يقوم سلاح الإشارة أو ما يسمى بـ"غرفة العمليات المركزية" بإطلاق نداءات تحذيرية على الجهاز اللاسلكي الذي يملكه العشرات من هؤلاء العسكريون، وخاصة القادة منهم.
سلاح وتمويه
بالفعل هم خلايا منظمة، تلقوا تدريباتهم العسكرية محليا وإقليميا، يمتلكون أكثر من تخصص عسكري، بعضهم يمتشق سلاح "14.5" المضاد للطيران ويغطي كاهله بعروق من الشجر الأخضر وشباك مخصصة للتمويه.
فيما يمتلك آخرون القدرة على توجيه العبوات الأرضية المضادة للآليات العسكرية، وبعض رجال مدربون يحملون على أكتافهم قذائف محلية الصنع مضادة للدروع.
من المحظور على عناصر القسام الحديث في العمل العسكري، فقط قلة من قادتهم مخولين بالحديث حول تطور قدرتهم العسكرية، ولكنهم يتحفظون على إجابات العديد من الأسئلة التي يخشوا أن تكشف عن أسرار ما يمتلكوا من عتاد، وبالتالي تحرق أوراق اللعبة.
"أبو علي" قائد ميداني في كتيبة شرق غزة، يقول إنهم "جاهزون لصد أي اجتياح وأن لديهم من الإمكانات ما يؤهلهم لخوض حرب عصابات تجعل العدو يتراجع عن مهمته".
من غير المعتاد أن يرتدي المقاتلون في غزة اللباس المدني، فالبزة العسكرية كانت دوما هي اللباس الذي يميز أفراد المقاومة عن غيرهم من عامة الناس، إلا أن أحدهم قال "هذا اللباس فقط للتمويه..اعتمدته قيادة الكتائب مؤخرا لتجنب وقوع خسائر في صفوف عناصرها".
ولا يُستبعد أن يرتدي المقاتلون الغزيون لباسا غير تقليدي إذا ما اضطرتهم الحاجة للتخفي عن الأنظار، أو لتجنب الموت المحقق، ويقول شاب ثلاثيني يدعى أبو حمزة "من غير المستبعد أن نجلب معنا لباسا نسائيا، لارتدائه إن تطلب الأمر ذلك، خاصة وأن المرحلة الحالية حرجة".
وسبق وأن آتت هذه الحيلة أكلها عندما خرج العشرات من نساء بلدة بيت حانون شمال القطاع لنجدة عدد من المقاتلين الذين كانوا يتحصنون داخل مسجد "أم النصر" خلال اجتياح للبلدة في العام 2006.
وأجبرت الحاجة المجاهدين على ارتداء الحجاب والجلباب، ومن ثم تمكنوا من الهروب، بعد أن فرضت قوات الاحتلال طوقا عسكريا على المسجد لساعات طويلة لإجبار المقاتلين على تسليم أنفسهم.
ما يرهق المقاومة الفلسطينية هو الاستهداف المباشر عبر الطيران الحربي الإسرائيلي -ألاف 16، الأباتشي، الاستطلاع- لكنها تدرك تماما أن المواجهة البرية ستكون اقل ضررا بالنسبة لها كما ستقوي من جبهتها وتضعف العدو الإسرائيلي.
ثلاثة من المقاتلين التابعين لكتائب القسام اجتمعوا حول سلاح الـ14.5 مهمتهم هي التصدي للطيران الحربي، الذي تولى مهمة القضاء على حياة ما يزيد عن 400 فلسطيني منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية على غزة في الثامن والعشرين من ديسمبر.
أحد هؤلاء المقاتلين يتولى إطلاق الذخيرة الحية المضادة للطيران، ورغم إيقانه الشديد بأنه في خطر حقيقي لكنه يتحدث بصلابة "صحيح أننا في الغالب لا نستطيع إصابتها لكنها تضطر لتغيير اتجاهها".
ماكينة الاغتيالات
وحدها الشجاعة سيدة الموقف في ساحة حرب يرسم الموت ملامحها، خاصة في ظل عدم القدرة على التخفي تحت التحليق المكثف لـ "ماكينة الاغتيالات" الإسرائيلية أو ما تسمى طائرة "الاستطلاع"، والتي تعمل بدون طيار بواسطة التحكم عن بعد.
يؤكد شهود عيان في غزة أن طائرة الاستطلاع دورها محصور في هذه الحرب، بإعطاء معلومات دقيقة ومباشرة عن مطلقي الصواريخ باتجاه الأراضي المحتلة، لغرفة العمليات في سلاح الجو الإسرائيلي، مما يمكن الطائرات الحربية "كالأباتشي و الأف 16" اللتين لا يفارقا سماء القطاع، من تحقيق أهدافهما بدقة تامة.
ومع هذا إلا أن كتائب القسام قد تمكن عناصر ولأول مرة، من إطلاق صواريخ "جراد" بعيدة المدى على إسرائيل، مما دفع بوزارة الدفاع الإسرائيلية بإعطاء أوامرها لليهود وتحديدا في منطقتي "أسدود والمجدل" الواقعتين داخل الخط الأخضر، بالنزول إلى الملاجئ.
وهدد أبو عبيدة الناطق باسم القسام، بإطلاق عناصرهم لصواريخ لم يشهدها الاحتلال من قبل، وقد تضع ألاف الإسرائيليين في مرمى الاستهداف، مؤكدا أنهم بصدد توسيع "بقعة الزيت" وهو أسم العملية التي تجابه بها القسام عملية "الرصاص المصبوب".
أبو أسامة وهو شاب ملتحي طويل القامة، يعمل في وحدة الصواريخ، التابعة للمقاومة الفلسطينية، يقول إنهم لا يخشوا إلا الله وكل ما يريدوه فقط هو إما النصر أو الشهادة"، ويؤكد أن الاحتلال يجب أن يجابه مهما كلف ذلك من ثمن.
http://www.sabq.org/newspic/thumb200/1230977633575.jpgوحتى لا يكشف عن تفاصيل عمله، يكتفي بالقول "نحن متوكلون على الله دوما، لباسنا في هذا الوقت بكل تأكيد لا يدلل على أننا رجال مقاومة...وعندما نطلق صواريخنا نتوخى الدقة والحذر الشديد والابتعاد عن مرمى الصواريخ".
وهكذا تبقى المواجهة في غزة تعيش حالة كر وفر، حتى تضع الحرب أوزارها، وإلى أن يتحقق ذلك يبقى السؤال : كيف ستمحو إسرائيل عن الخارطة بقعة أرض برع أهلها في صناعة الموت؟
-
المصدر : فادي الحسني ـ غزة - سبق
-
أيضاً : لا تقتلوا الحماس (http://www.sabq.org/?action=showMaqal&id=140)
http://www.sabq.org/maqpic/thumb200/1231050907574.jpgينتشر جملة من الشباب المدججين بالعتاد العسكري على تخوم قطاع غزة الشرقية والشمالية تحديدا، يفصل بينهم وبين مناطق التماس مئات الأمتار، تحدد مواقعهم خطة عسكرية دفاعية كان للتو اعتمدها قائدهم "أمير المجموعة" بعد أن تابع توزيعهم بسرية تامة في جو أربعيني ملبد بالموت.
يتجنب كل منهم الحديث مع من حوله، وينصب تركيزه على سلاحه الروسي، وعندما يبدأ الطيران الإسرائيلي بالإغارة على مناطق متفرقة من القطاع، يبدون أكثر انتباها واستعدادا للمواجهة.
تحسبا لأي طارئ يقوم سلاح الإشارة أو ما يسمى بـ"غرفة العمليات المركزية" بإطلاق نداءات تحذيرية على الجهاز اللاسلكي الذي يملكه العشرات من هؤلاء العسكريون، وخاصة القادة منهم.
سلاح وتمويه
بالفعل هم خلايا منظمة، تلقوا تدريباتهم العسكرية محليا وإقليميا، يمتلكون أكثر من تخصص عسكري، بعضهم يمتشق سلاح "14.5" المضاد للطيران ويغطي كاهله بعروق من الشجر الأخضر وشباك مخصصة للتمويه.
فيما يمتلك آخرون القدرة على توجيه العبوات الأرضية المضادة للآليات العسكرية، وبعض رجال مدربون يحملون على أكتافهم قذائف محلية الصنع مضادة للدروع.
من المحظور على عناصر القسام الحديث في العمل العسكري، فقط قلة من قادتهم مخولين بالحديث حول تطور قدرتهم العسكرية، ولكنهم يتحفظون على إجابات العديد من الأسئلة التي يخشوا أن تكشف عن أسرار ما يمتلكوا من عتاد، وبالتالي تحرق أوراق اللعبة.
"أبو علي" قائد ميداني في كتيبة شرق غزة، يقول إنهم "جاهزون لصد أي اجتياح وأن لديهم من الإمكانات ما يؤهلهم لخوض حرب عصابات تجعل العدو يتراجع عن مهمته".
من غير المعتاد أن يرتدي المقاتلون في غزة اللباس المدني، فالبزة العسكرية كانت دوما هي اللباس الذي يميز أفراد المقاومة عن غيرهم من عامة الناس، إلا أن أحدهم قال "هذا اللباس فقط للتمويه..اعتمدته قيادة الكتائب مؤخرا لتجنب وقوع خسائر في صفوف عناصرها".
ولا يُستبعد أن يرتدي المقاتلون الغزيون لباسا غير تقليدي إذا ما اضطرتهم الحاجة للتخفي عن الأنظار، أو لتجنب الموت المحقق، ويقول شاب ثلاثيني يدعى أبو حمزة "من غير المستبعد أن نجلب معنا لباسا نسائيا، لارتدائه إن تطلب الأمر ذلك، خاصة وأن المرحلة الحالية حرجة".
وسبق وأن آتت هذه الحيلة أكلها عندما خرج العشرات من نساء بلدة بيت حانون شمال القطاع لنجدة عدد من المقاتلين الذين كانوا يتحصنون داخل مسجد "أم النصر" خلال اجتياح للبلدة في العام 2006.
وأجبرت الحاجة المجاهدين على ارتداء الحجاب والجلباب، ومن ثم تمكنوا من الهروب، بعد أن فرضت قوات الاحتلال طوقا عسكريا على المسجد لساعات طويلة لإجبار المقاتلين على تسليم أنفسهم.
ما يرهق المقاومة الفلسطينية هو الاستهداف المباشر عبر الطيران الحربي الإسرائيلي -ألاف 16، الأباتشي، الاستطلاع- لكنها تدرك تماما أن المواجهة البرية ستكون اقل ضررا بالنسبة لها كما ستقوي من جبهتها وتضعف العدو الإسرائيلي.
ثلاثة من المقاتلين التابعين لكتائب القسام اجتمعوا حول سلاح الـ14.5 مهمتهم هي التصدي للطيران الحربي، الذي تولى مهمة القضاء على حياة ما يزيد عن 400 فلسطيني منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية على غزة في الثامن والعشرين من ديسمبر.
أحد هؤلاء المقاتلين يتولى إطلاق الذخيرة الحية المضادة للطيران، ورغم إيقانه الشديد بأنه في خطر حقيقي لكنه يتحدث بصلابة "صحيح أننا في الغالب لا نستطيع إصابتها لكنها تضطر لتغيير اتجاهها".
ماكينة الاغتيالات
وحدها الشجاعة سيدة الموقف في ساحة حرب يرسم الموت ملامحها، خاصة في ظل عدم القدرة على التخفي تحت التحليق المكثف لـ "ماكينة الاغتيالات" الإسرائيلية أو ما تسمى طائرة "الاستطلاع"، والتي تعمل بدون طيار بواسطة التحكم عن بعد.
يؤكد شهود عيان في غزة أن طائرة الاستطلاع دورها محصور في هذه الحرب، بإعطاء معلومات دقيقة ومباشرة عن مطلقي الصواريخ باتجاه الأراضي المحتلة، لغرفة العمليات في سلاح الجو الإسرائيلي، مما يمكن الطائرات الحربية "كالأباتشي و الأف 16" اللتين لا يفارقا سماء القطاع، من تحقيق أهدافهما بدقة تامة.
ومع هذا إلا أن كتائب القسام قد تمكن عناصر ولأول مرة، من إطلاق صواريخ "جراد" بعيدة المدى على إسرائيل، مما دفع بوزارة الدفاع الإسرائيلية بإعطاء أوامرها لليهود وتحديدا في منطقتي "أسدود والمجدل" الواقعتين داخل الخط الأخضر، بالنزول إلى الملاجئ.
وهدد أبو عبيدة الناطق باسم القسام، بإطلاق عناصرهم لصواريخ لم يشهدها الاحتلال من قبل، وقد تضع ألاف الإسرائيليين في مرمى الاستهداف، مؤكدا أنهم بصدد توسيع "بقعة الزيت" وهو أسم العملية التي تجابه بها القسام عملية "الرصاص المصبوب".
أبو أسامة وهو شاب ملتحي طويل القامة، يعمل في وحدة الصواريخ، التابعة للمقاومة الفلسطينية، يقول إنهم لا يخشوا إلا الله وكل ما يريدوه فقط هو إما النصر أو الشهادة"، ويؤكد أن الاحتلال يجب أن يجابه مهما كلف ذلك من ثمن.
http://www.sabq.org/newspic/thumb200/1230977633575.jpgوحتى لا يكشف عن تفاصيل عمله، يكتفي بالقول "نحن متوكلون على الله دوما، لباسنا في هذا الوقت بكل تأكيد لا يدلل على أننا رجال مقاومة...وعندما نطلق صواريخنا نتوخى الدقة والحذر الشديد والابتعاد عن مرمى الصواريخ".
وهكذا تبقى المواجهة في غزة تعيش حالة كر وفر، حتى تضع الحرب أوزارها، وإلى أن يتحقق ذلك يبقى السؤال : كيف ستمحو إسرائيل عن الخارطة بقعة أرض برع أهلها في صناعة الموت؟
-
المصدر : فادي الحسني ـ غزة - سبق
-
أيضاً : لا تقتلوا الحماس (http://www.sabq.org/?action=showMaqal&id=140)