سويد أسمر
October 13th, 2008, 12:24
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد , وعلى آله وصحبه أجمعين , ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
فقد كنت أتابع الأخبار العالمية , وتداعيات انهيار الاقتصاد , وحجم الكارثة التي أحاطت بالعملاق المتغطرس , وما صاحب ذلك الأمر من انعكاسات خطيرة على أوروبا , وكثير من دول العالم الأخرى , ولفت نظري أن تلك الأزمة حظيت بتفاعل على أعلى المستويات القيادية , ابتدأت برؤساء الدول , ولم تقف بعدُ , بينما خيَّمت أجواء الهدوء والصمت على أغلب القيادات العربية , ولم تعرض القنوات وغيرها تصريحات بحجم ماأطلقه قادة الدول العالمية الكبرى .
لكن وبعد ترقُّب أدركت أن هذا الهدوء كان تمهيداً لعاصفة قادمة .
ترى ماهي هذه العاصفة ؟ .
إنها سطو إسرائيل على طبق التبولة اللبنانية !!! .
كل المشاكل قد تُرى معقوله **** يوما سوى سطوٍٍ على التبوله
فهنا الرزية أنشبت أظفارها **** والنفس باتت بعد ذا معلوله
نعم إنه سطو , لكنه غير مسلح !! .
تعاطفت كثيرا مع التبولة ( الضحية ) , وأحسست بشعور غريب , لا أجد شعورا وإحساساً يشبهه , بل لا أجد تصويرا أبلغ , ورسما أصدق , لحكاية البورصة والاقتصاد , والسطو على التبولة , إلا قضية المرأة عند بغال الليبرالية .
ففي حين تجد الأمة منهمكة منكبة تعالج نازلة , أو تبحث عن مخرج لأزمة , تجد أحد بغال الليبرالية يناقش قضية قيادة المرأة للسيارة , أو يطالب بفتح المسارح ودور السينما , وفي الوقت الذي يمكن تصنيفه ووصفه بالحرج , تجد أحد البغال يتناول الهيئة بالسخرية والتشغيب , أو يكتب عن خطر تعليم الفتيات طريقة غسل الموتى ودفنهم , أو يتحدث عن فتوى عالم من علماء الأمة في مناسبة معينة , ضمن عدد من الأسئلة المعروضة .
قضية التبولة يجب ألاَّ تمرَّ بسلام , ويجب أن نقف جميعا حُكَّاماً ومحكومين , ممن يعنيهم أمر التبولة , لإعادة حقها المسلوب , وإلا فعلينا أن نواجه كارثة لاحدود لها .
أيها الفضلاء :
لعلكم تذكرون أيام أزمة الخليج , وحين اشتدت العاصفة , وأعلنت الدولة حالة الخطر , وبلغ التوجس الأمني ذروته , والتفتت الحكومة إلى السواعد الفتية , من أبناء هذا البلد المبارك , تسارع الغيورون للمشاركة في كل مامن شأنه تضييق دائرة الخطر , ونشط كل محبِّ في مجاله , فكان فينا الإغاثي , والجندي , والمُحفِّز , والمتدرب , والمتابع , والخليفة للمرابطين على الثغور , والمستضيف للمشردين , وهكذا تحول المجتمع إلى أشبه بخلية للنحل , بينما انهمك بغال الليبرالية وذوو التوجهات المشبوهة وكثير من زوار السفارات بالتخطيط مع القنوات , وبعض السفارات , للترتيب لمظاهرة نسائية تطالب بقيادة المرأة للسيارة , وكأن الغزو الغاشم لاعلاج له إلا بتحقيق هذا المطلب .
هنا برزت قضية التبولة مرة أخرى , حيث تشابهت المطالب , مع تشابه الأزمة .
لعل قائلا أن يقول : ربما كانت مطالبة بغال الليبرالية بقيادة المرأة أثناء حرب الخليج , رسالة للعدو أننا لم نتأثر بالهجوم , بل على العكس فنحن نمارس حياتنا بشكل طبيعي , كما إن الحديث عن التبولة يعطي رسالة للدول الكبرى , بأن اقتصادنا لم يتأثر إلا كما تأثرت التبولة اللبنانية من السطو الإسرائيلي .
والحقيقة أن هذا تخريج جميل , ويمكن وصفه بأنه ( مخرج طوارىء ) , لكن أعتقد أن الرد عليه لا يحتاج إلى تفكير , لاسيما حين نقرأ في تأريخ الكائنات الليبرالية , واهتماماتهم , ونظرتهم لأمتهم , ومدى جديتهم في علاج مشاكلها , والتخلص من أزماتها .
إن تأريخ تلك الكائنات تأريخ مليء بالخيانات والاسترزاق , فهم أشبه بالمواشي بقدر ماتُعلِّفها تعطيك , إذْ لامعنى للتضحية عندهم , ولا وجود للإيثار في قواميسهم , ولا أثر للمصداقية في نواميسهم .
طالبهم العدو يوما أن يسلوا سهامهم على العلماء والدعاة , فانطلقوا لا يألون على شيء , وأخذوا يتسابقون أيهم يُقرب أكثر , ليدنيه العدو أكثر , ولكي يجد في مِعلفه إذا انكبَّ عليه أكثر , وهكذا .
وطالبهم أن يتناولوا قضية حرية المرأة وحقوقها , فسلوا أقلامهم , وعلا هريرهم , وأخذوا يصورون المرأة في بلاد المسلمين بأنها كائن مُهان , وأنه لاخلاص لها من ذلك الجحيم إلا بالتحرر من الموروث ( الكتاب والسنة ) , والتمرد على القيم , وكسر الحواجز , وتحطيم القيود , وأن المرأة إن لم تقد السيارة , وتشارك في التمثيل والرقص , وتختلط بالرجل , وتنعتق من المحرم , وتسافر لوحدها , وتسكن في أي مكان تحب , فستظل أسيرة كسيرة حسيرة .
والغريب أن تلك الحقوق والحريات , التي يطالبون بها للمرأة , تقف عند حاجز الثلاثين عاما تقريبا , إذْ يمتنع بعده – في نظرهم - الاستفادة من هذه المرأة , وتقلُّ المتعة فيها , ولهذا فيبدأ التغني بها وبحقوقها يتلاشى , لتصبح فيما بعدُ تحفة في دار العجزة والمسنين , أو لزيمة السرير في أحد المارستانات , وهكذا كما هي حال المئات ممن انخدعن بدعاوى الحرية , في مصر والمغرب والجزائر وتونس والعراق وغيرها من بلاد المسلمين .
وطالبهم العدو أن يتحدثوا عن الحرية الشخصية , فبادروا زرافات ووحدانا للنيل مما يرونه أعظم عقبة أمام تلك الحرية , وهم المحتسبون ورجال الهيئات , فأخذوا يلفقون حولهم الحكايات , ويزورون الحقائق , ويصورونهم بالخارجين على القانون , والمفتاتين على السلطة , وبأنهم دولة داخل دولة , وطار بعضهم إلى أبعد من ذلك حين هدد بمحاكمتهم كمجرمين ضد الإنسانية , ومطالبة الدول الكافرة بضرورة التدخل لحماية المجتمع منهم .
أيها الفضلاء :
عوداً على التبولة , فالحديث عنها ذو شجون , وحكايتها ذات فصول متعددة , وهي صورة مصغرة لهموم بغال الليبرالية , الذين أشبهوا الطفيليات أو بعض الفايروسات التي لاتنشط إلا في المرض , إذْ لايمكن أن تجد من ليبراليينا ليبراليا واحدا ممن هو على استعداد أن يضحي لأجل أمته , بل هم وربي على أتم الاستعداد أن يبيعوها بفلس واحد في أي لحظة ممكنة .
هل يمكن أن نتصور ممن يتلقى دعما من الخارج , أو يعيش في كنفه , وهو في الوقت ذاته يستعديه على مجتمعه , أو يفتح له النافذة ليطلعه على ثغراته , أن يهبَّ للذود والدفاع عن مجتمعه ؟ .
والله إن الكلب رغم خسته أشرف وأوفى من كثير من تلك الكائنات الخائنة , فكم سطَّرت الروايات من أخبار الوفاء عند الكلب , حتى قيل : أوفى من كلب .
بل لاتكاد تجد مايشبه – ولو نسبيا - وفاء الكلب لصاحبه , إلا وفاء بعض اللبنانيين للتبولة , أو وفاء كل الليبراليين للعدو الكافر , ولأفكاره المنحطَّة .
إن بغال الليبرالية وهم يغردون خارج السرب , ويريدون جرَّ المجتمع لدوائر تفكيرهم الشاذة , أو محاولتهم إشغال المجتمعات بقضايا مفتعلة , وتصويرها على أنها قضايا جوهرية ومصيرية , وأن الاهتمام بها أولى وأحرى وأوجب , يشبهون ذلك الرجل الذي وجد مصابا ينزف دماً لكنه انشغل في البحث عن نعله خشية أن يأتي من يسرقها .
أرأيتم كيف يتهافتون كالفراش على النار , للحديث عن قضايا يجترونها اجتراراً , ويحاولون تسليط الضوء عليها وتهويل أمرها , حتى إذا لم يجد أحدهم مايملأ به زاويته , أو يترزز به عند بني جنسه , فَغَرَ فاه وأخذ يتحدث عن تفاهاته ومغامراته , وسجله الحافل بالمهازل في بلاد الشرق أو الغرب , هذا إذا سلمت منه أحكام الشريعة , ولم يأخذها بالسخرية والنقد .
ولمن كان في شكٍّ مما أقول , أو رأى أن في حديثي عنهم نوعا من المبالغة , فماعليه إلا أن يُحكم اللثام على أنفه – كما نبهت لذلك في مقال سابق – ثم ليأخذ جولة على مراحيض الليبراليين , التي يلطفونها بمسمى منتديات , ليرى وجوها قد مسخت , وأفكاراً خيَّمت عليها الشكوك والحيرة , هذا إذا سلمت من الردة , ومقالات تنضح بالفجوروالزندقة , والسخرية بالذات الإلهية , والرسل والسنن والشرائع والشعائر .
والله إن من يلقيه حظه العاثر يوما في أحد تلك المراحيض , ليرى فيها من الردة مايتورع عن بعضه أبوجهل وأبولهب , بل مايستعيذ منه إبليس الرجيم , ولولا أني أخشى جرح مشاعرالقراء , لنقلت بعض ما حوته تلك المنتديات الآثمة من كفر صراح لاينازع فيه من عرف حقيقة التوحيد , لكن أملي بالله تعالى ثم بمن تولى أمر المسلمين في هذه البلاد عظيم , بأن يلاحقوا تلك الفئة المجرمة الخبيثة , وأن يعرضوهم على شرع الله ليقول فيهم كلمته , ويحكم عليهم بالحكم العادل .
اللهم أبرم لهذه الأمة أمرا رشدا , واحفظ عليها دينها , وحماة دينها , وورثة نبيها , واجعل قادتها قدوة للخير , مفاتيح للفضيلة , وارزقهم البطانة الناصحة الصالحة التي تذكرهم إن نسوا , وتعينهم إن تذكروا , واجعلهم آمرين بالمعروف فاعلين له , ناهين عن المنكر مجتنبين له , ياسميع الدعاء .
والله أعلى وأعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
وكتبه
سليمان بن أحمد بن عبدالعزيز الدويش
أبو مالك
الحمدلله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد , وعلى آله وصحبه أجمعين , ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
فقد كنت أتابع الأخبار العالمية , وتداعيات انهيار الاقتصاد , وحجم الكارثة التي أحاطت بالعملاق المتغطرس , وما صاحب ذلك الأمر من انعكاسات خطيرة على أوروبا , وكثير من دول العالم الأخرى , ولفت نظري أن تلك الأزمة حظيت بتفاعل على أعلى المستويات القيادية , ابتدأت برؤساء الدول , ولم تقف بعدُ , بينما خيَّمت أجواء الهدوء والصمت على أغلب القيادات العربية , ولم تعرض القنوات وغيرها تصريحات بحجم ماأطلقه قادة الدول العالمية الكبرى .
لكن وبعد ترقُّب أدركت أن هذا الهدوء كان تمهيداً لعاصفة قادمة .
ترى ماهي هذه العاصفة ؟ .
إنها سطو إسرائيل على طبق التبولة اللبنانية !!! .
كل المشاكل قد تُرى معقوله **** يوما سوى سطوٍٍ على التبوله
فهنا الرزية أنشبت أظفارها **** والنفس باتت بعد ذا معلوله
نعم إنه سطو , لكنه غير مسلح !! .
تعاطفت كثيرا مع التبولة ( الضحية ) , وأحسست بشعور غريب , لا أجد شعورا وإحساساً يشبهه , بل لا أجد تصويرا أبلغ , ورسما أصدق , لحكاية البورصة والاقتصاد , والسطو على التبولة , إلا قضية المرأة عند بغال الليبرالية .
ففي حين تجد الأمة منهمكة منكبة تعالج نازلة , أو تبحث عن مخرج لأزمة , تجد أحد بغال الليبرالية يناقش قضية قيادة المرأة للسيارة , أو يطالب بفتح المسارح ودور السينما , وفي الوقت الذي يمكن تصنيفه ووصفه بالحرج , تجد أحد البغال يتناول الهيئة بالسخرية والتشغيب , أو يكتب عن خطر تعليم الفتيات طريقة غسل الموتى ودفنهم , أو يتحدث عن فتوى عالم من علماء الأمة في مناسبة معينة , ضمن عدد من الأسئلة المعروضة .
قضية التبولة يجب ألاَّ تمرَّ بسلام , ويجب أن نقف جميعا حُكَّاماً ومحكومين , ممن يعنيهم أمر التبولة , لإعادة حقها المسلوب , وإلا فعلينا أن نواجه كارثة لاحدود لها .
أيها الفضلاء :
لعلكم تذكرون أيام أزمة الخليج , وحين اشتدت العاصفة , وأعلنت الدولة حالة الخطر , وبلغ التوجس الأمني ذروته , والتفتت الحكومة إلى السواعد الفتية , من أبناء هذا البلد المبارك , تسارع الغيورون للمشاركة في كل مامن شأنه تضييق دائرة الخطر , ونشط كل محبِّ في مجاله , فكان فينا الإغاثي , والجندي , والمُحفِّز , والمتدرب , والمتابع , والخليفة للمرابطين على الثغور , والمستضيف للمشردين , وهكذا تحول المجتمع إلى أشبه بخلية للنحل , بينما انهمك بغال الليبرالية وذوو التوجهات المشبوهة وكثير من زوار السفارات بالتخطيط مع القنوات , وبعض السفارات , للترتيب لمظاهرة نسائية تطالب بقيادة المرأة للسيارة , وكأن الغزو الغاشم لاعلاج له إلا بتحقيق هذا المطلب .
هنا برزت قضية التبولة مرة أخرى , حيث تشابهت المطالب , مع تشابه الأزمة .
لعل قائلا أن يقول : ربما كانت مطالبة بغال الليبرالية بقيادة المرأة أثناء حرب الخليج , رسالة للعدو أننا لم نتأثر بالهجوم , بل على العكس فنحن نمارس حياتنا بشكل طبيعي , كما إن الحديث عن التبولة يعطي رسالة للدول الكبرى , بأن اقتصادنا لم يتأثر إلا كما تأثرت التبولة اللبنانية من السطو الإسرائيلي .
والحقيقة أن هذا تخريج جميل , ويمكن وصفه بأنه ( مخرج طوارىء ) , لكن أعتقد أن الرد عليه لا يحتاج إلى تفكير , لاسيما حين نقرأ في تأريخ الكائنات الليبرالية , واهتماماتهم , ونظرتهم لأمتهم , ومدى جديتهم في علاج مشاكلها , والتخلص من أزماتها .
إن تأريخ تلك الكائنات تأريخ مليء بالخيانات والاسترزاق , فهم أشبه بالمواشي بقدر ماتُعلِّفها تعطيك , إذْ لامعنى للتضحية عندهم , ولا وجود للإيثار في قواميسهم , ولا أثر للمصداقية في نواميسهم .
طالبهم العدو يوما أن يسلوا سهامهم على العلماء والدعاة , فانطلقوا لا يألون على شيء , وأخذوا يتسابقون أيهم يُقرب أكثر , ليدنيه العدو أكثر , ولكي يجد في مِعلفه إذا انكبَّ عليه أكثر , وهكذا .
وطالبهم أن يتناولوا قضية حرية المرأة وحقوقها , فسلوا أقلامهم , وعلا هريرهم , وأخذوا يصورون المرأة في بلاد المسلمين بأنها كائن مُهان , وأنه لاخلاص لها من ذلك الجحيم إلا بالتحرر من الموروث ( الكتاب والسنة ) , والتمرد على القيم , وكسر الحواجز , وتحطيم القيود , وأن المرأة إن لم تقد السيارة , وتشارك في التمثيل والرقص , وتختلط بالرجل , وتنعتق من المحرم , وتسافر لوحدها , وتسكن في أي مكان تحب , فستظل أسيرة كسيرة حسيرة .
والغريب أن تلك الحقوق والحريات , التي يطالبون بها للمرأة , تقف عند حاجز الثلاثين عاما تقريبا , إذْ يمتنع بعده – في نظرهم - الاستفادة من هذه المرأة , وتقلُّ المتعة فيها , ولهذا فيبدأ التغني بها وبحقوقها يتلاشى , لتصبح فيما بعدُ تحفة في دار العجزة والمسنين , أو لزيمة السرير في أحد المارستانات , وهكذا كما هي حال المئات ممن انخدعن بدعاوى الحرية , في مصر والمغرب والجزائر وتونس والعراق وغيرها من بلاد المسلمين .
وطالبهم العدو أن يتحدثوا عن الحرية الشخصية , فبادروا زرافات ووحدانا للنيل مما يرونه أعظم عقبة أمام تلك الحرية , وهم المحتسبون ورجال الهيئات , فأخذوا يلفقون حولهم الحكايات , ويزورون الحقائق , ويصورونهم بالخارجين على القانون , والمفتاتين على السلطة , وبأنهم دولة داخل دولة , وطار بعضهم إلى أبعد من ذلك حين هدد بمحاكمتهم كمجرمين ضد الإنسانية , ومطالبة الدول الكافرة بضرورة التدخل لحماية المجتمع منهم .
أيها الفضلاء :
عوداً على التبولة , فالحديث عنها ذو شجون , وحكايتها ذات فصول متعددة , وهي صورة مصغرة لهموم بغال الليبرالية , الذين أشبهوا الطفيليات أو بعض الفايروسات التي لاتنشط إلا في المرض , إذْ لايمكن أن تجد من ليبراليينا ليبراليا واحدا ممن هو على استعداد أن يضحي لأجل أمته , بل هم وربي على أتم الاستعداد أن يبيعوها بفلس واحد في أي لحظة ممكنة .
هل يمكن أن نتصور ممن يتلقى دعما من الخارج , أو يعيش في كنفه , وهو في الوقت ذاته يستعديه على مجتمعه , أو يفتح له النافذة ليطلعه على ثغراته , أن يهبَّ للذود والدفاع عن مجتمعه ؟ .
والله إن الكلب رغم خسته أشرف وأوفى من كثير من تلك الكائنات الخائنة , فكم سطَّرت الروايات من أخبار الوفاء عند الكلب , حتى قيل : أوفى من كلب .
بل لاتكاد تجد مايشبه – ولو نسبيا - وفاء الكلب لصاحبه , إلا وفاء بعض اللبنانيين للتبولة , أو وفاء كل الليبراليين للعدو الكافر , ولأفكاره المنحطَّة .
إن بغال الليبرالية وهم يغردون خارج السرب , ويريدون جرَّ المجتمع لدوائر تفكيرهم الشاذة , أو محاولتهم إشغال المجتمعات بقضايا مفتعلة , وتصويرها على أنها قضايا جوهرية ومصيرية , وأن الاهتمام بها أولى وأحرى وأوجب , يشبهون ذلك الرجل الذي وجد مصابا ينزف دماً لكنه انشغل في البحث عن نعله خشية أن يأتي من يسرقها .
أرأيتم كيف يتهافتون كالفراش على النار , للحديث عن قضايا يجترونها اجتراراً , ويحاولون تسليط الضوء عليها وتهويل أمرها , حتى إذا لم يجد أحدهم مايملأ به زاويته , أو يترزز به عند بني جنسه , فَغَرَ فاه وأخذ يتحدث عن تفاهاته ومغامراته , وسجله الحافل بالمهازل في بلاد الشرق أو الغرب , هذا إذا سلمت منه أحكام الشريعة , ولم يأخذها بالسخرية والنقد .
ولمن كان في شكٍّ مما أقول , أو رأى أن في حديثي عنهم نوعا من المبالغة , فماعليه إلا أن يُحكم اللثام على أنفه – كما نبهت لذلك في مقال سابق – ثم ليأخذ جولة على مراحيض الليبراليين , التي يلطفونها بمسمى منتديات , ليرى وجوها قد مسخت , وأفكاراً خيَّمت عليها الشكوك والحيرة , هذا إذا سلمت من الردة , ومقالات تنضح بالفجوروالزندقة , والسخرية بالذات الإلهية , والرسل والسنن والشرائع والشعائر .
والله إن من يلقيه حظه العاثر يوما في أحد تلك المراحيض , ليرى فيها من الردة مايتورع عن بعضه أبوجهل وأبولهب , بل مايستعيذ منه إبليس الرجيم , ولولا أني أخشى جرح مشاعرالقراء , لنقلت بعض ما حوته تلك المنتديات الآثمة من كفر صراح لاينازع فيه من عرف حقيقة التوحيد , لكن أملي بالله تعالى ثم بمن تولى أمر المسلمين في هذه البلاد عظيم , بأن يلاحقوا تلك الفئة المجرمة الخبيثة , وأن يعرضوهم على شرع الله ليقول فيهم كلمته , ويحكم عليهم بالحكم العادل .
اللهم أبرم لهذه الأمة أمرا رشدا , واحفظ عليها دينها , وحماة دينها , وورثة نبيها , واجعل قادتها قدوة للخير , مفاتيح للفضيلة , وارزقهم البطانة الناصحة الصالحة التي تذكرهم إن نسوا , وتعينهم إن تذكروا , واجعلهم آمرين بالمعروف فاعلين له , ناهين عن المنكر مجتنبين له , ياسميع الدعاء .
والله أعلى وأعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
وكتبه
سليمان بن أحمد بن عبدالعزيز الدويش
أبو مالك