الرائد7
October 10th, 2008, 02:58
السلام عليكم
قال اللَّه تعالى : { طه، ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى } .
وقال تعالى : { يريد اللَّه بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } .
- عن عائشةَ رضي اللَّهُ عنها أَن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم دخَلَ عليْها وعِنْدها امْرأَةٌ قال : منْ هَذِهِ ؟ قالت : هَذِهِ فُلانَة تَذْكُرُ مِنْ صَلاتِهَا قالَ : « مَهُ عليكُمْ بِما تُطِيقُون ، فَوَاللَّه لا يَمَلُّ اللَّهُ حتَّى تَمَلُّوا وكَانَ أَحَبُّ الدِّينِ إِلَيْهِ ما داوَمَ صَاحِبُهُ علَيْهِ » متفقٌ عليه .
« ومهْ » كَلِمة نَهْى وزَجْرٍ . ومَعْنى « لا يملُّ اللَّهُ » أي : لا يَقْطَعُ ثَوابَهُ عنْكُمْ وَجَزَاءَ أَعْمَالِكُمْ ، ويُعَامِلُكُمْ مُعاملَةَ الْمالِّ حَتَّى تَملُّوا فَتَتْرُكُوا ، فَينْبَغِي لكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا ما تُطِيقُونَ الدَّوَامَ علَيْهِ لَيَدُومَ ثَوَابُهُ لَكُمْ وفَضْلُه عَلَيْكُمْ .
- وعن أَنسٍ رضي اللَّه عنه قال : جاءَ ثَلاثةُ رهْطِ إِلَى بُيُوتِ أَزْواجِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يسْأَلُونَ عنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، فَلَمَّا أُخبِروا كأَنَّهُمْ تَقَالَّوْها وقالُوا : أَين نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَدْ غُفِر لَهُ ما تَقَدَّم مِنْ ذَنْبِهِ وما تَأَخَّرَ . قالَ أَحَدُهُمْ : أَمَّا أَنَا فأُصلِّي الليل أَبداً ، وقال الآخَرُ : وَأَنا أَصُومُ الدَّهْرَ أبداً ولا أُفْطِرُ ، وقالَ الآخرُ : وأَنا اعْتَزِلُ النِّساءَ فلا أَتَزوَّجُ أَبداً، فَجاءَ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إلَيْهمْ فقال : « أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كذا وكذَا ؟، أَما واللَّهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ للَّهِ وَأَتْقَاكُم له لكِني أَصُومُ وَأُفْطِرُ ، وَأُصلِّي وَأَرْقُد، وَأَتَزَوّجُ النِّسَاءَ، فمنْ رغِب عن سُنَّتِي فَلَيسَ مِنِّى» متفقٌ عليه.
- وعن ابن مسعودٍ رضي اللَّه عنه أن النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ » قالَهَا ثلاثاً ، رواه مسلم .
« الْمُتَنطِّعُونَ » : الْمُتعمِّقونَ الْمُشَدِّدُون فِي غَيْرِ موْضَعِ التَّشْدِيدِ .
- عن أَبِي هريرة رضي اللَّه عنه النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ ، ولنْ يشادَّ الدِّينُ إلاَّ غَلَبه فسدِّدُوا وقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا ، واسْتعِينُوا بِالْغدْوةِ والرَّوْحةِ وشَيْءٍ مِن الدُّلْجةِ » رواه البخاري .
وفي رواية له « سدِّدُوا وقَارِبُوا واغْدوا ورُوحُوا ، وشَيْء مِنَ الدُّلْجةِ ، الْقَصْد الْقصْد تَبْلُغُوا » .
قوله : « الدِّينُ » هُو مرْفُوعٌ عَلَى ما لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ . وروِي مَنْصُوباً ، وروِيَ: « لَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ » .. وقوله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إِلاَّ غَلَبَهُ » : أَيْ : غَلَبَه الدِّينُ وَعَجزَ ذلكَ الْمُشَادُّ عنْ مُقَاومَةِ الدِّينِ لِكَثْرةِ طُرقِهِ . « والْغَدْوةُ » سيْرُ أَوَّلِ النَّهَارِ . «وَالرَّوْحةُ » : آخِرُ النَّهَارِ «والدُّلْجَةُ » : آخِرُ اللَّيْلِ . وَهَذا استَعارةٌ ، وتَمْثِيلٌ ، ومعْناهُ : اسْتَعِينُوا عَلَى طَاعةِ اللَّهِ عز وجلَّ بالأَعْمالِ فِي وقْتِ نشاطِكُمْ ، وفَراغِ قُلُوبِكُمْ بحيثُ تًسْتلذُّونَ الْعِبادَةَ ولا تسـأَمُونَ مقْصُودَكُمْ ، كَما أَنَّ الْمُسافِرَ الْحاذِقَ يَسيرُ في هَذهِ الأَوْقَاتِ وَيستَريِحُ هُو ودابَّتُهُ فِي غَيْرِهَا ، فيصِلُ الْمقْصُود بِغَيْرِ تَعبٍ ، واللَّهُ أَعلم .
- وعن أَنسٍ رضي اللَّهُ عنه قال : دَخَلَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم الْمسْجِدَ فَإِذَا حبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ فقالَ : « ما هَذَا الْحبْلُ ؟ قالُوا ، هَذا حبْلٌ لِزَيْنَبَ فَإِذَا فَترَتْ تَعَلَقَتْ بِهِ . فقال النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « حُلّوهُ ، لِيُصَلِّ أَحدُكُمْ نَشَاطَهُ ، فَإِذا فَترَ فَلْيرْقُدْ » متفقٌ عليه .
- وعن عائشة رضي اللَّه عنها أن رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « إِذَا نَعَسَ أَحدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي ، فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ ، فإِن أَحدَكم إِذَا صلَّى وهُو نَاعَسٌ لا يَدْرِي لعلَّهُ يذهَبُ يسْتَغْفِرُ فيَسُبُّ نَفْسَهُ » . متفقٌ عليه .
- وعن أَبِي عبد اللَّه جابر بن سمُرَةَ رضي اللَّهُ عنهما قال : كُنْتُ أُصَلِّي مَعَ النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم الصَّلَوَاتِ ، فَكَانَتْ صلاتُهُ قَصداً وخُطْبَتُه قَصْداً » رواه مسلم .
قولُهُ : قَصْداً : أَيْ بَيْنَ الطُّولِ وَالْقِصَرِ .
- وعن أَبِي جُحَيْفَةَ وَهبِ بْنِ عبد اللَّه رضي اللَّهُ عنه قال : آخَى النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بَيْن سَلْمَانَ وأَبِي الدَّرْدَاءِ ، فَزَارَ سلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاء مُتَبَذِّلَةً فقالَ : ما شَأْنُكِ؟ قالَتْ : أَخْوكَ أَبُو الدَّرداءِ ليْسَ له حَاجةٌ فِي الدُّنْيَا . فَجَاءَ أَبُو الدرْدَاءِ فَصَنَعَ لَه طَعَاماً ، فقالَ لَهُ : كُلْ فَإِنِّي صَائِمٌ ، قالَ : ما أَنا بآكلٍ حَتَّى تأْكلَ ، فَأَكَلَ ، فَلَّمَا كانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْداءِ يقُوم فقال لَه : نَمْ فَنَام ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُوم فقالَ لَه : نَمْ ، فَلَمَّا كان من آخرِ اللَّيْلِ قالَ سلْمانُ : قُم الآنَ، فَصَلَّيَا جَمِيعاً ، فقالَ له سَلْمَانُ : إِنَّ لرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَإِنَّ لنَفْسِكَ عَلَيْكَ حقًّا ، ولأهلِك عَلَيْكَ حَقًّا ، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّه ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَذَكر ذلكَ لَه ، فقالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « صَدَقَ سلْمَانُ » رواه البخاري .
- وعن أَبِي محمد عبدِ اللَّهِ بن عمرو بنِ العاص رضي اللَّه عنهما قال : أُخْبرَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أنِّي أَقُول : وَاللَّهِ لأَصومَنَّ النَّهَارَ ، ولأَقُومنَّ اللَّيْلَ ما عشْتُ ، فَقَالَ رسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «أَنْتَ الَّذِي تَقُول ذلك ؟ فَقُلْت له : قَدْ قُلتُه بأَبِي أَنْتَ وأُمِّي يا رسولَ اللَّه . قَالَ: « فَإِنكَ لا تَسْتَطِيعُ ذلِكَ ، فَصُمْ وأَفْطرْ ، ونَمْ وَقُمْ ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّ الْحسنَةَ بعَشْرِ أَمْثَالهَا ، وذلكَ مثْلُ صِيامٍ الدَّهْرِ قُلْت : فَإِنِّي أُطيق أفْضَلَ منْ ذلكَ قالَ : فَصمْ يَوْماً وَأَفْطرْ يَوْمَيْنِ ، قُلْت : فَإِنِّي أُطُيق أفْضَلَ مِنْ ذلكَ ، قَالَ : « فَصُم يَوْماً وَأَفْطرْ يوْماً ، فَذلكَ صِيَام دَاوود صلى الله عليه وسلم، وَهُو أَعْدَل الصِّيَامِ » . وَفي رواية : « هوَ أَفْضَلُ الصِّيامِ » فَقُلْتُ فَإِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذلكَ ، فقال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لا أَفْضَلَ منْ ذلك» وَلأنْ أَكْونَ قَبلْتُ الثَّلاثَةَ الأَيَّامِ الَّتِي قال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أَحَبُّ إِليَّ منْ أَهْلِي وَمَالِى.
وفي روايةٍ : « أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصومُ النَّهَارَ وتَقُومُ اللَّيْلَ ؟ » قلت : بلَى يَا رسول اللَّهِ . قال : « فَلا تَفْعل : صُمْ وأَفْطرْ ، ونَمْ وقُمْ فَإِنَّ لجَسَدكَ علَيْكَ حقًّا ، وإِنَّ لعيْنَيْكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَإِنَّ لزَوْجِكَ علَيْكَ حَقًّا ، وَإِنَّ لزَوْركَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وإِنَّ بحَسْبكَ أَنْ تَصْومَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ، فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنةٍ عشْرَ أَمْثَالِهَا ، فَإِذن ذلك صِيَامُ الدَّهْرِ» فشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ ، قُلْتُ : يا رسول اللَّه إِنّي أَجِدُ قُوَّةً، قال : « صُمْ صِيَامَ نَبِيِّ اللَّهِ داوُدَ وَلا تَزدْ عَلَيْهِ» قلت: وما كَان صِيَامُ داودَ؟ قال : « نِصْفُ الدهْرِ » فَكَان عَبْدُ اللَّهِ يقول بعْد مَا كَبِر : يالَيْتَنِي قَبِلْتُ رُخْصةَ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم .
وفي رواية : « أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّك تصُومُ الدَّهْرِ ، وَتْقَرَأُ الْقُرْآنَ كُلَّ لَيْلَة ؟ » فَقُلْتُ : بَلَى يا رسولَ اللَّهِ ، ولَمْ أُرِدْ بذلِكَ إِلاَّ الْخيْرَ ، قَالَ : « فَصُمْ صَوْمَ نَبِيِّ اللَّهِ داودَ ، فَإِنَّه كَانَ أَعْبَدَ النَّاسِ ، واقْرأْ الْقُرْآنَ في كُلِّ شَهْرٍ » قُلْت : يَا نَبِيِّ اللَّهِ إِنِّي أُطِيق أَفْضل مِنْ ذلِكَ ؟ قَالَ : « فَاقْرَأه فِي كُلِّ عِشرِينَ » قُلْت : يَا نبيِّ اللَّهِ إِنِّي أُطِيق أَفْضَل مِنْ ذَلِكَ ؟ قَالَ : «فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ عَشْر » قُلْت : يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي أُطِيق أَفْضلَ مِنْ ذلِكَ ؟ قَالَ : « فَاقْرَأْه في كُلِّ سَبْعٍ وَلاَ تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ » فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ ، وقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إِنَّكَ لاَ تَدْرِي لَعلَّكَ يَطُول بِكَ عُمُرٌ قالَ : فَصِرْت إِلَى الَّذِي قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَلَمَّا كَبِرْتُ وَدِدْتُ أنِّي قَبِلْت رخْصَةَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم .
وفي رواية : « وَإِنَّ لوَلَدِكَ علَيْكَ حَقًّا » وفي روايةٍ : لا صَامَ من صَامَ الأَبَدَ » ثَلاثاً . وفي روايةٍ : « أَحَبُّ الصَّيَامِ إِلَى اللَّه تَعَالَى صِيَامُ دَاوُدَ ، وَأَحَبُّ الصَّلاةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى صَلاةُ دَاوُدَ : كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيلِ ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ ، وَكَانَ يَصُومُ يوْماً ويُفْطِرُ يَوْماً ، وَلا يَفِرُّ إِذَا لاقَى » .
وفي رواية قَالَ : أَنْكَحَنِي أَبِي امْرَأَةً ذَاتَ حسَبٍ ، وكَانَ يَتَعَاهَدُ كَنَّتهُ أي : امْرَأَة ولَدِهِ فَيسْأَلُهَا عَنْ بَعْلِهَا ، فَتَقُولُ لَهُ : نِعْمَ الرَّجْلُ مِنْ رجُل لَمْ يَطَأْ لنَا فِرَاشاً ولَمْ يُفتِّشْ لنَا كَنَفاً مُنْذُ أَتَيْنَاهُ فَلَمَّا طالَ ذَلِكَ عليه ذكَرَ ذلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم . فقَالَ : « الْقَني به » فلَقيتُهُ بَعْدَ ذلكَ فَقَالَ : « كيفَ تَصُومُ ؟ » قُلْتُ كُلَّ يَوْم ، قَالَ : « وَكيْفَ تَخْتِم ؟ » قلتُ: كُلَّ لَيلة ، وذَكَر نَحْوَ مَا سَبَق وكَان يقْرَأُ عَلَى بعْض أَهْلِه السُّبُعَ الَّذِي يقْرؤهُ ، يعْرضُهُ مِن النَّهَارِ لِيكُون أَخفَّ علَيِهِ بِاللَّيْل ، وَإِذَا أَراد أَنْ يَتَقَوَّى أَفْطَر أَيَّاماً وَأَحصَى وصَام مِثْلَهُنَّ كَراهِيةَ أَن يتْرُك شيئاً فارقَ علَيهِ النَّبِي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم .
كُلُّ هذِه الرِّوَايات صحيِحةٌ مُعْظَمُهَا فِي الصَّحيحيْنَ وقليلٌ منْهَا في أَحَدِهِما .
- وعن أَبِي ربْعِيٍّ حنْظَلةَ بنِ الرَّبيع الأُسيدِيِّ الْكَاتِب أَحدِ كُتَّابِ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : لَقينَي أَبُو بَكْر رضي اللَّه عنه فقال : كَيْفَ أَنْتَ يا حنْظلَةُ ؟ قُلْتُ : نَافَقَ حنْظَلَةُ ، قَالَ : سُبْحانَ اللَّه ما تقُولُ ؟، : قُلْتُ : نَكُونُ عِنْد رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يُذكِّرُنَا بالْجنَّةِ والنَّارِ كأَنَّا رأْيَ عين ، فَإِذَا خَرجنَا مِنْ عِنْدِ رسولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم عافَسنَا الأَزْوَاجَ وَالأَوْلادَ وَالضَّيْعاتِ نَسينَا كَثِيراً قال أَبُو بكْر رضي اللَّه عنه : فَواللَّهِ إِنَّا لنَلْقَى مِثْلَ هَذَا فانْطلقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْر حتى دخَلْنَا عَلى رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم . فقُلْتُ نافَقَ حنْظَلةُ يا رسول اللَّه ، فقالَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: « ومَا ذَاكَ؟» قُلْتُ: يا رسولَ اللَّه نُكونُ عِنْدكَ تُذَكِّرُنَا بالنَّارِ والْجنَةِ كَأَنَّا رأْيَ العَيْنِ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسنَا الأَزوَاج والأوْلاَدَ والضَّيْعاتِ نَسِينَا كَثِيراً . فقال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيدِهِ أن لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِي الذِّكْر لصَافَحتْكُمُ الملائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُم وفي طُرُقِكُم ، وَلَكِنْ يا حنْظَلَةُ ساعةً وساعةً » ثَلاثَ مرَّاتٍ ، رواه مسلم .
- وعن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال : بيْنما النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَخْطُبُ إِذَا هُوَ بِرجُلٍ قَائِمٍ ، فسأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا : أَبُو إِسْرائيلَ نَذَر أَنْ يَقُومَ فِي الشَّمْس وَلا يقْعُدَ ، ولا يستَظِلَّ ولا يتَكَلَّمَ ، ويصومَ ، فَقالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « مُرُوهُ فَلْيَتَكَلَّمْ ولْيَستَظِلَّ ولْيُتِمَّ صوْمَهُ » رواه البخاري .
قال اللَّه تعالى : { طه، ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى } .
وقال تعالى : { يريد اللَّه بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } .
- عن عائشةَ رضي اللَّهُ عنها أَن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم دخَلَ عليْها وعِنْدها امْرأَةٌ قال : منْ هَذِهِ ؟ قالت : هَذِهِ فُلانَة تَذْكُرُ مِنْ صَلاتِهَا قالَ : « مَهُ عليكُمْ بِما تُطِيقُون ، فَوَاللَّه لا يَمَلُّ اللَّهُ حتَّى تَمَلُّوا وكَانَ أَحَبُّ الدِّينِ إِلَيْهِ ما داوَمَ صَاحِبُهُ علَيْهِ » متفقٌ عليه .
« ومهْ » كَلِمة نَهْى وزَجْرٍ . ومَعْنى « لا يملُّ اللَّهُ » أي : لا يَقْطَعُ ثَوابَهُ عنْكُمْ وَجَزَاءَ أَعْمَالِكُمْ ، ويُعَامِلُكُمْ مُعاملَةَ الْمالِّ حَتَّى تَملُّوا فَتَتْرُكُوا ، فَينْبَغِي لكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا ما تُطِيقُونَ الدَّوَامَ علَيْهِ لَيَدُومَ ثَوَابُهُ لَكُمْ وفَضْلُه عَلَيْكُمْ .
- وعن أَنسٍ رضي اللَّه عنه قال : جاءَ ثَلاثةُ رهْطِ إِلَى بُيُوتِ أَزْواجِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يسْأَلُونَ عنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، فَلَمَّا أُخبِروا كأَنَّهُمْ تَقَالَّوْها وقالُوا : أَين نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَدْ غُفِر لَهُ ما تَقَدَّم مِنْ ذَنْبِهِ وما تَأَخَّرَ . قالَ أَحَدُهُمْ : أَمَّا أَنَا فأُصلِّي الليل أَبداً ، وقال الآخَرُ : وَأَنا أَصُومُ الدَّهْرَ أبداً ولا أُفْطِرُ ، وقالَ الآخرُ : وأَنا اعْتَزِلُ النِّساءَ فلا أَتَزوَّجُ أَبداً، فَجاءَ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إلَيْهمْ فقال : « أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كذا وكذَا ؟، أَما واللَّهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ للَّهِ وَأَتْقَاكُم له لكِني أَصُومُ وَأُفْطِرُ ، وَأُصلِّي وَأَرْقُد، وَأَتَزَوّجُ النِّسَاءَ، فمنْ رغِب عن سُنَّتِي فَلَيسَ مِنِّى» متفقٌ عليه.
- وعن ابن مسعودٍ رضي اللَّه عنه أن النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ » قالَهَا ثلاثاً ، رواه مسلم .
« الْمُتَنطِّعُونَ » : الْمُتعمِّقونَ الْمُشَدِّدُون فِي غَيْرِ موْضَعِ التَّشْدِيدِ .
- عن أَبِي هريرة رضي اللَّه عنه النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ ، ولنْ يشادَّ الدِّينُ إلاَّ غَلَبه فسدِّدُوا وقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا ، واسْتعِينُوا بِالْغدْوةِ والرَّوْحةِ وشَيْءٍ مِن الدُّلْجةِ » رواه البخاري .
وفي رواية له « سدِّدُوا وقَارِبُوا واغْدوا ورُوحُوا ، وشَيْء مِنَ الدُّلْجةِ ، الْقَصْد الْقصْد تَبْلُغُوا » .
قوله : « الدِّينُ » هُو مرْفُوعٌ عَلَى ما لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ . وروِي مَنْصُوباً ، وروِيَ: « لَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ » .. وقوله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إِلاَّ غَلَبَهُ » : أَيْ : غَلَبَه الدِّينُ وَعَجزَ ذلكَ الْمُشَادُّ عنْ مُقَاومَةِ الدِّينِ لِكَثْرةِ طُرقِهِ . « والْغَدْوةُ » سيْرُ أَوَّلِ النَّهَارِ . «وَالرَّوْحةُ » : آخِرُ النَّهَارِ «والدُّلْجَةُ » : آخِرُ اللَّيْلِ . وَهَذا استَعارةٌ ، وتَمْثِيلٌ ، ومعْناهُ : اسْتَعِينُوا عَلَى طَاعةِ اللَّهِ عز وجلَّ بالأَعْمالِ فِي وقْتِ نشاطِكُمْ ، وفَراغِ قُلُوبِكُمْ بحيثُ تًسْتلذُّونَ الْعِبادَةَ ولا تسـأَمُونَ مقْصُودَكُمْ ، كَما أَنَّ الْمُسافِرَ الْحاذِقَ يَسيرُ في هَذهِ الأَوْقَاتِ وَيستَريِحُ هُو ودابَّتُهُ فِي غَيْرِهَا ، فيصِلُ الْمقْصُود بِغَيْرِ تَعبٍ ، واللَّهُ أَعلم .
- وعن أَنسٍ رضي اللَّهُ عنه قال : دَخَلَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم الْمسْجِدَ فَإِذَا حبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ فقالَ : « ما هَذَا الْحبْلُ ؟ قالُوا ، هَذا حبْلٌ لِزَيْنَبَ فَإِذَا فَترَتْ تَعَلَقَتْ بِهِ . فقال النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « حُلّوهُ ، لِيُصَلِّ أَحدُكُمْ نَشَاطَهُ ، فَإِذا فَترَ فَلْيرْقُدْ » متفقٌ عليه .
- وعن عائشة رضي اللَّه عنها أن رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « إِذَا نَعَسَ أَحدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي ، فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ ، فإِن أَحدَكم إِذَا صلَّى وهُو نَاعَسٌ لا يَدْرِي لعلَّهُ يذهَبُ يسْتَغْفِرُ فيَسُبُّ نَفْسَهُ » . متفقٌ عليه .
- وعن أَبِي عبد اللَّه جابر بن سمُرَةَ رضي اللَّهُ عنهما قال : كُنْتُ أُصَلِّي مَعَ النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم الصَّلَوَاتِ ، فَكَانَتْ صلاتُهُ قَصداً وخُطْبَتُه قَصْداً » رواه مسلم .
قولُهُ : قَصْداً : أَيْ بَيْنَ الطُّولِ وَالْقِصَرِ .
- وعن أَبِي جُحَيْفَةَ وَهبِ بْنِ عبد اللَّه رضي اللَّهُ عنه قال : آخَى النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بَيْن سَلْمَانَ وأَبِي الدَّرْدَاءِ ، فَزَارَ سلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاء مُتَبَذِّلَةً فقالَ : ما شَأْنُكِ؟ قالَتْ : أَخْوكَ أَبُو الدَّرداءِ ليْسَ له حَاجةٌ فِي الدُّنْيَا . فَجَاءَ أَبُو الدرْدَاءِ فَصَنَعَ لَه طَعَاماً ، فقالَ لَهُ : كُلْ فَإِنِّي صَائِمٌ ، قالَ : ما أَنا بآكلٍ حَتَّى تأْكلَ ، فَأَكَلَ ، فَلَّمَا كانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْداءِ يقُوم فقال لَه : نَمْ فَنَام ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُوم فقالَ لَه : نَمْ ، فَلَمَّا كان من آخرِ اللَّيْلِ قالَ سلْمانُ : قُم الآنَ، فَصَلَّيَا جَمِيعاً ، فقالَ له سَلْمَانُ : إِنَّ لرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَإِنَّ لنَفْسِكَ عَلَيْكَ حقًّا ، ولأهلِك عَلَيْكَ حَقًّا ، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّه ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَذَكر ذلكَ لَه ، فقالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « صَدَقَ سلْمَانُ » رواه البخاري .
- وعن أَبِي محمد عبدِ اللَّهِ بن عمرو بنِ العاص رضي اللَّه عنهما قال : أُخْبرَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أنِّي أَقُول : وَاللَّهِ لأَصومَنَّ النَّهَارَ ، ولأَقُومنَّ اللَّيْلَ ما عشْتُ ، فَقَالَ رسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «أَنْتَ الَّذِي تَقُول ذلك ؟ فَقُلْت له : قَدْ قُلتُه بأَبِي أَنْتَ وأُمِّي يا رسولَ اللَّه . قَالَ: « فَإِنكَ لا تَسْتَطِيعُ ذلِكَ ، فَصُمْ وأَفْطرْ ، ونَمْ وَقُمْ ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّ الْحسنَةَ بعَشْرِ أَمْثَالهَا ، وذلكَ مثْلُ صِيامٍ الدَّهْرِ قُلْت : فَإِنِّي أُطيق أفْضَلَ منْ ذلكَ قالَ : فَصمْ يَوْماً وَأَفْطرْ يَوْمَيْنِ ، قُلْت : فَإِنِّي أُطُيق أفْضَلَ مِنْ ذلكَ ، قَالَ : « فَصُم يَوْماً وَأَفْطرْ يوْماً ، فَذلكَ صِيَام دَاوود صلى الله عليه وسلم، وَهُو أَعْدَل الصِّيَامِ » . وَفي رواية : « هوَ أَفْضَلُ الصِّيامِ » فَقُلْتُ فَإِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذلكَ ، فقال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لا أَفْضَلَ منْ ذلك» وَلأنْ أَكْونَ قَبلْتُ الثَّلاثَةَ الأَيَّامِ الَّتِي قال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أَحَبُّ إِليَّ منْ أَهْلِي وَمَالِى.
وفي روايةٍ : « أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصومُ النَّهَارَ وتَقُومُ اللَّيْلَ ؟ » قلت : بلَى يَا رسول اللَّهِ . قال : « فَلا تَفْعل : صُمْ وأَفْطرْ ، ونَمْ وقُمْ فَإِنَّ لجَسَدكَ علَيْكَ حقًّا ، وإِنَّ لعيْنَيْكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَإِنَّ لزَوْجِكَ علَيْكَ حَقًّا ، وَإِنَّ لزَوْركَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وإِنَّ بحَسْبكَ أَنْ تَصْومَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ، فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنةٍ عشْرَ أَمْثَالِهَا ، فَإِذن ذلك صِيَامُ الدَّهْرِ» فشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ ، قُلْتُ : يا رسول اللَّه إِنّي أَجِدُ قُوَّةً، قال : « صُمْ صِيَامَ نَبِيِّ اللَّهِ داوُدَ وَلا تَزدْ عَلَيْهِ» قلت: وما كَان صِيَامُ داودَ؟ قال : « نِصْفُ الدهْرِ » فَكَان عَبْدُ اللَّهِ يقول بعْد مَا كَبِر : يالَيْتَنِي قَبِلْتُ رُخْصةَ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم .
وفي رواية : « أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّك تصُومُ الدَّهْرِ ، وَتْقَرَأُ الْقُرْآنَ كُلَّ لَيْلَة ؟ » فَقُلْتُ : بَلَى يا رسولَ اللَّهِ ، ولَمْ أُرِدْ بذلِكَ إِلاَّ الْخيْرَ ، قَالَ : « فَصُمْ صَوْمَ نَبِيِّ اللَّهِ داودَ ، فَإِنَّه كَانَ أَعْبَدَ النَّاسِ ، واقْرأْ الْقُرْآنَ في كُلِّ شَهْرٍ » قُلْت : يَا نَبِيِّ اللَّهِ إِنِّي أُطِيق أَفْضل مِنْ ذلِكَ ؟ قَالَ : « فَاقْرَأه فِي كُلِّ عِشرِينَ » قُلْت : يَا نبيِّ اللَّهِ إِنِّي أُطِيق أَفْضَل مِنْ ذَلِكَ ؟ قَالَ : «فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ عَشْر » قُلْت : يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي أُطِيق أَفْضلَ مِنْ ذلِكَ ؟ قَالَ : « فَاقْرَأْه في كُلِّ سَبْعٍ وَلاَ تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ » فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ ، وقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إِنَّكَ لاَ تَدْرِي لَعلَّكَ يَطُول بِكَ عُمُرٌ قالَ : فَصِرْت إِلَى الَّذِي قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَلَمَّا كَبِرْتُ وَدِدْتُ أنِّي قَبِلْت رخْصَةَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم .
وفي رواية : « وَإِنَّ لوَلَدِكَ علَيْكَ حَقًّا » وفي روايةٍ : لا صَامَ من صَامَ الأَبَدَ » ثَلاثاً . وفي روايةٍ : « أَحَبُّ الصَّيَامِ إِلَى اللَّه تَعَالَى صِيَامُ دَاوُدَ ، وَأَحَبُّ الصَّلاةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى صَلاةُ دَاوُدَ : كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيلِ ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ ، وَكَانَ يَصُومُ يوْماً ويُفْطِرُ يَوْماً ، وَلا يَفِرُّ إِذَا لاقَى » .
وفي رواية قَالَ : أَنْكَحَنِي أَبِي امْرَأَةً ذَاتَ حسَبٍ ، وكَانَ يَتَعَاهَدُ كَنَّتهُ أي : امْرَأَة ولَدِهِ فَيسْأَلُهَا عَنْ بَعْلِهَا ، فَتَقُولُ لَهُ : نِعْمَ الرَّجْلُ مِنْ رجُل لَمْ يَطَأْ لنَا فِرَاشاً ولَمْ يُفتِّشْ لنَا كَنَفاً مُنْذُ أَتَيْنَاهُ فَلَمَّا طالَ ذَلِكَ عليه ذكَرَ ذلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم . فقَالَ : « الْقَني به » فلَقيتُهُ بَعْدَ ذلكَ فَقَالَ : « كيفَ تَصُومُ ؟ » قُلْتُ كُلَّ يَوْم ، قَالَ : « وَكيْفَ تَخْتِم ؟ » قلتُ: كُلَّ لَيلة ، وذَكَر نَحْوَ مَا سَبَق وكَان يقْرَأُ عَلَى بعْض أَهْلِه السُّبُعَ الَّذِي يقْرؤهُ ، يعْرضُهُ مِن النَّهَارِ لِيكُون أَخفَّ علَيِهِ بِاللَّيْل ، وَإِذَا أَراد أَنْ يَتَقَوَّى أَفْطَر أَيَّاماً وَأَحصَى وصَام مِثْلَهُنَّ كَراهِيةَ أَن يتْرُك شيئاً فارقَ علَيهِ النَّبِي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم .
كُلُّ هذِه الرِّوَايات صحيِحةٌ مُعْظَمُهَا فِي الصَّحيحيْنَ وقليلٌ منْهَا في أَحَدِهِما .
- وعن أَبِي ربْعِيٍّ حنْظَلةَ بنِ الرَّبيع الأُسيدِيِّ الْكَاتِب أَحدِ كُتَّابِ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : لَقينَي أَبُو بَكْر رضي اللَّه عنه فقال : كَيْفَ أَنْتَ يا حنْظلَةُ ؟ قُلْتُ : نَافَقَ حنْظَلَةُ ، قَالَ : سُبْحانَ اللَّه ما تقُولُ ؟، : قُلْتُ : نَكُونُ عِنْد رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يُذكِّرُنَا بالْجنَّةِ والنَّارِ كأَنَّا رأْيَ عين ، فَإِذَا خَرجنَا مِنْ عِنْدِ رسولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم عافَسنَا الأَزْوَاجَ وَالأَوْلادَ وَالضَّيْعاتِ نَسينَا كَثِيراً قال أَبُو بكْر رضي اللَّه عنه : فَواللَّهِ إِنَّا لنَلْقَى مِثْلَ هَذَا فانْطلقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْر حتى دخَلْنَا عَلى رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم . فقُلْتُ نافَقَ حنْظَلةُ يا رسول اللَّه ، فقالَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: « ومَا ذَاكَ؟» قُلْتُ: يا رسولَ اللَّه نُكونُ عِنْدكَ تُذَكِّرُنَا بالنَّارِ والْجنَةِ كَأَنَّا رأْيَ العَيْنِ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسنَا الأَزوَاج والأوْلاَدَ والضَّيْعاتِ نَسِينَا كَثِيراً . فقال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيدِهِ أن لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِي الذِّكْر لصَافَحتْكُمُ الملائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُم وفي طُرُقِكُم ، وَلَكِنْ يا حنْظَلَةُ ساعةً وساعةً » ثَلاثَ مرَّاتٍ ، رواه مسلم .
- وعن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال : بيْنما النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَخْطُبُ إِذَا هُوَ بِرجُلٍ قَائِمٍ ، فسأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا : أَبُو إِسْرائيلَ نَذَر أَنْ يَقُومَ فِي الشَّمْس وَلا يقْعُدَ ، ولا يستَظِلَّ ولا يتَكَلَّمَ ، ويصومَ ، فَقالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « مُرُوهُ فَلْيَتَكَلَّمْ ولْيَستَظِلَّ ولْيُتِمَّ صوْمَهُ » رواه البخاري .