ابو نبيل
November 22nd, 2011, 14:28
عمرو السوادي - أكد مختصون في التمويل الإسلامي أن الفشل في تحويل المقترحات المطروحة لإيجاد مؤشرات معيارية معتمدة من قبل الصناعة المالية الإسلامية يرجع في الأساس إلى استثمار المصارف الإسلامية في أدوات الدين بدلاً من المشاركة، ما أدى إلى تشابه هيكل العائد والمخاطرة للأدوات المطبقة في المصارف الإسلامية مع نظيرتها التقليدية، كما أكدوا أن المسار المؤدي إلى بديل لمعدلات ليبور يبدأ من المصارف الإسلامية نفسها من خلال تطوير وتصميم منتجات مالية أصلية تعتمد على صيغ المشاركة التي تميزها عن البنوك التقليدية، ومن ثم توفر اللبنة الأساسية لتطوير مؤشرات مالية إسلامية بديلة عن المؤشرات المرتبطة بمعدلات الفائدة.
1461
«الليبور» يضر بسمعتها.. مختصون
واعتبر المختصون أن استخدام ليبور في تسعير بعض العقود والأدوات الإسلامية ليس محظورا من حيث المبدأ، إذ العبرة بشرعية العقد المنفذ في البنك الإسلامي، إلا أن ذلك يؤثر بشكل سلبي على الصورة الذهنية للمصرفية الإسلامية، حيث يوحي بعدم اختلافها جذرياً عن التمويل التقليدي، وعجزها عن إيجاد مؤشر بديل يتفق مع صيغ التمويل الإسلامي، مؤكدين أن أهم شرط لإيجاد مؤشر بديل للمصرفية الإسلامية أن يأخذ في الاعتبار التكلفة التي يتحملها المصرف الإسلامي عند منحه التمويل، وأن يعبر عن الربحية الحقيقية للاستثمار.
أكد في هذا الصدد الدكتور محمد السحيباني أستاذ كرسي سابك لدراسات الأسواق المالية الإسلامية لـ ''الاقتصادية'' أن معدلات الإقراض المتبادلة بين البنوك الدولية في لندن والتي اشتهرت باسم معدلات ليبور اكتسبت قبولا واسعا، حتى أصبحت المعدلات المرجعية لأسعار الفائدة الأوسع استخداماً على النطاق الدولي للقروض قصيرة الأجل، وفي تسعير العديد من عقود المشتقات المالية، بل أصبحت تستخدم صراحة أو ضمناً في تسعير بعض المنتجات المالية الإسلامية مثل صكوك الإجارة والمرابحة، وأضاف أن معدلات ليبور هي تقويم لأسعار الفائدة في وقت محدد، وتستخدم هذه المعدلات كمدخلات لعقود أغلبها غير متفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية مثل الودائع لأجل والسندات والمشتقات المالية، ولكنها أصبحت تستخدم في بعض الأدوات المالية الإسلامية كصكوك الإجارة وعقود المرابحة، وقد أدركت جمعية البنوك البريطانية ذلك وقررت دراسة إمكانية توسيع استخدامه في مجال التمويل الإسلامي.
وأشار السحيباني إلى أن آلية حساب معدلات ليبور تتميز بالبساطة والعدالة وتحييد القيم المتطرفة، وتتوافق أيضاً مع مبادئ التقويم عند الفقهاء في تقدير بدل نقدي لعين أو منفعة يعادلها في حال المعاوضة به، سواء في اختيار المقومين (البنوك المساهمة) أو طريقة حساب القيمة (معدلات ليبور)، وعليه يمكن استخدام آلية حساب معدلات ليبور من حيث المبدأ لحساب أي مؤشر مالي إسلامي بديل عن معدلات ليبور المرتبطة بأسعار الفائدة.
وعلى الرغم من إمكانية الأخذ بمنهجية معدلات ليبور لحساب مؤشرات منافسة، واقتراح العديد من الباحثين لمؤشرات إسلامية بديلة عن سعر الفائدة، أكد السحيباني أنه لم يتم حتى الآن تحويل أي من هذه المقترحات إلى مؤشرات معيارية ترجع إليها صناعة الخدمات المالية الإسلامية، حيث ما زالت تعتمد صراحة أو ضمناً على معدلات ليبور أو نظائرها، كما اعتبر أن استخدام مؤشر عام يتأثر فيه كل الأطراف في عقد التمويل هو أقرب للعدالة، إلا أن العدالة لا ترتبط بالضرورة باستخدام معدلات ليبور من عدمه في التسعير، لأن عملية التسعير لا تعتمد على مؤشر قياسي مثل ليبور فقط بل على عوامل أخرى متنوعة مثل مخاطر عقد التمويل وتكاليف التشغيل ومعدل التضخم المتوقع.
وحول المخاطر الناتجة عن استخدام صناعة المصرفية الإسلامية لمؤشر الفائدة قال السحيباني إن هناك اتفاقاً على أن استخدام ليبور في تسعير بعض العقود والأدوات الإسلامية ليس محظوراً من حيث المبدأ ما دام العقد متوافقاً مع الشريعة، ولكنه يؤثر بشكل سلبي في الصورة الذهنية لصناعة الخدمات المالية لدى الجمهور المتعاملين بها، ويرسخ الاعتقاد لدى البعض أن التمويل الإسلامي لا يختلف جذرياً عن التمويل التقليدي، خاصة مع فشو التورق المصرفي وبعض الصكوك الإسلامية المثيرة للجدل.
وحول جدوى الاعتماد على مؤشرات بديلة أخرى كمؤشرات التضخم أو مستوى المعيشة أو الزكاة، اعتبر السحيباني أن البحث عن مؤشر بديل يرتبط أكثر بتكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالنقود مثل معدل العائد المتوقع على أقل الأصول مخاطرة في الاقتصاد، وقد طُرحت مؤشرات بديلة تعتمد على معدل الزكاة على سبيل المثال، على أن أي مؤشر بديل يجب أن يأخذ في الحساب أيضا معدل التضخم المتوقع كعنصر أساسي في حساب المؤشر البديل.
ويعتبر توسع مؤسسات المصرفية الإسلامية في منتجات لا تخضع لآليات وهيكلة المنتجات التقليدية التي تعتمد الفائدة أساساً لها مساعداً في عدم الاعتماد على مؤشر الفائدة، وقال السحيباني إن فشل تحويل المقترحات المطروحة لإيجاد مؤشرات إسلامية إلى مؤشرات معيارية معتمدة من الصناعة المالية الإسلامية يرجع في الأساس إلى استثمار المؤسسات المالية الإسلامية في أدوات الدين بدلا من المشاركة، ما أدى إلى تشابه هيكل العائد والمخاطرة للأدوات المطبقة في المصارف الإسلامية مع نظيرتها التقليدية، واضطرها بالتالي للاعتماد في تسعير منتجاتها على مؤشرات الفائدة المرجعية مثل معدلات ليبور، ولذا فإن مؤشرات السوق المالية الإسلامية ستستمر مرتبطة بمعدلات الفائدة الدولية ما استمرت المؤسسات المالية الإسلامية في الاعتماد بشكل كبير على صيغ التمويل بالدين.
واعتبر أن المسار المؤدي إلى بديل لمعدلات ليبور يبدأ من المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية نفسها، من خلال المبادرة لتطوير وتصميم منتجات مالية أصلية تعتمد على صيغ المشاركة التي تميزها عن البنوك التقليدية، ومن ثم توفر اللبنة الأساسية لتطوير مؤشرات مالية إسلامية بديلة عن المؤشرات المرتبطة بمعدلات الفائدة.
وحول الجهود المبذولة لإيجاد مؤشر إسلامي لربحية منتجات المصرفية الإسلامية قال السحيباني إنه نظراً لتحريم الفائدة والأصول المالية التي تدرها، فقد شغلت مسألة إيجاد بديل عن سعر الفائدة بال الكثير من الباحثين في الاقتصاد الإسلامي منذ فترة طويلة، وثمة دراسات سابقة اقترحت مؤشراً إسلامياً بديلاً عن سعر الفائدة، منها ما يهدف إلى إيجاد معدل يعكس تكلفة الفرصة البديلة لقرارات الاستثمار، وبحيث يكون هذا المعدل معياراً قياسياً للمقارنة يساعد المستثمرين والمؤسسات المالية على تقويم الخيارات الاستثمارية، ومن هذه المقترحات ما يهدف إلى إيجاد مؤشر يمكن استخدامه في تسعير المنتجات الإسلامية خاصة في ظل انتشار المنتجات المالية الإسلامية واعتماد تسعيرها صراحة أو ضمنا على معدلات الفائدة، ومنها ما يهدف إلى إيجاد متغير بديل عن سعر الفائدة يمكن للبنك المركزي الإسلامية استخدامه لإدارة السياسة النقدية.
إلا أنه وحتى الآن لم يتم تطبيق أي من هذه المقترحات - بحسب السحيباني - على أرض الواقع بما يحيلها إلى مؤشرات معيارية ترجع إليها صناعة الخدمات المالية الإسلامية على نطاق أوسع، حيث مازالت الصناعة تعتمد صراحة أو ضمناً على معدلات ليبور أو نظائرها، وفي المقابل طورت بعض الدول الإسلامية سوق نقدي بين البنوك واستحدثت أوراق مالية حكومية بديلة عن السندات وأذون الخزانة ذات مؤشرات للربحية يتم بموجبها تنفيذ عمليات السوق المفتوحة من قبل البنك المركزي.
وحول آلية إيجاد سعر تمويلي من شأنه أن يحرر المصارف الإسلامية من الأسواق القائمة على أسعار الفائدة، ويأخذ في الاعتبار تنوع أدوات التمويل الإسلامي، أشار السحيباني إلى أنه يمكن الاستفادة من آلية تحديد معدل ليبور في تطوير مؤشر بديل يستند إلى أدوات التمويل الإسلامي، وأدوات التمويل الإسلامي تتسم بالتنوع، ولغرض هذا المؤشر يتم الاعتماد في تحديده على متوسط عوائد أدوات التمويل الأقل مخاطرة في الاقتصاد، إلا أن ثمة تساؤلا يبرز هنا وهو هل يمكن أن تكون أدوات الدين الإسلامية (مثل صكوك المرابحة والإجارة الإسلامية) هي أقل الأصول مخاطرة في الاقتصاد، ومعدل العائد عليها هو المعدل المرجعي المناسب؟ وبالرجوع إلى أبرز التطبيقات المعاصرة للصكوك الإسلامية، قال السحيباني إنها تربط معدلات العائد في هذه الصكوك عادة بمعدلات ليبور على الدولار، ما يعني في النهاية أن مؤشرات السوق المالية الإسلامية ستستمر مرتبطة بمعدلات الفائدة الدولية، ما استمرت المؤسسات المالية الإسلامية في الاعتماد بشكل كبير على صيغ التمويل بالدين، وتشابكها الحتمي مع المؤسسات المالية التقليدية عبر أسواق التمويل الدولي، كما يؤكد ذلك ضمناً أن الدول صاحب القوة الاقتصادية والسياسية الأكبر يمكن أن تفرض نظامها النقدي بطريقة غير مباشرة على الدول الأضعف.
http://www.aleqt.com/a/600307_186243.jpg
من جهته قال الدكتور منصور القضاة الباحث في المصرفية الإسلامية والمراقب الشرعي لـ ''الاقتصادية'' إنه لا يوجد علاقة بين مؤشر الفائدة وتحقيق العدالة للمصرفية الإسلامية في تحديدها للأرباح، لأن العبرة بشرعية العقد المنفذ في البنك الإسلامي، فإذا كانت صيغة العقد شرعية وسليمة بقي طريقة الحساب للربح، ولا أهمية لطريقة حساب الربح بشرعية العقد من عدمه، فربط هامش الربح بأسعار الفائدة مقبول إذا كانت صيغة العقد صحيحة بعيدة عن قواعد التحريم من الربا والغرر والغش والجهالة.
واعتبر القضاة أن اعتماد سعر الفائدة كمؤشر لدى المصارف الإسلامية ساهم في إيجاد مشكلة مهمة لها أثرها في الجانب التسويقي، حيث لاحظ المتعاملون أن أرباح المصارف الإسلامية قريبة من أسعار الفائدة المستخدمة في البنوك التقليدية، وأصبحوا يرددون ألا فرق بين المصرفية الإسلامية والتقليدية، وأضاف أن استمرار اعتماد سعر الفائدة كمؤشر يوحي بقبولها وعجز الاقتصاد الإسلامي عن إيجاد مؤشر بديل يتفق مع صيغ الاستثمار والتمويل الإسلامية، ما يؤدي بالنهاية إلى تشويه هوية المصارف الإسلامية واستقلاليتها، كما أن الليبور كمؤشر يعكس تكلفة استخدام الأموال، لأن العلاقة بين المصرف التقليدي والمودع والعميل علاقة إقراض واقتراض بفائدة، بينما المصرف الإسلامي ليس له تكلفة استخدام، والعلاقة هي علاقة مشاركة أو مضاربة بين المصرف والمودع من جهة والمصرف والعميل من جهة أخرى، فلا إلزام عليه برد الأصل مع فوائده بل قد يرده ناقصا حال وجود خسارة.
وحول جدوى الاعتماد على مؤشرات بديلة أخرى كمؤشرات التضخم أو مستوى المعيشة أو الزكاة قال القضاة إن الاعتماد على هذه المؤشرات قد يساعد، لكنه لا يعكس حاجة المصارف الإسلامية وطبيعة عملها، لذا فمؤشر معدل ربحية تمويل البيوع الآجلة ضرورة، ومع إدراكنا أن الزكاة حافز للاستثمار حتى لا تأكل الزكاة أصل المال، إلا أنها ليست محدداً للقرار الاستثماري لأن للزكاة أبعادا شرعية أكبر من الأبعاد الاقتصادية.
ويعتمد إيجاد سعر تمويلي لتحرير البنوك الإسلامية من سعر الفائدة على عدة آليات مهمة بحسب القضاة، وهي إيجاد سعر تمويلي لتحرير البنوك الإسلامية من سعر الفائدة على عدة شروط أهمها بحسب القضاة أنه يجب على السلطة النقدية اعتماد مفاهيم الاقتصاد الإسلامي، وجعل سعر الصرف معوم أو مرتبط بسلة عملات، وتبني سعر خصم يعتمد على النظام الإسلامي، إضافة إلى تغيير أداء البنوك الإسلامية وتنويع أدواتها الاستثمارية بتحولها من الإقراض للاستثمار، وكلما ارتفعت درجة المخاطرة وتنوعت ينعكس ذلك على الدور التنموي والاستثماري، فعلى البنوك الإسلامية تطوير وتصميم منتجات مالية إسلامية أصلية تعتمد أكثر على صيغ المشاركة، ومن ثم توفر اللبنة الأساسية لتكوين مؤشرات إسلامية، كذلك يجب أن تكون الحصة الكبرى في سوق الإقراض للمصرفية الإسلامية وتكون هي بمثابة الموجه والقائد للسوق ونتيجة ذلك يصبح المؤشر مرجعا للمصارف كافة، إضافة إلى أهمية الاندماج والتكتل والانتشار كأدوات تساعد على الاستحواذ على السوق.
ويضيف القضاة أنه من الشروط المهمة في أي معدل مقترح لاحتساب ربحية التمويل في المصارف الإسلامية أن يأخذ المؤشر في الاعتبار التكلفة التي يتحملها المصرف الإسلامي عند منحه التمويل، وأن يعبر عن الربحية الحقيقية للاستثمار، لأن الملاحظ أن إدارة المصرف الإسلامي غالبا تتخذ سعر الفائدة كمؤشر للتوزيع على أصحاب الودائع الاستثمارية، وتكوين مخصصات بالفارق مقابل توقع انخفاض الأرباح مستقبلا.
واعتبر القضاة أن إيجاد سوق إسلامية للمصرفية الإسلامية ضرورة لإيجاد منظومة كبيرة من الأدوات المالية الإسلامية مستقلة بذاتها وقادرة على استيعاب السيولة الموجودة وتوظيفها بصيغ وأدوات إسلامية، ومن ثم خلق مؤشر إسلامي مستقل لقياس هامش أرباح الأدوات الإسلامية بناء على مؤشرات السوق.
1461
«الليبور» يضر بسمعتها.. مختصون
واعتبر المختصون أن استخدام ليبور في تسعير بعض العقود والأدوات الإسلامية ليس محظورا من حيث المبدأ، إذ العبرة بشرعية العقد المنفذ في البنك الإسلامي، إلا أن ذلك يؤثر بشكل سلبي على الصورة الذهنية للمصرفية الإسلامية، حيث يوحي بعدم اختلافها جذرياً عن التمويل التقليدي، وعجزها عن إيجاد مؤشر بديل يتفق مع صيغ التمويل الإسلامي، مؤكدين أن أهم شرط لإيجاد مؤشر بديل للمصرفية الإسلامية أن يأخذ في الاعتبار التكلفة التي يتحملها المصرف الإسلامي عند منحه التمويل، وأن يعبر عن الربحية الحقيقية للاستثمار.
أكد في هذا الصدد الدكتور محمد السحيباني أستاذ كرسي سابك لدراسات الأسواق المالية الإسلامية لـ ''الاقتصادية'' أن معدلات الإقراض المتبادلة بين البنوك الدولية في لندن والتي اشتهرت باسم معدلات ليبور اكتسبت قبولا واسعا، حتى أصبحت المعدلات المرجعية لأسعار الفائدة الأوسع استخداماً على النطاق الدولي للقروض قصيرة الأجل، وفي تسعير العديد من عقود المشتقات المالية، بل أصبحت تستخدم صراحة أو ضمناً في تسعير بعض المنتجات المالية الإسلامية مثل صكوك الإجارة والمرابحة، وأضاف أن معدلات ليبور هي تقويم لأسعار الفائدة في وقت محدد، وتستخدم هذه المعدلات كمدخلات لعقود أغلبها غير متفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية مثل الودائع لأجل والسندات والمشتقات المالية، ولكنها أصبحت تستخدم في بعض الأدوات المالية الإسلامية كصكوك الإجارة وعقود المرابحة، وقد أدركت جمعية البنوك البريطانية ذلك وقررت دراسة إمكانية توسيع استخدامه في مجال التمويل الإسلامي.
وأشار السحيباني إلى أن آلية حساب معدلات ليبور تتميز بالبساطة والعدالة وتحييد القيم المتطرفة، وتتوافق أيضاً مع مبادئ التقويم عند الفقهاء في تقدير بدل نقدي لعين أو منفعة يعادلها في حال المعاوضة به، سواء في اختيار المقومين (البنوك المساهمة) أو طريقة حساب القيمة (معدلات ليبور)، وعليه يمكن استخدام آلية حساب معدلات ليبور من حيث المبدأ لحساب أي مؤشر مالي إسلامي بديل عن معدلات ليبور المرتبطة بأسعار الفائدة.
وعلى الرغم من إمكانية الأخذ بمنهجية معدلات ليبور لحساب مؤشرات منافسة، واقتراح العديد من الباحثين لمؤشرات إسلامية بديلة عن سعر الفائدة، أكد السحيباني أنه لم يتم حتى الآن تحويل أي من هذه المقترحات إلى مؤشرات معيارية ترجع إليها صناعة الخدمات المالية الإسلامية، حيث ما زالت تعتمد صراحة أو ضمناً على معدلات ليبور أو نظائرها، كما اعتبر أن استخدام مؤشر عام يتأثر فيه كل الأطراف في عقد التمويل هو أقرب للعدالة، إلا أن العدالة لا ترتبط بالضرورة باستخدام معدلات ليبور من عدمه في التسعير، لأن عملية التسعير لا تعتمد على مؤشر قياسي مثل ليبور فقط بل على عوامل أخرى متنوعة مثل مخاطر عقد التمويل وتكاليف التشغيل ومعدل التضخم المتوقع.
وحول المخاطر الناتجة عن استخدام صناعة المصرفية الإسلامية لمؤشر الفائدة قال السحيباني إن هناك اتفاقاً على أن استخدام ليبور في تسعير بعض العقود والأدوات الإسلامية ليس محظوراً من حيث المبدأ ما دام العقد متوافقاً مع الشريعة، ولكنه يؤثر بشكل سلبي في الصورة الذهنية لصناعة الخدمات المالية لدى الجمهور المتعاملين بها، ويرسخ الاعتقاد لدى البعض أن التمويل الإسلامي لا يختلف جذرياً عن التمويل التقليدي، خاصة مع فشو التورق المصرفي وبعض الصكوك الإسلامية المثيرة للجدل.
وحول جدوى الاعتماد على مؤشرات بديلة أخرى كمؤشرات التضخم أو مستوى المعيشة أو الزكاة، اعتبر السحيباني أن البحث عن مؤشر بديل يرتبط أكثر بتكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالنقود مثل معدل العائد المتوقع على أقل الأصول مخاطرة في الاقتصاد، وقد طُرحت مؤشرات بديلة تعتمد على معدل الزكاة على سبيل المثال، على أن أي مؤشر بديل يجب أن يأخذ في الحساب أيضا معدل التضخم المتوقع كعنصر أساسي في حساب المؤشر البديل.
ويعتبر توسع مؤسسات المصرفية الإسلامية في منتجات لا تخضع لآليات وهيكلة المنتجات التقليدية التي تعتمد الفائدة أساساً لها مساعداً في عدم الاعتماد على مؤشر الفائدة، وقال السحيباني إن فشل تحويل المقترحات المطروحة لإيجاد مؤشرات إسلامية إلى مؤشرات معيارية معتمدة من الصناعة المالية الإسلامية يرجع في الأساس إلى استثمار المؤسسات المالية الإسلامية في أدوات الدين بدلا من المشاركة، ما أدى إلى تشابه هيكل العائد والمخاطرة للأدوات المطبقة في المصارف الإسلامية مع نظيرتها التقليدية، واضطرها بالتالي للاعتماد في تسعير منتجاتها على مؤشرات الفائدة المرجعية مثل معدلات ليبور، ولذا فإن مؤشرات السوق المالية الإسلامية ستستمر مرتبطة بمعدلات الفائدة الدولية ما استمرت المؤسسات المالية الإسلامية في الاعتماد بشكل كبير على صيغ التمويل بالدين.
واعتبر أن المسار المؤدي إلى بديل لمعدلات ليبور يبدأ من المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية نفسها، من خلال المبادرة لتطوير وتصميم منتجات مالية أصلية تعتمد على صيغ المشاركة التي تميزها عن البنوك التقليدية، ومن ثم توفر اللبنة الأساسية لتطوير مؤشرات مالية إسلامية بديلة عن المؤشرات المرتبطة بمعدلات الفائدة.
وحول الجهود المبذولة لإيجاد مؤشر إسلامي لربحية منتجات المصرفية الإسلامية قال السحيباني إنه نظراً لتحريم الفائدة والأصول المالية التي تدرها، فقد شغلت مسألة إيجاد بديل عن سعر الفائدة بال الكثير من الباحثين في الاقتصاد الإسلامي منذ فترة طويلة، وثمة دراسات سابقة اقترحت مؤشراً إسلامياً بديلاً عن سعر الفائدة، منها ما يهدف إلى إيجاد معدل يعكس تكلفة الفرصة البديلة لقرارات الاستثمار، وبحيث يكون هذا المعدل معياراً قياسياً للمقارنة يساعد المستثمرين والمؤسسات المالية على تقويم الخيارات الاستثمارية، ومن هذه المقترحات ما يهدف إلى إيجاد مؤشر يمكن استخدامه في تسعير المنتجات الإسلامية خاصة في ظل انتشار المنتجات المالية الإسلامية واعتماد تسعيرها صراحة أو ضمنا على معدلات الفائدة، ومنها ما يهدف إلى إيجاد متغير بديل عن سعر الفائدة يمكن للبنك المركزي الإسلامية استخدامه لإدارة السياسة النقدية.
إلا أنه وحتى الآن لم يتم تطبيق أي من هذه المقترحات - بحسب السحيباني - على أرض الواقع بما يحيلها إلى مؤشرات معيارية ترجع إليها صناعة الخدمات المالية الإسلامية على نطاق أوسع، حيث مازالت الصناعة تعتمد صراحة أو ضمناً على معدلات ليبور أو نظائرها، وفي المقابل طورت بعض الدول الإسلامية سوق نقدي بين البنوك واستحدثت أوراق مالية حكومية بديلة عن السندات وأذون الخزانة ذات مؤشرات للربحية يتم بموجبها تنفيذ عمليات السوق المفتوحة من قبل البنك المركزي.
وحول آلية إيجاد سعر تمويلي من شأنه أن يحرر المصارف الإسلامية من الأسواق القائمة على أسعار الفائدة، ويأخذ في الاعتبار تنوع أدوات التمويل الإسلامي، أشار السحيباني إلى أنه يمكن الاستفادة من آلية تحديد معدل ليبور في تطوير مؤشر بديل يستند إلى أدوات التمويل الإسلامي، وأدوات التمويل الإسلامي تتسم بالتنوع، ولغرض هذا المؤشر يتم الاعتماد في تحديده على متوسط عوائد أدوات التمويل الأقل مخاطرة في الاقتصاد، إلا أن ثمة تساؤلا يبرز هنا وهو هل يمكن أن تكون أدوات الدين الإسلامية (مثل صكوك المرابحة والإجارة الإسلامية) هي أقل الأصول مخاطرة في الاقتصاد، ومعدل العائد عليها هو المعدل المرجعي المناسب؟ وبالرجوع إلى أبرز التطبيقات المعاصرة للصكوك الإسلامية، قال السحيباني إنها تربط معدلات العائد في هذه الصكوك عادة بمعدلات ليبور على الدولار، ما يعني في النهاية أن مؤشرات السوق المالية الإسلامية ستستمر مرتبطة بمعدلات الفائدة الدولية، ما استمرت المؤسسات المالية الإسلامية في الاعتماد بشكل كبير على صيغ التمويل بالدين، وتشابكها الحتمي مع المؤسسات المالية التقليدية عبر أسواق التمويل الدولي، كما يؤكد ذلك ضمناً أن الدول صاحب القوة الاقتصادية والسياسية الأكبر يمكن أن تفرض نظامها النقدي بطريقة غير مباشرة على الدول الأضعف.
http://www.aleqt.com/a/600307_186243.jpg
من جهته قال الدكتور منصور القضاة الباحث في المصرفية الإسلامية والمراقب الشرعي لـ ''الاقتصادية'' إنه لا يوجد علاقة بين مؤشر الفائدة وتحقيق العدالة للمصرفية الإسلامية في تحديدها للأرباح، لأن العبرة بشرعية العقد المنفذ في البنك الإسلامي، فإذا كانت صيغة العقد شرعية وسليمة بقي طريقة الحساب للربح، ولا أهمية لطريقة حساب الربح بشرعية العقد من عدمه، فربط هامش الربح بأسعار الفائدة مقبول إذا كانت صيغة العقد صحيحة بعيدة عن قواعد التحريم من الربا والغرر والغش والجهالة.
واعتبر القضاة أن اعتماد سعر الفائدة كمؤشر لدى المصارف الإسلامية ساهم في إيجاد مشكلة مهمة لها أثرها في الجانب التسويقي، حيث لاحظ المتعاملون أن أرباح المصارف الإسلامية قريبة من أسعار الفائدة المستخدمة في البنوك التقليدية، وأصبحوا يرددون ألا فرق بين المصرفية الإسلامية والتقليدية، وأضاف أن استمرار اعتماد سعر الفائدة كمؤشر يوحي بقبولها وعجز الاقتصاد الإسلامي عن إيجاد مؤشر بديل يتفق مع صيغ الاستثمار والتمويل الإسلامية، ما يؤدي بالنهاية إلى تشويه هوية المصارف الإسلامية واستقلاليتها، كما أن الليبور كمؤشر يعكس تكلفة استخدام الأموال، لأن العلاقة بين المصرف التقليدي والمودع والعميل علاقة إقراض واقتراض بفائدة، بينما المصرف الإسلامي ليس له تكلفة استخدام، والعلاقة هي علاقة مشاركة أو مضاربة بين المصرف والمودع من جهة والمصرف والعميل من جهة أخرى، فلا إلزام عليه برد الأصل مع فوائده بل قد يرده ناقصا حال وجود خسارة.
وحول جدوى الاعتماد على مؤشرات بديلة أخرى كمؤشرات التضخم أو مستوى المعيشة أو الزكاة قال القضاة إن الاعتماد على هذه المؤشرات قد يساعد، لكنه لا يعكس حاجة المصارف الإسلامية وطبيعة عملها، لذا فمؤشر معدل ربحية تمويل البيوع الآجلة ضرورة، ومع إدراكنا أن الزكاة حافز للاستثمار حتى لا تأكل الزكاة أصل المال، إلا أنها ليست محدداً للقرار الاستثماري لأن للزكاة أبعادا شرعية أكبر من الأبعاد الاقتصادية.
ويعتمد إيجاد سعر تمويلي لتحرير البنوك الإسلامية من سعر الفائدة على عدة آليات مهمة بحسب القضاة، وهي إيجاد سعر تمويلي لتحرير البنوك الإسلامية من سعر الفائدة على عدة شروط أهمها بحسب القضاة أنه يجب على السلطة النقدية اعتماد مفاهيم الاقتصاد الإسلامي، وجعل سعر الصرف معوم أو مرتبط بسلة عملات، وتبني سعر خصم يعتمد على النظام الإسلامي، إضافة إلى تغيير أداء البنوك الإسلامية وتنويع أدواتها الاستثمارية بتحولها من الإقراض للاستثمار، وكلما ارتفعت درجة المخاطرة وتنوعت ينعكس ذلك على الدور التنموي والاستثماري، فعلى البنوك الإسلامية تطوير وتصميم منتجات مالية إسلامية أصلية تعتمد أكثر على صيغ المشاركة، ومن ثم توفر اللبنة الأساسية لتكوين مؤشرات إسلامية، كذلك يجب أن تكون الحصة الكبرى في سوق الإقراض للمصرفية الإسلامية وتكون هي بمثابة الموجه والقائد للسوق ونتيجة ذلك يصبح المؤشر مرجعا للمصارف كافة، إضافة إلى أهمية الاندماج والتكتل والانتشار كأدوات تساعد على الاستحواذ على السوق.
ويضيف القضاة أنه من الشروط المهمة في أي معدل مقترح لاحتساب ربحية التمويل في المصارف الإسلامية أن يأخذ المؤشر في الاعتبار التكلفة التي يتحملها المصرف الإسلامي عند منحه التمويل، وأن يعبر عن الربحية الحقيقية للاستثمار، لأن الملاحظ أن إدارة المصرف الإسلامي غالبا تتخذ سعر الفائدة كمؤشر للتوزيع على أصحاب الودائع الاستثمارية، وتكوين مخصصات بالفارق مقابل توقع انخفاض الأرباح مستقبلا.
واعتبر القضاة أن إيجاد سوق إسلامية للمصرفية الإسلامية ضرورة لإيجاد منظومة كبيرة من الأدوات المالية الإسلامية مستقلة بذاتها وقادرة على استيعاب السيولة الموجودة وتوظيفها بصيغ وأدوات إسلامية، ومن ثم خلق مؤشر إسلامي مستقل لقياس هامش أرباح الأدوات الإسلامية بناء على مؤشرات السوق.