نجلاء كتبي
November 11th, 2011, 12:07
طوبى للدائنين لأنهم سيرِثون الأرض. هذه الكلمات لم يقلها المسيح في موعظة الجبل. مع ذلك يؤمن بها الدائنون. إذا كان كل شخص دائنا، فلن تكون لدينا ديون غير مسددة وأزمات مالية. هذه هي السبيل المثلى للتصرف في رأي الدائنين. لكنهم على خطأ. حيث إن العالم لا يستطيع المتاجرة مع كوكب المريخ، فإن الدائنين ملتصقون بصورة وثيقة مع المدينين. ولا بد للدائنين من مراكمة المطالبات على المدينين. وهذا يضعهم في فخ من صنع أيديهم.
http://www.aleqt.com/a/597232_185037.jpg
بوسعهم النفخ بشدة فحسب تميُّزا من الغيظ
مارتن وولف
ثلاثة من أكبر أربعة اقتصادات في العالم – الصين وألمانيا واليابان – هي بلدان دائنة. فهي تتمتع بفائض في الحساب الجاري، في أوقات الرخاء والشدة. وهم يظنون أن من حقهم إلقاء المواعظ على البلدان المدينة بسبب حماقاتهم. فالصين، القوة الصاعدة، تحظى بتوبيخ وتقريع الولايات المتحدة على تصرفاتها الطائشة. لكن اليابان، وهي حليف للولايات المتحدة، أكثر تكتما. أما طموحات ألمانيا فهي أقرب إلى الوطن. فهي ترغب في تحويل شركائها في منطقة اليورو إلى ألمان طيبين.
http://www.aleqt.com/a/small/f4/f47f67e77e4ce9e5265af4be6fda2107_w424_h200.jpg
لكن البلدان الدائنة معرضة للوهن؛ إذ تتمتع اقتصاداتها بتوريد السلع والخدمات التي يرغب بها المقترضون على نحو يفوق كثيرا ما يمكن أن يشتريه أصلا مواطنو هذه البلدان الدائنة. والاقتصادات التي تعاني العجز هي الصورة المقابلة في المرآة: بمعنى أن قدرتها على توريد هذه السلع والخدمات لا تكفي للوفاء بالطلب بداخلها. هذه الأنواع من الفائض والعجز كامنة في كلا النوعين من الاقتصاد.
ضمن البلدان الدائنة، تشكل الشركات المنتجة للسلع والخدمات القابلة للتبادل جماعات ضغط قوية لتوريد الائتمان إلى المدينين. وسيتوقف التمويل الخاص بمجرد أن يدرك أصحاب المال مدى رداءة القروض التي صرفوها للمدينين. بعد ذلك يجد صناع السياسة أنفسهم عالقين بين إلقاء الأموال الجيدة خلف الأموال الرديئة أو بين أن يتحملوا التعديل الوحشي، في الوقت الذي تختفي فيه أسواقهم. وحين يعملون على معاقبة المقترضين المبذرين، فإنهم يعملون كذلك على تدمير مواطنيهم أنفسهم.
هذه الحكاية تكمن خلف ما يعانيه العالم الآن. وهي حكاية تكمن خلف أجندة القمة الأوروبية التي عقدت في الأسبوع الماضي وقمة مجموعة العشرين التي ستعقد في عطلة الأسبوع الحالي. وكما صرح ميرفن كينج، محافظ البنك المركزي البريطاني، في كلمة له في الفترة الأخيرة، فإنها هي الحكاية التي تكمن خلف جميع الأزمات منذ عام 2007: "الفائض التجاري المتواصل في بعض البلدان والعجز في البلدان الأخرى لم يكن علامة على حركة رأس المال إلى البلدان ذات الفرص الاستثمارية المربحة، وإنما إلى البلدان التي كانت تقترض لتمويل الاستهلاك أو البلدان التي فقدت قدرتها التنافسية.
وكانت النتيجة هي مستويات استهلاك عالية غير قابلة للاستدامة (سواء استهلاك القطاع العام أو الخاص) في الولايات المتحدة وبريطانيا وعدد من البلدان المتقدمة، ومستويات استهلاك متدنية على نحو غير قابل للاستدامة في الصين والبلدان الأخرى في آسيا، وبعض البلدان المتقدمة ذات الفائض التجاري المتواصل، مثل ألمانيا واليابان". باختصار، أسهمت جميع الأطراف في خلق هذه الفوضى وعلى جميع الأطراف الاضطلاع بدورها في إصلاح وتنظيف هذه الفوضى.
قال الشاعر ألفرِد هاوسمان: "حين تفكر أن 2 زائد 2 يساوي 4/ ولا يساوي 5 أو 3/ هذه أمور تتعب قلب الإنسان منذ زمن طويل/ وستظل هذه حاله لفترة طويلة". على نحوٍ ما، لا تستطيع أن تحتفظ بما لديك من الفائض ثم تخفق في تمويل حالات العجز عند الآخرين. مع ذلك هذا ما تحاول ألمانيا أن تفعله. من الناحية العملية تسيطر ألمانيا على البنك المركزي الأوروبي. كما أنها تتمتع بأقوى تقييم ائتماني. بالتالي سيكون في مقدورها أن تقرر كيفية عمل تسهيلات الإنقاذ. لكن ما يدعو للأسف أنها لن تفعل ذلك بشكل جيد، كما جادل ويليم بويتر، الاقتصادي في بنك سيتي جروب في مقال له في فاينانشيال تايمز. مع ذلك لا تستطيع حتى فرنسا أن تقوم بأكثر من إطلاق التأوهات حول النتيجة.
البلد الذي لديه الائتمان يستطيع وضع القواعد. لا بد للمدينين من التسول، خصوصا في ترتيب أساسه عملة موحدة، في كل مرة يحتاجون فيها إلى التمويل للوقاية من تعديل يُفرَض من خلال الانكماش. كذلك يستطيع الدائنون الإصرار على تفسيرهم للأسباب وراء الأزمة. تقول ألمانيا إن كل ما حدث هو نتيجة للسياسات الرديئة في المالية العامة: حين يتم إصلاح هذه السياسات وتُضبَط السياسة المالية العامة إلى الأبد، عندها سيرث الصالحون الأرض.
هذه النظرة إلى العالم تعاني من ثلاثة جوانب نقص: فهي خاطئة؛ وهي تدحض نفسها بنفسها؛ وهي تؤدي إلى زعزعة الاستقرار. إنها خاطئة لأن جميع البلدان التي ضربتها الأزمة لم تكن تعاني سياسات غير مسؤولة في المالية العامة. في حالات مهمة، كانت تعاني بصورة أكبر بكثير بسبب الإقراض والاقتراض غير المسؤول في القطاع الخاص. ثم إنها تدحض نفسها بنفسها؛ لأن محاولات كل بلد من الأعضاء للتشدد في السياسة المالية العامة في وقت واحد ستؤدي إلى إفقار الجميع، بما في ذلك البلدان الدائنة. ثم إنها تعمل كذلك على زعزعة الاستقرار؛ لأن السبيل إلى الخروج من هذا الفخ سيكون من خلال تحوُّل منطقة اليورو إلى فائض خارجي. إن تسوية الاختلالات الداخلية من خلال تعقيد الاختلالات العالمية، فكرة غير سديدة.
تريد ألمانيا أن تقلل ما أمكن من التمويل وفي الوقت نفسه أن تستمر في إدارة حالات هائلة من الفائض الخارجي. لا يمكن لهذا أن ينجح. سيجادل البعض بأن ألمانيا تكيفت مع الفائض في العقد الأول من هذا القرن، فما الذي يمنع من أن يفعل شركاؤها هذا الأمر الآن؟ تحولت ألمانيا إلى الفائض مع البلدان التي قبلت طوعا بالدخول في العجز. لكن ألمانيا لا تريد الدخول في حالة العجز. من هذا المنطلق، لا يستطيع شركاؤها الدخول في الفائض، إلا إذا فعلوا ذلك مع العالم. ولن يكون هذا ممكنا إلا بعد إضعاف اليورو بصورة هائلة أو حدوث حالات من الركود الاقتصادي في البلدان الضعيفة. من شأن الحل الأخير أن يضمن حدوث موجات من الإعسار لدى الحكومات والبنوك ونهاية منطقة اليورو. هذه التعديلات من جانب واحد سيكون مصيرها الإخفاق بالتأكيد.
في هذه الأثناء، يبدو أن منطقة اليورو قد قررت حاجتها إلى مساعدة من الصين. وأنا لا أفهم السبب الذي يجعل البلدان الأعضاء تفكر على هذا النحو، فالأموال متاحة داخل منطقة اليورو، لكن ما هو غير متاح هو الاستعداد للدخول في مخاطر الخسارة. الصين، كما كتب الاقتصادي الصيني يو يونج دينج في "فاينانشيال تايمز" لن تدخل في هذه المخاطرة. من الحمق أن نتخيل أنها ستفعل؛ لأن ذلك سيجعلها تدفع تكلفة باهظة من الناحية الاقتصادية أو السياسية.
لاحظ أن الصين تعاني هي نفسها خطر تسجيل خسائر فادحة في المبالغ التي تجمعت لديها من احتياطيات العملة – التي تبلغ قيمتها الآن 3200 مليار دولار. كان هذا حركة خارجة من رأس المال العام تهدف إلى مساندة الفائض التجاري لديها. لكن في محاولاتها لإدارة علاقاتها مع الولايات المتحدة في مجال العملة، فإن الولايات المتحدة هي التي تسيطر على البنك المركزي. تستطيع الصين أن تنفخ بشدة وتتميز من الغيظ. لكن لا بد لها إما أن تشتري النقود التي تخلقها الولايات المتحدة، في سبيل المحافظة على القدرة التنافسية، أو أن تتوقف عن ذلك. فإذا اشترت، فإنها بذلك تلقي بالأموال الجيدة وراء الأموال الرديئة. وإذا توقفت عن الشراء، فإنها تصدم نفسها.
هل يحكم الدائنون العالم. لا أظن ذلك. على المدى القصير سيكون بإمكانهم التهديد بوقف الائتمان. لكن ما لديهم من فائض يعتمد على استعداد وقدرة الآخرين على تحمل حالات العجز. سيكون من المنطقي أكثر الإقرار بأنه كان هناك اقتراض زائد على الحد من قبل المبذرين، لأنه كان هناك إقراض زائد على الحد من قبل البلدان التي يفترض أنها تتمتع بالحصافة.
حين يفهم الطرفان أنهم كانوا جميعا على خطأ، لا بد لهما من تصحيحه. إن فرض تعديل من جانب واحد على البلدان التي كانت مدينة في السابقة لن يحقق النجاح. وكما يبدو أن اليونان الصغيرة في سبيلها إلى البرهنة، فإن المدينين قادرون على إيقاع ضرر بالغ على الجميع – كما اكتشفت الولايات المتحدة في فترة الكساد العظيم. ستكون فكرة طيبة لو اكتشفنا من جديد وبصورة ملحة هذه المصلحة المشتركة أو المنفعة المتبادلة، وفي الوقت الحاضر بالذات. إن الدائنين لا يبيعون لأناس في كوكب المريخ، فنحن جميعا على الكوكب نفسه. فلنوافق على إصلاح ما فيه من فوضى وخراب. الآن، وفي هذا الوقت بالذات.
http://www.aleqt.com/a/597232_185037.jpg
بوسعهم النفخ بشدة فحسب تميُّزا من الغيظ
مارتن وولف
ثلاثة من أكبر أربعة اقتصادات في العالم – الصين وألمانيا واليابان – هي بلدان دائنة. فهي تتمتع بفائض في الحساب الجاري، في أوقات الرخاء والشدة. وهم يظنون أن من حقهم إلقاء المواعظ على البلدان المدينة بسبب حماقاتهم. فالصين، القوة الصاعدة، تحظى بتوبيخ وتقريع الولايات المتحدة على تصرفاتها الطائشة. لكن اليابان، وهي حليف للولايات المتحدة، أكثر تكتما. أما طموحات ألمانيا فهي أقرب إلى الوطن. فهي ترغب في تحويل شركائها في منطقة اليورو إلى ألمان طيبين.
http://www.aleqt.com/a/small/f4/f47f67e77e4ce9e5265af4be6fda2107_w424_h200.jpg
لكن البلدان الدائنة معرضة للوهن؛ إذ تتمتع اقتصاداتها بتوريد السلع والخدمات التي يرغب بها المقترضون على نحو يفوق كثيرا ما يمكن أن يشتريه أصلا مواطنو هذه البلدان الدائنة. والاقتصادات التي تعاني العجز هي الصورة المقابلة في المرآة: بمعنى أن قدرتها على توريد هذه السلع والخدمات لا تكفي للوفاء بالطلب بداخلها. هذه الأنواع من الفائض والعجز كامنة في كلا النوعين من الاقتصاد.
ضمن البلدان الدائنة، تشكل الشركات المنتجة للسلع والخدمات القابلة للتبادل جماعات ضغط قوية لتوريد الائتمان إلى المدينين. وسيتوقف التمويل الخاص بمجرد أن يدرك أصحاب المال مدى رداءة القروض التي صرفوها للمدينين. بعد ذلك يجد صناع السياسة أنفسهم عالقين بين إلقاء الأموال الجيدة خلف الأموال الرديئة أو بين أن يتحملوا التعديل الوحشي، في الوقت الذي تختفي فيه أسواقهم. وحين يعملون على معاقبة المقترضين المبذرين، فإنهم يعملون كذلك على تدمير مواطنيهم أنفسهم.
هذه الحكاية تكمن خلف ما يعانيه العالم الآن. وهي حكاية تكمن خلف أجندة القمة الأوروبية التي عقدت في الأسبوع الماضي وقمة مجموعة العشرين التي ستعقد في عطلة الأسبوع الحالي. وكما صرح ميرفن كينج، محافظ البنك المركزي البريطاني، في كلمة له في الفترة الأخيرة، فإنها هي الحكاية التي تكمن خلف جميع الأزمات منذ عام 2007: "الفائض التجاري المتواصل في بعض البلدان والعجز في البلدان الأخرى لم يكن علامة على حركة رأس المال إلى البلدان ذات الفرص الاستثمارية المربحة، وإنما إلى البلدان التي كانت تقترض لتمويل الاستهلاك أو البلدان التي فقدت قدرتها التنافسية.
وكانت النتيجة هي مستويات استهلاك عالية غير قابلة للاستدامة (سواء استهلاك القطاع العام أو الخاص) في الولايات المتحدة وبريطانيا وعدد من البلدان المتقدمة، ومستويات استهلاك متدنية على نحو غير قابل للاستدامة في الصين والبلدان الأخرى في آسيا، وبعض البلدان المتقدمة ذات الفائض التجاري المتواصل، مثل ألمانيا واليابان". باختصار، أسهمت جميع الأطراف في خلق هذه الفوضى وعلى جميع الأطراف الاضطلاع بدورها في إصلاح وتنظيف هذه الفوضى.
قال الشاعر ألفرِد هاوسمان: "حين تفكر أن 2 زائد 2 يساوي 4/ ولا يساوي 5 أو 3/ هذه أمور تتعب قلب الإنسان منذ زمن طويل/ وستظل هذه حاله لفترة طويلة". على نحوٍ ما، لا تستطيع أن تحتفظ بما لديك من الفائض ثم تخفق في تمويل حالات العجز عند الآخرين. مع ذلك هذا ما تحاول ألمانيا أن تفعله. من الناحية العملية تسيطر ألمانيا على البنك المركزي الأوروبي. كما أنها تتمتع بأقوى تقييم ائتماني. بالتالي سيكون في مقدورها أن تقرر كيفية عمل تسهيلات الإنقاذ. لكن ما يدعو للأسف أنها لن تفعل ذلك بشكل جيد، كما جادل ويليم بويتر، الاقتصادي في بنك سيتي جروب في مقال له في فاينانشيال تايمز. مع ذلك لا تستطيع حتى فرنسا أن تقوم بأكثر من إطلاق التأوهات حول النتيجة.
البلد الذي لديه الائتمان يستطيع وضع القواعد. لا بد للمدينين من التسول، خصوصا في ترتيب أساسه عملة موحدة، في كل مرة يحتاجون فيها إلى التمويل للوقاية من تعديل يُفرَض من خلال الانكماش. كذلك يستطيع الدائنون الإصرار على تفسيرهم للأسباب وراء الأزمة. تقول ألمانيا إن كل ما حدث هو نتيجة للسياسات الرديئة في المالية العامة: حين يتم إصلاح هذه السياسات وتُضبَط السياسة المالية العامة إلى الأبد، عندها سيرث الصالحون الأرض.
هذه النظرة إلى العالم تعاني من ثلاثة جوانب نقص: فهي خاطئة؛ وهي تدحض نفسها بنفسها؛ وهي تؤدي إلى زعزعة الاستقرار. إنها خاطئة لأن جميع البلدان التي ضربتها الأزمة لم تكن تعاني سياسات غير مسؤولة في المالية العامة. في حالات مهمة، كانت تعاني بصورة أكبر بكثير بسبب الإقراض والاقتراض غير المسؤول في القطاع الخاص. ثم إنها تدحض نفسها بنفسها؛ لأن محاولات كل بلد من الأعضاء للتشدد في السياسة المالية العامة في وقت واحد ستؤدي إلى إفقار الجميع، بما في ذلك البلدان الدائنة. ثم إنها تعمل كذلك على زعزعة الاستقرار؛ لأن السبيل إلى الخروج من هذا الفخ سيكون من خلال تحوُّل منطقة اليورو إلى فائض خارجي. إن تسوية الاختلالات الداخلية من خلال تعقيد الاختلالات العالمية، فكرة غير سديدة.
تريد ألمانيا أن تقلل ما أمكن من التمويل وفي الوقت نفسه أن تستمر في إدارة حالات هائلة من الفائض الخارجي. لا يمكن لهذا أن ينجح. سيجادل البعض بأن ألمانيا تكيفت مع الفائض في العقد الأول من هذا القرن، فما الذي يمنع من أن يفعل شركاؤها هذا الأمر الآن؟ تحولت ألمانيا إلى الفائض مع البلدان التي قبلت طوعا بالدخول في العجز. لكن ألمانيا لا تريد الدخول في حالة العجز. من هذا المنطلق، لا يستطيع شركاؤها الدخول في الفائض، إلا إذا فعلوا ذلك مع العالم. ولن يكون هذا ممكنا إلا بعد إضعاف اليورو بصورة هائلة أو حدوث حالات من الركود الاقتصادي في البلدان الضعيفة. من شأن الحل الأخير أن يضمن حدوث موجات من الإعسار لدى الحكومات والبنوك ونهاية منطقة اليورو. هذه التعديلات من جانب واحد سيكون مصيرها الإخفاق بالتأكيد.
في هذه الأثناء، يبدو أن منطقة اليورو قد قررت حاجتها إلى مساعدة من الصين. وأنا لا أفهم السبب الذي يجعل البلدان الأعضاء تفكر على هذا النحو، فالأموال متاحة داخل منطقة اليورو، لكن ما هو غير متاح هو الاستعداد للدخول في مخاطر الخسارة. الصين، كما كتب الاقتصادي الصيني يو يونج دينج في "فاينانشيال تايمز" لن تدخل في هذه المخاطرة. من الحمق أن نتخيل أنها ستفعل؛ لأن ذلك سيجعلها تدفع تكلفة باهظة من الناحية الاقتصادية أو السياسية.
لاحظ أن الصين تعاني هي نفسها خطر تسجيل خسائر فادحة في المبالغ التي تجمعت لديها من احتياطيات العملة – التي تبلغ قيمتها الآن 3200 مليار دولار. كان هذا حركة خارجة من رأس المال العام تهدف إلى مساندة الفائض التجاري لديها. لكن في محاولاتها لإدارة علاقاتها مع الولايات المتحدة في مجال العملة، فإن الولايات المتحدة هي التي تسيطر على البنك المركزي. تستطيع الصين أن تنفخ بشدة وتتميز من الغيظ. لكن لا بد لها إما أن تشتري النقود التي تخلقها الولايات المتحدة، في سبيل المحافظة على القدرة التنافسية، أو أن تتوقف عن ذلك. فإذا اشترت، فإنها بذلك تلقي بالأموال الجيدة وراء الأموال الرديئة. وإذا توقفت عن الشراء، فإنها تصدم نفسها.
هل يحكم الدائنون العالم. لا أظن ذلك. على المدى القصير سيكون بإمكانهم التهديد بوقف الائتمان. لكن ما لديهم من فائض يعتمد على استعداد وقدرة الآخرين على تحمل حالات العجز. سيكون من المنطقي أكثر الإقرار بأنه كان هناك اقتراض زائد على الحد من قبل المبذرين، لأنه كان هناك إقراض زائد على الحد من قبل البلدان التي يفترض أنها تتمتع بالحصافة.
حين يفهم الطرفان أنهم كانوا جميعا على خطأ، لا بد لهما من تصحيحه. إن فرض تعديل من جانب واحد على البلدان التي كانت مدينة في السابقة لن يحقق النجاح. وكما يبدو أن اليونان الصغيرة في سبيلها إلى البرهنة، فإن المدينين قادرون على إيقاع ضرر بالغ على الجميع – كما اكتشفت الولايات المتحدة في فترة الكساد العظيم. ستكون فكرة طيبة لو اكتشفنا من جديد وبصورة ملحة هذه المصلحة المشتركة أو المنفعة المتبادلة، وفي الوقت الحاضر بالذات. إن الدائنين لا يبيعون لأناس في كوكب المريخ، فنحن جميعا على الكوكب نفسه. فلنوافق على إصلاح ما فيه من فوضى وخراب. الآن، وفي هذا الوقت بالذات.