النبهان
July 29th, 2011, 13:54
ذاكرة لاجينية للنباتات تحدد وقت الإزهار وتسهم في تحقيق الأمن الغذائي
ضمن دراسات علم الوراثة اللاجينية
لندن: صفات سلامة
هل للنباتات ذاكرة؟
سؤال قد يبدو غير مألوف.
بالمعنى الحرفي للكلمة لا يمكن للنباتات أن تتذكر، فليست لديها أدمغة.
لكن بالمعنى العلمي للكلمة ومع التقدم والتطور في العلوم والبحوث البيولوجية، وبخاصة علم أحياء الخلية، استدل العلماء على أن النباتات يمكن أن تكون لديها ذاكرة جينية (وراثية) في الخلية تستطيع بواسطتها أن تميز بين الشتاء والربيع، وتسجل في هذه الذاكرة المادة الوراثية للخلية، ويتم توريثها بشكل مستقر خلال انقسام الخلية. ووجد العلماء أن النباتات التي تمر بعملية الإزهار تستطيع معرفة ربيعها، حيث تساعدها الذاكرة الجينية على تذكر أنها قد مرت بفترة طويلة من الشتاء البارد، والانتظار إلى حين مجيء فصل الربيع، لتتهيأ للإزهار في الوقت المناسب.
http://www.aawsat.com/2011/07/29/images/daily1.633318.jpgلكن السؤال التالي الذي يطرح نفسه: هل هناك ذاكرة لاجينية في النباتات؟ الحقيقة أن هناك بالفعل ذاكرة لاجينية لدى النباتات، وتعد من الموضوعات الحديثة المهمة التي تدخل ضمن مجال بحثي حديث ومثير، شهد نموا سريعا خلال السنوات القليلة الماضية، يعرف بعلم الوراثة اللاجينية (Epigenetics)، والذي يبحث التغييرات الموروثة الناتجة عن آليات أو أسباب أخرى، من دون أي تغييرات في تسلسل الحمض النووي، الذي تكون له تأثيرات مهمة في خصائص ومظاهر الكائنات الحية.
من المعروف أن الجينوم هو المادة الوراثية الكاملة الموجودة بخلايا كل كائن حي. وتوجد المورثات (الجينات) داخل الخلية في تركيبات خيطية تسمى الكروموسومات (الصبغيات)، وهي تتكون من الحمض النووي الريبي منقوص الأكسجين المعروف بالـ«دي إن إي» (DNA)، الذي يشكل المادة الوراثية ويحاط بمجموعة من البروتينات تعرف بالهيستونات (histones). وتنتقل معظم الخصائص الوراثية بواسطة الجينات الموجودة بالحمض النووي (دي إن إي)، لكن خارج تسلسل الحمض نفسه، وهناك معلومات أخرى لاجينية تكون مختزنة في البروتينات والكيماويات المحيطة والملتصقة بحمض الـ«دي إن إيه»، وتتأثر ببعض المتغيرات البيئية مثل نوعية التغذية ودرجة الحرارة، ولهذه المعلومات اللاجينية تأثيرات مهمة في خصائص الكائن الحي والأجيال التالية.
ومن بين الدراسات الحديثة حول الذاكرة اللاجينية لدى النباتات، ما نشر في عدد 24 يوليو (تموز) الحالي، من مجلة «نيتشر» (الطبيعة) البريطانية العلمية الشهيرة، حيث تمكن باحثون بريطانيون من مركز «جون اينيس» البريطاني الدولي للتميز في علوم النبات والميكروبيولوجي (علم الأحياء الدقيقة) في مدينة نورويتش، وبقيادة كل من البروفسور مارتن هوارد وكارولين دين، من اكتشاف أن الكائنات الحية تستطيع خلق ذاكرة لاجينية لأي نوع من التحول في وجود بعض المتغيرات، مثل نوعية التغذية ودرجة الحرارة، ويمكن لهذه الذاكرة أن تتوارثها الأجيال التالية.
بين العلماء بالأمثلة على أن هناك ذاكرة لاجينية للنباتات، وأوضحوا كيفية تذكر النباتات طول فترة الشتاء الباردة، لكي تحدد بشكل رائع وقت الإزهار، حتى يمكن أن يحدث كل من التلقيح والنمو وتشتت البذور والإنبات في الوقت المناسب. وقد تؤدي نتائج هذه الدراسة إلى تحسن في إنتاج المحاصيل والمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي في ضوء توقيت الإزهار ووفقا للتغيرات المناخية، كما أنها مهمة في دعم أسس علم الأحياء وفهم الآليات المهمة في عمل الخلية، كما أن هذه الدراسة تبرهن على قيمة البحوث متعددة التخصصات في مجال التفاعل بين علوم الأحياء والفيزياء والرياضيات.
يقول البروفسور كارولين دين، من مركز جون اينيس، والباحث المشارك في الدراسة، إن :
«هناك أمثلة قليلة جدا نعرفها الآن، عن أن نشاط الجينات في المدى الطويل يمكن أن يتأثر بالعوامل البيئية، وبعض الحالات البيئية الفردية يمكن أن تؤثر فعليا على بيولوجيا أو فسيولوجيا الأجيال التالية، لكن من دون أن يوجد أي تغيير في تسلسل الجينوم».
على سبيل المثال، أظهرت بعض الدراسات أنه في الأسر التي تعاني من نقص حاد في الغذاء في جيل الأجداد، يكون لدى الأبناء والأحفاد قدر أكبر من خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين والسكري، التي يمكن تفسيرها من خلال ذاكرة جينية، لكن حتى الآن لم تكن هناك آلية واضحة لشرح كيف يمكن للأفراد أن يضعوا عاملا متغيرا مثل التغذية لفهم أوسع للذاكرة.
وقال البروفسور مارتن هوارد «نحن نعرف بالفعل الكثير عن الجينات المشاركة في عملية الإزهار في النباتات، وكان واضحا أن شيئا ما يحدث في فصل الشتاء الذي يؤثر على توقيت الإزهار، ووفقا لطول فترة البرد، وعلى وجه التحديد يمكن للعوامل البيئية المتغيرة تعديل بروتينات الهيستونات التي هي ملفوفة داخل جزيئات الحمض النووي للخلية (دي إن إي)، وعندما تنقسم الخلية يتم نسخ الهيستونات في حالتها المعدلة، ويتم تمرير هذه الذاكرة إلى سلالة الخلايا».
ففي نبات «أرابيدوبسيس» يوجد جين رئيسي يسمى (FLC)، مسؤول جزئيا عن الإنبات خلال فترة فصل الشتاء. وباستخدام مزيج من النمذجة الرياضية والتحليل التجريبي، وجد الفريق البحثي أن طول فترة البرد وارتفاع نسبة الخلايا التي تحتوي على الجين (FLC)، يؤدي إلى تغيير الوضع، حيث يؤدي ذلك إلى التأخير في الإزهار والوصول إلى ظاهرة تعرف باسم «الذاكرة اللاجينية».
ويعد نبات «أرابيدوبسيس ثاليانا» (Arabidopsis thaliana) من أهم وأشهر النباتات، فهو ينتمي لفصيلة الصليبيات ذات الفلقتين، وله مجموعة من الخصائص المميزة التي جعلت منه نموذجا مثاليا للكثير من دراسات علم النبات والوراثة وعلم البيولوجيا الجزيئية للنباتات المزهرة، التي من بينها أن تركيبه الجيني سهل وبسيط، ودورة حياته قصيرة، حيث يمكن زراعة عدة أجيال متتابعة منه في موسم واحد، وينمو بسهولة في المختبر بمساحة صغيرة، فهو لا يأخذ أكثر من ستة أسابيع بين زراعة البذور والحصاد، ولا يتأثر تركيبه الجيني بتعاقب أجياله لآلاف السنين، وهو موجود على نطاق واسع في المناطق المعتدلة في أوروبا وشرق أفريقيا وآسيا واليابان.
وتأتي هذه الدراسة ضمن مشروع ممول من قبل مجلس بحوث التقنية الحيوية (البيوتكنولوجي) والعلوم البيولوجية البريطانية، والمجلس الأوروبي للبحوث، والجمعية الملكية البريطانية.
وفي مقال علمي بمجلة العلوم الأميركية (سينتيفك أميركان) بعنوان «الجينوم غير المرئي: ما بعد الـDNA»، للكاتب وايت غيبس، عدد نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2003، يقول فيه إن معظم الصفات الوراثية تنتقل بواسطة الجينات الموجودة بالحمض النووي (دي إن إي)، إلا أن هناك كودا مستقلا مكتوبا بعلامات كيميائية تقع خارج تسلسل الـ«دي إن إي»، ويتم تكويد المعلومات اللاجينية كملحقات كيميائية لـ«دي إن إي» أو مجموعة بروتينات الهيستونات التي تنظم هيئتها داخل الكروموسومات، وللمعلومات اللاجينية تأثيرات مهمة في صحة الكائنات الحية ومظهرها، ويدرك علماء البيولوجيا بشكل متزايد أن ثمة خصائص مهمة يمكن أن تنتقل لاجينيا خلال الكروموسومات لكن خارج الـ«دي إن إي».
ويمكن للكود اللاجيني أن يفسر سبب تخطي بعض الأمراض أجيالا كاملة وسبب تأثيرها في واحد فقط من زوج التوائم المتماثلة، فهناك طبقة من المعلومات اللاجينية تعرف بالعلامات اللاجينية والمختزنة في البروتينات والكيماويات التي تحيط بـالـ«دي إن إي» وتلتصق به، والتي تؤثر بشكل كبير في صحة الكائن الحي وخصائصه، فقد لاحظ الباحثون لدى شرحهم لبعض الحالات المرضية الحرجة أن القسم اللاجيني من الجينوم يقوم على ما يبدو بأدوار حاسمة في النمو وتقدم العمر والإصابة بالسرطان، ويمكن لعلم الوراثة اللاجينية أن يسهم في إيجاد طرق جديدة لمعالجة أمراض الجسم المعقدة مثل السرطان والسكري والاكتئاب ثنائي القطب.
ويضيف الكاتب أنه يمكن للأدوية من حيث المبدأ أن تتلاعب بالكود اللاجيني بهدف إخماد مجموعات كاملة من الجينات المؤذية أو تفعيلها، فقد يكون تعديل الجزء اللاجيني بواسطة الأدوية أسهل من تعديل تسلسل الـ«دي إن إي»، فالظواهر اللاجينية بمختلف أنواعها يمكن أن تقوم بدور مفاتيح التحكم لتضخيم أو إخماد تأثير الجينات.
ضمن دراسات علم الوراثة اللاجينية
لندن: صفات سلامة
هل للنباتات ذاكرة؟
سؤال قد يبدو غير مألوف.
بالمعنى الحرفي للكلمة لا يمكن للنباتات أن تتذكر، فليست لديها أدمغة.
لكن بالمعنى العلمي للكلمة ومع التقدم والتطور في العلوم والبحوث البيولوجية، وبخاصة علم أحياء الخلية، استدل العلماء على أن النباتات يمكن أن تكون لديها ذاكرة جينية (وراثية) في الخلية تستطيع بواسطتها أن تميز بين الشتاء والربيع، وتسجل في هذه الذاكرة المادة الوراثية للخلية، ويتم توريثها بشكل مستقر خلال انقسام الخلية. ووجد العلماء أن النباتات التي تمر بعملية الإزهار تستطيع معرفة ربيعها، حيث تساعدها الذاكرة الجينية على تذكر أنها قد مرت بفترة طويلة من الشتاء البارد، والانتظار إلى حين مجيء فصل الربيع، لتتهيأ للإزهار في الوقت المناسب.
http://www.aawsat.com/2011/07/29/images/daily1.633318.jpgلكن السؤال التالي الذي يطرح نفسه: هل هناك ذاكرة لاجينية في النباتات؟ الحقيقة أن هناك بالفعل ذاكرة لاجينية لدى النباتات، وتعد من الموضوعات الحديثة المهمة التي تدخل ضمن مجال بحثي حديث ومثير، شهد نموا سريعا خلال السنوات القليلة الماضية، يعرف بعلم الوراثة اللاجينية (Epigenetics)، والذي يبحث التغييرات الموروثة الناتجة عن آليات أو أسباب أخرى، من دون أي تغييرات في تسلسل الحمض النووي، الذي تكون له تأثيرات مهمة في خصائص ومظاهر الكائنات الحية.
من المعروف أن الجينوم هو المادة الوراثية الكاملة الموجودة بخلايا كل كائن حي. وتوجد المورثات (الجينات) داخل الخلية في تركيبات خيطية تسمى الكروموسومات (الصبغيات)، وهي تتكون من الحمض النووي الريبي منقوص الأكسجين المعروف بالـ«دي إن إي» (DNA)، الذي يشكل المادة الوراثية ويحاط بمجموعة من البروتينات تعرف بالهيستونات (histones). وتنتقل معظم الخصائص الوراثية بواسطة الجينات الموجودة بالحمض النووي (دي إن إي)، لكن خارج تسلسل الحمض نفسه، وهناك معلومات أخرى لاجينية تكون مختزنة في البروتينات والكيماويات المحيطة والملتصقة بحمض الـ«دي إن إيه»، وتتأثر ببعض المتغيرات البيئية مثل نوعية التغذية ودرجة الحرارة، ولهذه المعلومات اللاجينية تأثيرات مهمة في خصائص الكائن الحي والأجيال التالية.
ومن بين الدراسات الحديثة حول الذاكرة اللاجينية لدى النباتات، ما نشر في عدد 24 يوليو (تموز) الحالي، من مجلة «نيتشر» (الطبيعة) البريطانية العلمية الشهيرة، حيث تمكن باحثون بريطانيون من مركز «جون اينيس» البريطاني الدولي للتميز في علوم النبات والميكروبيولوجي (علم الأحياء الدقيقة) في مدينة نورويتش، وبقيادة كل من البروفسور مارتن هوارد وكارولين دين، من اكتشاف أن الكائنات الحية تستطيع خلق ذاكرة لاجينية لأي نوع من التحول في وجود بعض المتغيرات، مثل نوعية التغذية ودرجة الحرارة، ويمكن لهذه الذاكرة أن تتوارثها الأجيال التالية.
بين العلماء بالأمثلة على أن هناك ذاكرة لاجينية للنباتات، وأوضحوا كيفية تذكر النباتات طول فترة الشتاء الباردة، لكي تحدد بشكل رائع وقت الإزهار، حتى يمكن أن يحدث كل من التلقيح والنمو وتشتت البذور والإنبات في الوقت المناسب. وقد تؤدي نتائج هذه الدراسة إلى تحسن في إنتاج المحاصيل والمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي في ضوء توقيت الإزهار ووفقا للتغيرات المناخية، كما أنها مهمة في دعم أسس علم الأحياء وفهم الآليات المهمة في عمل الخلية، كما أن هذه الدراسة تبرهن على قيمة البحوث متعددة التخصصات في مجال التفاعل بين علوم الأحياء والفيزياء والرياضيات.
يقول البروفسور كارولين دين، من مركز جون اينيس، والباحث المشارك في الدراسة، إن :
«هناك أمثلة قليلة جدا نعرفها الآن، عن أن نشاط الجينات في المدى الطويل يمكن أن يتأثر بالعوامل البيئية، وبعض الحالات البيئية الفردية يمكن أن تؤثر فعليا على بيولوجيا أو فسيولوجيا الأجيال التالية، لكن من دون أن يوجد أي تغيير في تسلسل الجينوم».
على سبيل المثال، أظهرت بعض الدراسات أنه في الأسر التي تعاني من نقص حاد في الغذاء في جيل الأجداد، يكون لدى الأبناء والأحفاد قدر أكبر من خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين والسكري، التي يمكن تفسيرها من خلال ذاكرة جينية، لكن حتى الآن لم تكن هناك آلية واضحة لشرح كيف يمكن للأفراد أن يضعوا عاملا متغيرا مثل التغذية لفهم أوسع للذاكرة.
وقال البروفسور مارتن هوارد «نحن نعرف بالفعل الكثير عن الجينات المشاركة في عملية الإزهار في النباتات، وكان واضحا أن شيئا ما يحدث في فصل الشتاء الذي يؤثر على توقيت الإزهار، ووفقا لطول فترة البرد، وعلى وجه التحديد يمكن للعوامل البيئية المتغيرة تعديل بروتينات الهيستونات التي هي ملفوفة داخل جزيئات الحمض النووي للخلية (دي إن إي)، وعندما تنقسم الخلية يتم نسخ الهيستونات في حالتها المعدلة، ويتم تمرير هذه الذاكرة إلى سلالة الخلايا».
ففي نبات «أرابيدوبسيس» يوجد جين رئيسي يسمى (FLC)، مسؤول جزئيا عن الإنبات خلال فترة فصل الشتاء. وباستخدام مزيج من النمذجة الرياضية والتحليل التجريبي، وجد الفريق البحثي أن طول فترة البرد وارتفاع نسبة الخلايا التي تحتوي على الجين (FLC)، يؤدي إلى تغيير الوضع، حيث يؤدي ذلك إلى التأخير في الإزهار والوصول إلى ظاهرة تعرف باسم «الذاكرة اللاجينية».
ويعد نبات «أرابيدوبسيس ثاليانا» (Arabidopsis thaliana) من أهم وأشهر النباتات، فهو ينتمي لفصيلة الصليبيات ذات الفلقتين، وله مجموعة من الخصائص المميزة التي جعلت منه نموذجا مثاليا للكثير من دراسات علم النبات والوراثة وعلم البيولوجيا الجزيئية للنباتات المزهرة، التي من بينها أن تركيبه الجيني سهل وبسيط، ودورة حياته قصيرة، حيث يمكن زراعة عدة أجيال متتابعة منه في موسم واحد، وينمو بسهولة في المختبر بمساحة صغيرة، فهو لا يأخذ أكثر من ستة أسابيع بين زراعة البذور والحصاد، ولا يتأثر تركيبه الجيني بتعاقب أجياله لآلاف السنين، وهو موجود على نطاق واسع في المناطق المعتدلة في أوروبا وشرق أفريقيا وآسيا واليابان.
وتأتي هذه الدراسة ضمن مشروع ممول من قبل مجلس بحوث التقنية الحيوية (البيوتكنولوجي) والعلوم البيولوجية البريطانية، والمجلس الأوروبي للبحوث، والجمعية الملكية البريطانية.
وفي مقال علمي بمجلة العلوم الأميركية (سينتيفك أميركان) بعنوان «الجينوم غير المرئي: ما بعد الـDNA»، للكاتب وايت غيبس، عدد نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2003، يقول فيه إن معظم الصفات الوراثية تنتقل بواسطة الجينات الموجودة بالحمض النووي (دي إن إي)، إلا أن هناك كودا مستقلا مكتوبا بعلامات كيميائية تقع خارج تسلسل الـ«دي إن إي»، ويتم تكويد المعلومات اللاجينية كملحقات كيميائية لـ«دي إن إي» أو مجموعة بروتينات الهيستونات التي تنظم هيئتها داخل الكروموسومات، وللمعلومات اللاجينية تأثيرات مهمة في صحة الكائنات الحية ومظهرها، ويدرك علماء البيولوجيا بشكل متزايد أن ثمة خصائص مهمة يمكن أن تنتقل لاجينيا خلال الكروموسومات لكن خارج الـ«دي إن إي».
ويمكن للكود اللاجيني أن يفسر سبب تخطي بعض الأمراض أجيالا كاملة وسبب تأثيرها في واحد فقط من زوج التوائم المتماثلة، فهناك طبقة من المعلومات اللاجينية تعرف بالعلامات اللاجينية والمختزنة في البروتينات والكيماويات التي تحيط بـالـ«دي إن إي» وتلتصق به، والتي تؤثر بشكل كبير في صحة الكائن الحي وخصائصه، فقد لاحظ الباحثون لدى شرحهم لبعض الحالات المرضية الحرجة أن القسم اللاجيني من الجينوم يقوم على ما يبدو بأدوار حاسمة في النمو وتقدم العمر والإصابة بالسرطان، ويمكن لعلم الوراثة اللاجينية أن يسهم في إيجاد طرق جديدة لمعالجة أمراض الجسم المعقدة مثل السرطان والسكري والاكتئاب ثنائي القطب.
ويضيف الكاتب أنه يمكن للأدوية من حيث المبدأ أن تتلاعب بالكود اللاجيني بهدف إخماد مجموعات كاملة من الجينات المؤذية أو تفعيلها، فقد يكون تعديل الجزء اللاجيني بواسطة الأدوية أسهل من تعديل تسلسل الـ«دي إن إي»، فالظواهر اللاجينية بمختلف أنواعها يمكن أن تقوم بدور مفاتيح التحكم لتضخيم أو إخماد تأثير الجينات.