نجم سهيل
September 4th, 2008, 03:11
( 4 )
((( ذيك الايام )))
ذيك الايام كانت الكهرباء تزين وتتزين في البيوت الفارهة للأغنياء والموسرين كنا صبية صغار نتجمع تحت مداخل تلك البيوت وكأننا فراشات يجذبها النورفننعم ونستمتع بشيء من اللهو تحت ضؤ تلك اللمبةالمعلقة على مدخل أي بيت من تلك البيوت ونتأمل اللمبة وهي تتأرجح بفعل نسمات الهواء الرقيقة تحت مضلتها المميزة البيضاء من الداخل والخضراء من الخارج فنراها في الليل كأنها قبعة على رأس عروس وفي النهار مجرد خوذة فوق رأس جندي
وعندما يرفع آذان العشاء نذهب للصلاة وبعد الصلاة نتجه إلى بيوتنا ولاننسى أن نمر بالقرب من بوابات تلك البيوت حيث النور الأبيض يملاء الشارع فيرى العابر منها ظله يمتد أمامه كأنه مارد وتتوزع أطياف النور من اللمبة على أطراف الأزقة المعتمه ومنها زقاق بيتنا الذي بالكاد أتلمس خطاي إليه قبل أن أتعثر في عتبته العريضه العالية
في بيتنا الطيني ثلاثة فوانيس وأتريك واحد لا نشغله إلا في المناسبات فقط وأما الفوانيس الهزيلة في أحجامها القبيحة في أشكالها فالنور المنبعث منها أعشى فلا نبصر منها إلا بالكاد ما بين أقدامنا وكأن في أعيننا الرمد
وفي الصباح وطيلة النهار بل طيلة أيامنا نشاهد البصمات القديمة والجديدة لتلك الفوانيس على معظم جدران البيت جراء بياتها الليلي وهي معلقة في الجدار وكأني بآثاربصماتها كلسان أسود لعق تلك الجدر البئيسه فترك أثر لعقه لها
وكأنه مراجع وشم في نواشر معصم
=============
في أيامنا تلك كان اقتناء الرادو كما كان يطلق عليه في تلك الأيام جريمة كبرى وهالة سوداء كأنها السوئة اللا مستورة وهي ملتصقة بصاحب الرادوفي المسجد والمجالس حيث تحاصره النظرات المزدرية والمستهجنة
رادوا ؟؟ عنده رادو
ولكن الرادو أهون من المنكر وكبيرة الكبائر الصوتية
( الشنطة ) أو (البكم ) كما كان يطلق عليه
والمقصود هنا تلك الآلة التي توضع عليها الأسطوانات الغنائية القديمة والتي تدار أو تعباء بواسطة هندل يدوي
فما يكاد المتذوق للطرب يتمايل على شدو أم كلثوم أو ليلى مراد حتى يتحول صوت المطربة فجأة إلى مايشبه خوار الثورنتيجة ضعف الشحن اليدوي لتلك الآلة فيسارع الطربان إلى إعادة شحنها وهو يلهث فيتحول الصوت والطرب إلى مايشبه مواء القطط
وهي تتقاتل على وجبة فأرية فبئس به من طرب
==================
كان والدي رحمه الله يقتني الرادو ليستمع إلى الأخبار من أم درمان وصوت العرب ولم يكن بيتنا مكهربا فكان الرادو يشتغل على البطارية التي حجمها ضعف حجم الرادو وربما أكبر من بطارية التريلا أحيانا ولكنها لاتقل عن بطارية الجمس من حيث الحجم والوزن
( ناس سميعه ) وكل شيء يرخص ويهون في سبيل ذلك
وشيء آخر ذلك الرادولايشتغل إلا بتوصيلة أطول من حبل غسيل أمي رحمها الله حيث يمتد سلك التوصيلة أو الأنتن من أعلى برج في السطح إلى حيث يقبع المنكر
كانت تتخلل الأخبارنغمة موسيقية مفاجأة وصاخبة جدا تشبه قفلات قناة الجزيرة الإخبارية وصرعات كل القنوات العربية
عند نشرات الأخبار ياناس يعني هي الأخبار ماتزين ولا تحلى الا بالصرقعه ؟؟
أتمنى على وزراء الإعلام أن يرحمونا من الطرب أعني الصرقعة الموسيقية العربجية التي لامعنى لها في صلب الأخبار
كان والدي رحمه الله يتمتع بسمع ثقيل مثلي ولم يكن حينها هناك سماعات لثقيلي السمع وكان يعاني الأمرين من صخب الموسيقى المفاجيء ولكي يتجنب استراق السمع من بعض الطيبين كان يلجاء إلى غرفة مغلقة ويضطر أحيانا للإختباء مع الرادو تحت البطانيه كله على شان شوية اخبار
( والله اضطهاد )
في أوائل السبعينات الهجرية وقبيل فترة الضحى أو العصاري يتجمع كبار السن من سميعة الرادو فقط و المغضوب عليهم من البعض تحت الجدران في عرض الشارع ومع القهوة والشاي ومحور حديثهم وشغلهم الشاغل
الريس الشوعي الفسقان جمال الناصر ينطقونها هكذا باللهجة الشعبية حسب تعبيرهم وهنا يتم التحليل السياسي
ويحتدم النقاش وتتعالى الأصوات وتهداء الأمور قليلا فيعرجون على الاتحاد الزفيتي ويتجدد الجدل مرة أخرى
ويأتي أحدهم بقنبلة إخبارية من بنات بطنه ويحللها أيضا وهو يزعم أن الإتحاد الزفيتي هجم على روسيا
ولكنهم ينصرفون وهم يتضاحكون بينما البعض يتسائل بحنق وفضول
هالشياطين من وين يجيبون هالاخبار ؟؟
((( ذيك الايام )))
ذيك الايام كانت الكهرباء تزين وتتزين في البيوت الفارهة للأغنياء والموسرين كنا صبية صغار نتجمع تحت مداخل تلك البيوت وكأننا فراشات يجذبها النورفننعم ونستمتع بشيء من اللهو تحت ضؤ تلك اللمبةالمعلقة على مدخل أي بيت من تلك البيوت ونتأمل اللمبة وهي تتأرجح بفعل نسمات الهواء الرقيقة تحت مضلتها المميزة البيضاء من الداخل والخضراء من الخارج فنراها في الليل كأنها قبعة على رأس عروس وفي النهار مجرد خوذة فوق رأس جندي
وعندما يرفع آذان العشاء نذهب للصلاة وبعد الصلاة نتجه إلى بيوتنا ولاننسى أن نمر بالقرب من بوابات تلك البيوت حيث النور الأبيض يملاء الشارع فيرى العابر منها ظله يمتد أمامه كأنه مارد وتتوزع أطياف النور من اللمبة على أطراف الأزقة المعتمه ومنها زقاق بيتنا الذي بالكاد أتلمس خطاي إليه قبل أن أتعثر في عتبته العريضه العالية
في بيتنا الطيني ثلاثة فوانيس وأتريك واحد لا نشغله إلا في المناسبات فقط وأما الفوانيس الهزيلة في أحجامها القبيحة في أشكالها فالنور المنبعث منها أعشى فلا نبصر منها إلا بالكاد ما بين أقدامنا وكأن في أعيننا الرمد
وفي الصباح وطيلة النهار بل طيلة أيامنا نشاهد البصمات القديمة والجديدة لتلك الفوانيس على معظم جدران البيت جراء بياتها الليلي وهي معلقة في الجدار وكأني بآثاربصماتها كلسان أسود لعق تلك الجدر البئيسه فترك أثر لعقه لها
وكأنه مراجع وشم في نواشر معصم
=============
في أيامنا تلك كان اقتناء الرادو كما كان يطلق عليه في تلك الأيام جريمة كبرى وهالة سوداء كأنها السوئة اللا مستورة وهي ملتصقة بصاحب الرادوفي المسجد والمجالس حيث تحاصره النظرات المزدرية والمستهجنة
رادوا ؟؟ عنده رادو
ولكن الرادو أهون من المنكر وكبيرة الكبائر الصوتية
( الشنطة ) أو (البكم ) كما كان يطلق عليه
والمقصود هنا تلك الآلة التي توضع عليها الأسطوانات الغنائية القديمة والتي تدار أو تعباء بواسطة هندل يدوي
فما يكاد المتذوق للطرب يتمايل على شدو أم كلثوم أو ليلى مراد حتى يتحول صوت المطربة فجأة إلى مايشبه خوار الثورنتيجة ضعف الشحن اليدوي لتلك الآلة فيسارع الطربان إلى إعادة شحنها وهو يلهث فيتحول الصوت والطرب إلى مايشبه مواء القطط
وهي تتقاتل على وجبة فأرية فبئس به من طرب
==================
كان والدي رحمه الله يقتني الرادو ليستمع إلى الأخبار من أم درمان وصوت العرب ولم يكن بيتنا مكهربا فكان الرادو يشتغل على البطارية التي حجمها ضعف حجم الرادو وربما أكبر من بطارية التريلا أحيانا ولكنها لاتقل عن بطارية الجمس من حيث الحجم والوزن
( ناس سميعه ) وكل شيء يرخص ويهون في سبيل ذلك
وشيء آخر ذلك الرادولايشتغل إلا بتوصيلة أطول من حبل غسيل أمي رحمها الله حيث يمتد سلك التوصيلة أو الأنتن من أعلى برج في السطح إلى حيث يقبع المنكر
كانت تتخلل الأخبارنغمة موسيقية مفاجأة وصاخبة جدا تشبه قفلات قناة الجزيرة الإخبارية وصرعات كل القنوات العربية
عند نشرات الأخبار ياناس يعني هي الأخبار ماتزين ولا تحلى الا بالصرقعه ؟؟
أتمنى على وزراء الإعلام أن يرحمونا من الطرب أعني الصرقعة الموسيقية العربجية التي لامعنى لها في صلب الأخبار
كان والدي رحمه الله يتمتع بسمع ثقيل مثلي ولم يكن حينها هناك سماعات لثقيلي السمع وكان يعاني الأمرين من صخب الموسيقى المفاجيء ولكي يتجنب استراق السمع من بعض الطيبين كان يلجاء إلى غرفة مغلقة ويضطر أحيانا للإختباء مع الرادو تحت البطانيه كله على شان شوية اخبار
( والله اضطهاد )
في أوائل السبعينات الهجرية وقبيل فترة الضحى أو العصاري يتجمع كبار السن من سميعة الرادو فقط و المغضوب عليهم من البعض تحت الجدران في عرض الشارع ومع القهوة والشاي ومحور حديثهم وشغلهم الشاغل
الريس الشوعي الفسقان جمال الناصر ينطقونها هكذا باللهجة الشعبية حسب تعبيرهم وهنا يتم التحليل السياسي
ويحتدم النقاش وتتعالى الأصوات وتهداء الأمور قليلا فيعرجون على الاتحاد الزفيتي ويتجدد الجدل مرة أخرى
ويأتي أحدهم بقنبلة إخبارية من بنات بطنه ويحللها أيضا وهو يزعم أن الإتحاد الزفيتي هجم على روسيا
ولكنهم ينصرفون وهم يتضاحكون بينما البعض يتسائل بحنق وفضول
هالشياطين من وين يجيبون هالاخبار ؟؟