نجم سهيل
October 12th, 2009, 14:19
((44))
(من مغارة الذكريات)
(1)
عام 1385 كنت أسير مع صديقي سليمان رحمه الله تعالى في شارع البطحاء وعند خروجنا من استديو تصوير غربي شارع البطحا ء غرب مجرى السيل وبعد عبورنا الشارع إلى المسار الغربي لرصيف مجرى السيل الذي لايتجاوز عرضه 40سم لفت انتباهنا جلبة وضوضاء عارمة والناس يتراكضون مطلقين
سيقا نهم للريح
https://www12.0zz0.com/2013/01/31/05/763388731.jpg
وكأنما هم يفرون من خطر محدق بهم بل هو والله خطر كبير جدا فقد كان يجري من خلفهم ثور ضخم كأنه وحيد القرن في حجمه وكأن الحال بشبه مارثون جري الأسبان أمام الثيران والفرق أن الحال لدى الأسبان مارثون سنوي ضاحك أما الذي كان أمام عيني فهو حالة فرار مجنون وهلع شديد وكان أكثر الناس قد عض بالنواجذ على طرف ثوبه وهو يجري لايلوي على شيء والعيون كل العيون في حالة جحوض وزيغ بصر وبصيرة
https://pbs.twimg.com/media/DemM4u1X4AEiuaG?format=jpg
وكان رد فعلي الفورى هو القفز خلف سياج المجرى الذي كان مكشوفا على أيامنا والتعلق بأسفل السياج مع استراق النظر والإستعداد لإلقاء نفسي في المجرى لو لا قدر الله وضع ذلك الثور عقله بعقلي واستقصدني من دون الناس ولكن الله سلم فقد مضى خلف الجماهير الفارة منه فرارا ولم أنسى أثناء قفزي أن ألمح صديقي سليمان وهو يطلق ساقيه النحيلتين للريح و العجيب أن سليمان لم يسبق له أن شاركنا يوما في سباقاتنا ودهشت كثيرا رغم أزمتي أن أراه يتقدم المتسابقين هربا وكأن ساقيه عودي حطب ناشفتين هزيلتين وبدالي كما لو كان يستخدم محركا تربونيا في ساقيه
https://pbs.twimg.com/media/EfonajvWAAAzWjm?format=jpg
(2)
كان في شارع الثميري خياط ملابس للرجال عدني الجنسية قبل توحيد اليمنين إسمه محمد وكنت أتعامل معه لتفصيل وخياطة ملابسي وكان خياطا موهوبا يجيد صنعته بكل احترافية ويحترم مهنته وكان آخر عهدي به عام 1387هـ ومنذ عام تقريبا أعجبني لباس إبن خالتي ماشاء الله تبارك الله فسألته عند من تخيط ثيابك فقال عند محمد عميلك ألا تذكره ؟
ألا يزال حيا
نعم وعلى نحافته
وين محله ؟؟
في الشارع الممتد من شارع الوزيرغربا الموازي لحي شللقا أو شلّقه مع تشديد حرف اللام
وبالمناسبة فشلقا مسماها الصحيح لمن لايعرف ذلك وباللهجة النجدية هو
(شن لقى) أي شيء عثر عليه وكانت مرمى للأطفال مجهولي الأبوين حسبنا الله على من خلف سفاحا ورمى
ومعظم مساحة هذا الحي وبنسية 90% هي مقبرة كبيرة وقديمة جدا تحفها من كل الجوانب أزقة ضيقة متعرجة ولكنها موحشة جدا وهي قديمة قدم الرياض وأعتقد أنها أقدم من مقبرة العود التي دفنت فيها والدي وأحد أشقائي رحمهما الله تعالى ورحم جميع موتى المسلمين نسأل الله تعالى أن يجمعنا بأحبائنا الذين رحلوا بل سبقونا في الرحيل أن يجمعنا بهم في مستقر رحمته
ماودي أكدر خواطركم ولكن
(3)
كنا شلة من الشباب المراهقين المغازلجيه ولم نكن نعرف العقال في أيامنا فقد كان العقال قصرا على الرجال البالغين وكبار السن والشخصبات كنا نرتدي الطاقية مع الغترة البيضاء وغالبا تكون الطاقية من مزركشة من الزري ومائلة إلى الخلف كثيرا بحيث يظهر شعر الرأس أو الغرة كما كنا نصفها ولا ننسى أن نهمل نصف أزارير الثوب بحيث تكون أعلى صدورنا المشعرة ظاهرة للعيان شغل عيال
وهذا الشكل يضفي على الشاب شيء من الجاذبية في أعين الفتيات وكان الغزل ساذج جدا لايتعدى الترزز وتوزيع الإبتسامات وإسبال العيون وفي أشد حالا الغزل جرأة ووقاحة هو بعض الكلمات الجوفاء مثل وش هالزين انفدى ها لوجيه مع اننا لانرى وجوها
وغالبا تنتهي هذه الجرأة بكم حجر وفي أحسن الأحوال كوم تراب مرصعا ببعض الحجيرات التي لاتخطينا مع كم كلمة جارحة فنفر من فورنا
وأذكر عجوزا كانت تبيع البيض وبعض اللوازم النسائية في سوق المقيبرة فقد ضحت ذات يوم بنحو ثلاث بيضات أمطرت بها وجهي وصدري لمجرد أن نظرت نظرة حانية والعينيين مسبلتين إلى إبنتها اللعوب التي تجاورها وتنافسها وكانت تلك الفتاة توظف جمالها الذي يترآى للناظر من خلف غطوتها الخفيفة نوعا وكلامها الرقيق لتسويق بضاعتها من المر والحلتيت والبيض والحناء
هربت من ذلك السوق أجتر الفضيحة مضرجا بصفار البيض في خشتي وثوبي اللي تعبت في كويه مع غتيرتي اللي صار نصفها مزبرقا بالتراب العالق في البيض وياهوبيض تبيضه الدجاجة من قلب وخمسة اشهر ماحومت من حول ذاك السوق الا إذا تأكدت ان العجوز ماهيب فيه ولكني اشتري البيض والحنا غصب عن اعيوني
فقد كان لتلك الفتاة أدواتها التسويقية في مهارات البيع
(4)
في سوق المقيبرة كان الإخوة الأعداء اليمنيين منكدين عيشة السعوديين في سوق الخضره وتأجير الحمير بعربات الكرو وساعة الفرج تجي للسعوديين إذا جا موسم صيد الضبان وتعال شف اليمنيين وهم يفرون من السوق مذعورين بل إن بعضهم يغشى عليه لمجرد رؤية الضب فتنعم السعوديون بتعليق الضبان على صنادقهم وببطحها أحيانا وسط مباسطهم والعجيب أن السواد الأعظم من النساء لايرتعبن من الضبان وأذكر أن أحدهم توصل لطريقة ماكرة في تفريغ بطن الضب من جوفه بعد ذبحه وتمليح بطنه فعلقه على باب مبسطه فخدم نفسه وجيرانه الأقربين من تطفل الإخوة الفضوليين
(5)
كان في سوق الديرة شمالي المقيبرة سوقا صغيرا للتمور
والأرزا ق وهو منخفض عن بقية الأسواق ضمن حفرة طولها نحو خمسين مترا وعرضها نحوا من 25 مترا وكان يطلق عليها حفرة الحمّارة بتشديد حرف الميم نسبة لتجمع الحمارة فيها
وكان المرابين يمارسون فيها نشاطهم وهم يخادعون الله ورسوله وما يخدعون إلا أنفسهم فكان الواحد منهم يجر ضحيته إلى عدد من أكياس الرز أو السكر أو التمر فيبيعه وهميا في مكانه إلى ضحيته بمبلغ عال ثم يشتريه منه وفي مكانه وزمانه بسعر أقل والفرق مزدوجا في البيع والخسارة هو فوائد المرابي على المقترض التعيس
وكان يوجد جنوب قصر الحكم ساحة مستطيلة يستعملها الحمارين موقفا وتجمعا حمائريا لحميرهم وعرباتهم وكانت تلك الحمير تأتي أفعال فاضحة ومخلة بالآداب العامة وكانت تلك الساحة قريبة من المحكمة الكبرى ولكنها
نقلت فيما بعد إلى مكان سحيق ويبدو أن ممارسات الحمير خدشت حياء كثير من الناس ووقارهم وفي مقدمتهم قضاة المحكمه
وعلى ذكر المحكمة فقد لفت نظري فيها ذات يوم صوت قسم يتلوه القاضي على مدعى عليه فيردد المدعى عليه كلمات القسم بصوت جهوري ونبرات صوته تتهدج فارتعت والله من غلظة كلمات القسم فبكيت من حيث لاأدري على بكاء المقسم وهو يدعو على خصمه الذي طلب وقف الخمسين يمينا وتنازل عن دعواه بدعوى العفو ولكن المقسم لم يتردد في البصق عليه والدعاء عليه فلم يحرك المدعي ساكنا فازدراه القاضي والحضور فطرده القاضي قائلا اتزلب وجهك وانتزلع
(من مغارة الذكريات)
(1)
عام 1385 كنت أسير مع صديقي سليمان رحمه الله تعالى في شارع البطحاء وعند خروجنا من استديو تصوير غربي شارع البطحا ء غرب مجرى السيل وبعد عبورنا الشارع إلى المسار الغربي لرصيف مجرى السيل الذي لايتجاوز عرضه 40سم لفت انتباهنا جلبة وضوضاء عارمة والناس يتراكضون مطلقين
سيقا نهم للريح
https://www12.0zz0.com/2013/01/31/05/763388731.jpg
وكأنما هم يفرون من خطر محدق بهم بل هو والله خطر كبير جدا فقد كان يجري من خلفهم ثور ضخم كأنه وحيد القرن في حجمه وكأن الحال بشبه مارثون جري الأسبان أمام الثيران والفرق أن الحال لدى الأسبان مارثون سنوي ضاحك أما الذي كان أمام عيني فهو حالة فرار مجنون وهلع شديد وكان أكثر الناس قد عض بالنواجذ على طرف ثوبه وهو يجري لايلوي على شيء والعيون كل العيون في حالة جحوض وزيغ بصر وبصيرة
https://pbs.twimg.com/media/DemM4u1X4AEiuaG?format=jpg
وكان رد فعلي الفورى هو القفز خلف سياج المجرى الذي كان مكشوفا على أيامنا والتعلق بأسفل السياج مع استراق النظر والإستعداد لإلقاء نفسي في المجرى لو لا قدر الله وضع ذلك الثور عقله بعقلي واستقصدني من دون الناس ولكن الله سلم فقد مضى خلف الجماهير الفارة منه فرارا ولم أنسى أثناء قفزي أن ألمح صديقي سليمان وهو يطلق ساقيه النحيلتين للريح و العجيب أن سليمان لم يسبق له أن شاركنا يوما في سباقاتنا ودهشت كثيرا رغم أزمتي أن أراه يتقدم المتسابقين هربا وكأن ساقيه عودي حطب ناشفتين هزيلتين وبدالي كما لو كان يستخدم محركا تربونيا في ساقيه
https://pbs.twimg.com/media/EfonajvWAAAzWjm?format=jpg
(2)
كان في شارع الثميري خياط ملابس للرجال عدني الجنسية قبل توحيد اليمنين إسمه محمد وكنت أتعامل معه لتفصيل وخياطة ملابسي وكان خياطا موهوبا يجيد صنعته بكل احترافية ويحترم مهنته وكان آخر عهدي به عام 1387هـ ومنذ عام تقريبا أعجبني لباس إبن خالتي ماشاء الله تبارك الله فسألته عند من تخيط ثيابك فقال عند محمد عميلك ألا تذكره ؟
ألا يزال حيا
نعم وعلى نحافته
وين محله ؟؟
في الشارع الممتد من شارع الوزيرغربا الموازي لحي شللقا أو شلّقه مع تشديد حرف اللام
وبالمناسبة فشلقا مسماها الصحيح لمن لايعرف ذلك وباللهجة النجدية هو
(شن لقى) أي شيء عثر عليه وكانت مرمى للأطفال مجهولي الأبوين حسبنا الله على من خلف سفاحا ورمى
ومعظم مساحة هذا الحي وبنسية 90% هي مقبرة كبيرة وقديمة جدا تحفها من كل الجوانب أزقة ضيقة متعرجة ولكنها موحشة جدا وهي قديمة قدم الرياض وأعتقد أنها أقدم من مقبرة العود التي دفنت فيها والدي وأحد أشقائي رحمهما الله تعالى ورحم جميع موتى المسلمين نسأل الله تعالى أن يجمعنا بأحبائنا الذين رحلوا بل سبقونا في الرحيل أن يجمعنا بهم في مستقر رحمته
ماودي أكدر خواطركم ولكن
(3)
كنا شلة من الشباب المراهقين المغازلجيه ولم نكن نعرف العقال في أيامنا فقد كان العقال قصرا على الرجال البالغين وكبار السن والشخصبات كنا نرتدي الطاقية مع الغترة البيضاء وغالبا تكون الطاقية من مزركشة من الزري ومائلة إلى الخلف كثيرا بحيث يظهر شعر الرأس أو الغرة كما كنا نصفها ولا ننسى أن نهمل نصف أزارير الثوب بحيث تكون أعلى صدورنا المشعرة ظاهرة للعيان شغل عيال
وهذا الشكل يضفي على الشاب شيء من الجاذبية في أعين الفتيات وكان الغزل ساذج جدا لايتعدى الترزز وتوزيع الإبتسامات وإسبال العيون وفي أشد حالا الغزل جرأة ووقاحة هو بعض الكلمات الجوفاء مثل وش هالزين انفدى ها لوجيه مع اننا لانرى وجوها
وغالبا تنتهي هذه الجرأة بكم حجر وفي أحسن الأحوال كوم تراب مرصعا ببعض الحجيرات التي لاتخطينا مع كم كلمة جارحة فنفر من فورنا
وأذكر عجوزا كانت تبيع البيض وبعض اللوازم النسائية في سوق المقيبرة فقد ضحت ذات يوم بنحو ثلاث بيضات أمطرت بها وجهي وصدري لمجرد أن نظرت نظرة حانية والعينيين مسبلتين إلى إبنتها اللعوب التي تجاورها وتنافسها وكانت تلك الفتاة توظف جمالها الذي يترآى للناظر من خلف غطوتها الخفيفة نوعا وكلامها الرقيق لتسويق بضاعتها من المر والحلتيت والبيض والحناء
هربت من ذلك السوق أجتر الفضيحة مضرجا بصفار البيض في خشتي وثوبي اللي تعبت في كويه مع غتيرتي اللي صار نصفها مزبرقا بالتراب العالق في البيض وياهوبيض تبيضه الدجاجة من قلب وخمسة اشهر ماحومت من حول ذاك السوق الا إذا تأكدت ان العجوز ماهيب فيه ولكني اشتري البيض والحنا غصب عن اعيوني
فقد كان لتلك الفتاة أدواتها التسويقية في مهارات البيع
(4)
في سوق المقيبرة كان الإخوة الأعداء اليمنيين منكدين عيشة السعوديين في سوق الخضره وتأجير الحمير بعربات الكرو وساعة الفرج تجي للسعوديين إذا جا موسم صيد الضبان وتعال شف اليمنيين وهم يفرون من السوق مذعورين بل إن بعضهم يغشى عليه لمجرد رؤية الضب فتنعم السعوديون بتعليق الضبان على صنادقهم وببطحها أحيانا وسط مباسطهم والعجيب أن السواد الأعظم من النساء لايرتعبن من الضبان وأذكر أن أحدهم توصل لطريقة ماكرة في تفريغ بطن الضب من جوفه بعد ذبحه وتمليح بطنه فعلقه على باب مبسطه فخدم نفسه وجيرانه الأقربين من تطفل الإخوة الفضوليين
(5)
كان في سوق الديرة شمالي المقيبرة سوقا صغيرا للتمور
والأرزا ق وهو منخفض عن بقية الأسواق ضمن حفرة طولها نحو خمسين مترا وعرضها نحوا من 25 مترا وكان يطلق عليها حفرة الحمّارة بتشديد حرف الميم نسبة لتجمع الحمارة فيها
وكان المرابين يمارسون فيها نشاطهم وهم يخادعون الله ورسوله وما يخدعون إلا أنفسهم فكان الواحد منهم يجر ضحيته إلى عدد من أكياس الرز أو السكر أو التمر فيبيعه وهميا في مكانه إلى ضحيته بمبلغ عال ثم يشتريه منه وفي مكانه وزمانه بسعر أقل والفرق مزدوجا في البيع والخسارة هو فوائد المرابي على المقترض التعيس
وكان يوجد جنوب قصر الحكم ساحة مستطيلة يستعملها الحمارين موقفا وتجمعا حمائريا لحميرهم وعرباتهم وكانت تلك الحمير تأتي أفعال فاضحة ومخلة بالآداب العامة وكانت تلك الساحة قريبة من المحكمة الكبرى ولكنها
نقلت فيما بعد إلى مكان سحيق ويبدو أن ممارسات الحمير خدشت حياء كثير من الناس ووقارهم وفي مقدمتهم قضاة المحكمه
وعلى ذكر المحكمة فقد لفت نظري فيها ذات يوم صوت قسم يتلوه القاضي على مدعى عليه فيردد المدعى عليه كلمات القسم بصوت جهوري ونبرات صوته تتهدج فارتعت والله من غلظة كلمات القسم فبكيت من حيث لاأدري على بكاء المقسم وهو يدعو على خصمه الذي طلب وقف الخمسين يمينا وتنازل عن دعواه بدعوى العفو ولكن المقسم لم يتردد في البصق عليه والدعاء عليه فلم يحرك المدعي ساكنا فازدراه القاضي والحضور فطرده القاضي قائلا اتزلب وجهك وانتزلع