حكواتي الزمن
October 23rd, 2010, 23:59
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفرزدق
يـا سائلـي أيـن حـل الجـود والـكـرم=عـنــدي بـيــان إذا طــلابــه قــدمــوا
هـذا الـذي تعـرف البطـحـاء وطـأتـه=والـبـيـت يـعـرفـه والـحــل والـحــرم
هــذا ابـــن خـيــر عـبــاد الله كـلـهـم=هــذا التـقـي النـقـي الطـاهـر العـلـم
هــذا الــذي أحـمـد المخـتـار والـــده=صلـى عليـه إلهـي مـا جــرى القـلـم
لو يعلـم الركـن مـن قـد جـاء يلثمـه=لـخــر يـلـثـم مـنــه مـوطــئ الــقــدم
هــــذا عــلــي رســــول الله والـــــده=أمـسـت بـنـور هــداه تهـتـدي الأمــم
هــذا الــذي عـمــه الـطـيـار جـعـفـر=والمقـتـول حـمـزة لـيـث حـبـه قـسـم
هـذا ابــن سـيـدة النـسـوان فاطـمـة=وابـن الوصـي الـذي فـي سيفـه نقـم
إذا رأتــــه قــريــش قــــال قـائـلـهــا=إلــى مـكـارم هـــذا ينـتـهـي الـكــرم
يـكــاد يـمـسـكـه عــرفــان راحــتــه=ركـن الحطـيـم إذا مــا جــاء يستـلـم
ولـيـس قـولـك مــن هــذا بضائـرهـا=لعـرب تعـرف مـن أنـكـرت والعـجـم
ينمـي إلـى ذروة العـز التـي قصـرت=عـن نيلهـا عـرب الإســلام والعـجـم
يغضـي حيـاء ويُغضـى مـن مهابـتـه=فــمـــا يـكــلــم إلا حــيـــن يـبـتــســم
ينجاب نـور الدجـى عـن نـور غرتـه=كالشمس ينجاب عن إشراقها الظلم
بـكـفــه خــيــزران ريــحـــه عــبـــق=مـن كـف أروع فـي عرنيـنـه شـمـم
مـــا قـــال لا قـــط إلا فـــي تـشـهـد=هلـــولا الـتـشـهـد كــانــت لاؤه نــعــم
مشـتـقـة مـــن رســـول الله نـبـعـتـه=طـابـت عنـاصـره والخـيـم والـشـيـم
حـمــال أثـقــال أقــــوام إذا فــدحــوا=حـلـو الشمـائـل تـحـلـو عـنــده نـعــم
إن قــال قــال بـمـا يـهـوى جميعـهـم=وإن تـكـلــم يــومــا زانــــه الـكــلــم
هـذا ابــن فاطـمـة إن كـنـت جاهـلـه=بــجــده أنـبـيــاء الله قـــــد خـتــمــوا
الله فــضــلـــه قـــدمــــا وشـــرفــــه=جـرى بــذاك لــه فــي لـوحـه القـلـم
مـن جـده دان فـضـل الأنبـيـاء لـهـو=فـضــل أمـتــه دانـــت لــهــا الأمــــم
عــم البـريـة بالإحـسـان وانقشـعـت=عنـهـا العمـايـة والإمــلاق والظـلـم
كـلـتـا يـديــه غـيــاث عـــم نفعـهـمـا=يسـتـوكـفـان ولا يـعـروهـمـا عــــدم
سـهـل الخليـقـة لا تخـشـى بـــوادره=يـزيـنـه خصـلـتـان الـحـلـم والـكــرم
لا يخـلـف الـوعــد ميـمـونـا نقيـبـتـه=رحــب الفـنـاء أريــب حـيـن يـعـتـرم
مـن معـشـر حبـهـم ديــن وبغضـهـم=كـفــر وقـربـهـم مـنـجـى ومـعـتـصـم
يستـدفـع الـسـوء والبـلـوى بحبـهـم=ويـسـتـزاد بـــه الإحـســان والـنـعـم
مــقــدم بــعـــد ذكـــــر الله ذكــرهـــم=فـي كـل فـرض ومختـوم بــه الكـلـم
إن عـد أهــل التـقـى كـانـوا أئمتـهـم=أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم
لا يستـطـيـع جـــواد بـعــد غـايـتـهـم=ولا يـدانـيـهـم قـــــوم وإن كــرمـــوا
هــم الغـيـوث إذا مــا أزمــة أزمــت=والأسد أسد الشرى والبأس محتـدم
يأبـى لـهـم أن يـحـل الــذم ساحتـهـم=خـيـم كـريــم وأيـــد بـالـنـدى هـضــم
لا يقبـض العسـر بسطـا مـن أكفهـم=سيـان ذلـك إن أثــروا وإن عـدمـوا
إن القـبـائـل لـيـسـت فـــي رقـابـهــم=لأولـــيـــة هــــــذا أو لــــــه نـــعــــم
مــن يـعــرف الله يـعــرف أولـيــة ذا=فالديـن مـن بـيـت هــذا نـالـه الأمــم
بيوتهـم فــي قـريـش يستـضـاء بـهـا=في النائبات وعند الحكـم إن حكمـوا
فـجـده مــن قـريـش فـــي أرومـتـهـا=مـحــمــد وعـــلـــي بـــعـــده عـــلـــم
بـدر لـه شاهـد والشـعـب مــن أحــد=والخندقـان ويـوم الفتـح قـد علـمـوا
وخـيـبــر وحـنـيــن يـشـهــدان لـــــه=وفـــي قـريـظـة يـــوم صـيـلـم قــتــم
فغضب هشام ومنع جائزته وقال: ألا قلت فينا مثلها؟ قال: هات جدا كجده وأبا كأبيه وأما كأمه حتى أقول فيكم مثلها، فحبسوه بعسفان بين مكة والمدينة فبلغ ذلك علي بن الحسين فبعث إليه باثني عشر ألف درهم وقال: اعذرنا يا أبا فراس، فلو كان عندنا أكثر من هذا لوصلناك به، فردها وقال: يا ابن رسول الله ما قلت الذي قلت إلا غضبا لله ولرسوله، وما كنت لأخذ عليه شيئا، فردها إليه وقال: بحقي عليك لما قبلتها فقد رأى الله مكانك وعلم نيتك، فقبلها، فجعل الفرزدق يهجو هشاماً وهو في الحبس، فكان مما هجاه به قوله:
القصة
حج هشام بن عبد الملك فلم يقدر على استلام الحجر الأسود من الزحام، فنصب له منبر فجلس عليه وأطاف به أهل الشام فبينما هو كذلك إذ أقبل علي بن الحسين وعليه إزار ورداء، من أحسن الناس وجها وأطيبهم رائحة، فجعل يطوف فإذا بلغ إلى موضع الحجر الأسود تنحى الناس حتى يستلمه هيبة له، فقال شامي: من هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال: لا أعرفه، لئلا يرغب فيه أهل الشام فقال الفرزدق وكان حاضرا: لكني أنا أعرفه، فقال الشامي: من هو يا أبا فراس؟
لذلك انشد هذه القصيدة مترجلاً
فغضب هشام ومنع جائزته
وقال: ألا قلت فينا مثلها؟ قال:
هات جدا كجده وأبا كأبيه وأما كأمه حتى أقول فيكم مثلها،
فحبسوه بعسفان بين مكة والمدينة
فبلغ ذلك علي بن الحسين
فبعث إليه باثني عشر ألف درهم وقال:
اعذرنا يا أبا فراس،
فلو كان عندنا أكثر من هذا لوصلناك به،
فردها وقال:
يا ابن رسول الله ما قلت الذي قلت إلا غضبا لله ولرسوله،
وما كنت لأخذ عليه شيئا،
فردها إليه وقال:
بحقي عليك لما قبلتها فقد رأى الله مكانك وعلم نيتك، فقبلها،
فجعل الفرزدق يهجو هشاماً وهو في الحبس، فكان مما هجاه به قوله:
أيحبسنـي بيـن المدينـة والتـي=إليها قلوب الناس يهوي منيبها
يقلب رأسا لم يكـن رأس سيـد=وعينـا لـه حـولاء بـاد عيوبهـا
فأخبر هشام بذلك فأطلقه
وفي رواية أبي بكر العلاف أنه أخرجه إلى البصرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفرزدق
يـا سائلـي أيـن حـل الجـود والـكـرم=عـنــدي بـيــان إذا طــلابــه قــدمــوا
هـذا الـذي تعـرف البطـحـاء وطـأتـه=والـبـيـت يـعـرفـه والـحــل والـحــرم
هــذا ابـــن خـيــر عـبــاد الله كـلـهـم=هــذا التـقـي النـقـي الطـاهـر العـلـم
هــذا الــذي أحـمـد المخـتـار والـــده=صلـى عليـه إلهـي مـا جــرى القـلـم
لو يعلـم الركـن مـن قـد جـاء يلثمـه=لـخــر يـلـثـم مـنــه مـوطــئ الــقــدم
هــــذا عــلــي رســــول الله والـــــده=أمـسـت بـنـور هــداه تهـتـدي الأمــم
هــذا الــذي عـمــه الـطـيـار جـعـفـر=والمقـتـول حـمـزة لـيـث حـبـه قـسـم
هـذا ابــن سـيـدة النـسـوان فاطـمـة=وابـن الوصـي الـذي فـي سيفـه نقـم
إذا رأتــــه قــريــش قــــال قـائـلـهــا=إلــى مـكـارم هـــذا ينـتـهـي الـكــرم
يـكــاد يـمـسـكـه عــرفــان راحــتــه=ركـن الحطـيـم إذا مــا جــاء يستـلـم
ولـيـس قـولـك مــن هــذا بضائـرهـا=لعـرب تعـرف مـن أنـكـرت والعـجـم
ينمـي إلـى ذروة العـز التـي قصـرت=عـن نيلهـا عـرب الإســلام والعـجـم
يغضـي حيـاء ويُغضـى مـن مهابـتـه=فــمـــا يـكــلــم إلا حــيـــن يـبـتــســم
ينجاب نـور الدجـى عـن نـور غرتـه=كالشمس ينجاب عن إشراقها الظلم
بـكـفــه خــيــزران ريــحـــه عــبـــق=مـن كـف أروع فـي عرنيـنـه شـمـم
مـــا قـــال لا قـــط إلا فـــي تـشـهـد=هلـــولا الـتـشـهـد كــانــت لاؤه نــعــم
مشـتـقـة مـــن رســـول الله نـبـعـتـه=طـابـت عنـاصـره والخـيـم والـشـيـم
حـمــال أثـقــال أقــــوام إذا فــدحــوا=حـلـو الشمـائـل تـحـلـو عـنــده نـعــم
إن قــال قــال بـمـا يـهـوى جميعـهـم=وإن تـكـلــم يــومــا زانــــه الـكــلــم
هـذا ابــن فاطـمـة إن كـنـت جاهـلـه=بــجــده أنـبـيــاء الله قـــــد خـتــمــوا
الله فــضــلـــه قـــدمــــا وشـــرفــــه=جـرى بــذاك لــه فــي لـوحـه القـلـم
مـن جـده دان فـضـل الأنبـيـاء لـهـو=فـضــل أمـتــه دانـــت لــهــا الأمــــم
عــم البـريـة بالإحـسـان وانقشـعـت=عنـهـا العمـايـة والإمــلاق والظـلـم
كـلـتـا يـديــه غـيــاث عـــم نفعـهـمـا=يسـتـوكـفـان ولا يـعـروهـمـا عــــدم
سـهـل الخليـقـة لا تخـشـى بـــوادره=يـزيـنـه خصـلـتـان الـحـلـم والـكــرم
لا يخـلـف الـوعــد ميـمـونـا نقيـبـتـه=رحــب الفـنـاء أريــب حـيـن يـعـتـرم
مـن معـشـر حبـهـم ديــن وبغضـهـم=كـفــر وقـربـهـم مـنـجـى ومـعـتـصـم
يستـدفـع الـسـوء والبـلـوى بحبـهـم=ويـسـتـزاد بـــه الإحـســان والـنـعـم
مــقــدم بــعـــد ذكـــــر الله ذكــرهـــم=فـي كـل فـرض ومختـوم بــه الكـلـم
إن عـد أهــل التـقـى كـانـوا أئمتـهـم=أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم
لا يستـطـيـع جـــواد بـعــد غـايـتـهـم=ولا يـدانـيـهـم قـــــوم وإن كــرمـــوا
هــم الغـيـوث إذا مــا أزمــة أزمــت=والأسد أسد الشرى والبأس محتـدم
يأبـى لـهـم أن يـحـل الــذم ساحتـهـم=خـيـم كـريــم وأيـــد بـالـنـدى هـضــم
لا يقبـض العسـر بسطـا مـن أكفهـم=سيـان ذلـك إن أثــروا وإن عـدمـوا
إن القـبـائـل لـيـسـت فـــي رقـابـهــم=لأولـــيـــة هــــــذا أو لــــــه نـــعــــم
مــن يـعــرف الله يـعــرف أولـيــة ذا=فالديـن مـن بـيـت هــذا نـالـه الأمــم
بيوتهـم فــي قـريـش يستـضـاء بـهـا=في النائبات وعند الحكـم إن حكمـوا
فـجـده مــن قـريـش فـــي أرومـتـهـا=مـحــمــد وعـــلـــي بـــعـــده عـــلـــم
بـدر لـه شاهـد والشـعـب مــن أحــد=والخندقـان ويـوم الفتـح قـد علـمـوا
وخـيـبــر وحـنـيــن يـشـهــدان لـــــه=وفـــي قـريـظـة يـــوم صـيـلـم قــتــم
فغضب هشام ومنع جائزته وقال: ألا قلت فينا مثلها؟ قال: هات جدا كجده وأبا كأبيه وأما كأمه حتى أقول فيكم مثلها، فحبسوه بعسفان بين مكة والمدينة فبلغ ذلك علي بن الحسين فبعث إليه باثني عشر ألف درهم وقال: اعذرنا يا أبا فراس، فلو كان عندنا أكثر من هذا لوصلناك به، فردها وقال: يا ابن رسول الله ما قلت الذي قلت إلا غضبا لله ولرسوله، وما كنت لأخذ عليه شيئا، فردها إليه وقال: بحقي عليك لما قبلتها فقد رأى الله مكانك وعلم نيتك، فقبلها، فجعل الفرزدق يهجو هشاماً وهو في الحبس، فكان مما هجاه به قوله:
القصة
حج هشام بن عبد الملك فلم يقدر على استلام الحجر الأسود من الزحام، فنصب له منبر فجلس عليه وأطاف به أهل الشام فبينما هو كذلك إذ أقبل علي بن الحسين وعليه إزار ورداء، من أحسن الناس وجها وأطيبهم رائحة، فجعل يطوف فإذا بلغ إلى موضع الحجر الأسود تنحى الناس حتى يستلمه هيبة له، فقال شامي: من هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال: لا أعرفه، لئلا يرغب فيه أهل الشام فقال الفرزدق وكان حاضرا: لكني أنا أعرفه، فقال الشامي: من هو يا أبا فراس؟
لذلك انشد هذه القصيدة مترجلاً
فغضب هشام ومنع جائزته
وقال: ألا قلت فينا مثلها؟ قال:
هات جدا كجده وأبا كأبيه وأما كأمه حتى أقول فيكم مثلها،
فحبسوه بعسفان بين مكة والمدينة
فبلغ ذلك علي بن الحسين
فبعث إليه باثني عشر ألف درهم وقال:
اعذرنا يا أبا فراس،
فلو كان عندنا أكثر من هذا لوصلناك به،
فردها وقال:
يا ابن رسول الله ما قلت الذي قلت إلا غضبا لله ولرسوله،
وما كنت لأخذ عليه شيئا،
فردها إليه وقال:
بحقي عليك لما قبلتها فقد رأى الله مكانك وعلم نيتك، فقبلها،
فجعل الفرزدق يهجو هشاماً وهو في الحبس، فكان مما هجاه به قوله:
أيحبسنـي بيـن المدينـة والتـي=إليها قلوب الناس يهوي منيبها
يقلب رأسا لم يكـن رأس سيـد=وعينـا لـه حـولاء بـاد عيوبهـا
فأخبر هشام بذلك فأطلقه
وفي رواية أبي بكر العلاف أنه أخرجه إلى البصرة