أم مالك الأزدية
June 9th, 2008, 22:32
ابن الرومي
ومُغنٍّ بِبَرْده ونَداهُ * تَخمدُ النارُ حين يَفتح فاهُ
يتغنى بغير رُزءٍ * ولا يسـ كتُ إلا بحُكْمِه ورضاهُ
يتمنى السميعُ حين يُغني * أنه قبلَ ذاك صُمَّ صداهُ
**********
وذي وُد تَغيَّظ إذ جفاني * أبو حفصٍ فقلت لـه: فداهُ
ألم ترني وقفتُ عليه عِرضي * وأمكَنني بذلك من قَفاهُ
فلستُ الدهرَ هاجِيَهُ حياتي * ولكنِّي سأهجو مَنْ هجاهُ
إذا كافأتُهُ سُوءاً بسوءٍ * فمن لِيدي ونُزهتِها سِواهُ
**********
وشاعرٍ أَوْقَد الطبعُ الذكاءَ به * فكاد يَحْرِقُه من فرط إذكاءِ
أقام يُجهِدُ أياماً قريحَتَهُ * وفسَّر الماءَ بعد الجَهْدِ بالماءِ
**********
إذا غمر المالُ البخيلَ وجَدْتَهُ * يَزيدُ به يُبساً وإن ظُنَّ يَرْطُبْ
وليس عجيباً ذاك منهُ فإنهُ * إذا غمر الماءُ الحجارةَ تَصلبُ
**********
ابو العتاهية
بَني مَعْنٌ ويَهدِمُهُ يَزِيدُ * كذاكَ اللـهُ يَفعَلُ ما يُريدُ
فمَعْنٌ كانَ للحُسّادِ غَمّاً * وهذا قد يُسَرّ بهِ الحَسودُ
يَزيدُ يزيدُ في مَنْعٍ وبُخْلٍ * ويَنقُصُ في النّوالِ ولا يزيدُ
**********
في عِدادِ المَوْتَى وفي ساكِني الدّنْـ * ـيَا أبُو جَعْفَرٍ أخي وخَليلي
مَيّتٌ ماتَ وهْوَ في وَارِفِ العَيْـ * ـشِ مُقيماً في ظِلّ عَيشٍ ظَليلِ
لمْ يَمُتْ مِيتَةَ الوَفاءِ ولَكِنْ * ماتَ عَنْ كلّ صالحٍ وجَميلِ
**********
أعُتْبَةُ أجبَنُ الثَّقليْنِ عُتْبَا * بِجَهْلِكَ صِرْتَ لِلمكرُوهِ نَصْبَا
رُمِيتَ بِمَنْ لَو أنَّ الجِنَّ تُرْمَى * بهِ لَتنهَّبتْها الإنْسُ نَهْبَا
فإنَّكَ إنْ تُسَاجِلْني تَجدْني * لِرَأْسِكَ جَنْدَلاً ولِفِيكَ تُرْبَا
تَجِدْ صِلاًّ تَخَالُ بِكُل عُضْوٍ * لَهُ مِنْ شِدَّة الحَرَكاتِ قَلْبَا
أخا الفَلَواتِ قَدْ أحيَا وأردَى رِكاباً في صَحاصِحها ورَكْبَا *
فكادَ بأنْ يُرَى للشَّرقِ شَرْقاً * وكادَ بأنْ يرَى للغَرْب غَرْبا
وأنتَ تُدِيرُ قُطْبَ رَحاً علِيّاً * ولم تَرَ لِلرَّحَا العَلياءِ قُطْبَا
تَرَى ظَفَراً بِكُل صِرَاعِ قِرْن * إذا ما كنتَ أسفلَ مِنْه جَنْبَا
ثَكِلْتُ قَصَائدي إنْ مَرَّ يَوْمٌ * ولَمَّا أقضِ فيه مِنْكَ نَحْبَا
وكُنْتُ إذنْ كأنتَ فإنَّ مِثْلي * إذا ما كانَ مِثْلَكَ كانَ كلْبَا
**********
فاضَ اللئامُ وغاضَتِ الـأحسَابُ * واجتُثَّتِ العَلْيَاءُ والآدابُ
فَكأنَّ يومَ البعْثِ فاجأَهم فلا * أنسابَ بَينَهُمُ ولا أَسبَابُ
أَمويْسُ لا يُغنِي اعتَذارُكَ طالِباً * عَفْوي فما بعدَ العِتابِ عِقابُ
هَب مَنْ لـه شيءٌ يُريدُ حجابَه * ما بَالُ لا شيءٍ عليه حِجَابُ!
ما إنْ سَمِعتُ ولا أَرَاني سامِعاً * أَبَداً بِصحرَاءٍ عليها بابُ!
مَنْ كانَ مَفْقُودَ الحَيَاءِ فوجهُه * مِنْ غيرِبَوَّابٍ لـه بَوَّابُ
مازَالَ وسواسي لِعقْلي خادِعاً * حتَّى رَجَا مَطَراً وليسَ سَحابُ
ما كنتُ أَدري لا دَرَيتُ-بأَنَّه * يَجري بأفنيةِ البُيُوتِ سَرابُ
عَجَبَاً لِقَوْمٍ يَسمَعُونَ مَدَائحي * لكَ لم يقولوا قُمْ فأنتَ مُصابُ
نَبَذُوا بِكذَّابٍ مُسَيلمةً فَقَدْ * وَهِمُوا وجَارُوا بَلْ أنا الكَذَّابُ
هَتَّكْتُ دِيني فاستترتُ بِتَوْبةٍ * فأناالمُقِرُّ بذَنبهِ التَّوّابُ!
**********
أبو نواس
مرَرْتُ بهَيْثَم بنِ عديّ يَوْماً * وَقِدْماً كُنتُ أمنَحُهُ الصّفاءَ
فأعرضَ هيثمٌ لَمّا رَآني * كأنّي قد هجَوْتُ الـأدعياءَ
وَقد آلَيتُ أن أهجو دَعِيّاً * وَلوْ بلغتْ مرُوءَتُهُ السّماءَ
**********
يَعرِفُ للنّارِ أبو خالِدٍ * سوَى اسمها في النّاسِ أسْماءَ
إذا دَعَا الصّاحبَ يَهْيا بِهِ * وَيُتْبِعُ اليَهْياءَ يَهْيَاءَ
لَوْ كُنتَ مِنْ فاكِهَةٍ تُشتَهى * لِطيبِها كُنتَ الغُبَيراءَ
لا تعبرُ الحَلْقَ إلى داخلي * حتّى تحَسّى دونَها الماءَ
**********
الحمدُ للـهِ هذا أعجبُ العَجَبِ * الـهيثمُ بنُ عديٍّ صارَ في العَرَبِ
يا هيْثَمُ بن عديٍّ لسْتَ للعرَبِ * ولستَ من طيِّىءٍ إلاّ على شَغَبِ
إذا نَسَبْتَ عديّاً في بني ثُعَلٍ * فقدّمِ الدّالَ قبل العَينِ في النّسبِ
كأنّني بكَ فوْق الجسْرِ منْتَصِباً * على جوادٍ قريبٍ منك في الحسَبِ
حتى نراكَ وقد درّعتَه قُمُصاً * من الصّديد مكان اللّيفِ والكَرَبِ
للـهِ أنت? فما قُرْبَى تهمّ بها * إلا اجتليْتَ لـها الـأنسابَ من كثبِ
فلا تزَالُ أخَا حِلّ ومرتحَلٍ * إلى الموالي وأحياناً إلى العرَبِ
**********
رغيفُ سعيدٍ عنده عِدْلُ نفسه * يقلّبُهُ طوراً وطوراً يلاعبُهْ
ويُخْرِجُهُ من كمّهِ? فيَشمّه * ويُجلِسُه في حِجْرِهِ ويخاطبُهْ
وإن جاءهُ المسكينُ يطلبُ فضْلَهُ * فقدْ ثَكَلَتْهُ أُمّهُ وأقارِبهْ
يكرّ عليه السّوْطُ من كلّ جانبٍ * وتُكْسَرُ رجْلاهُ وينْتَفُ شاربُهْ
**********
قد علا الديوانَ كابَهْ * مذْ تولاّهُ ابنُ سابَهْ
يا غُرابَ البينِ في الشؤ * م وميزَابَ الْجَنابهْ
يا كتاباً بطَلاقٍ * يا عزاءً بمصابَهْ
يا مثالاً من همومٍ * يا تباريحَ كآبَهْ
يا رغيفاً ردّه البقّا * لُ يبْساً وصلابَهْ
ما على وجْهٍ به قا * بَلْتَني اليَوْمَ مَهابَهْ
كاتبٌ أيضاً وما مَرّ * على رأس الكِتابَهْ!
**********
نفَسُ الخصيبِ جميعُه كِذْبُ * وحديثُهُ لجلِيسِهِ كربُ
تبكي الثيابُ عليه مُعْوِلَةً * أنْ قد يجُرّ ذيولَها كلبُ
**********
إذا فقد الرّغيفَ بكَى عليه * بُكا الخنساءِ إذ فُجعتْ بصَخْرِ
ودونَ رغيفِهِ قلْعُ الثنايا * وحرْبٌ مثل وقْعَةِ يوْمِ بَدْرِ
**********
قلْ لمن يدّعي سُليماً سَفاهاً: * لسْتَ منها ولا قُلامَةَ ظُفْرِ
إنما أنتَ من سُليمٍ كواوٍ * أُلحقَتْ في الـهجاءِ ظلماً بعَمرِو
**********
بشار بن برد
لا تَبْغ شَرَّ امْرىء شَرًّا من الدَّاء * وَاقْدَحْ بِحِلْمٍ وَلاَ تَقْدَحْ بِشَحْنَاء
مَا لِي وأنتَ ضَعِيفٌ غَيْرَ مُرْتَقبٍ * أُبْقِي عَلَيْكَ وتَفْرِي غَيْرَ إِبْقَاء
مَهْلاً فَإِنَّ حِيَاضَ الحَرْبِ مُتْرَعَةٌ * مِن الذُّعَافِ مُرَارٌ تَحْتَ حَلْوَاء
أحِينَ طُلْتَ عَلَى مَنْ قَالَ قَافِيةً * وطَالَ شِعْري بِحَيٍّ بَعْدَ أحْيَاء
ألْزَمْتَ عَيْنَكَ مِنْ بَغْضَائِنَا حَوَلاً * لَوْ قَدْ وَسَمْتُكَ عَادَتْ غَيْرَ حَوْلاء
اطْلُبْ رِضَايَ ولا تَطْلُبْ مُشَاغَبَتِي * لا يَحْمِلُ الضَّرِعُ المُقْوَرُّ أعْبَائي
أنَا المُرَعَّثُ لاَ أخْفَى عَلَى أحدٍ * ذَرَّتْ بِي الشَّمْسُ لِلدَّانِي وَلِلنَّائِي
**********
كثُر الْحميرُ وقدْ أرى في صُحْبتي * منْهُنَّ أقْمَرَ مُنْعِجاً بالرَّاكب
يعْدُو فيضْرطُ منْ نشاطٍ عارم * سبْعين أوْ مائةً حِسابَ الْحاسِب
وإِذا تمرَّغ عدَّ ألْفاً كاملاً * يدعُ الْمراغة مثْلَ أمْسِ الذَّاهبِ
أشرٌ بِبِطْنَتِه يُرامحُ مَنْ دَنَا * ضخْمُ الْمَقَدِّ شديدُ شغْب الشَّاغبِ
يلْقاك إِنْ لقِيَ اللِّجامَ بسُحْرة * يكْفيك منْ حُزَم الـأَجير الْحَاطِب
إنْ قام يُسْرِجُهُ الْغَلاَمُ زجَرْتَهُ * لزيادةٍ منْهُ وحقٍّ واجب
خلَّيْتُ مرْكبهُ ورُحْتُ لحَاجَتِي * مَشْياً يُكلِّفُني لُغُوبَ اللاَّغب
وأرى الصَّحابة شيعتَيْن: فَمِنْهُمَا * أنْسٌ وبعْضُهُمُ غُبُورةُ حالِب
ولَقدْ مَشْيتُ عن الْحمار تَكرُّماً * والْمشْيُ أكْرمُ منْ رُكُوب الصَّاحب
**********
قُلْ للـأميرِ جزاكَ اللَّه صالحةً * لا يجمعُ الدهرُ بينَ السّخْلِ والطيبِ
السخلُ غرٌّ وهمُّ الذئب غَفْلَتُهُ * والذئبُ يعلمُ مافي السَّخْلِ مِن طِيبِ
**********
لَعَمْرِي لَقَدْ أزْرَى سُهَيْلٌ بِصهْرِهِ * وَوَلاَّهُمُو في شرْكِهِ غَيْرُ صَالِح
أزَوَّجْتُمُ الْعِلْجَ اللَّئِيمَ ابْنَ سَالِمٍ * وَمَا زائنٌ زوَّجْتُمُوهُ بِفَاضِح
ألاَ يَخْرُجُ الدَّجَّالُ إِنْ كَان خارِجاً * وهذا سُهَيْلٌ صِهْرُ مُوسى بْن صالح
فما أمَّلَتْ هذا لـه نفْسُ صالحٍ * ولاَ كَانَ يَرْجُوهَا لَهُ في المَناكِحِ
وَلاَ خَافَ هذَا صَالحٌ عِنْدَ مَوْتِهِ * عَلَى عَقْبِهِ في نَادِيَاتِ الْفَضَائح
**********
كَأنَّ بنِي سَدُوسٍ رَهْط ثَوْرٍ * خَنافِسُ تحْتَ مُنْكسِرِ الْجِدارِ
تحرِّكُ للفخار زُبانَيَيْها وفخْر * الْخُنفُساء من الصَّغارِ
**********
قُل لعبد الكريم يا ابن أبي العو * جاء بعتَ الإِسْلام بالكفر موقا
لاتصلي ولاتصوم فإِن صمْـ * ـتَ فَبَعْضَ النهار صوماً رقيقا
لاتبالي إِذا أَصَبْتَ من الخمـ * ـرِ عَتِيقاً أَن لاتكون عَتِيقا
ليت شعرِي غداة حُلِّيتَ في الجيـ * ـد حنيفاً حُلِّيت أَمْ زِنْدِيقَا
أنتَ ممن يدور في لعنة اللَّـ * ـه صديقٌ لمن ينيك صديقا
**********
حيد الحلي
وحشٌ من الإنس من يعلق بصحبتهم * يكنْ كمستبدلٍ سقماً بصحته
كأنني بينهم مسكٌ أحاط به * ريحُ البطون فأخفى طيبَ نفحته
**********
أفلان لا تبغي الثناء فما * لكَ في الثنا من نعمةٍ تُجزى
إن الذي يثني عليكَ كمن * دون المهيمن يعبد الرجزا
**********
عبدالله بن المبارك
قَومٌ إذَا غَضِبُوا كَانَتْ رماحُهُم * بثَّ الشَهادَةِ بَينَ الناسِ بالزُّورِ
هُمُ السَّلاطِينُ إلا أن حُكمَهُم * عَلَى السَّجِلاتِ وَالـأملاكِ وَالدُّورِ
**********
مروان ابن ابي الحفص
يا وَجْهَ مَنْ لاَ يُرْتَجَى نَيْلُهُ * وَلَسْتُ بالـأمِنِ مِنْ ضَيْرِهِ
كأنَّهُ القِرْدُ إذا مَا مَشَى * يَعْتُلُهُ القَرَّادُ في سَيْره
ومُغنٍّ بِبَرْده ونَداهُ * تَخمدُ النارُ حين يَفتح فاهُ
يتغنى بغير رُزءٍ * ولا يسـ كتُ إلا بحُكْمِه ورضاهُ
يتمنى السميعُ حين يُغني * أنه قبلَ ذاك صُمَّ صداهُ
**********
وذي وُد تَغيَّظ إذ جفاني * أبو حفصٍ فقلت لـه: فداهُ
ألم ترني وقفتُ عليه عِرضي * وأمكَنني بذلك من قَفاهُ
فلستُ الدهرَ هاجِيَهُ حياتي * ولكنِّي سأهجو مَنْ هجاهُ
إذا كافأتُهُ سُوءاً بسوءٍ * فمن لِيدي ونُزهتِها سِواهُ
**********
وشاعرٍ أَوْقَد الطبعُ الذكاءَ به * فكاد يَحْرِقُه من فرط إذكاءِ
أقام يُجهِدُ أياماً قريحَتَهُ * وفسَّر الماءَ بعد الجَهْدِ بالماءِ
**********
إذا غمر المالُ البخيلَ وجَدْتَهُ * يَزيدُ به يُبساً وإن ظُنَّ يَرْطُبْ
وليس عجيباً ذاك منهُ فإنهُ * إذا غمر الماءُ الحجارةَ تَصلبُ
**********
ابو العتاهية
بَني مَعْنٌ ويَهدِمُهُ يَزِيدُ * كذاكَ اللـهُ يَفعَلُ ما يُريدُ
فمَعْنٌ كانَ للحُسّادِ غَمّاً * وهذا قد يُسَرّ بهِ الحَسودُ
يَزيدُ يزيدُ في مَنْعٍ وبُخْلٍ * ويَنقُصُ في النّوالِ ولا يزيدُ
**********
في عِدادِ المَوْتَى وفي ساكِني الدّنْـ * ـيَا أبُو جَعْفَرٍ أخي وخَليلي
مَيّتٌ ماتَ وهْوَ في وَارِفِ العَيْـ * ـشِ مُقيماً في ظِلّ عَيشٍ ظَليلِ
لمْ يَمُتْ مِيتَةَ الوَفاءِ ولَكِنْ * ماتَ عَنْ كلّ صالحٍ وجَميلِ
**********
أعُتْبَةُ أجبَنُ الثَّقليْنِ عُتْبَا * بِجَهْلِكَ صِرْتَ لِلمكرُوهِ نَصْبَا
رُمِيتَ بِمَنْ لَو أنَّ الجِنَّ تُرْمَى * بهِ لَتنهَّبتْها الإنْسُ نَهْبَا
فإنَّكَ إنْ تُسَاجِلْني تَجدْني * لِرَأْسِكَ جَنْدَلاً ولِفِيكَ تُرْبَا
تَجِدْ صِلاًّ تَخَالُ بِكُل عُضْوٍ * لَهُ مِنْ شِدَّة الحَرَكاتِ قَلْبَا
أخا الفَلَواتِ قَدْ أحيَا وأردَى رِكاباً في صَحاصِحها ورَكْبَا *
فكادَ بأنْ يُرَى للشَّرقِ شَرْقاً * وكادَ بأنْ يرَى للغَرْب غَرْبا
وأنتَ تُدِيرُ قُطْبَ رَحاً علِيّاً * ولم تَرَ لِلرَّحَا العَلياءِ قُطْبَا
تَرَى ظَفَراً بِكُل صِرَاعِ قِرْن * إذا ما كنتَ أسفلَ مِنْه جَنْبَا
ثَكِلْتُ قَصَائدي إنْ مَرَّ يَوْمٌ * ولَمَّا أقضِ فيه مِنْكَ نَحْبَا
وكُنْتُ إذنْ كأنتَ فإنَّ مِثْلي * إذا ما كانَ مِثْلَكَ كانَ كلْبَا
**********
فاضَ اللئامُ وغاضَتِ الـأحسَابُ * واجتُثَّتِ العَلْيَاءُ والآدابُ
فَكأنَّ يومَ البعْثِ فاجأَهم فلا * أنسابَ بَينَهُمُ ولا أَسبَابُ
أَمويْسُ لا يُغنِي اعتَذارُكَ طالِباً * عَفْوي فما بعدَ العِتابِ عِقابُ
هَب مَنْ لـه شيءٌ يُريدُ حجابَه * ما بَالُ لا شيءٍ عليه حِجَابُ!
ما إنْ سَمِعتُ ولا أَرَاني سامِعاً * أَبَداً بِصحرَاءٍ عليها بابُ!
مَنْ كانَ مَفْقُودَ الحَيَاءِ فوجهُه * مِنْ غيرِبَوَّابٍ لـه بَوَّابُ
مازَالَ وسواسي لِعقْلي خادِعاً * حتَّى رَجَا مَطَراً وليسَ سَحابُ
ما كنتُ أَدري لا دَرَيتُ-بأَنَّه * يَجري بأفنيةِ البُيُوتِ سَرابُ
عَجَبَاً لِقَوْمٍ يَسمَعُونَ مَدَائحي * لكَ لم يقولوا قُمْ فأنتَ مُصابُ
نَبَذُوا بِكذَّابٍ مُسَيلمةً فَقَدْ * وَهِمُوا وجَارُوا بَلْ أنا الكَذَّابُ
هَتَّكْتُ دِيني فاستترتُ بِتَوْبةٍ * فأناالمُقِرُّ بذَنبهِ التَّوّابُ!
**********
أبو نواس
مرَرْتُ بهَيْثَم بنِ عديّ يَوْماً * وَقِدْماً كُنتُ أمنَحُهُ الصّفاءَ
فأعرضَ هيثمٌ لَمّا رَآني * كأنّي قد هجَوْتُ الـأدعياءَ
وَقد آلَيتُ أن أهجو دَعِيّاً * وَلوْ بلغتْ مرُوءَتُهُ السّماءَ
**********
يَعرِفُ للنّارِ أبو خالِدٍ * سوَى اسمها في النّاسِ أسْماءَ
إذا دَعَا الصّاحبَ يَهْيا بِهِ * وَيُتْبِعُ اليَهْياءَ يَهْيَاءَ
لَوْ كُنتَ مِنْ فاكِهَةٍ تُشتَهى * لِطيبِها كُنتَ الغُبَيراءَ
لا تعبرُ الحَلْقَ إلى داخلي * حتّى تحَسّى دونَها الماءَ
**********
الحمدُ للـهِ هذا أعجبُ العَجَبِ * الـهيثمُ بنُ عديٍّ صارَ في العَرَبِ
يا هيْثَمُ بن عديٍّ لسْتَ للعرَبِ * ولستَ من طيِّىءٍ إلاّ على شَغَبِ
إذا نَسَبْتَ عديّاً في بني ثُعَلٍ * فقدّمِ الدّالَ قبل العَينِ في النّسبِ
كأنّني بكَ فوْق الجسْرِ منْتَصِباً * على جوادٍ قريبٍ منك في الحسَبِ
حتى نراكَ وقد درّعتَه قُمُصاً * من الصّديد مكان اللّيفِ والكَرَبِ
للـهِ أنت? فما قُرْبَى تهمّ بها * إلا اجتليْتَ لـها الـأنسابَ من كثبِ
فلا تزَالُ أخَا حِلّ ومرتحَلٍ * إلى الموالي وأحياناً إلى العرَبِ
**********
رغيفُ سعيدٍ عنده عِدْلُ نفسه * يقلّبُهُ طوراً وطوراً يلاعبُهْ
ويُخْرِجُهُ من كمّهِ? فيَشمّه * ويُجلِسُه في حِجْرِهِ ويخاطبُهْ
وإن جاءهُ المسكينُ يطلبُ فضْلَهُ * فقدْ ثَكَلَتْهُ أُمّهُ وأقارِبهْ
يكرّ عليه السّوْطُ من كلّ جانبٍ * وتُكْسَرُ رجْلاهُ وينْتَفُ شاربُهْ
**********
قد علا الديوانَ كابَهْ * مذْ تولاّهُ ابنُ سابَهْ
يا غُرابَ البينِ في الشؤ * م وميزَابَ الْجَنابهْ
يا كتاباً بطَلاقٍ * يا عزاءً بمصابَهْ
يا مثالاً من همومٍ * يا تباريحَ كآبَهْ
يا رغيفاً ردّه البقّا * لُ يبْساً وصلابَهْ
ما على وجْهٍ به قا * بَلْتَني اليَوْمَ مَهابَهْ
كاتبٌ أيضاً وما مَرّ * على رأس الكِتابَهْ!
**********
نفَسُ الخصيبِ جميعُه كِذْبُ * وحديثُهُ لجلِيسِهِ كربُ
تبكي الثيابُ عليه مُعْوِلَةً * أنْ قد يجُرّ ذيولَها كلبُ
**********
إذا فقد الرّغيفَ بكَى عليه * بُكا الخنساءِ إذ فُجعتْ بصَخْرِ
ودونَ رغيفِهِ قلْعُ الثنايا * وحرْبٌ مثل وقْعَةِ يوْمِ بَدْرِ
**********
قلْ لمن يدّعي سُليماً سَفاهاً: * لسْتَ منها ولا قُلامَةَ ظُفْرِ
إنما أنتَ من سُليمٍ كواوٍ * أُلحقَتْ في الـهجاءِ ظلماً بعَمرِو
**********
بشار بن برد
لا تَبْغ شَرَّ امْرىء شَرًّا من الدَّاء * وَاقْدَحْ بِحِلْمٍ وَلاَ تَقْدَحْ بِشَحْنَاء
مَا لِي وأنتَ ضَعِيفٌ غَيْرَ مُرْتَقبٍ * أُبْقِي عَلَيْكَ وتَفْرِي غَيْرَ إِبْقَاء
مَهْلاً فَإِنَّ حِيَاضَ الحَرْبِ مُتْرَعَةٌ * مِن الذُّعَافِ مُرَارٌ تَحْتَ حَلْوَاء
أحِينَ طُلْتَ عَلَى مَنْ قَالَ قَافِيةً * وطَالَ شِعْري بِحَيٍّ بَعْدَ أحْيَاء
ألْزَمْتَ عَيْنَكَ مِنْ بَغْضَائِنَا حَوَلاً * لَوْ قَدْ وَسَمْتُكَ عَادَتْ غَيْرَ حَوْلاء
اطْلُبْ رِضَايَ ولا تَطْلُبْ مُشَاغَبَتِي * لا يَحْمِلُ الضَّرِعُ المُقْوَرُّ أعْبَائي
أنَا المُرَعَّثُ لاَ أخْفَى عَلَى أحدٍ * ذَرَّتْ بِي الشَّمْسُ لِلدَّانِي وَلِلنَّائِي
**********
كثُر الْحميرُ وقدْ أرى في صُحْبتي * منْهُنَّ أقْمَرَ مُنْعِجاً بالرَّاكب
يعْدُو فيضْرطُ منْ نشاطٍ عارم * سبْعين أوْ مائةً حِسابَ الْحاسِب
وإِذا تمرَّغ عدَّ ألْفاً كاملاً * يدعُ الْمراغة مثْلَ أمْسِ الذَّاهبِ
أشرٌ بِبِطْنَتِه يُرامحُ مَنْ دَنَا * ضخْمُ الْمَقَدِّ شديدُ شغْب الشَّاغبِ
يلْقاك إِنْ لقِيَ اللِّجامَ بسُحْرة * يكْفيك منْ حُزَم الـأَجير الْحَاطِب
إنْ قام يُسْرِجُهُ الْغَلاَمُ زجَرْتَهُ * لزيادةٍ منْهُ وحقٍّ واجب
خلَّيْتُ مرْكبهُ ورُحْتُ لحَاجَتِي * مَشْياً يُكلِّفُني لُغُوبَ اللاَّغب
وأرى الصَّحابة شيعتَيْن: فَمِنْهُمَا * أنْسٌ وبعْضُهُمُ غُبُورةُ حالِب
ولَقدْ مَشْيتُ عن الْحمار تَكرُّماً * والْمشْيُ أكْرمُ منْ رُكُوب الصَّاحب
**********
قُلْ للـأميرِ جزاكَ اللَّه صالحةً * لا يجمعُ الدهرُ بينَ السّخْلِ والطيبِ
السخلُ غرٌّ وهمُّ الذئب غَفْلَتُهُ * والذئبُ يعلمُ مافي السَّخْلِ مِن طِيبِ
**********
لَعَمْرِي لَقَدْ أزْرَى سُهَيْلٌ بِصهْرِهِ * وَوَلاَّهُمُو في شرْكِهِ غَيْرُ صَالِح
أزَوَّجْتُمُ الْعِلْجَ اللَّئِيمَ ابْنَ سَالِمٍ * وَمَا زائنٌ زوَّجْتُمُوهُ بِفَاضِح
ألاَ يَخْرُجُ الدَّجَّالُ إِنْ كَان خارِجاً * وهذا سُهَيْلٌ صِهْرُ مُوسى بْن صالح
فما أمَّلَتْ هذا لـه نفْسُ صالحٍ * ولاَ كَانَ يَرْجُوهَا لَهُ في المَناكِحِ
وَلاَ خَافَ هذَا صَالحٌ عِنْدَ مَوْتِهِ * عَلَى عَقْبِهِ في نَادِيَاتِ الْفَضَائح
**********
كَأنَّ بنِي سَدُوسٍ رَهْط ثَوْرٍ * خَنافِسُ تحْتَ مُنْكسِرِ الْجِدارِ
تحرِّكُ للفخار زُبانَيَيْها وفخْر * الْخُنفُساء من الصَّغارِ
**********
قُل لعبد الكريم يا ابن أبي العو * جاء بعتَ الإِسْلام بالكفر موقا
لاتصلي ولاتصوم فإِن صمْـ * ـتَ فَبَعْضَ النهار صوماً رقيقا
لاتبالي إِذا أَصَبْتَ من الخمـ * ـرِ عَتِيقاً أَن لاتكون عَتِيقا
ليت شعرِي غداة حُلِّيتَ في الجيـ * ـد حنيفاً حُلِّيت أَمْ زِنْدِيقَا
أنتَ ممن يدور في لعنة اللَّـ * ـه صديقٌ لمن ينيك صديقا
**********
حيد الحلي
وحشٌ من الإنس من يعلق بصحبتهم * يكنْ كمستبدلٍ سقماً بصحته
كأنني بينهم مسكٌ أحاط به * ريحُ البطون فأخفى طيبَ نفحته
**********
أفلان لا تبغي الثناء فما * لكَ في الثنا من نعمةٍ تُجزى
إن الذي يثني عليكَ كمن * دون المهيمن يعبد الرجزا
**********
عبدالله بن المبارك
قَومٌ إذَا غَضِبُوا كَانَتْ رماحُهُم * بثَّ الشَهادَةِ بَينَ الناسِ بالزُّورِ
هُمُ السَّلاطِينُ إلا أن حُكمَهُم * عَلَى السَّجِلاتِ وَالـأملاكِ وَالدُّورِ
**********
مروان ابن ابي الحفص
يا وَجْهَ مَنْ لاَ يُرْتَجَى نَيْلُهُ * وَلَسْتُ بالـأمِنِ مِنْ ضَيْرِهِ
كأنَّهُ القِرْدُ إذا مَا مَشَى * يَعْتُلُهُ القَرَّادُ في سَيْره