نرجس توفيق
October 7th, 2014, 09:50
باريس - أسعد عرابي (الحياة) : كشفت المتاحف الفرنسية برنامجاً حافلاً بالعروض الاحتفالية يقع بين 2014 و2018. وذلك لمناسبة الذكرى المئوية لبداية الحرب العالمية الأولى. هي الحرب التي كانت توسم في زمانها «بالحرب الكبرى» فلم يكن في الحسبان أن قيامة الحرب الثانية المقبلة ستكون بهذا الحجم من التدمير التقني بما فيه الذري والمحارق البشرية.
http://alhayat.com/getattachment/1d5ca045-d9cf-48bb-a6a0-ee5d870c0c8b/
إذا كانت الحرب الأولى تاريخياً تقع بين 1914 و 1918 فإن الفرنسيين يختصرونها احياناً بمدة تتجاوز العام، هي التي تمثل الإشتعال الفعلي للجبهتين الشمالية والشرقية (حيث توزع معارض هذه المتاحف بالتساوي)، وذلك مقارنة بمصيبة ومحنة الحرب الثانية ما بين 1939 و 1945.
تصبو هذه العروض الكثيفة إلى نفض الغبار عن ذاكرة خرساء للحرب الأولى بهدف تصوير شهادة ما عاناه الملايين من أهوال ورعب يتفوق أحياناً على بعض جوانب الحرب الثانية.
الكولونيل بيتان مثلاً الذي تعاون مع الألمان في الحرب الثانية له دور مغاير في الحرب الأولى.
السؤال المركزي الذي تطرحه هذه العروض: كيف عبّر الفنانون بأدواتهم التقليديّة عن عنف أدوات حربية متقدمة حداثياً. فقد كان لا بد من ابتداع أبجدية تشكيلية تناسب حجم صدمة الحدث وجدّة أدواته، فتحولت يوميات الحرب في فراسا إلى مادة إستلهام تدميرية.
معارض الشمال (النورماندي وبروتون):
وضعت جمعية متاحف الشمال (بادوكاليه) الأقرب إلى جبهات القتال شبكة من مجموعاتها الفنية التي تمثل شهادة إبداعية عن تلك الفترة الكابوسية، على مثال معرض «حرب وسلام» ثم معرض «أهوال الحرب» البانورامي في المتحف الحديث: «اللوفر ـ لانس» جمع أكثر من أربعمئة وخمسين عملاً فنياً معروفاً من مثال لوحة «الحرب» لمارسيل غروميّر، ولوحة «الانفجار» لجورج غروز (عام 1917)، أو محفورة أوتو ديكس عن «كمامات الغاز»، هو الوحيد الذي تعرضت له بالتفصيل قبل فترة لأهميته.
معرض آخر في المدينة بعنوان: «لانس تُقصف» تجمعت على جدرانه لقطات فوتوغرافية نادرة تمثل شهادة حية عن مجريات الحرب والخدمة الإجبارية العسكرية. يمثل الجزء الأكبر منها لقطات حميمة نفذها الجنود بأنفسهم بكاميراتهم المحمولة، ليرسلوا تصاويرها كأي «كارت بوستال» مرافق للرسالة إلى العائلة أو الزوجة أو الأهل أو المحبوبة إلخ...
عددٌ منها يسجل مثلاً جوانب من تدمير المدينة وبخاصة كاتدرائيتها بالرصاص المصهور، تذكّر ما نابها من حريق هائل عام 1914 (قبل سنوات قليلة)، وتم بجهد جهيد إعادة ترميمها. يضاف إلى هذه اللقطات الساكنة بعض الأفلام الوثائقية المنجزة بالطريقة الهاوية، لقطات كانت خاضعة للرقابة العسكرية، تكشفه أختامها الرسمية.
أما معرض «لوحات من الحرب: روبير لوتيرون (1886 - 1966) وهنري مارري (1878 - 1964)» في متحف مونت دوبييتي في مدينة برغ (والمستمر حتى نهاية تشرين الأول) فيعانق خمسين لوحة تتقاطع رؤاها مع فنانين ملتزمين. الأول كان ضابطاً في المدفعية، يعبّر خصوصاً بطريقة الحفر على الخشب لنقل أهوال الحرب مثل زميله بعيداً من التهويلات البطولية الدعائية المبثوثة في الداخل، والثاني مصّور تشخيصي قريب من مدرسة باريس، نراه متعقباً جحافل المحاربين المنقولين بالعربات إلى الشمال.
ثم معرض «طريق الرجال» في مدينة لام دو فيللنوف (مستمر حتى منتصف تشرين الثاني) لمصور فوتوغرافي هو لايريك بوتوفان يعرض مئة لقطة فوتوغرافية ذات عمق إنساني نادر لأنها تمثل المسنّين الذين نجوا من الحرب.
هذا في النورماندي أما مقاطعة بروتان فقد برز فيها معرض: «ميهوت على الجبهة عام 1918» (مستمر حتى نهاية كانون الأول) في متحف ميهوت في مدينة لامبال. رسوم مباشرة بالألوان المائية والأحبار الطازجة على رسائل مرسلة في حينها إلى زوجة. ثم معرض بانورامي: «الحرب العالمية الأولى بعين فناني البروتون» في متحف (مستمر حتى الحادي عشر من تشرين الثاني) شارك فيه فنانون معروفون وآخرون مجهولون تجمعهم الرغبة في كشف ما خفي من أسرار هذه الحرب الضروس، ابتداءً من الاستنفار العام وانتهاء بعودة الجرحى والمصابين إلى المدن مروراً بلحظات انتظار الهجوم المدفعي أو الجوي تحت المطر، وغير ذلك مع تجنّب تمثيل القتلى ومناظر التشويه (بسبب الغارات والقصف المستمر) التي تقشعر لها الأبدان.
أما معارض متاحف جبهات المقاطعات الشرقية فأبرزها معرض بعنوان «لنستمع إلى الحرب: صوتيات وموسيقى بعد الصمت» في مدينة بيرون، متحف تاريخ الحرب الكبرى، يقوم على إشكاليتين فنيتين: أصوات المعارك والحرب ثم استثمار هذه المادة الصوتية في النوطات الموسيقية. ثم هناك معرض «سبعة فنانين ملتزمين في الحرب»، متحف نوجان (مستمر حتى نهاية كانون الأول) يمثل أعمالاً تلقائيةً معاشة لفنانين استدعوا ضمن الاستنفار العام أو الإحتياط أو لأداء الخدمة الإجبارية أو كلفوا بمهمات رسمية: مائيات ورسوم ومحفورات طباعية، أما متحف «إبينال» فقدّم معرضاً طريفاً بعنوان «الفتى يقص الصور» وبعض من هذه المقصوصات إعلانات دعائية عن الحرب أو عن وقائعها ما بين عامي 1915 و1918. ولم يعلن عن بقية المعارض لما بعد الموسم الراهن.
http://alhayat.com/getattachment/1d5ca045-d9cf-48bb-a6a0-ee5d870c0c8b/
إذا كانت الحرب الأولى تاريخياً تقع بين 1914 و 1918 فإن الفرنسيين يختصرونها احياناً بمدة تتجاوز العام، هي التي تمثل الإشتعال الفعلي للجبهتين الشمالية والشرقية (حيث توزع معارض هذه المتاحف بالتساوي)، وذلك مقارنة بمصيبة ومحنة الحرب الثانية ما بين 1939 و 1945.
تصبو هذه العروض الكثيفة إلى نفض الغبار عن ذاكرة خرساء للحرب الأولى بهدف تصوير شهادة ما عاناه الملايين من أهوال ورعب يتفوق أحياناً على بعض جوانب الحرب الثانية.
الكولونيل بيتان مثلاً الذي تعاون مع الألمان في الحرب الثانية له دور مغاير في الحرب الأولى.
السؤال المركزي الذي تطرحه هذه العروض: كيف عبّر الفنانون بأدواتهم التقليديّة عن عنف أدوات حربية متقدمة حداثياً. فقد كان لا بد من ابتداع أبجدية تشكيلية تناسب حجم صدمة الحدث وجدّة أدواته، فتحولت يوميات الحرب في فراسا إلى مادة إستلهام تدميرية.
معارض الشمال (النورماندي وبروتون):
وضعت جمعية متاحف الشمال (بادوكاليه) الأقرب إلى جبهات القتال شبكة من مجموعاتها الفنية التي تمثل شهادة إبداعية عن تلك الفترة الكابوسية، على مثال معرض «حرب وسلام» ثم معرض «أهوال الحرب» البانورامي في المتحف الحديث: «اللوفر ـ لانس» جمع أكثر من أربعمئة وخمسين عملاً فنياً معروفاً من مثال لوحة «الحرب» لمارسيل غروميّر، ولوحة «الانفجار» لجورج غروز (عام 1917)، أو محفورة أوتو ديكس عن «كمامات الغاز»، هو الوحيد الذي تعرضت له بالتفصيل قبل فترة لأهميته.
معرض آخر في المدينة بعنوان: «لانس تُقصف» تجمعت على جدرانه لقطات فوتوغرافية نادرة تمثل شهادة حية عن مجريات الحرب والخدمة الإجبارية العسكرية. يمثل الجزء الأكبر منها لقطات حميمة نفذها الجنود بأنفسهم بكاميراتهم المحمولة، ليرسلوا تصاويرها كأي «كارت بوستال» مرافق للرسالة إلى العائلة أو الزوجة أو الأهل أو المحبوبة إلخ...
عددٌ منها يسجل مثلاً جوانب من تدمير المدينة وبخاصة كاتدرائيتها بالرصاص المصهور، تذكّر ما نابها من حريق هائل عام 1914 (قبل سنوات قليلة)، وتم بجهد جهيد إعادة ترميمها. يضاف إلى هذه اللقطات الساكنة بعض الأفلام الوثائقية المنجزة بالطريقة الهاوية، لقطات كانت خاضعة للرقابة العسكرية، تكشفه أختامها الرسمية.
أما معرض «لوحات من الحرب: روبير لوتيرون (1886 - 1966) وهنري مارري (1878 - 1964)» في متحف مونت دوبييتي في مدينة برغ (والمستمر حتى نهاية تشرين الأول) فيعانق خمسين لوحة تتقاطع رؤاها مع فنانين ملتزمين. الأول كان ضابطاً في المدفعية، يعبّر خصوصاً بطريقة الحفر على الخشب لنقل أهوال الحرب مثل زميله بعيداً من التهويلات البطولية الدعائية المبثوثة في الداخل، والثاني مصّور تشخيصي قريب من مدرسة باريس، نراه متعقباً جحافل المحاربين المنقولين بالعربات إلى الشمال.
ثم معرض «طريق الرجال» في مدينة لام دو فيللنوف (مستمر حتى منتصف تشرين الثاني) لمصور فوتوغرافي هو لايريك بوتوفان يعرض مئة لقطة فوتوغرافية ذات عمق إنساني نادر لأنها تمثل المسنّين الذين نجوا من الحرب.
هذا في النورماندي أما مقاطعة بروتان فقد برز فيها معرض: «ميهوت على الجبهة عام 1918» (مستمر حتى نهاية كانون الأول) في متحف ميهوت في مدينة لامبال. رسوم مباشرة بالألوان المائية والأحبار الطازجة على رسائل مرسلة في حينها إلى زوجة. ثم معرض بانورامي: «الحرب العالمية الأولى بعين فناني البروتون» في متحف (مستمر حتى الحادي عشر من تشرين الثاني) شارك فيه فنانون معروفون وآخرون مجهولون تجمعهم الرغبة في كشف ما خفي من أسرار هذه الحرب الضروس، ابتداءً من الاستنفار العام وانتهاء بعودة الجرحى والمصابين إلى المدن مروراً بلحظات انتظار الهجوم المدفعي أو الجوي تحت المطر، وغير ذلك مع تجنّب تمثيل القتلى ومناظر التشويه (بسبب الغارات والقصف المستمر) التي تقشعر لها الأبدان.
أما معارض متاحف جبهات المقاطعات الشرقية فأبرزها معرض بعنوان «لنستمع إلى الحرب: صوتيات وموسيقى بعد الصمت» في مدينة بيرون، متحف تاريخ الحرب الكبرى، يقوم على إشكاليتين فنيتين: أصوات المعارك والحرب ثم استثمار هذه المادة الصوتية في النوطات الموسيقية. ثم هناك معرض «سبعة فنانين ملتزمين في الحرب»، متحف نوجان (مستمر حتى نهاية كانون الأول) يمثل أعمالاً تلقائيةً معاشة لفنانين استدعوا ضمن الاستنفار العام أو الإحتياط أو لأداء الخدمة الإجبارية أو كلفوا بمهمات رسمية: مائيات ورسوم ومحفورات طباعية، أما متحف «إبينال» فقدّم معرضاً طريفاً بعنوان «الفتى يقص الصور» وبعض من هذه المقصوصات إعلانات دعائية عن الحرب أو عن وقائعها ما بين عامي 1915 و1918. ولم يعلن عن بقية المعارض لما بعد الموسم الراهن.